إبراهيم شقلاوي يكتب: العبور إلى حكومة الكفاءات
تاريخ النشر: 29th, July 2025 GMT
بعد شهور من الترقب والتعقيدات السياسية، أعلن رئيس الوزراء د. كامل إدريس أمس استكمال تشكيل “حكومة الأمل”. هذه الحكومة، التي تأخر تشكيلها نتيجة تعقيدات التوازنات السياسية والمجتمعية، الحدث مثل لحظة فارقة بما عكسه من محاولات جادة لإعادة هيكلة الدولة وإعادة ثقة السودانيين في مؤسساتهم.
تشكيل هذه الحكومة لم تكن سهلة، إذ كان على رئيس الوزراء الموازنة بين متطلبات تمثيل القوى المسلحة، والضغوط المناطقية، وأولوية الكفاءة، مع ضرورة إشراك الشباب والنساء ، ما جعل عملية اختيار الوزراء معقدة ومرهقة.
من أبرز سمات الحكومة الجديدة تعيين الدكتورة لمياء عبد الغفار وزيرة لشؤون مجلس الوزراء، في خطوة هي الأولى من نوعها في تاريخ الحكومات، أن تتبوأ امرأة هذا المنصب الحيوي. هذا التعيين بجانب أنه رمز للتمثيل النسائي، مثل خيارًا استراتيجيًا مبنيًا على الخبرة المهنية، إذ تمتلك الدكتورة لمياء سجلًا متميزًا في التخطيط الاستراتيجي والتنمية وقضايا المرأة، مما يعزز من قدرات الجهاز التنفيذي على التنسيق والعمل المؤسسي المتناغم.
في وزارة الخارجية أثار تعيين السفير عمر صديق الكثير من النقاش، بسبب عدم منحه حقيبة الخارجية كاملة. الرجل يمتلك خبرة دبلوماسية ضخمة تمتد من سويسرا إلى بكين، ولديه سجل حافل في التعامل مع المنظمات الدولية. في ظل حاجة السودان الملحة إلى تحرك خارجي مكثف لإعادة التموضع إقليميًا ودوليًا. وسط حديث عن رغبة رئيس الوزراء تولي الحقيبة بنفسه هذا إن صدق فإنه يظهر خلل بنيوي قد يؤدي إلى إرهاق القيادة التنفيذية، ويُفقد السياسة الخارجية الدور المطلوب، خاصة وأن الملف الخارجي يحتاج إلى قيادة متفرغة ذات خبرة وحيوية لاستعادة العلاقات الدولية وبناء سردية متماسكة عن موقف السودان من الحرب.
من ثم يظل خيار ترفيع عمر صديق لتولي حقيبة الخارجية متوازنًا أكثر، إذا لم يتراجع رئيس الوزراء عن توليها بنفسه، وهو خيار يعكس الحاجة إلى كفاءة مهنية متخصصة في الوقت الراهن.
كذلك برز حضور واضح للكفاءات الفنية، حيث أسندت وزارة الطاقة إلى المهندس المعتصم إبراهيم الذي يحمل سيرة مهنية حافلة، حيث شغل في السابق منصب المدير العام لشركة “شل” العالمية في السودان، قبل أن يُنتدب إلى جنوب أفريقيا مديراً عاماً لها بجوهانسبرغ، ما أكسبه خبرات نوعية في إدارة ملفات الطاقة والبترول على المستويين الإقليمي والدولي.
كما يترأس إبراهيم حالياً مجلس أمناء جامعة شندي، مما يعكس تداخله بين الجوانب الأكاديمية والتطبيقية، ويمنحه رؤية متوازنة بين الإدارة، والتطوير المؤسسي، وتوطين المعرفة.
كذلك تولى المهندس أحمد الدرديري غندور القادم من قطاع الاتصالات وزارة التحول الرقمي والاتصالات، في ظل إدراك متزايد لدور التكنولوجيا الحديثة في تحديث مؤسسات الدولة وتعزيز الاقتصاد الرقمي. يمتلك الشاب غندور خبرة تتجاوز 17 عامًا في قطاع الاتصالات، ويُعد متخصصًا في إدارة أمن المعلومات والتقنيات الحديثة.
على صعيد التعليم، جاء الدكتور التهامي الزين حجر إلى الوزارة من مقاعد الاستاذية حيث كان يشغل رئيسا لقسم الكيمياء بجامعة بحري ، ما يؤشر إلى استمرارية جهود إصلاح القطاع التعليمي الذي تأثر بالحرب، بينما أُسندت وزارة الشباب والرياضة إلى البروفيسور أحمد آدم، في محاولة لإعادة الاعتبار لهذا القطاع المهم في بناء الطاقات الوطنية وتوجيه الشباب.
من الناحية التنظيمية، يشكل دمج بعض الوزارات مع أخرى تحديًا جديدًا، إذ تتطلب هذه الخطوة إعلانًا واضحًا للمهام والاختصاصات الموكلة إلى كل وزارة، لتجنب الازدواجية وتحقيق التنسيق الفعال بين الجهات المختلفة. ففي وقت شهدت فيه الحكومة دمج وزارات عدة مثل وزارة الري والزراعة وزارة الخارجية والتعاون الدولي، يبقى الإعلان عن اختصاصات كل وزارة خطوة حاسمة لضمان وضوح الأدوار، وتقليل التعقيدات البيروقراطية، وتسريع تنفيذ البرامج والخطط الحكومية.
ومع ذلك، لا تزال حقيبتي البيئة والخارجية بانتظار الحسم الكامل، ويُرجح أن تُمنح وزارة البيئة لشخصية نسائية لاستكمال تمثيل المرأة ضمن التشكيل الوزاري، مما يعكس التزامًا ملموسًا بتعزيز دور المرأة.
بحسب #وجه_ الحقيقة فإن عبور حكومة الكفاءات الوطنية نحو الأمل يمثّل لحظة تاريخية في مسار الانتقال السياسي لبلادنا، حيث تتقدّم الكفاءة على المحاصصة، وتُعلّق الآمال على قدرة الحكومة في تجاوز الأزمات التي تواجه السودان. إن اكتمال التشكيل الوزاري لا يكفي بذاته، بل يُعدّ بداية لاختبار حقيقي لفعالية هذه الكفاءات في تحويل الإرادة السياسية إلى نتائج ملموسة على الأرض. وتبقى المعيارية الحاسمة لنجاح هذه الحكومة في قدرتها على بناء مؤسسات فاعلة بجانب استعادة الثقة الشعبية، وإرساء أسس دولة العدالة والتنمية والسلام . فالأمل في واقعنا اليوم لم يعد شعارًا ، بل استحقاقًا يتطلب الرؤية، والشفافية، والعمل المسؤول.
دمتم بخير وعافية.
إبراهيم شقلاوي
الثلاثاء 29 يوليو 2025م [email protected]
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: رئیس الوزراء
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية يبحث مع رئيس الوزراء الفلسطيني خطوات تنفيذ خطة التعافي المكبر وإعادة إعمار غزة
التقى الدكتور بدر عبد العاطى، وزير الخارجية والهجرة، مع الدكتور محمد مصطفى، رئيس الوزراء الفلسطيني على هامش أعمال المؤتمر الدولي رفيع المستوى للتسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين، والذي تعقد فعالياته بمقر الأمم المتحدة في نيويورك.
وأكد وزير الخارجية على استمرار مصر في جهودها الحثيثة للوساطة للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، وتدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة وذلك في ظل الكارثة الإنسانية في القطاع، مشيراً إلى أن مصر لن تقبل بتصفية القضية الفلسطينية من خلال مخططات التهجير.
وبحث الجانبان الخطوات المستقبلية للمضي قدماً في تنفيذ خطة التعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة عقب التوصل لوقف إطلاق النار في القطاع، بما في ذلك مؤتمر التعافي المبكر وإعادة الإعمار الذي تعتزم مصر استضافته. وتناولا تطورات الأوضاع في الضفة الغربية في ظل الاقتحامات العسكرية والانتهاكات الإسرائيلية المتكررة بمدن ومخيمات الضفة، حيث أدان الوزير عبد العاطي التوسع الاستيطاني فى الضفة الغربية.
وتطرق اللقاء إلى تداعيات الإجراءات التي تتخذها إسرائيل لإغلاق المدارس والمستشفيات التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في القدس الشرقية، حيث شدد وزير الخارجية على دعم مصر الكامل لدور الأونروا الحيوي وغير القابل للاستبدال.
وأعرب وزير الخارجية عن تطلعه لأن يسهم الزخم المصاحب لمؤتمر التسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين في زيادة وتيرة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، مشيداً بإعلان الرئيس الفرنسي اعتزام بلاده الاعتراف بالدولة الفلسطينية، مشددا على دعم مصر الكامل للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حقه فى تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على خطوط ٤ يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.
اقرأ أيضاًوزير الخارجية يبحث مع نائب رئيس الوزراء اللبناني دعم الاستقرار ببيروت وغزة
وزير الخارجية يلتقي نظيره الباكستاني لبحث تطورات غزة وتعزيز العلاقات الاقتصادية
وزير الخارجية يبحث مع نظيرته الكندية جهود وقف إطلاق النار في غزة