سودانايل:
2025-07-31@07:43:23 GMT

أم روابة .. عودة الروح في مواسم الأفراح ..!!

تاريخ النشر: 5th, February 2025 GMT

يرويها : صديق السيد البشير

[email protected]

(1)
بصبر ويقين ونشاط ملحوظ، كانت الفرق الفنية بولاية النيل الأبيض، تمضي نحو تجهيز الأغذية والأدوية وغيرها، تمهيدا لنقلها إلى مدينة روابة بولاية شمال كردفان، المدينة التي حررتها القوات المسلحة من قبضة قوات الدعم السريع، بعد أن فقد الناس هناك، الأموال الأنفس والثمرات، وبدأوا في هجرات قسرية إلى أماكن آمنة، هربا من أزيز المدافع التي تركت بصمتها قاتمة السواد على أرض المدينة، التي كانت تنتج المحصولات الغذائية النقدية، ولم يتمكن السكان من حصاد الثمار، التي أصبحت أثرا بعد عين.


(2)
مع بزوغ فجر الأحد، الثاني من شهر فبراير عام ألفين وخمسة وعشرين ميلادية، بدأت عشرات السيارات الحكومية والخاصة في تشغيل المحركات، لتنطلق_ضمن قافلة _إلى شمال كردفان (غربي السودان)، ليمم الجميع وجوههم شطر تلك الديار، في رحلة، باطنها الرحمة وظاهرها المحبة، محبة التسامح والتراحم والمودة للأرض، وعلى هذه الأرض ما يستحق الاحتفاء، إحتفاء بعودة الروح في موسم الأفراح، أفراح التحرير لمدينة أم روابة، الغنية بالموارد البشرية والطبيعية، لتعود الحياة إلى طبيعتها في بادية كردفان (الغرة).
(3)
بالهتاف والنشيد، هكذا كانت الجماهير تستقبل القافلة، بزغاريد النساء، ومارشات الجيش وأغنيات الحماسة، المستوحاة من بيئة محلية سودانية خالصة وخالدة في الأسماع والأبصار والعقول، عقول حصيفة ومدركة لضرورات الأمن والسلام والتعايش بمحبة، لوطن ينشد الحرية الريادة والإستقرار في قادم السنوات، لم تتمكن القافلة من الوصول إلى أم روابة في زمن وجيز، بسبب أن الأهل في مدينة تندلتي كانوا في الموعد، ألزموا الوفد على التزود بالنصائح والغذاء، وتسابقوا في إكرام الضيوف العابرين بوجبة في بيت عمدة تندلتي مالك بخاري، ثم تمضي القافلة، لتطوي السيارات المسافات طيا في طريق مرصوف، تآكلت طبقته الأسفلتية، بفعل الحرب في تلك المناطق، من منازل ومتاجر ومزارع، مزارع لم تحصد ثمارها، تناثرت حبيبات السمسم على الأرض بدون حصاد، وكذا الحال بالنسبة لمزارع الكركدي، وغيرها، إنها الحرب التي قضت على الأخضر واليابس.
(4)
بهدف تقديم الدعم والسند للقوات المسلحة، كانت القافلة التي سيرتها ولاية النيل الأبيض، بدعم من الغرفة التجارية والأمانة العامة لديوان الزكاة ومحليات كوستي وربك وقلي والسلام وغيرها من رجال المال والأعمال بولاية الخير والعطاء والإحسان، وتحتوي على أغذية وأدوية ومعينات أخرى، لتحمل رسائل التلاحم والتراحم ونصرة المستضعفين، بما يسهم في التخفيف من وطأة الحرب على الناس هناك، وتضميدا للجراحات، في وطن يسعى إلى الاستشفاء من نكبات القتال، والصراع الدولي على موارده، لينشد السلام والإستقرار في قادم الأيام.
(5)
أنجزت الجماهير الهادرة التي احتشدت في ميدان المولد بمدينة أم روابة، لوحة التلاحم والمؤازرة والفرح النبيل بعودة الروح إلى جسد المدينة المنهك، لمواطن يحتفي بالعودة إلى الديار الراسخة في ذاكرة السودانيين، تاريخا وجغرافيا، الإحتفال بالقافلة في ميدان المولد شمل كلمات موجزة، بأسلوب ما قل ودل، ليطلق اللواء عاصم عبدالله قائد السيطرة بمتحرك الصياد على القافلة (محمل الكرامة)، تشبيها بمحمل القائد العظيم السلطان على دينار، المحمل الذي قدمه لأرض الحرمين الشريفين قبل أكثر من قرن وبضع سنوات، المحفوظ في ذاكرة التاريخ السوداني في بعديه، المحلي والكوني.
(6)
يأتي (محمل الكرامة)، بعد بطاقات الشكر والعرفان والتقدير التي أهداها والي شمال كردفان عبدالخالق عبداللطيف لولاية النيل الأبيض، حكومة وشعبا، مشيرا إلى أن المحمل، يسهم مستقبلا في إسناد القوات المسلحة وتحقيق انتصارات في أسماها (معركة الكرامة) على قوات الدعم السريع، وصولا إلى ولاية ووطن خال من التمرد، تمهيدا للبدء في مشروعات البناء والإعمار، في سودان يسعى للتمتع بموارده، وإحداث نقلة نوعية في قطاعات المختلفة، تصديرا وحصائل، واستشرافا لغد مشرق بأضواء الريادة والتميز.
يأتي ذلك، تحت ظلال بشريات يطلقها والي النيل الأبيض عمر الخليفة، بقرب تحرير شمال الولاية من قوات الدعم السريع، وصولاً إلى ولاية وسودان خال من التمرد والمليشيا على حد قوله.
(7)
في ام روابة كان الناس ينشدون الأمن والأمان والاستقرار، خاصة مع عودة الحياة إلى طبيعتها، مع بدء مشروعات الإعمار لما دمرته الحرب، وكأن لسان حالهم يقول (هذه الأرض لنا)، وعلى هذه الأرض ما يستحق الاحتفاء، إحتفاء بعودة الروح إلى جسد منهك.
*صحافي سوداني  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: النیل الأبیض أم روابة

إقرأ أيضاً:

الدور السابع

عانى بلال- رضي الله عنه- ما لا يطاق، فقد بطحه أميّة بن خلف تحت عذاب الشمس في مكة، ووضع صخرة فوق صدره العاري، لكنّ ذلك لم يصدّه عن أن يكرر بلكنته الحبشية “أحد أحد”. وقد توقف المفكر الجزائري مالك بن نبي هنا، وهو يقرأ في السيرة النبوية فقال: الروح هي التي تتكلم لا الجسد؛ لأن الجسد لا يتحمل هذا النوع من العذاب. الجسد يقول: اعط أميّة بن خلف ما يريد، ثم استغفر الله.
وقد كتبت ذات يوم تفسيرًا للحضارة؛ فقلت: إن الماء هو سرّ الحياة، وأما سرّ الحضارة فهو كيف تتصرف مع الماء بعد استهلاكه. فالحضارة تعتمد على بئر ماء، ثم شبكة مجاري صحية لتصريف الماء المستهلك، وأيضًا شبكة طرق للسيارات بديلة عن المسالك، أو الطرق الضيقة التي خصصها أجدادنا للخيل والبغال والحمير والجمال. هذا هو التفسير المادي للحضارة.
ومع ذلك، فنحن لم نكتسب الحضارة غنيمة باردة، ومن شك فليسأل البلديات. وأذكر في هذا الصدد قصة سمعتها عندما زرت جنوب المملكة قبل ثلاثين سنة. فقد قررت مصلحة الطرق تمهيد وسفلتة طريق في إحدى القرى الواقعة في أحد الشعاب. وكان الطريق الجديد مجدولًا؛ لكي يمر على قرية أخرى، لكن سكان قرية ثالثة اعترضوا، وقالوا: قريتنا لا تبعد عن الطريق الجديد سوى بضع كيلومترات، فلا بد أن تمدوا الطريق إلينا لكي ننتفع به، وهكذا تعطل الطريق عدة سنوات.
وواقعة أخرى في صنعاء قبل ثلاثين سنة أيضًا، فقد قررت البلدية هناك توسعة شبكة المجاري، وخصصت أرضًا واسعة خارج صنعاء لتصريفها، لكن القبيلة التي تقيم على هذه الأرض وقفت ضد المشروع، وقالت: ألم تجدوا سوى الأرض التي نعيش عليها لتصريف الأوساخ يا أهل صنعاء؟
وقد اطّلعت على اختبار معلمة في الغرب؛ إذ سألت طلبتها.. ما أول علامة على ظهور الحضارة؛ فذكروا لها المنحوتات والأدوات الفخارية وغيرها من الماديات. فقالت: إن أول دليل على الحضارة هو عظم فخذ مكسور قد شفي، ففي عالم الحيوانات إذا انكسرت ساقك فأنت ميت لا محالة؛ إذ لا يمكنك الفرار من خطر، ولا الحصول على طعام أو ماء، والقطيع لن ينتظرك، وستبقى غنيمة سهلة للكواسر، أو لجوارح الطير. لكن اكتشاف عظم فخذ معافى يعني أن هناك من توقف عند الحيوان الكسير وعالجه وصبر عليه خلال نقاهته، ذلك هو دليل الحضارة. إنه الروح التي اصطبرت مع الضعيف رغم الخطر الذي يساوره حتى نجا، هذا هو التفسير المعنوي للحضارة.
ذكرت في مقال الأسبوع الماضي، أن العقل هو الدور السادس في الآدمي، لكن الروح هي الدور السابع. وهي التي تتحمل المشاق الرهيبة، كما فعل بلال- رضي الله عنه. قال تعالى:” وأحضرت الأنفس الشح”.

مقالات مشابهة

  • ما هي الصدمة الثلاثية التي تعيق عودة السوريين إلى وطنهم؟
  • مدير شرطة ولاية شمال كردفان يدشن التكية الخاصة بمنسوبي شرطة ولاية غرب كردفان بمدينة الابيض
  • العمليات القتالية تحتدم.. وطيران الجيش السوداني يسيطر على أجواء كردفان
  • السودان.. الشمس تقترب من الأرض ومنخفض الهند الحراري يواصل سطوته
  • مواسم الضباب والنفايات.. تهديد جديد يضرب الأرض بفعل الإنسان
  • حكم إجبار الزوجة على الإجهاض؟.. الإفتاء توضح
  • الدور السابع
  • جحيم على الأرض.. حريق هائل شمال البرتغال يتسبب بأضرار جسيمة
  • تفسير رؤيا الأفراح والزغاريد في المنام لابن سيرين
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)