كيف ينعكس سقوط الاسد على سوريا والمنطقة والعالم؟
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
مع الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد وتفكيك نظامه، تفتح سوريا أبواباً مجهولة لمستقبلها ومصير المنطقة. فما كان يُعد لفترة طويلة محوراً استراتيجياً لإيران وروسيا قد أصبح اليوم ساحةً لصراع داخلي معقد، حيث تتنافس فصائل مختلفة على تحديد مسار البلاد.
قد تعيد إيران ترتيب صفوفها عبر وكلائها في العراق واليمن
في الوقت ذاته، يشهد الشرق الأوسط تغييرات جيوسياسية كبيرة، حيث تسعى القوى الكبرى، مثل روسيا والولايات المتحدة، إلى إعادة تقييم مصالحها وحساباتها في ظل تراجع النفوذ الإيراني والروسي.كما أن تركيا، التي عززت نفوذها في سوريا، تلعب دوراً محوريّاً في تشكيل المشهد الإقليمي. وسط هذه التحولات، يبقى السؤال الأهم: ما هو الاتجاه الذي ستسلكه سوريا وكيف ستؤثر هذه التغيرات في استقرار المنطقة والعالم؟
للإجابة على هذا السؤال، نرصد آراء خبراء في معهد أبحاث السياسة الخارجية الأمريكي وتوقعاتهم لمستقبل سوريةا في ظل التطورات الأخيرة. فيليب واسيليوسكي
أدت الإطاحة بالأسد إلى إنهاء حكم حزب البعث وسلطة الأسد التي دامت لعدة عقود. واليوم، القوة التي تسيطر على دمشق ليست قوة علمانية ولا شيعية، بل هي تحالف سني يُسمى "هيئة تحرير الشام"، الذي كان سابقاً "جبهة النصرة" التابعة لتنظيم القاعدة. ورغم أن وزارة الخارجية الأمريكية تواصل تصنيف هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية، فإن الهيئة تدعي أنها انفصلت عن القاعدة منذ سنوات. ومع ذلك، يتضمن التحالف العديد من الفصائل المتنافسة، بدءاً من السلفيين المتشددين وصولاً إلى القوميين السوريين في الجيش السوري الحر. ويبقى السؤال حول الاتجاه الذي سيتبعه هذا التحالف في سوريا غير واضح، فاختلافات سياسية ودينية داخل الائتلاف قد تؤدي إلى حرب أهلية جديدة بين صفوفه.
After the fall of the Assad regime, all Syrian territories outside the Kurdish regions fell under the control of HTS and SMO (jihadist-ISIS). Without serious security measures for Kurds and minorities, achieving peace in the region may become impossible. Therefore, urgent action… pic.twitter.com/jKPe8ySUrO
— Kevîn (@revolutiee) January 2, 2025واستفاد الغرب من سقوط الأسد حتى الآن، مع تراجع النفوذ الروسي في سوريا، وهو ما قد يقلل من قدرة روسيا على التأثير في الشرق الأوسط وإفريقيا. كما فقدت إيران جسرها البري لدعم حزب الله في لبنان. ومع عودة ملايين اللاجئين السوريين إلى بلادهم، سيخف الضغط السياسي على تركيا وأوروبا التي استضافت هؤلاء اللاجئين لعقد من الزمان. ومع ذلك، إذا عاد تحالف هيئة تحرير الشام إلى روابطه مع القاعدة، فسيعود تهديد الإرهاب إلى ما كان عليه، وستصبح المنطقة على شفا مواجهة جديدة مع الجماعات المتطرفة.
محمد سليمانتقف سوريا اليوم على أعتاب مرحلة مفصلية من التحولات التي تتجاوز حدودها. فبعد انهيار نظام الأسد، المدعوم من روسيا وإيران، أعادت المعارضة المسلحة ترتيب صفوفها، وتمكنت من السيطرة على حلب، مما أدى إلى انهيار الخطوط الأمامية للنظام. هذه الهزائم المتتالية تكللت بهروب الأسد إلى موسكو، ما يمهد الطريق لمرحلة جديدة قد تكون حاسمة لإعادة تشكيل ميزان القوى في الشرق الأوسط.
It's time. Russia's headache in Syria starts. Regime change in Syria will be over in 2025 mostly if all goes well according to USDS plans. Syria will become a terrorist state proxy of the deep state soon. Russia has no option now but to get involved in the middle east militarily. https://t.co/CMIwl0mQm9 pic.twitter.com/EWzLtJP2Qa
— Aravind (@aravind) December 1, 2024للمرة الأولى منذ سبعينات القرن الماضي، تشهد سوريا عملية إعادة ترتيب عميقة. سقوط الأسد لا يعني مجرد انهيار ديكتاتور بل انهيار محور إقليمي دعمته إيران وروسيا على مدار سنوات. كانت سوريا قلب المشروع الإيراني في المشرق العربي، وكانت جسراً حيوياً لحزب الله في لبنان، وموقعاً استراتيجياً ضد إسرائيل. خسارة دمشق تهدم هذا المشروع وتدمر المحور الذي بناه آية الله الخميني. تواجه إيران الآن تحديات كبيرة في الحفاظ على نفوذها الإقليمي. كما تواجه روسيا مشاكل في الحفاظ على نفوذها في البحر الأبيض المتوسط وفي الشرق الأوسط بعد انهيار النظام السوري.
في هذا السياق، تصاعدت القوة التركية في المنطقة. فقد نجحت تركيا في التفوق على روسيا وإيران، مما عزز من قدرتها على تشكيل مستقبل سوريا بعد الأسد. هذه اللحظة تؤكد ظهور تركيا كقوة محورية في الشرق الأوسط، تلعب دوراً كبيراً في إعادة تشكيل المشهد الإقليمي.
أما الولايات المتحدة، فقد باتت أمام تحدٍّ كبير. يجب على واشنطن اتخاذ قرار حاسم حول ما إذا كانت ستتمكن من منع روسيا من الحفاظ على موطئ قدم لها في سورية. هذه المسألة لا تقتصر على جغرافيا الشرق الأوسط فقط، بل تؤثر أيضاً على تكلفة مغامرات بوتين في أوكرانيا، خاصة مع تصاعد الصراع مع كييف.
تظل القضايا الرئيسية المتعلقة بما إذا كانت سوريا ستظل دولة واحدة أو ستتفتت إلى دويلات، وكيف ستتعامل إسرائيل والأردن مع هذه القضايا، محورية في إعادة تشكيل المشهد الإقليمي. فقد سبق لهذه القضايا أن كانت مصدراً للتوترات على الحدود مع الأردن وإسرائيل في السنوات 2011-2013، عندما كان النظام السوري على وشك الانهيار.
من خلال هذه التحولات، تبرز نقاط حاسمة في مستقبل سوريا والمنطقة ككل. انهيار نظام الأسد يفتح المجال لإعادة ترتيب القوى الإقليمية، مع تراجع دور إيران وروسيا، وظهور تركيا كقوة محورية. وفي الوقت نفسه، على الغرب والولايات المتحدة أن يظلا يقظين تجاه التطورات المستقبلية في سورية، حيث إن أي تراجع في مكافحة الإرهاب أو تقوية للمنظمات المتطرفة قد يؤدي إلى تصعيد جديد في المنطقة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية سقوط الأسد فی الشرق الأوسط
إقرأ أيضاً:
روسيا تنفض يدها من الدم السوري وتصافح الإدارة الجديدة.. نخبرك ما نعرفه
وصل وزير الخارجية في الإدارة السورية الجديدة، أسعد الشيباني، إلى روسيا، الخميس، والتقى نظيره الروسي سيرغي لافروف، في أول زيارة لمسؤول سوري رفيع بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع، بشار الأسد.
ما اللافت؟
تعتبر الزيارة إلى روسيا بعد أشهر فقط على سقوط نظام الأسد، أمرا لافتا، كون الأخير لاجئ في روسيا حاليا، وكانت موسكو حليفته في قمع المعارضة والثورة في سوريا على مدى عقد كامل قبل أن يصبح معارضو الأسد في السلطة اليوم.
ماذا تريد سوريا من موسكو؟
تريد سوريا "تصحيح العلاقة" مع موسكو في الوقت الحالي، كما تريد دعم روسيا في الوصول إلى "سوريا موحدة وقوية" وذلك وسط دعوات لتقسيم البلاد على شكل فيدرالية، إلى جانب نزاعات طائفية مع العلويين في الساحل، والدروز في الجنوب، والأكراد في شمال شرق البلاد.
انفتاح مبكر؟
بعد أشهر فقط على سقوط الأسد، وبالتحديد في نيسان/ أبريل الماضي، أكد الرئيس السوري أحمد الشرع، في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز" أن روسيا تحتفظ بوجود عسكري على الأراضي السورية، وأن حكومته تجري مفاوضات مع موسكو بهذا الشأن، مشيرًا إلى احتمالية تقديمها دعما عسكريا لدمشق.
وأكد في هذا السياق أن حكومته أبلغت موسكو بضرورة التزام الوجود العسكري الأجنبي بالقانون السوري، وأن أي اتفاق مستقبلي يجب أن يحفظ سيادة البلاد وأمنها.
وأشار الرئيس السوري إلى أن موسكو كانت ولا تزال أحد أبرز مزوّدي الجيش السوري بالسلاح، فضلاً عن تقديمها الدعم الفني لمحطات الطاقة. وقال: "لدينا اتفاقيات في مجالي الغذاء والطاقة مع روسيا منذ سنوات، ويجب أخذ هذه المصالح بعين الاعتبار".
ماذا عن تسليم الأسد؟
بشأن الأسد، رفضت السلطات الروسية تسليم الأسد الذي قدم طلب لجوء إلى موسكو "لأسباب إنسانية".
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن الرئيس بوتين هو من قرر بصفة شخصية منح حق اللجوء الإنساني للرئيس السوري السابق بشار الأسد وعائلته.
متى بدأ التدخل العسكري الروسي في سوريا؟
بدأ الدعم السياسي لنظام الأسد منذ اليوم الأول لاندلاع ثورة شعبية ضد نظام حزب البعث في عام 2011.
وكانت أولى الضربات العسكرية الروسية ضد المعارضة في سوريا في أيلول/ سبتمبر من عام 2015 بطلب من رئيس النظام المخلوع آنذاك بشار الأسد.
وافق مجلس الاتحاد الروسي على تفويض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استخدام القوات المسلحة خارج البلاد.
وقال الائتلاف السوري المعارض آنذاك أن الضربات الروسية استهدفت المدنيين، وليس مقاتلين من تنظيم الدولة كما زعمت وزارة الدفاع الروسية.
لاحقا، بدأت روسيا بتعزيز حضورها العسكري في البلاد من ذلك الوقت عبر قواعد برية، وجوية، وبحرية.
ماذا حصل بعد سقوط الأسد؟
سحبت روسيا قواتها من الخطوط الأمامية في شمال سوريا ومن مواقع في جبال الساحل لكنها لم تغادر قاعدتيها الرئيسيتين حميم الجوية، وطرطوس البحرية.
وبعد أيام من سقوط الأسد، أظهرت صور التقطتها أقمار صناعية طائرتين على ما يبدو من طراز أنتونوف إيه.إن-124، وهي من بين أكبر طائرات الشحن في العالم، في قاعدة حميميم وكانت مقدمتاهما مفتوحتين استعدادا للتحميل.
وقالت مصادر عسكرية وأمنية سورية على اتصال بالروس إن موسكو تسحب قواتها من الخطوط الأمامية وتسحب بعض المعدات الثقيلة وضباطا سوريين كبارا.
لاحقا، ذكر معهد دراسات الحرب في واشنطن، أن صور الأقمار الصناعية تظهر سحب روسيا أسطولها من قاعدة طرطوس البحرية.
وأظهرت الصور إخلاء روسيا ثلاث فرقاطات حربية وغواصة وسفينتين مساعدتين من القاعدة البحرية.
ماذا قالوا؟
◼ قال وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، إن هناك فرص عديدة لسوريا موحدة وقوية، ونأمل أن تقف روسيا إلى جانبنا في هذا المسار.
◼ تابع الشيباني: اتفقنا مع وزير الخارجية الروسي على تشكيل لجنتين لإعادة النظر في جميع الاتفاقيات السابقة مع النظام البائد وإعادة تقييمها بما يصب في مصلحة شعبنا.
◼ قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن موسكو مهتمة بالتعاون مع دمشق وتم مناقشة عمل السفارتين واتفقنا على تشكيل لجنة روسية سورية مشتركة للنظر في المسارات الاقتصادية متبادلة المنفعة.
◼ تابع لافروف بأن موسكو تعارض أن تتحول سوريا إلى ساحة للمنافسات الجيوسياسية للدول الكبرى.
ماذا عن إيران؟
وليست روسيا وحدها هي من دعم الأسد في وجه المعارضة المسلحة، حيث وقفت طهران بكامل ثقلها خلف الأسد بشكل رسمي، إلى جانب المليشيات الإيرانية المسلحة.
لكن إيران قالت إنها ليست في عجلة من أمرها لإقامة علاقات مع السلطات السورية الجديدة، واكتفت بتمني الخير لسوريا وشعبها في ظل الإدارة الجديدة.
وعليه لم تبد أيضا السلطات السورية الجديدة أي رغبة في علاقات سريعة مع إيران، على غرار ما تفعله مع موسكو.
وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إن العلاقات مقطوعة حاليا بين إيران وسوريا، و"لسنا على عجلة، لإقامة العلاقات".
وأوضح عراقجي، أنه في حين ترى الحكومة السورية، مدى قدرة العلاقات مع إيران، على مساعدة الشعب السوري، فنحن مستعدون للرد على طلبها.
والمتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في حينه على احترام بلاده لخيار الشعب السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وقال بقائي إن "مواقف إيران تجاه سوريا واضحة، ومنذ بداية التطورات تم التأكيد على أن إيران تحترم خيار السوريين، وأي شيء يقرره الشعب السوري يجب أن تحترمه جميع دول المنطقة".
وشدد بقائي على ضرورة أن "تكون سوريا قادرة على تقرير مصيرها ومستقبلها دون التدخل المدمر للأطراف الإقليمية أو الدولية، وألا تصبح مكانا لتزايد الإرهاب والتطرف العنيف"، بحسب تعبيره.
ماذا ننتظر؟
ربما تنتقل العلاقات الروسية السورية إلى مستوى جديد إذا قرر الرئيس الشرع تلبية الدعوة الروسية وحضور "القمة العربية الروسية" في موسكو في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
وقال لافروف إن موسكو تأمل حضور الشرع إلى القمة.