في عصر يتسم بالتقدم التكنولوجي السريع، دعا أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، العلماء العرب إلى وضع وثيقة لتنظيم الذكاء الاصطناعي بما يتماشى مع المصالح العربية ، مع حماية الهوية العربية والتراث الثقافي وتعزيز. 

أبو الغيط يؤكد استقرار المنطقة العربية مشروطا بمعالجة أزمات فلسطين والسودان وليبيا أبو الغيط يلقي كلمة أمام مجلس الأمن ويؤكد:إهدار الحق الفلسطيني تهديد ماثل للأمن والسلم الدوليين

جاءت هذه الدعوة خلال الجلسة الافتتاحية لدائرة الحوار العربي حول "الذكاء الاصطناعي في العالم العربي: تطبيقات مبتكرة وتحديات أخلاقية"، التي شهدت مشاركة بارزة من وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الدكتور عمرو طلعت، ورئيس البرلمان العربي، محمد أحمد اليماحي، ورؤساء عدد من المؤسسات الأكاديمية.

 

وقال أو الغيط:" إن هذه المنافسة الضاربة حول الذكاء الاصطناعي سوف تزداد حدتها في المرحلة القادمة.. فلا أحد يمكنه تحمل تكلفة التخلف في هذا المضمار.. لاسيما وأن له انعكاسات عسكرية مباشرة بين الدول الكبري" ، لافتا أن هناك منظومات وتطبيقات جديدة تنافس في هذه التكنولوجيا لتحقيق كفاءة وإمكانيات أكبر وتكلفة أقل، قائلا :" رأينا مؤخراً كيف أدى ظهور تطبيق صيني جديد في مجال الذكاء الاصطناعي إلى هزة مفاجئة في الأسواق ولدى الشركات التكنولوجية الكبرى"

أكد أبو الغيط أن دائرة الحوار تأتي في إطار قرار اللجنة التنسيقية العليا للعمل العربي المشترك، مشيرًا إلى أن العديد من الدول العربية تسعى لتحقيق الاستفادة القصوى من الذكاء الاصطناعي. وأوضح أن التطورات المتسارعة في هذا المجال، خاصة ما يتعلق بالنماذج اللغوية الكبيرة، تخلق بيئة شبيهة بسباق التسلح، مما يستدعي استجابة عربية موحدة.

وأشاد أبو الغيط بدور الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري في مجال الذكاء الاصطناعي وجعل الدول العربية في مسياق هذا السباق العالمي السريع والذي تتفوق فيه الدول الغربية وتشتد المنافسة بين الصين واليابان والدول الغربية في هذا المجال بصورة يومية .

وأشار أبو الغيط إلى المخاطر التي قد تنجم عن هذا السباق، بما في ذلك استخدامات غير أخلاقية للتكنولوجيا، كما حدث خلال النزاع في غزة. وأكد أن التحديات الناتجة عن الذكاء الاصطناعي تتطلب تضافر الجهود لتطوير أطر تشريعية تحمي حقوق الأفراد وتضمن الحفاظ على القيم الإنسانية.

من جانبه، أكد الدكتور عمرو طلعت على أهمية التصدي للتحديات الجيوسياسية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، مشددًا على ضرورة تبني استراتيجيات مشتركة لتعزيز الوعي بشأن هذه التكنولوجيا. وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي لم يعد وعودًا مستقبلية، بل أصبح قوة دافعة تعيد تشكيل الاقتصادات.

وأطلع الحضور على الرؤية العربية الموحدة للذكاء الاصطناعي، التي تهدف إلى تحسين الأداء الحكومي وتقديم خدمات فعالة. وأكد على ضرورة وضع إطار تنظيمي متوازن يحمي المجتمعات من المخاطر السيبرانية والأخلاقية.

فيما أكد رئيس البرلمان العربي، محمد أحمد اليماحي، أن الذكاء الاصطناعي يشكل أداة حتمية للتغيير في عالم اليوم. وأشار إلى ضرورة توطين صناعة الذكاء الاصطناعي في الدول العربية، مؤكدًا على أهمية بناء شراكة قوية بين الحكومات والمؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص لتحقيق الابتكار والاستدامة.

من جهته، أكد الدكتور إسماعيل عبد الغفار، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، على أهمية تعزيز التعاون العربي والدولي في مجال الذكاء الاصطناعي. وأشار إلى ضرورة وضع إطار أخلاقي وتشريعي يضمن الاستخدام المسؤول لهذه التقنية.

وأوضح أن الأكاديمية العربية أقامت اول كلية للذكاء الاصطناعي في الشرق الأوسط بالعالمين لمواكبة هذا التطور .

واجمع المشاركون بإن التحديات التي تطرحها التكنولوجيا المتقدمة تتطلب استجابة منسقة من الدول العربية، تضمن تحقيق التوازن بين الابتكار وحماية القيم. وفي ظل هذا السياق، يأتي دور العلماء وصناع القرار لتوجيه الجهود نحو وضع أطر تشريعية وأخلاقية تضمن الاستخدام الآمن والفعّال للذكاء الاصطناعي.


 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أبو الغيط الدول العربية جامعة الدول العربية الذكاء الاصطناعي التراث الثقافي الذکاء الاصطناعی الدول العربیة أبو الغیط

إقرأ أيضاً:

نظرية أوركسترا الحمل المعرفي: دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز التعلم

تشهد العملية التعليمية في الآونة الأخيرة تطورات هائلة وسريعة وغير مسبوقة، وهو ما أَذِن بظهور ما يعرف بـ"أوركسترا الحمل المعرفي"، وهي طريقة مُثلى تستخدم الذكاء الاصطناعي وتستفيد منه في تطوير عملية التعلم. وهذه الطريقة مُستقاة من نظرية الحمل المعرفي للباحث سويلر عام 1988، وقد أثبتت فاعليتها في التكيف مع احتياجات الطلاب، وهو ما لم يكن مُتصوَّرا في بيئات التعلم التقليدية السابقة.

تنتج نظرية الحمل المعرفي من تكامل منهجي دقيق ومتطور بين علم الأعصاب وعلم النفس المعرفي والتعلم الآلي، وتنقسم الأحمال العقلية إلى ثلاثة أنواع:

- الحمل الجوهري: وهو الجهد الذي يبذله المتعلم لفهم مادة صعبة بطبيعتها.

- الحمل الخارجي: وهو الجهد الزائد الناتج عن أسلوب شرح معقد أو تصميم تعليمي غير مناسب.

- الحمل الملائم: وهو الجهد المفيد الذي يبذله المتعلم ليبني عقله المخططات الذهنية الواضحة وينظم المعلومات.

وتتبع هذه النظرية نهجا ديناميكيا يتحكم جيدا في تلك الأحمال ويراقبها ويحسِّنها باستمرار، وذلك من خلال أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة.

لقد كان للذكاء الاصطناعي دور هائل في تمكين التطبيقات الحديثة لنظرية الحمل المعرفي من استخدام مجموعة رائعة من تقنيات المراقبة البيومترية لتقييم الحالة المعرفية للطالب في الوقت الفعلي، على سبيل المثال:

- أنظمة تتبع حركة العين: إذا اتسعت حدقة العين أكثر من 5.5 ملم، فهذا دليل على إرهاق ذهني وإجهاد معرفي مفرط، وعليه؛ يستجيب الذكاء الاصطناعي مباشرة ويتدخل تلقائيا.

- خوارزميات التعرف إلى الوجه: إذا قطب الطالب جبينه، مما يشير إلى ارتباكه، يتدخل النظام ويقدم شروحا أيسر وأوضح.

- تحليل سرعة الكتابة وأنماط ضغطات المفاتيح: إذا أبدى الطالب ترددا أو تباطؤا، تُقدَّم تلميحات في الوقت المناسب أو يُعدَّل المسار التعليمي بما يناسبه.

ويكون عمل هذه الأنظمة باعتمادها على تقنيات التعلم الآلي، على سبيل المثال:

- تواصل خوارزميات التعلم المعزز عملها باستمرار لتصل بالطالب إلى أن يكون منتبها وعلى درجة عالية من التركيز، دون أن يشعر بالإرهاق.

- تولّد شبكات المحوّلات (Transformer networks) شروحات مصمَّمة خصوصا لسد فجوات المعرفة عند كل طالب. وقد تم ضبطها بدقة بناء على سجلات التعلم الفردية.

ولم يكن هذا التطور التكنولوجي بعيدا عن الواقع أو حبرا على ورق، وإنما أثبتت فعليا دراسات من جامعة سيدني عام 2023 أن هذه الأنظمة تزيد من سرعة التعلم بنسبة 31 في المئة مقارنة بالأنظمة التقليدية، كما أبلغت منصات التعلم عبر الإنترنت عام 2024 عن انخفاض معدل انسحاب الطلاب من الدورات بنسبة 40 في المئة.

وأمامنا تطبيق واقعي في فنلندا، يُظهر مدى فعالية نظرية تنظيم الحمل المعرفي؛ حيث يعمل برنامج رياضيات تكيفي على أجهزة لوحية مزودة بتغذية لمسية، مهمته تعديل صعوبة المسائل تلقائيا حسب أداء الطالب، وهو ما كان له بالغ الأثر في تقليص فجوات التحصيل بنسبة 37 في المئة خلال عامين فقط.

وفي الجامعات، استخدمت منصة "Neurostudy" عصابات رأس لقياس نشاط الدماغ، فإذا شعر الطالب بالإرهاق الذهني، وأظهر النظام إشارة على حمل معرفي زائد، تتوقف المحاضرة تلقائيا. وقد أدّى ذلك إلى تضاعف عدد الطلاب الذين يُكملون محاضراتهم، وبلغ رضاهم عن النظام نسبة 92 في المئة.

وعلى الرغم من هذه النجاحات المتتالية، تظل هناك تحديات تواجه تطبيقات "CLO" جارٍ العمل على معالجتها مثل:

- فيما يتعلق بالخصوصية: بمعالجة البيانات على الجهاز نفسه دون تخزينها خارجيا.

- فيما يتعلق بالتكلفة: بالاعتماد على الهواتف الذكية واستخدام تطبيقات منخفضة التكلفة مثل "EyeLearn" التي تعمل بكاميرا الهاتف الأمامية، وتحقق دقة عالية تقدر بـ85 في المئة من دقة أداء الأنظمة الأخرى الأغلى.

- فيما يتعلق بالتحيُّز الثقافي: تُدرَّب الأنظمة على بيانات تشمل أكثر من 50 جنسية وعِرقا لتجنُّب الانحياز في تحليل تعابير الوجه.

يَعِد "CLO" بمستقبل مليء بتطبيقات أكثر تطورا. فبحلول عام 2025، يُتوقَّع أن توفر عصابات الرأس "EEG" غير الغازية دقَّة غير مسبوقة في قياس الحمل المعرفي.

- في غضون العقد المقبل، قد تُمكَّن واجهات الدماغ والحاسوب من المراقبة العصبية المباشرة.

- يُصبح الذكاء الاصطناعي أكثر وعيا بالعاطفة، وقادرا على التمييز بين الإرهاق الضار والتحدي المفيد.

تمثل "CLO" ثورة تعليمية حقيقية بسبب نهجها الاستباقي لتحسين التعلم على العكس من الأنظمة التقليدية التي تنتظر الطالب أن يُخطئ حتى تتدخل. تتميز "أوركسترا الحمل المعرفي" بأنها تتنبأ بالمشكلة وتمنعها قبل أن تحدث، فضلا عن قدرتها اللا محدودة على التكيف؛ لذا لمست المدارس ما لها من فوائد كبيرة، على رأسها:

- تقليل الحاجة إلى الدروس الخصوصية.

- تحسين أداء الطلاب.

وهو ما أثمر عوائد على الاستثمار من 2 إلى 3 أضعاف ما كانت عليه من قبل.

ومع استمرار التعليم في تحوله الرقمي، تسعى أوركسترا الحمل المعرفي إلى إحداث نقلة نوعية في مفاهيم التعلم الشخصي والتعلم الفعَّال، حتى ترقى به إلى أعلى مستويات التعلم.

مقالات مشابهة

  • نظرية أوركسترا الحمل المعرفي: دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز التعلم
  • الأمم المتحدة تحذر من عسكرة الذكاء الاصطناعي
  • غوتيريش يحذر من عسكرة الذكاء الاصطناعي
  • الأمم المتحدة تحذر: عسكرة الذكاء الاصطناعي تهدد الأمن العالمي وتستدعي استجابة شاملة
  • خمس حقائق قد لا تعرفها عن طريقة عمل روبوتات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT
  • الذكاء الاصطناعي.. أمل اللغات المهددة
  • الروبوت المرافق.. هل يقترب الذكاء الاصطناعي من العاطفة الإنسانية؟
  • إلى كتبة الذكاء الاصطناعي: ارحمونا!
  • الذكاء الاصطناعي يزحف على المكاتب.. نصف الوظائف في خطر!
  • هلاوس الذكاء الاصطناعي.. خبير يحذر من معلومات مضللة مغلفة بالدقة