برلماني: هجرة الكفاءات أمر خطير.. والحل توفير بيئة استثمارية وعلمية تنافسية
تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT
حذر النائب علي الدسوقي، عضو مجلس النواب، من خطورة استمرار هجرة الكفاءات المصرية للخارج، مؤكدًا أن هذه الظاهرة تمثل نزيفًا حادًا يؤثر بشكل مباشر على مستقبل التنمية الوطنية، ويهدد قدرة مصر على المنافسة إقليميًا ودوليًا في مجالات حيوية مثل الطب والهندسة والتكنولوجيا والبحث العلمي.
وأشار الدسوقي، في تصريح خاص لـ"صدى البلد"، إلى أن الدولة المصرية بذلت جهودًا كبيرة خلال السنوات الأخيرة لتطوير بيئة العمل والاستثمار، إلا أن ذلك لم ينعكس بالشكل الكافي على الكفاءات العلمية والمهنية، التي لا تزال تبحث عن فرص أكثر استقرارًا خارج البلاد.
أوضح أن الحل يكمن في توفير بيئة استثمارية وعلمية تنافسية داخل مصر، بحيث يصبح العمل داخل البلاد أكثر جاذبية من السفر للخارج، مشددًا على ضرورة إصلاح منظومة الرواتب والمزايا الوظيفية في القطاعات الحيوية، خاصة الأطباء والمهندسين والباحثين، الذين يتلقون عروضًا مغرية من الخارج بسبب ضعف الأجور المحلية مقارنة بالمجهودات المبذولة.
ودعا إلى تعزيز التعاون بين الدولة والقطاع الخاص لإنشاء مشروعات علمية وتقنية كبرى تستوعب العقول المصرية، مع تقديم حوافز ضريبية واستثمارية للمؤسسات التي تدعم البحث العلمي وتوظف الكفاءات المحلية، مؤكدًا أن الاقتصادات القوية تعتمد على كوادرها الوطنية ولا تفرط فيها بسهولة.
وأضاف الدسوقي أن مصر بحاجة إلى ثورة إدارية وتشريعية في ملف الموارد البشرية، بحيث يتم تطوير نظم التوظيف، وتحفيز الكفاءات، وإطلاق برامج تدريبية متقدمة داخل مصر بالتعاون مع الجهات الدولية، حتى لا يضطر المتخصصون للسفر من أجل الحصول على فرص تعليمية أو وظيفية متطورة.
وفي ختام حديثه، طالب الحكومة بإجراء دراسة شاملة عن أسباب هجرة الكفاءات، وإطلاق حوار وطني مع الخبراء والمتخصصين لوضع حلول عملية تعالج المشكلة من جذورها، مشددًا على أن الاستثمار في العقول المصرية هو مفتاح النهضة الاقتصادية والعلمية لمصر.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مجلس النواب المزيد
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: العبور إلى حكومة الكفاءات
بعد شهور من الترقب والتعقيدات السياسية، أعلن رئيس الوزراء د. كامل إدريس أمس استكمال تشكيل “حكومة الأمل”. هذه الحكومة، التي تأخر تشكيلها نتيجة تعقيدات التوازنات السياسية والمجتمعية، الحدث مثل لحظة فارقة بما عكسه من محاولات جادة لإعادة هيكلة الدولة وإعادة ثقة السودانيين في مؤسساتهم.
تشكيل هذه الحكومة لم تكن سهلة، إذ كان على رئيس الوزراء الموازنة بين متطلبات تمثيل القوى المسلحة، والضغوط المناطقية، وأولوية الكفاءة، مع ضرورة إشراك الشباب والنساء ، ما جعل عملية اختيار الوزراء معقدة ومرهقة. بدأ واضحًا أن التحدي الأكبر يكمن في الجمع بين الكفاءة والتمثيل السياسي والاجتماعي دون الإخلال بتوازنات حساسة، وهو ما انعكس في طول فترة التشكيل وتغير بعض الأسماء حتى اللحظة الأخيرة.
من أبرز سمات الحكومة الجديدة تعيين الدكتورة لمياء عبد الغفار وزيرة لشؤون مجلس الوزراء، في خطوة هي الأولى من نوعها في تاريخ الحكومات، أن تتبوأ امرأة هذا المنصب الحيوي. هذا التعيين بجانب أنه رمز للتمثيل النسائي، مثل خيارًا استراتيجيًا مبنيًا على الخبرة المهنية، إذ تمتلك الدكتورة لمياء سجلًا متميزًا في التخطيط الاستراتيجي والتنمية وقضايا المرأة، مما يعزز من قدرات الجهاز التنفيذي على التنسيق والعمل المؤسسي المتناغم.
في وزارة الخارجية أثار تعيين السفير عمر صديق الكثير من النقاش، بسبب عدم منحه حقيبة الخارجية كاملة. الرجل يمتلك خبرة دبلوماسية ضخمة تمتد من سويسرا إلى بكين، ولديه سجل حافل في التعامل مع المنظمات الدولية. في ظل حاجة السودان الملحة إلى تحرك خارجي مكثف لإعادة التموضع إقليميًا ودوليًا. وسط حديث عن رغبة رئيس الوزراء تولي الحقيبة بنفسه هذا إن صدق فإنه يظهر خلل بنيوي قد يؤدي إلى إرهاق القيادة التنفيذية، ويُفقد السياسة الخارجية الدور المطلوب، خاصة وأن الملف الخارجي يحتاج إلى قيادة متفرغة ذات خبرة وحيوية لاستعادة العلاقات الدولية وبناء سردية متماسكة عن موقف السودان من الحرب.
من ثم يظل خيار ترفيع عمر صديق لتولي حقيبة الخارجية متوازنًا أكثر، إذا لم يتراجع رئيس الوزراء عن توليها بنفسه، وهو خيار يعكس الحاجة إلى كفاءة مهنية متخصصة في الوقت الراهن.
كذلك برز حضور واضح للكفاءات الفنية، حيث أسندت وزارة الطاقة إلى المهندس المعتصم إبراهيم الذي يحمل سيرة مهنية حافلة، حيث شغل في السابق منصب المدير العام لشركة “شل” العالمية في السودان، قبل أن يُنتدب إلى جنوب أفريقيا مديراً عاماً لها بجوهانسبرغ، ما أكسبه خبرات نوعية في إدارة ملفات الطاقة والبترول على المستويين الإقليمي والدولي.
كما يترأس إبراهيم حالياً مجلس أمناء جامعة شندي، مما يعكس تداخله بين الجوانب الأكاديمية والتطبيقية، ويمنحه رؤية متوازنة بين الإدارة، والتطوير المؤسسي، وتوطين المعرفة.
كذلك تولى المهندس أحمد الدرديري غندور القادم من قطاع الاتصالات وزارة التحول الرقمي والاتصالات، في ظل إدراك متزايد لدور التكنولوجيا الحديثة في تحديث مؤسسات الدولة وتعزيز الاقتصاد الرقمي. يمتلك الشاب غندور خبرة تتجاوز 17 عامًا في قطاع الاتصالات، ويُعد متخصصًا في إدارة أمن المعلومات والتقنيات الحديثة.
على صعيد التعليم، جاء الدكتور التهامي الزين حجر إلى الوزارة من مقاعد الاستاذية حيث كان يشغل رئيسا لقسم الكيمياء بجامعة بحري ، ما يؤشر إلى استمرارية جهود إصلاح القطاع التعليمي الذي تأثر بالحرب، بينما أُسندت وزارة الشباب والرياضة إلى البروفيسور أحمد آدم، في محاولة لإعادة الاعتبار لهذا القطاع المهم في بناء الطاقات الوطنية وتوجيه الشباب.
من الناحية التنظيمية، يشكل دمج بعض الوزارات مع أخرى تحديًا جديدًا، إذ تتطلب هذه الخطوة إعلانًا واضحًا للمهام والاختصاصات الموكلة إلى كل وزارة، لتجنب الازدواجية وتحقيق التنسيق الفعال بين الجهات المختلفة. ففي وقت شهدت فيه الحكومة دمج وزارات عدة مثل وزارة الري والزراعة وزارة الخارجية والتعاون الدولي، يبقى الإعلان عن اختصاصات كل وزارة خطوة حاسمة لضمان وضوح الأدوار، وتقليل التعقيدات البيروقراطية، وتسريع تنفيذ البرامج والخطط الحكومية.
ومع ذلك، لا تزال حقيبتي البيئة والخارجية بانتظار الحسم الكامل، ويُرجح أن تُمنح وزارة البيئة لشخصية نسائية لاستكمال تمثيل المرأة ضمن التشكيل الوزاري، مما يعكس التزامًا ملموسًا بتعزيز دور المرأة.
بحسب #وجه_ الحقيقة فإن عبور حكومة الكفاءات الوطنية نحو الأمل يمثّل لحظة تاريخية في مسار الانتقال السياسي لبلادنا، حيث تتقدّم الكفاءة على المحاصصة، وتُعلّق الآمال على قدرة الحكومة في تجاوز الأزمات التي تواجه السودان. إن اكتمال التشكيل الوزاري لا يكفي بذاته، بل يُعدّ بداية لاختبار حقيقي لفعالية هذه الكفاءات في تحويل الإرادة السياسية إلى نتائج ملموسة على الأرض. وتبقى المعيارية الحاسمة لنجاح هذه الحكومة في قدرتها على بناء مؤسسات فاعلة بجانب استعادة الثقة الشعبية، وإرساء أسس دولة العدالة والتنمية والسلام . فالأمل في واقعنا اليوم لم يعد شعارًا ، بل استحقاقًا يتطلب الرؤية، والشفافية، والعمل المسؤول.
دمتم بخير وعافية.
إبراهيم شقلاوي
الثلاثاء 29 يوليو 2025م [email protected]