استضافت القاعة الرئيسية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ56، ندوة بعنوان: «كيف تشكل أحمد مستجير؟»، بحضور الدكتور أحمد رجب محمد عميد كلية الآثار بجامعة القاهرة الأسبق، ونائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب، والدكتور أيمن يحيى أمين عميد كلية الزراعة جامعة القاهرة، والدكتور سعد زكي محمد نصار مستشار وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، وأستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة، وأدارت الندوة الإعلامية مروة مرسي.

وجهت مرسي الشكر للحضور ولوزاة الثقافة متمثلة في الدكتور أحمد هنو وزير الثقافة، والدكتور أحمد بهي الدين رئيس هيئة الكتاب، على المجهود الكبير الذي يقوم به القائمون على معرض القاهرة الدولي للكتاب.

وأضافت مرسي: «قرأت كثيرًا عن الدكتور أحمد مستجير، واستوقفني حواراته مع منى الشاذلي وجمال الغيطاني».

ومن جانبه، قال الدكتور أحمد رجب، إن مصر دائمًا ولادة فيها علماء عظماء، ولكن يجب التذكير دائمًا بهؤلاء العلماء، نحن لاننساهم، ونعيش بعلمهم وثقافتهم، حياة الإنسان قصيرة جدًا، والإنسان لا يقاس بما أحرز من سنوات ولكن بما أحرز من علم يبنى عليه.

وأشار رجب إلى أن العالم الحقيقي يقاس بـ5 نقاط، وجميعها مستوافاة عند الدكتور أحمد مستجير، وأول نقطة هي أن يكون «العالم موسوعيا» لأنه لا يوجد علم منقطع عن باقي العلوم، يحب أن يكون ملما بكل شيء، فهي عادة علمائنا القدامى مثل ابن سينا، فهي تصنع الإنسان وهو تراكمات من كل التخصصات، وهذا ما يطبق الآن في النظام الحديث في كل  مواد التخصص ومنشقة منها مواد مساندة، ومنها مواد حرة، يعني متخصص في الطب ويدرس موسيقى، لذا على العالم أن يكون موسوعيا، وهي متوفرة في أحمد المستجير، فهو له أبحاث في الأدب والشعر والفلسفة والزراعة.

وأضاف أن النقطة الثانية هي «الجانب العملي الميداني» لا يعتمد على الكتب فقط، فهو اعتمد على التجربة والجانب العملي، وأدى دوره بنجاح باهر، وكان المستجير  يكتشف الإنسان.

وتابع أن النطقة الثالثة هي «الاعتماد على الإنسان وما فيه فائدة للإنسان»، بمعنى هل سيؤدي الاكتشاف إلى إفادة الإنسان، وبالنسبة للرابعة فهي «الترجمة» فلولاها لم تصبح الحضارة اليونانية بهذه القوة، وكذلك العربية والإسلامية.

وأكمل: أما النقطة الخامسة «تقديم العلم فى قالب أدبي جميل»، فالمستجير أحسن استغلال الأشياء، فهو كان عضوًا في مجمع اللغة العربية.

ووجه الدكتور سعد نصار، الشكر لوزير الثقافة ورئيس الهيئة العامة للكتاب لاختيارهم أحمد مستجير شخصية معرض الكتاب لهذا العام.

وقال نصار: «دائما كنا نجتمع بشكل دوري فى الكلية، وكنا نحرص على زيارة أحمد مستجير قبل سفره في الصيف الذي يعود بعد شهر أو شهرين بكتاب مترجم، وأمهات الكتب التي تحتاج إلى ترجمة، وفي 2006 ذهبنا ولم نكن نعلم أننا نودعه وعاد بعدها  بجسمانه الطاهر.

وتابع: «مستجير هو عالم الزراعة وعميدها والمؤلف والمترجم والشاعر والمثقف المهموم بقضايا وطنه، صاحب مدرسة علمية متميزة وتخرج على يديه طلبة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، ألف في التحسين الوراثي للحيوان، والنواحي التطبيقية في تحسين الدواجن، ورائد علوم البايوتكنولوجي، كما أنه أثرى المكتبة العربية بأمهات الكتب المترجمة مثل أمراض وراثة الإنسان، وعصر الجينات والإلكترونات، وطعامنا المهندس وراثيا، علم الچينوم وسجن العقل، وكان يفكر في إنشاء معمل للاستنساخ الحيواني ولا يوافق على الاستنساخ البشري، أنشأ المكتبة القومية ومجمع المعامل، هو الأديب المتنكر في صورة العالم».

وقال الدكتور أيمن يحيى، إنه بعد مرور سنوات على وفاة مستجير إلا أنه مؤثر في سلوكنا ووجودنا، فقد عاصرته وأنا طالب وهو العميد التاريخي لكلية الزراعة، فهو الوحيد الذي تولى عمادة الكلية 3 مرات متتالية عن طريق الانتخاب، وهذا يدل على أن شخصيته قوية وقادر على اتخاذ القرارات.

وأضاف: «كان مستجير ليس عالما أو أديبا، ولكنه كان صاحب فلسفة وفكرة، كان قدوة نحاول أن نمشي على الطريق الذي رسمه من تعاون وحكمة، من أداء وشخصية مقنعة».

وقالت سلمى مستجير، ابنة العالم أحمد مستجير: «أعظم الناس هم من يتركون أثرا وبصمة، وكل كلمة وكل خطوة لأبي  كان يترك فيها بصمة تعيش، وأنا لا زلت أشعر بهذه البصمة، اليوم أحب أن أشارككم ما الذي يجعل أبي شخصا استثنائيا، الشهر الماضي كان سيتم الـ90 عاما، وأنا لم أرث منه الموهبة الشعرية، ولكن سأحاول أن أعبر عما بداخلي تجاهه، أبي كان شخصا طيبا جدا ومتواضعا، وكل شيء يعمله بحب وفرحة ومتفائل بطبعه كان يحب مصر وأهلها، وخاصة الفلاحين، والأطفال كانوا يحبونه، وكان يجد في الطبيعة إلهامه».

وتابعت: «أبي كان يعشق محمد عبد الوهاب، وكان يرى أن السعادة تأتي من العمل الذي يفعله الإنسان بشغف، ولذلك بعد 45 يوما من عمله كمهندس زراعي قرر أن يستقيل لأنه كان مطلوب منه أن يتخلى عن إنسانيته، ويتعامل مع الناس بقوة».

وأضافت: «بيتنا كان مليئا بالكتب من الأرض حتى السقف، وبعد وفاته تبرعنا بالكثير منها لجامعة القاهرة، وكان يقرأ ليل نهار 3 كتب و5 جرائد فى يوم واحد بسبب طريقته الخاصة السريعة».

وأكملت: «الضحك كان دائما موجودا في بيتنا، أبي كان له حس فكاهي، كان يحب عادل إمام وسعيد صالح وإسماعيل يس، ومن تلاميذه عادل إمام وصلاح السعدني».

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مستجير أحمد مستجير التعليم معرض القاهرة الدولي للكتاب الدکتور أحمد أحمد مستجیر

إقرأ أيضاً:

ذكرى رحيل الشيخ عبد الباسط عبد الصمد.. سفير القرآن الذي صدح صوته آفاق العالم

في مثل هذا اليوم، تحل ذكرى رحيل الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، أحد أبرز قراء القرآن الكريم في العصر الحديث، وصاحب الصوت الذي ارتبط في وجدان الأمة الإسلامية بخشوع وسكينة لا تنسى.


ولد الشيخ عبدالباسط عبدالصمد في الأول من يناير عام 1927 بقرية المراعزة التابعة لمركز أرمنت بمحافظة قنا (قبل ضمها لاحقا إلى محافظة الأقصر)، ونشأ في أسرة عرفت بحفظ كتاب الله وأتقنت تجويده جيلا بعد جيل، فقد كان جده من كبار الحفاظ، ووالده الشيخ محمد عبد الصمد من المجودين المتقنين للقرآن الكريم.


التحق منذ صغره بكتاب الشيخ الأمير في أرمنت، حيث ظهر نبوغه المبكر وسرعة حفظه، وتميز بعذوبة صوته ودقة مخارج حروفه، حتى أتم حفظ القرآن الكريم وهو في العاشرة من عمره، وتتلمذ بعد ذلك على يد الشيخ محمد سليم حمادة، فدرس علم القراءات، وحفظ متن الشاطبية في القراءات السبع، وكان من أكثر تلاميذه نبوغا وإتقانا.


بدأت شهرة الشيخ عبد الباسط تتسع في محافظته، حتى توالت الدعوات إليه من قرى ومدن قنا والوجه القبلي، يشهد له الجميع بالأداء المتميز وصوته الذي يأسر القلوب، ومع نهاية عام 1951م شجعه الشيخ الضباع على التقدم لاختبارات الإذاعة المصرية، فقدم للجنة تسجيلا من تلاوته في المولد "الزينبي"، فانبهر الجميع بصوته وتم اعتماده قارئا رسميا بالإذاعة ، وكانت أول تلاواته من سورة فاطر، ومنها انطلق صوته إلى كل بيت في مصر والعالم الإسلامي.


عين عبدالصمد قارئا لمسجد الإمام الشافعي عام 1952 ، ثم لمسجد الإمام الحسين عام 1958 خلفا للشيخ محمود علي البنا، ليصبح أحد أعمدة الإذاعة المصرية، التي ازدادت شعبيتها بشكل غير مسبوق مع صوته المهيب، حتى صار اقتناء جهاز الراديو في القرى وسيلة للاستماع إلى تلاواته.


ومن القاهرة بدأت رحلته الدولية التي حمل خلالها صوت القرآن إلى بقاع الأرض؛ فقرأ في المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، ولقب بـ "صوت مكة" بعد تسجيلاته الشهيرة في الحرمين الشريفين، وجاب بلاد العالم قارئا لكتاب الله ، فكان بحق سفيرا للقرأن.


حظى الشيخ الراحل بتكريم واسع في العالم الإسلامي ، حيث استقبله قادة الدول استقبالا رسميا، ونال عدة أوسمة ، من أبرزها : وسام الاستحقاق من سوريا عام 1959، ووسام الأرز من لبنان، والوسام الذهبي من ماليزيا عام 1965، ووسام العلماء من الرئيس الباكستاني ضياء الحق عام 1984، ووسام الاستحقاق عام 1987 في الاحتفال بيوم الدعاة.


وعن مواقفه المؤثرة، تروي كتب سيرته أنه خلال زيارته للهند فوجئ بالحاضرين يخلعون أحذيتهم ويقفون خاشعين وأعينهم تفيض بالدموع أثناء تلاوته، كما قرأ في المسجد الأقصى والمسجد الإبراهيمي بفلسطين، وفي المسجد الأموي بدمشق، إضافة إلى مساجد كثيرة في آسيا وأفريقيا وأوروبا، حيث كان حضوره يملأ القلوب إجلالا لصوت القرآن.


ظل الشيخ عبد الباسط وفيا لرسالته حتى أواخر أيامه، رغم إصابته بمرض السكري والتهاب كبدي أنهك جسده، سافر إلى لندن للعلاج، لكنه طلب العودة إلى مصر ليقضي أيامه الأخيرة في وطنه، وفي يوم الأربعاء 21 ربيع الآخر 1409 هـ الموافق 30 نوفمبر 1988 ، رحل عن دنيانا عن عمر يناهز 61 عاما ، بعد مسيرة حافلة بتلاوة كتاب الله، تاركا إرثا خالدا من التسجيلات والمصاحف المرتلة والمجودة التي لا تزال تبث في الإذاعات العربية والعالمية حتى اليوم.


رحل الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، لكن صوته ما زال يملأ الدنيا نورا وخشوعا ، لقد كان سفيرا للقرآن بحق؛ جمع بين الإتقان والجمال والصدق، فصار اسمه رمزا للسكينة والروحانية، سيبقى صوته يرافق الأجيال، يشهد على أن تلاوة القرآن حين تخرج من قلب مؤمن، فإنها لا تموت أبدا.

طباعة شارك ذكرى رحيل الشيخ عبد الباسط عبد الصمد أبرز قراء القرآن الكريم العصر الحديث صاحب الصوت الذي ارتبط في وجدان الأمة الإسلامية عذوبة صوته

مقالات مشابهة

  • ملتقى رياض الشريعة السادس يناقش الفكر الإنساني ودور عُمان الحضاري
  • عقل: “ترامب هذا الذي يزعم أنه زعيم العالم يهدد الجميع.. ويجب أن يتوقف عند الأردن “
  • معالي أبو الحسن… الإنسان الذي جعل منه قرب الهاشميين أخلاقًا تمشي على الأرض
  • جاغ كباب التركي بين أفضل أطباق العالم.. ما الذي يميّز سفير أرضروم الغذائي؟
  • بعد عرضهما في القاهرة.. تتويج صوت هند رجب وكان يا مكان في غزة بالدوحة
  • منتدى طابة للشباب يناقش قضية "الإدمان الرقمي بين الشباب"
  • ذكرى رحيل الشيخ عبد الباسط عبد الصمد.. سفير القرآن الذي صدح صوته آفاق العالم
  • ذكرى الشيخ عبد الباسط عبد الصمد.. سفير القرآن الذي صدح صوته أفاق العالم
  • مفتي الجمهورية: الإعلام الأمين رسالة هادفة تشكل وعي الناس وتبعدهم عن الأهواء والخرافات
  • القومي لحقوق الإنسان يناقش جهود الحد من العنف القائم على النوع الإجتماعي