استضاف الصالون الثقافي ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب ندوة بعنوان "ثقافتنا في السودان وموريتانيا"، تحت محور "أيام عربية".

تحدث في الندوة الدكتور إسماعيل الفحيل من السودان، والدكتور محمد ولد أحظانا من موريتانيا، وأدارتها الإعلامية منى الدالي.

وافتتحت منى الدالي الندوة بالترحيب بالحضور، مؤكدة أهمية موضوع النقاش الذي يجمع بين التراث والثقافة، مشيرة إلى أن الثقافة تعد وعاءً شاملاً تنبثق منه روافد عديدة، أبرزها التراث.

وتحدث الدكتور إسماعيل الفحيل عن التراث المشترك بين مصر والسودان، مؤكدًا عمق العلاقات الثقافية والتاريخية بين البلدين، التي تعززها عوامل الجوار، والنسب، والمصاهرة.

وأشار إلى أن التواصل الثقافي يمتد منذ القدم بفضل القوافل التجارية، واستمر حتى اليوم عبر التفاعل اليومي بين الشعبين.

كما تناول أهمية اللغة كوسيلة للتثاقف، موضحًا أن اللهجة السودانية مفهومة لدى المصريين، والعكس صحيح، مما يعكس الترابط اللغوي والثقافي.

وأضاف أن كثيرًا من الأسر السودانية اختارت الإقامة في مصر بعد الحرب الأخيرة لسهولة التواصل والتفاهم.

وسلط الفحيل الضوء على التشابه بين العادات والتقاليد في البلدين، مثل الأطعمة المشتركة وتأثير نهر النيل على الأدب والتراث الثقافي.

وأشار إلى التعاون المشترك في تسجيل عنصر النخيل ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو كأحد الجوانب التراثية المشتركة.

من جانبه، تحدث الدكتور محمد ولد أحظانا عن تطور الشعر الموريتاني، مشيرًا إلى خصوصية الشعر العربي مقارنة بنظيره العالمي، لما تتمتع به اللغة العربية من بنية إبداعية قابلة للتطوير.

واستعرض مراحل تطور التجربة الشعرية الموريتانية، بداية من العودة إلى الجذور الشعرية في العصر الجاهلي والإسلامي، مرورًا بدعوات التجديد والإبداع التي شهدت تحولات نحو الحداثة.

كما تناول بروز أشكال جديدة مثل شعر التفعيلة والشعر الحر، التي مزجت بين الأصالة والتجديد.

اختُتمت الندوة بتأكيد المتحدثين على أهمية التراث المشترك كجسر للتواصل الثقافي بين الشعوب، مشددين على ضرورة الحفاظ عليه وتعزيزه للأجيال القادمة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الصالون الثقافي معرض القاهرة الدولي للكتاب السودان

إقرأ أيضاً:

الأمن الثقافي.. حماية أم وصاية؟

مع بداية الألفية الجديدة كثرت المناقشات حول تأثير العولمة والنظام العالمي الجديد على الخصوصيات الثقافية في العالم، ثم تزايدت بعد ذلك الدراسات عن مواضيع مثل الغزو الثقافي، وتأثير القوة الناعمة، وتغيير الخصوصية الثقافية، والمواطنة العالمية وغيرها، وهكذا تطور الأمر وصولا إلى الحديث حول الأمن الثقافي.

في عمان بدأت المناقشات حول الأمن الثقافي تتزايد مؤخرا، لعل آخرها كانت جلسة الطاولة المستديرة التي أقامها النادي الثقافي حول الأمن الثقافي ودوره في المحافظة على الهوية الوطنية، وقد تدافعت المناقشات بين فريقي الخبراء والمجتمع حول تعريفات الأمن الثقافي وحضوره في الثقافة العمانية، وخروجًا عن أنماط التعريفات والمحددات لأنها أمور جدلية يُمكن النقاش حولها في مظانها، وكعادة المفاهيم الاجتماعية والثقافية فلا يجمعها تعريف واحد جامع مانع لأنها متغيرة بتغير المدخلات والتغيرات، فإن سؤالا يُمكن طرحه في هذا المقام حول ما إذا كان الأمن الثقافي يشكّل حماية للهويات والمكونات الثقافية في المجتمع، أم وصاية على الإبداع والتطور؟

والإجابة على السؤال تفرض نظرة أكثر شمولية لتأثيرات العولمة والتغير العالمي في عصر مواقع التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي والتغيرات التي تطرأ على الجميع، أفرادًا ومجتمعات.

إن الأمن الثقافي تكوّنه مكونات الثقافة نفسها والتي عادة تناقشها السوسيولوجيا، التي تُعنى بجوانب الحياة الإنسانية المكتسبة بالتعلم لا الوراثة، ويشترك فيها أعضاء المجتمع بعناصر الثقافة التي تخلق التعاون والتواصل فيما بينهم، ومن بينها جوانب مثل المعتقدات والآراء والقيم والأشياء والرموز والتقانة. (كما يذكر ذلك أنتوني غيدنز في كتابه «علم الاجتماع»)، ومن هنا تحضر هذه العناصر لتشكل أهم المكونات للأمن الثقافي في جميع الدول القطرية، ولعل الكثير من النقاشات تبرز حول عنصر جدلي مثل (الهوية) الذي يتعدد في مجتمع مثل المجتمع العماني، فمصاديق الهوية في عمان متعددة ومختلفة، إذ إن المجتمع العماني يمتلك هويات كثيرة صغرى، أحيانا تتداخل فيما بينها (مثل تلك المتعلقة بالمذاهب مثلا) وأحيانا تفترق (مثل تلك المتعلقة بالقبيلة مثلا)، وعلى الرغم من أن المجتمع يعيش في انسجام أنموذجي يُمكن تسليط الضوء لدراسته، إلا أنه من المهم النظر إلى هذه الهويات الصغرى وطريقة تحركها وتأثر بعضها ببعض والتغيرات التي تطرأ عليها لفهم أعمق للحالة الاجتماعية التي تعيشها هذه المجتمعات.

المؤثرات على هذه الهويات الصغرى كثيرة ومتنوعة منها الدين (أو المذهب)، واللغة واللهجة، والقبلية، والجغرافيا، والعوارض العينية مثل اللباس وغيرها، ولذا فإن بناء هوية وطنية واحدة وجامعة ينبغي أن تنطلق من كل هذه المحددات والمؤثرات لتكون هوية جامعة يشترك فيها الجميع، وغالبًا ما تكون هذه الهوية الوطنية تركز على المشتركات بين الأطياف الاجتماعية، مع عدم إهمال الاختلافات والتعددية التي تصنع الصور المختلفة المكوّنة للصورة الواحدة العامة.

في هذه الحالة، تأتي أهمية الأمن الثقافي ليس في إذابة الفوارق بين هذه الهويات الصغرى وجعلها في هوية واحدة، وإنما في الحفاظ على وجودها وطريقة تأثر بعضها ببعض، والحفاظ على المسافات الجيدة فيما بينها من خلال الحقوق والواجبات المدنية والقانونية، مما يشكّل في المحصلة استقرارًا اجتماعيًا وسياسيًا يُمكن للجميع العيش خلاله بحرية وممارسة سلوكياته الهوياتية النابعة من بيئته الاجتماعية بحرية دون أي إقصاء من طرف اجتماعي آخر.

والحديث عن «أمنٍ» ثقافي يعني أن هناك مهددات لهذه الثقافات ينبغي التعامل معها لا بصورة عشوائية أو ارتجالية، وإنما باستراتيجية مدروسة تجعل من المجتمع يحافظ على ذاته وعلى مكوناته، والمهددات غالبًا ما ترتكز على: أولا، الغزو الثقافي والتبعية، الذي يعني إمكانية استيراد ثقافات أخرى وممارستها في الداخل الاجتماعي مما يُمكن أن يضر بالمجتمع، ويخلق حالة من التبعية التلقائية حتى فيما يتعلق بالضغط الشعبي على السياسات الحكومية، ومن هنا جاءت دراسة ما يسمى «الدبلوماسية الشعبية» لمعرفة كيف تتكوّن وما الذي يؤثر عليها، والاختصار المخلّ للدبلوماسية الشعبية، أن دولة ما تصدّر ثقافاتها لدولة أخرى فيضغط شعب الدولة الثانية على حكومته لموافقة سياسات الدولة الأولى، وهنا تأتي هذه الدراسة لمعرفة كيف يُمكن تفادي مثل هذا الضغط من خلال عدم حدوث هذه التبعية أو الغزو الثقافي من الداخل. ثانيا، ضعف الإنتاج الثقافي والفكري المحلّي، وفي هذه الحالة فإن أي دولة يكون إنتاجها الثقافي والفكري ضعيفًا يضطر المجتمع فيها لاستيراد ثقافة دولة أخرى ويُمكن أن يحدث ما حدث في الحالة الأولى، إضافة لذلك فإنها تكون ضعيفة في أمرين، الدفاع عن ثقافتها، وتصدير ثقافتها للآخر من أجل إحداث نوع من التوازن في العلاقات السياسية والثقافية بين الدولتين.

ثالثا، التطرف الفكري، وهذا العامل من أكثر العوامل التي تواجه الدول العربية والإسلامية في الوقت الحالي، فإن هذا التطرف الفكري لا يقتصر على التطرف الديني كما يصور دائما، وإنما يتعداه إلى التطرف الوطني أو الفلسفي أو القومي، مما يجعل المتطرف في حالة من الدفاع المستميت عن فكرته لإبقائها حية، ويتخذ هذا الدفاع أيضا أشكالاً متعددة، منها الدفاع العنيف، بشقيه الفكري والفعلي، مما يجعل الأطياف الأخرى في المجتمع غير قادرة على العيش بحرية واطمئنان، وبالتالي الإضرار بالثقافات المختلفة في المجتمع الواحد وخلخلة الأمن الثقافي عموما.

وعليه، فإن بناء استراتيجية الأمن الثقافي لا بدّ أن تكون مدروسة دراسة دقيقة تحدّد فيها العوامل والمهددات وطرق الحماية، كما يُمكن الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في هذه المسألة، فالناظر مثلا إلى كوريا الجنوبية، يجدها استطاعت تصدير ثقافتها ليس لدول شرق آسيا فقط، وإنما لجميع دول العالم، من ضمنها الدول الغربية، وبالطبع الشرق الأوسط، فإن القوة الناعمة التي استطاعت كوريا الجنوبية تحقيقها من خلال الموسيقى والسينما مثلا أنموذج جيّد للدراسة، والأمر ذاته ينطبق على اليابان وتصدير ثقافتها من خلال الأنمي وغيره، ومن الدروس المستفادة في هذا الشأن أن ينطلق التصدير الثقافي من المجتمع نفسه ومكوناته لا من خلال نظرة فوقية تصدّر الثقافة البيضاء (التي غالبًا ما تكون خاوية من أي معنى) فإن الانطلاق من الداخل الصغير إلى المجتمع الدولي هو الذي يحقق هذا النوع من القوة الناعمة عند الآخرين، وبالطبع لا يُمكن إغفال القوة الصلبة في هذه الحالة، فإن التوافق بين القوتين مهم وضروري، والانتقاص من أحدهما يؤدي بالضرورة إلى الإضرار بسياسات الدول الأخرى اتجاه الدولة محل النقاش، كما يذكر جوزيف ناي في كتابه الشهير.

عودٌ على بدء، هل هي حماية أم وصاية؟، الإجابة على السؤال تعتمد على استراتيجية الأمن الثقافي نفسها، فمتى تحولت هذه الاستراتيجية إلى استغلال لها للحدّ من الإبداع والصناعة الثقافية والبحث الفكري الحر وممارسة السلوكيات الهوياتية الصغرى المتعددة بحرية بذريعة الأمن الثقافي، تحوّلت إلى وصاية على المجتمع، مما يقتل الإنتاج الثقافي والفكري المحلّي والذي يضرّ في فترة وجيزة بالدولة والمجتمع على حدٍّ سواء ويكون مهدًّدا للثقافات الوطنية من حيث أريد لها أن تكون حامية لها، أما إذا كان الأمر مساعدًا للإنتاج الثقافي والفكري الإبداعي وزيدت الحرية في ذلك مع التسهيلات الإجرائية فيه، كانت حماية وزيادة في القوة في الوقت ذاته.

لذا فإن الأمر يتعلّق في العموم بالتوازن بين الحفاظ على الهويات المتعددة والهوية الوطنية المشتركة وبين الانفتاح الثقافي المتعلّم من الآخر والمستفيد من تجربته، بعيدًا عن أي استغلال لتحقيق مصالح شخصية أو مناطقية أو طائفية، فكلما تحقق هذا التوازن كانت استراتيجية الأمن الثقافي أكثر حفاظًا على ثقافة المجتمع وسياسة الدولة كذلك.

في المحصلة، تكمن أهمية الأمن الثقافي في كونه حاميًا للثقافات في المجتمع الواحد وحارسًا لها من المهددات التي تحتمها أدوات العصر الحديث، لذا فإن استراتيجية الأمن الثقافي يجب أن تكون أكثر مرونة وانفتاحًا على الآخر المختلف مع الحفاظ في الوقت ذاته على الثقافة والتراث القوميين للدولة، مع الأخذ بعين الاعتبار أهمية التصدير الثقافي من خلال أدوات القوة الناعمة والدبلوماسية الشعبية مثل الصناعات الثقافية والإبداعية في الأبحاث العلمية، والإنتاج الثقافي والفكري، وفتح الدراسة الجامعية للطلاب الدوليين بالقدر الممكن، والأدب، والأفلام، والموسيقى، والإنتاج الرقمي، وغيرها، بحيث يُمكن للآخرين في الدول الأخرى معرفة الداخل بغير أساليب القوة الصلبة التي أثبتت فشلها الذريع خلال الحقب الاستعمارية الطويلة.

مقالات مشابهة

  • ودع سفيري السودان لدى أذربيجان وأرتريا.. البرهان يؤكد على أهمية ترقية وتعزيز علاقات السودان الخارجية خلال المرحلة المقبلة
  • بمشاركة عُمان.. "الوزاري الخليجي" يناقش مستجدات العمل المشترك
  • التراث الثقافي الفلسطيني الشاهد الشهيد..
  • ابتكار طالب إماراتي في أمن المطارات يحصد الذهب بمعرض «آيتكس الدولي»
  • الأمن الثقافي.. حماية أم وصاية؟
  • بنسعيد: التعاون العربي في مجال المكتبات الوطنية ليس خيارا بل ضرورة استراتيجية لمواجهة التحديات
  • بمشاركة سلطنة عمان .. وزاري التعاون يناقش تطورات العمل الخليجي المشترك
  • شاهد بالفيديو.. رغم تعرضه لهجوم وتجريح منه.. الفنان محمد الفحيل يعتذر لشقيقه شريف بطريقة لطيفة ومهذبة: (ما كفرت ليك لأنك عامل لي بلوك وعافي ليك لله والرسول تقديراً لظروفك الصحية والنفسية)
  • شاهد بالفيديو.. شيخ الطريقة يرد بقوة على الفنان شريف الفحيل: (انت كلك عِبر وأنا بعتبرك قونة يا شريفة والكيزان سبب ظهورك في النيل الأزرق)
  • اليونيفيل القطاع الغربي يدعم الشباب والثقافة والمجتمع من أجل السلام