جريدة الرؤية العمانية:
2025-08-01@08:05:19 GMT

لمن تهدي مشاعرك؟!

تاريخ النشر: 3rd, February 2025 GMT

لمن تهدي مشاعرك؟!

 

 

محفوظ بن راشد الشبلي

[email protected]

 

مشاعر الإنسان هي الشيء الوحيد الذي لا يمكن تغليفه إذا أردت إهداءه للآخرين، فهو إحساس غير مرئي منبعه القلب والعقل والجوارح، وهو غير مادي كي تنتقي نوعيته وقيمته وشكله وتدفع ثمنه لتُعبر به، فهو تَرجمة لِما تكنّه في نفسك لشخص ما سواء بالفعل تجاهه أو بالنظر إليه عندما تراه أو بالاهتمام به في حضرته، فكم من المشاعر نخفيها دون البوح بها ونُترجمها ظاهريًا لمن يفهم معناها وهي رسائل غير مكتوبة لمن يعي ألغازها ويفك شفراتها تجاهه.

وهناك من يُفضّل بقاءها في غياهب قلبه دون إفصاحها وتصويبها لمن يكنّها له وتبقى في مكنونه محتفظاً بها ويكتفي بترجمتها بالفعل والاهتمام كما أسلفنا وتظل لفترات طويلة على ذلك النحو، إلا أنَّ البعض وبعد طول انتظار يختلج في نفسه ويستشعر بأن إخفائها أكثر من ذلك الوقت هو هضم لحق من يستحقها منه ويُبدي في نفسه الإفصاح لفظيًا بها ليوصلها علنًا لمن يستحقها منه، وليست هناك أية إشكالية في ذلك بل هو أمر جميل بأن تُترجم شعورك ومشاعرك علنا لمن تكنها له، بل الإشكالية في ردة فعل المتلقي لفصاحة مشاعرك له وهو ما سنسرده في الفقرة التالية.

المشكلة ربما تبدو غريبة أو بالأحرى مُدهشة بعض الشيء ولم تتوقعها من ذلك الشخص، وهي أنه يستنكر مشاعرك وأحاسيسك الصادقة تجاهه عندما تُبديها له بحسن نية والتي بَنيتها له بمكانة عالية في قلبك من خلال معايشتك اللطيفة معه، حيثُ يقابلك ببرود مشاعر غريب وعجيب منه وكأن ذلك البوح تجاهه لا يعنيه شيء، والأدهى من ذلك أنه بدل أن يتقبل منك ما أبديته له بالشكر والثناء لصراحتك له على أقل تقدير، يرد عليك بكلمة ملؤها التكبر والعلو والغرور والغرابة والاستفهام والاستهزاء مفادها بالعامية المطلقة (زين تمام)!! فلا نعي هل هو تبلّد مشاعر أم هو استصغار واستحقار لك أم هو ضعف في مفهوم إبداء المشاعر تجاهه، ويُصور لك وكأنك غلطت في حقه عندما أفصحت له!!

والسؤال هُنا ماذا لو طلبت منه حاجة ليعينك بها أو ليقضيها لك؟ إن كانت ردة فعله بالأحاسيس كما كانت فما بال ردات فعله عن طلب حاجة منه، حتمًا سيظهر لك وجهه الآخر ومعدنه الغريب المختبئ خلفه والعياذ باللّه.

إن أسوأ أنواع البشر ذلك الذي ينظر لك وكأن أحاسيسك رخيصة أمامه أو أنك طالب حاجة منه بمقابل إفصاح مشاعرك تجاهه أو أنك فارغ من الأحاسيس والمشاعر وأتيته تطلب منه المَدد من أحاسيسه كي يغترف لك منها ووجدك رخيصا أمامه ولا تستحقها منه كي يتقاسمها معك أو أنه يستغليها عليك، رغم إن الأحاسيس ليست سِلعة كي تُبايعه إياها أو تشتريها منه؛ بل هي مشاعر تُستشعر وأحاسيس ينبض بها القلب وتُقدسها النفس البشرية قبل أن ينطق اللسان بها، ولكن المشكلة تبقى فينا عندما نستنزفها لِمن لا يستحقها.

خلاصة القول.. يجب على الإنسان أن يُدقّق في من سيُبدي له شعوره ومشاعره، ويجب أن ينتقي ذلك الشخص بدقة وعناية فائقة كي يهديه أغلا المشاعر، لأن البعض يحتقرك بإبدائها له ويراك وكأنك رخيص في عينه وخاصة إذا كنت تجهل ما يخفيه في نفسه تجاهك، ولكي لا تستنزف مشاعرك بادلها من يستحقها أو أكتمها في غيابة جُب صدرك واسمو بها عاليًا في نفسك وكيانك ودع كل شخصٍ لمستواه الحقيقي ولا تَرفعه ولا تُجَمّله مهما أُعجبت به، فالجمال الحقيقي هو سمو في الأحاسيس والذات قبل أن يكون في الشكل وهي رفعة لمن تبادلتها معه وليست سِلعة يُرتجى منها مُقابل كما يظنها البعض للأسف.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

عُمان .. عندما تُعشق الشوكولاتة!

حامد منصور - 

فلنبدأ من البداية، عزيزي القارئ، فعندما عَلِمتُ بموعد سفري إلى سلطنة عُمان لأول مرة، كان عليّ أن أستعد ببعض الترتيبات وشراء المستلزمات، كالمَلابس وغيرها من الضروريات، وقد اشتريت - فيما اشتريت - حذاءً جديدًا غالي الثمن، فخمًا جميلا، وقد ارتديته في رحلة السفر.

وعند الوصول، كان في انتظاري بالمطار صديقٌ لي ليُوصلني إلى سكني الذي رتبه لي في العاصمة مسقط. وفي الطريق، ارتفع صوت أذان العصر، فتوقف صديقي أمام أول مسجد قابله حتى نؤدي الفريضة في الجماعة الأولى. وعند باب المسجد، خلعت حذائي وحملته في يدي لأدخل به المسجد حتى أضعه في مكان آمن، كما نفعل في مصر، خوفًا عليه من السرقة، خاصةً إذا كان غالي الثمن. وهنا تبسّم صديقي قائلا لي: «اتركه أمام باب المسجد ولا تخف، فلن يسرقه أحد».

فمزحت معه قائلا: «ومن يضمن لي ذلك؟» فتبسّم ضاحكًا مرة أخرى، وقال: «لا تقلق، الوضع هنا في عُمان مختلف تمامًا».

نفذتُ رأيه دون اقتناع مني، فتركتُ الحذاء أمام باب المسجد، وأنا في الحقيقة خائفٌ عليه وغير مطمئن.

وبعد انتهاء الصلاة، خرجتُ مسرعًا إلى حيث تركتُ الحذاء، فوجدته كما هو، لم تمتدّ إليه يد.

كان هذا هو انطباعي الأول عن عُمان، بأنها بلد لا تُسرق فيها الأحذية الفاخرة، حتى وإن تُركت بالطرقات. وقد كان هذا أول مؤشر لي عن مدى الأمان الذي ترفُل فيه عُمان.

ومضت بي الأيام مقيمًا في عُمان الحبيبة - نعم الحبيبة، هكذا أُناديها، وهكذا يناديها أغلب المصريين المقيمين بها - فأنت لن تستطيع أن تمنع نفسك من أن تُناديها بهذا الاسم طالما أنك مقيم فيها.

مضت بي الأيام في هذا البلد الرائع، الذي ما زلت أكتشف فيه، يومًا بعد يوم، ما يُثلج الصدر ويُسعد القلب.

وإن كان المثال الذي سقته آنفًا بسيطًا جدًا، إلا أنه عميق المعنى، وليس استثنائيًا؛ فالحكايات عديدة، والروايات كثيرة عن أمن وأمان عُمان.

وفي أول إجازة لي، عدتُ إلى مصر، وبدأت أحكي وأحكي عن جمال هذا البلد، وطيبة ورُقي الشعب العُماني، ومدى الأمن والأمان الذي ترفُل فيه عُمان.

وحين كان يسمعني السامعون، كانوا ينقسمون إلى فريقين: الفريق الأول يقول: إنك مبالغ فيما تقول، فهي بلد كغيرها من البلدان، فيها الصالح والطالح من البشر، وليست يوتوبيا (المدينة الفاضلة).

وكنتُ أُجادلهم بالحجج القوية، قائلاً: نعم، أعلم أنها ليست يوتوبيا، وأعلم أن بها الطالح من البشر، لكن انظر إلى نسبتهم في المجتمع، حتى تنجلي لك الصورة؛ فالنسبة بسيطة جدًا جدًا مقارنة بباقي الدول والشعوب.

فالشعب في مجمله شعبٌ طيب، راقٍ، ودود، إنساني النزعة إلى أقصى الحدود، ويظهر ذلك جليًا في سلوكهم ومواقفهم وتعاملاتهم اليومية البسيطة.

فمن أبسط السلوكيات التي استوقفتني أنك قد تقف في الطريق تُلوّح لسيارة خاصة - ليست سيارة أجرة - فيقف لك صاحبها ليُوصلك حيث تريد، وأحيانًا يقف لك من تلقاء نفسه دون أن تُلوّح له، بل قد يُغيّر اتجاهه من أجل أن يُوصلك إلى وجهتك.

وحين تبادره بالشكر، يرد قائلا: «هذا واجب»، أو يقول الكلمة الدارجة عندهم: «أفا عليك»، وهي كلمة تعني: عيبٌ عليك أن تقول هذا الكلام، وتُنطق بفتح جميع حروفها، وعادةً ما يخطفها القائل عند النطق بها.

وحين يعلم بأنك مصري، لا يلبث أن يكيل المديح لمصر والمصريين، قائلا: «عَلَّمَنا المصريون، ودَرَّسونا في المدارس والجامعات، ولهم فضل علينا لا ننساه».

وهذا يُؤكّد مروءة وفضل العُمانيين، وذلك وفقًا للمقولة الشهيرة المنسوبة إلى سيدنا العباس بن عبد المطلب: «إنما يعرف الفضلَ لأهلِ الفضلِ أهلُ الفضل».

أما الفريق الآخر، فكان يُصدّق على كلامي، ويبدأ في سرد قصص يعرفها عن جمال عُمان، وطيبة شعبها، ومدى رُقيّهم.

وهي قصص - رغم أنها تبدو أشبه بالخيال - إلا أنها واقعية، صادقة، متشعبة، تُؤتي نفس المعنى الذي يجعلك تنتشي وتندهش من سمات وخصال هذا الشعب الراقي.

أخي القارئ، إني أصدقك القول، وأقول ذلك بناءً على ما رأيت، وما شهدت، وما سمعت، دون مبالغة، ولا إفراط، ولا تفريط.

فهو بلد بحق من أسمى وأرقى الأمم.

وفي التراث الإسلامي، جاء في الأثر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دعا لعُمان وأهلها.

وقد أخرج الإمام مسلم في صحيحه، من حديث أبي برزة الأسلمي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى حيٍّ من أحياء العرب مبعوثًا، فسبُّوه وضربوه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «لو أنَّ أهل عُمان أتيت، ما سبُّوك ولا ضربوك».

صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أحببتُ هذا البلد حبًا جمًّا، وقد أكرمني الله فيه، فتحققت بعض أحلامي، والباقي في طريق التحقق بإذن الله.

وهو بلد متقدم جدًّا، ولا أقصد هنا التقدُّم الاقتصادي المادي فحسب، بل أقصد الرُّقي والتقدُّم الحضاري، فهما - في رأيي - المعيار الحقيقي للتقدُّم.

كذلك، فإني أحكم على مدى رقيّ شعبٍ من الشعوب بعاملين بسيطين جدًا، ولكنهما شديدا البيان والدلالة: أما العامل الأول: فهو أسلوب تعامل أهل السلطة والنفوذ داخل الدولة مع أفراد الشعب العاديين، وخاصة تعامل أجهزة الأمن مع العامة.

وفي هذا، حدث ولا حرج عن دماثة أخلاق ورُقيّ جهاز الشرطة العُماني، وغيره من الأجهزة الأمنية، في التعامل مع المواطنين والمقيمين، مهما اختلفت جنسياتهم أو دياناتهم، فهي معاملة تحفظ كرامة الإنسان، ولا تُهين آدميته، بأي صورة من الصور، حتى وإن كان مخطئًا أو مذنبًا.

أما العامل الثاني: فهو النظافة العامة للبلد؛ من طرق، ومنشآت، وحدائق عامة، بل وحتى الحمامات العامة - أعزك الله - فكل هذا في عُمان جميل، مرتب، نظيف.

وتحتل العاصمة مسقط ترتيبًا ممتازًا في قائمة أجمل مدن العالم.

أما الوازع الديني لدى العُمانيين، فحدِّث ولا حرج، فهم شعبٌ محافظ، متدين، سمح جدًا مع المذاهب والمعتقدات.

ودائمًا ما أجد عدد المصلين في صلاة الفجر في المسجد مقاربًا جدًا لعددهم في صلاة العشاء، وذلك مؤشر - إن علمت - عظيم.

كما أن الله عز وجل رزقهم شيوخًا وعلماء أجلاء، أصحاب هممٍ وعلمٍ وفقه.

ويأتي على رأسهم سماحة الشيخ أحمد الخليلي، الرجل ذو المواقف الشامخة، الذي لا يخشى في الله لومة لائم، والذي يُحبه أهل عُمان، ويُبجلونه جدًا، عن جدارة واستحقاق.

وبذكر الحب، لاحظتُ مدى حب العُمانيين لسلطانهم ووليّ أمرهم، حبًّا حقيقيًا، صادقًا، قويًا.

وقد ظهر ذلك جليًا مع السلطان المغفور له السلطان قابوس بن سعيد - طيب الله ثراه -، ورائد نهضتها الحديثة، المحبوب من أمته ومن الأمة العربية جمعاء.

وقد امتد هذا الحب الكبير إلى جلالة السلطان هيثم بن طارق - أعزه الله - فجلالته خير خلف لخير سلف، حفظه الله وسدد خطاه.

ويبقى في الختام أن نُشير إلى حضارة عُمان الكبيرة، وتاريخها التليد الممتد لآلاف السنين، وبأسماء مختلفة.

فهي «مجان»، أي أرض السفن، لشهرة أهلها في صناعة وركوب السفن، كما تُرجمت أيضًا على أنها «أرض النحاس»، تأسيسًا على شهرتها باستخراج وصناعة النحاس منذ القدم.

ثم تأتي بعد ذلك «مزون»، وهو اسم مشتق من كلمة «المُزْن»، أي السحاب والماء الغزير، دلالة على الخير والرخاء.

أما في التاريخ القريب - القرن التاسع عشر - فقد كانت عُمان إمبراطورية ضخمة تمتد من بحيرات وسط إفريقيا غربًا، إلى مشارف شبه الجزيرة الهندية شرقًا.

وهي رقعة جغرافية شاسعة، انقسمت لاحقًا لعدة دول في واقعنا المعاصر، وكلها كانت تتبع الإمبراطورية العُمانية.

عذرًا، أخي القارئ، إن أطلتُ عليك الحديث، ولكن لديّ الكثير والكثير لأبوح به عن عُمان وأهلها. وأظن أن مقالة واحدة لا تكفي، ففي حب عُمان تُسطر السطور، وتُؤلف الكتب، وهذا أقل القليل تجاه هذا البلد الجميل.

فهي دولة حقًا جميلة، بل أكثر، وتستحق أن تُعشق. والمعيشة فيها أشهى من الشهد، وألذ كثيرًا من طعم الشوكولاتة.

ونختم كلامنا بقولنا: بسم الله ما شاء الله، تبارك الله على هذا البلد الطيب المبارك، اللهم احفظ عُمان وأهلها من كل مكروه وسوء، اللهم آمين، آمين يا رب العالمين.

مقالات مشابهة

  • تحذير من تريند ” أنا أحزن بطريقة مختلفة”
  • برج القوس| حظك اليوم الجمعة 1 أغسطس 2025.. مشاعر طيبة مع حبيبك
  • عُمان .. عندما تُعشق الشوكولاتة!
  • نصف الألمان يفكرون بالهجرة.. هذه أهم الأسباب والجهات الجديدة
  • اعترفت بكل حاجة.. القصة الكاملة لفتاة تدعي أنها ابنة الرئيس السابق
  • «لمي ورقك وامشي من هنا».. معاقبة أخصائية اجتماعية تعدّت بالسب والاتهام على مديرة مدرسة
  • «كيس حميد على البنكرياس».. تفاصيل الحالة الصحية لـ أنغام بعد سفرها
  • العطاء يتدفق.. دولة عربية تهدي السودان 25 طناً من أدوية مكافحة الكوليرا
  • تضحية العمر.. كويتية تهدي زوجها كليتها فكانت النتيجة الخيانه والعنف
  • ممر شرفي لأستاذة جامعية بكلية الصيدلة بجامعة قناة السويس