الخرطوم: 13 فبراير 2025 - (هنا أم درمان) صوت الوعي وتشكيل الوجدان السوداني، صوتها، الإذاعة السودانية، المنبر الإعلامي الأول الذي لعب دوراً محوريًا في السودان خلال مرحلة الكفاح الوطني ضد الاستعمار. حيث بثت العديد من البرامج الثقافية والسياسية التي أسهمت في نشر الوعي الوطني وتعزيز الحركة الوطنية ودعم المطالب السودانية نحو الاستقلال

(هنا ام درمان) وإخواتها.

. على أثير أغصان الزيتون أو البندقية

منتدي الاعلام السوداني : غرفة التحرير المشتركة
المصدر : صحيفة مداميك
تقرير : سمية المطبعجي

الخرطوم: 13 فبراير 2025 - (هنا أم درمان) صوت الوعي وتشكيل الوجدان السوداني، صوتها، الإذاعة السودانية، المنبر الإعلامي الأول الذي لعب دوراً محوريًا في السودان خلال مرحلة الكفاح الوطني ضد الاستعمار. حيث بثت العديد من البرامج الثقافية والسياسية التي أسهمت في نشر الوعي الوطني وتعزيز الحركة الوطنية ودعم المطالب السودانية نحو الاستقلال حينها، ثم معين الأدب والفن والثقافة في تلك الفترة أيضا وما بعدها في فترات لاحقة للعديد من المجتمعات داخل السودان .
نستدعي ذكرها وتاريخها المجيد والعالم يحتفل اليوم الذي يصادف الثالث عشر من فبراير باليوم العالمي للإذاعة، ويأتي هذا العام تحت شعار (الإذاعة وتغير المناخ)، بهدف تسليط الضوء على دور الإذاعة في نشر الوعي حول قضايا تغير المناخ وتعزيز الحوار المجتمعي حول الحلول المستدامة. فيما السودان منشغلاً بحرب تهدد وجوده وتغطي بالفعل على قضية المناخ الحيوية أيضا .

هنا (ميدان الإرسالية) صوت المستعمر

إنطلق صوت الإذاعة السودانية من ميدان الأرسالية بالخرطوم، بالقرب من موقع جامعة الخرطوم بشارع النيل في الثاني من مايو 1940. الخبير الإعلامي وزير الإعلام الأسبق بروفيسور على محمد شمو تحدث ل (مداميك) : " .. الإذاعة السودانية نشأت بعد 19 سنة فقط من نشأة أول إذاعة في العالم على نظام دولي في 15 أكتوبر 1920 ، وهي إذاعة KDKA في فلادلفيا بالولايات المتحدة .." . نشأت في فترة الاستعمار البريطاني بغرض خدمة أهدافه إبان الحرب العالمية الثانية وكانت تمول من وزارة الخارجية البريطانية . وكان البث يقتصر على ساعتين يوميًا لنقل الأخبار والتوجيهات إلى المواطنين، ببث الأخبار الرسمية والبيانات الحكومية التي تهدف لدعم المجهود الحربي في ونشر الدعاية البريطانية ضد دول المحور ، والسيطرة على تدفق المعلومات والتوجيه الإعلامي ومنع انتشار الأفكار الوطنية التي قد تدعو للاستقلال، وتوجيه المجتمع السوداني وفق سياسة المستعمر ومنع تأثير الإذاعات الأخرى.

(هنا ام درمان)



(هنا أم درمان) إسم إختلف معه الزمان والمكان مبنى ومعنى عقب إنتقال الإذاعة السودانية إلى مدينة أم درمان العاصمة الوطنية في العام 1945، لتلعب دوراً ريادياً وتصبح رمزًا للإعلام الوطني الذي يعكس الهوية السودانية ويعبر عن صوت الحركة الوطنية. فبدأت الإذاعة السودانية في الانفكاك من الأهداف الاستعمارية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، وتحديدًا بعد عام 1951 عندما بدأ ظهور الوعي الوطني في التنامي نتيجة لتطور الحركات السياسية والمطالبة بالاستقلال، التي كانت تحظى بدعم شعبي كبير. فكانت الإذاعة السودانية إحدى الأدوات الرئيسية التي استخدمتها الحركة الوطنية لدعم تلك المطالب. فقامت بتغطية الأنشطة السياسية للحركات السودانية ودعوات الوحدة مع الجنوب والاهتمام بابراز الهوية الوطنية فكانت الوسيلة الرئيسية لبث الأنباء الخاصة بالاستقلال، ما زاد من شعبيتها وتأييدها بين الناس. فكانت برامج "صوت الأمة"، "الحركة الوطنية" ، "الآراء الحرة" ، "شباب السودان" و "دور الفن في المقاومة" الذي
كان يُبث في إطار تعزيز الوعي الوطني من خلال التراث الثقافي والفن كأدوات مقاومة ضد الاستعمار وناقش أغاني الكفاح ضد المستعمر، التي ساعدت في رفع الروح المعنوية للمواطنين وتوحيدهم حول قضية الاستقلال .

تتشكل الإذاعات بتشكل الأنظمة

بوجه عام ظلت الإذاعة القومية والإذاعات التي نشأت بعدها متأثرة بشكل مباشر بالأنظمة السياسية الحاكمة، فكانت بين التطور النسبي وبين الحد من الحرية والتأثير. فعلى الرغم من تقديمها لمحتوى ثقافي وتعليمي محدود وعدم تعبيرها عن تطلعات الشعب السوداني في فترة الاستعمار، إلا أنها ساهمت في تعزيز الوعي السياسي بين السودانيين. اما فترة الحكم الوطني الأول عقب الاستقلال فقد أصبحت الإذاعة القومية منصة وطنية لتعزيز الاستقلال والأجندة الوطنية، وتوسع البث ليشمل لغات محلية متعددة واتسعت مساحة المحتوى الثقافي والادبي والموسيقي. وفي العهد العسكري الأول تحت نظام إبراهيم عبود (1958- 1964) رغم تحديث البنية التحتية وزيادة ساعات البث، إلا انها تعرضت لقيود صارمة فيما يتعلق بحرية التعبير وأصبحت أداة لنشر سياسات النظام . وفي فترة الديمقراطية الثانية (1964- 1969) والثالثة (1985- 1989) شهدت إنفتاحاً وتنوعاً للبرامج السياسية والاجتماعية وتميزت بحرية التعبير ، ولكن ضعف التمويل أثر على قدرتها على التوسع والتطور التقني. وكانت في عهد الرئيس نميري أداة لنشر فكر النظام والترويج لحزبه الواحد (الاتحاد الاشتراكي السوداني)، ومع ذلك شهد اطلاق اذاعات إقليمية . كذلك كان الحال في عهد النقاذ (1989- 2019) .
الخبير الإعلامي وزير الإعلام الأسبق بروفيسور على شمو قال ل(مداميك) : " .. كان الراديو دوماً محتكرأ من قبل الدولة ولكن حدثت ضغوط عالمية لإنهاء ذلك الاحتكار ، وفي العام 2005 شكلت الحكومة السودانية لجنة لذلك برئاستي مع الدكتور الراحل الطيب حاج عطية واخرين .. اللجنة أوصت برفع الاحتكار وتكوين إذاعات حرة فظهرت إذاعات FM مملوكة لشركات وأفراد ومؤسسات بلغ عددها لأكثر من 40 إذاعة ولم يكن لهيئة البث القدرة على مراقبة المحتوى ... " .
على الرغم من أنشاء الإذاعات المتخصصة والولائية وانتشار محطات FM ، التي انتشرت بالعشرات في العاصمة والولايات ، وظهور اذاعات متخصصة اتاحت الوصول المحلي السريع فاضحت اكثر قربا من الجماهير والتفاعل معهم ومع قضاياهم باللهجات المحلية ومساهمتها في ابراز مواهب شابة، مع ذلك اشارت بعض التقييمات الي ان تلك الإذاعات في غالبها لم تستغل بالصورة المثلى في تناول القضايا الجادة والتحقيقات والبرامج التحليلية المتعمقة . وظل ضعف التمويل دوما العقبة الكؤود الذي يعيق مسيرة تطورها، فضلا عن التدخلات السياسية التي تحد من حرية التعبير . بروف شمو قال حول ذلك : " .. على الرغم من التصديق للإذاعات الخاصة ولكنها كانت محكومة بعدم إدخال المحتوى السياسي في المحتوى ، ولكن المواضيع لم تكن ذات قيمة بمستوى متدني .. وتمول تجارياً عبر الإعلانات بواسطة ملاكها .. " .

عصر الانترنت تحديات وفرص

ارتبطت الإذاعة منذ حقبة الخمسينات والستينات بالجمهور والتفاعل معه عبر رسائل البريد، فكانت تلك البرامج اكثرها نجاحا وارتباطاً وجدانياً بالمستمعين، فاسهمت في تطوير الأغنية السودانية وتنظيم ونقل الحفلات الحية . كما إهتمت بقضايا الاسرة والناس ومشاكلهم الاجتماعية والشخصية فكان براامج مع (الناس) و (مشكلة الأسبوع) و(زاوية المستمعين) . وواكبت الإذاعة السودانية (هنا ام درمان) التقنية الرقمية منذ بداية الألفية واستفادت من البرمجيات الحديثة في التشغيل والإنتاج فمكنت الجمهور من الاستماع اليها في جميع بقاع العالم، عبر الهواتف المحمولة وأجهزة ال MP3 واصبح لها مواقع الكترونية خاصة . ومؤخراً أحدثت التطورات الرقمية في البث الرقمي و وسائل التواصل الاجتماعي تحولات كبيرة في الإعلام السوداني، بما في ذلك الإذاعات. ووفرت وسائل التواصل الاجتماعي منصات مثلت فرصًا للإذاعات للنشر والتفاعل المباشر مع الجمهور، وانتشرت إذاعات تبث من الخارج مستهدفة مناقشة وعكس قضايا تهم الناس بمحتوى متنوع متعمق التحليلات في استقلالية تامة. فلم يعد احتكار المعلومة والتحكم في نشرها مجدياً، ومع ذلك ظلت معظم الإذاعات السودانية تحت إمرة السلطات ولم تستطع التكيف مع مجريات التقدم التكنولوجي ليمضي جمهورها في التساقط خاصة من شريحة الشباب . وقد وفر البث عبر الانترنت وإتاحة التطبيقات مثل بودكاست وتيك توك وصفحات الفيسبوك، منصات رقمية لصناعة محتوى اكثر جاذبية نافس بعضها تلك الإذاعات .

بين أبواق الدعاية والخروج عن الخدمة

شكلت الحرب الدائرة في السودان منذ ابريل 2023 نتائج كارثية على وسائل الإعلام السودانية وأدت الى تراجع دورها في المجتمع، حيث تم استهدافها وخرج معظمها عن الخدمة . وتعرضت الإذاعة السودانية للاقتحام والسيطرة من قبل قوات الدعم السريع وتوقفت عن البث تماماً لفترة طويلة. وأدى كذلك انقطاع التيار الكهربائي وشبكات الاتصالات الى انقطاع البث الإذاعي في أجزاء واسعة من البلاد التي تعرضت محطات البث فيها الى التخريب والتدمير . الإذاعة القومية التي استطاعت البث من خارج الخرطوم وغيرها من الإذاعات الولائية والخاصة ، أصبحت منصات دعائية لأطراف النزاع لتصبح الإذاعات المحلية بشكل خاص أداة من أدوات الصراع، مما افقدها المصداقية لدى الجمهور الذي فضل اللجؤ الى منصات التواصل الاجتماعي، مثل البث الحي على الصفحات الخاصة والمحطات الاذاعية عبر الانترنت وسيلة لجأ إليها العديد من الإعلاميين والناشطين، كمصادر بديلة، والتي لم تخل معظمها من استغلالها في الابتزاز السياسي، الأمر الذي يضع أمر المصداقية على المحك في ظل الصراع الماثل .

تجارب على أثير السلام والبندقية

ولا يذكر دور الإذاعات في تأجيج الصراعات وتحقيق وبناء السلام، إلا وتذكر التجربة الرواندية في الحرب الأهلية عام 1994 والتي استخدمت فيها إذاعة (ميل كولين) كأداة للتحريض والعنف ضد أقلية التوتسي، بتوظيفها في إثارة الكراهية وتوجيه دعوات صريحة لإبادة التوتسي ، لتتسبب في إبادة جماعية وصفت بأنها الأفظع في التاريخ حتى ذلك الوقت. وحوكم الإعلاميين المسؤلين عن تلك الإذاعة بتهمة التحريض على الإبادة الجماعية. كذلك تسببت الإذاعات القومية في حرب يوغسلافيا السابقة في نشر أخبار ملفقة وكاذبة أدت الى حرب أهلية دامية .
وفي المقابل كان لراديو (الحقيقة والمصالحة) بعد إنتهاء الحرب في سيراليون دوراً أساسياً في نشر رسائل السلام والتسامح، بتقديمه برامج حوارية بين الضحايا والمقاتلين السابقين وتسليط الضؤ على القصص الإنسانية حول المصالحة، مما ساعد على إبراء الجراح وبناء الثقة داخل المجتمع ونزع فتيل التوترات.
وفي كولمبيا استخدمت الإذاعات المحلية والدولية أثناء مفاوضات السلام بين الحكومة والمتمردين من جماعة FARC ، لنشر رسائل تدعو المقاتلين لالقاء السلاح والانضمام للمجتمع ، ونشر قصص الناجين من الحرب والتوعية بأهمية السلام وإعادة الإندماج ، لتساعد في تحقيق سلام بعد صراع دام أكثر من 50 عاماً .
الإذاعة ، الوسيلة الإعلامية الأكثر تأثيرا في السودان حتى الآن رغم انتشار وتوسع الاعلام البديل، إذ توفر تغطية واسعة للمناطق والمجتمعات الريفية في المناطق النائية في ظل ضعف البنية التحتية للاتصالات والتوترات السياسية والأمنية والصراعات في معظم تلك المناطق، تظل سلاحاً ذو حدين يجب توظيفه بحكمة ومسؤولية .

SilenceKills #الصمت_يقتل #NoTimeToWasteForSudan #الوضع_في_السودان_لايحتمل_التأجيل #StandWithSudan #ساندوا_السودان #SudanMediaForum

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الإذاعة السودانیة الحرکة الوطنیة الوعی الوطنی هنا ام درمان فی السودان أم درمان فی نشر

إقرأ أيضاً:

لوين رايحين؟.. مستقبل نتنياهو والاحتلال على طاولة أثير المستديرة

جاء ذلك في أولى حلقات "طرف حديث" الذي تبثه منصة "أثير" (يمكن مشاهدتها عبر هذا الرابط) وهو برنامج جديد يتبنى شكلا غير تقليدي للحوار على طاولة مستديرة، حيث يغيب المذيع ويحل النقاش التفاعلي بين الضيوف مكان الأسئلة المباشرة، مما يمنح الحوار عمقا وحيوية أقرب إلى الجدل السياسي المفتوح.

واستهلّت مراسلة الجزيرة نجوان السمري النقاش بإثارة السؤال الجوهري "لوين رايحين؟" وقد جمعتها طاولة الحوار المستديرة مع زميلها إلياس كرام، والكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4قادة إسرائيليون يدعون لرحيل نتنياهوlist 2 of 4حكومة نتنياهو على المحك بعد تهديد "شاس" بالانسحابlist 3 of 4هكذا يخطط “عرّاب الاستيطان” سموتريتش لإنهاء الدولة الفلسطينيةlist 4 of 4محللون: غزة لن تتبخر وإسرائيل خسرت أمورا لا يمكن تعويضهاend of list

وتركز النقاش على تداعيات الحرب على قطاع غزة التي تجاوزت العام ونصف العام، ومدى انعكاساتها على واقع الاحتلال داخليا وإقليميا، في وقت تعيش فيه إسرائيل واحدة من أعقد لحظاتها التاريخية منذ تأسيسها.

ورأى جبارين أن صورة المشهد قاتمة، معتبرا أن نتنياهو بات يعتاش على ضباب الحرب، وهو الرابح الأول من استمرارها، مشيرا إلى أن الخطاب السياسي الإسرائيلي اليوم يخلو من أي أهداف واضحة سوى الانتقام.

وفي المقابل، وصف كرام الحرب بأنها وقود لاستمرار نتنياهو في الحكم، موضحا أن الأخير يتصرف بمنطق شخصي بحت، وأن رغبته في البقاء السياسي تطغى على أي اعتبار، وهي قناعة أخذت تتغلغل في خطاب المعارضة أيضا.

إعلان

أما السمري فرأت أن التفسير الشخصي وحده لا يكفي لفهم دوافع نتنياهو، مؤكدة أن ما نشهده ترجمة عملية لأيديولوجيا اليمين الإسرائيلي الأكثر تطرفا منذ تأسيس هذه الدولة، وأن التشكيلة الحكومية الحالية تسير باتجاه تنفيذ كامل لمشروع اليمين العقائدي.

خطاب انتقامي

وسخر جبارين مما وصفه بـ"التوراة العسكرية" التي يكتبها الجنود في غزة، في إشارة إلى الخطاب التوراتي والانتقامي الذي أصبح يوجه عقلية الجنود والسياسيين على حد سواء، مع تراجع الرؤية الإستراتيجية وتحول الحرب إلى حالة انتقامية مجردة.

وأكد كرام أنه حتى رموز المعارضة مثل يائير غولان يتعرضون لهجوم شرس لمجرد التعبير عن القلق على مستقبل إسرائيل، إذ يُتهم كل من ينتقد الحرب بالخيانة، مما يعكس مدى الإجماع الداخلي في إسرائيل على مواصلة الحرب رغم الكارثة الإنسانية في غزة.

ولفتت السمري إلى أن الإعلام الإسرائيلي يتجاهل ما يحدث في غزة بشكل شبه كامل، وأن الأصوات المعترضة لا تفعل ذلك رحمة بالفلسطينيين، بل خشية على سمعة إسرائيل الدولية، لا سيما بعد تصاعد الانتقادات الأوروبية لممارسات الجيش.

ورأى جبارين أن الحكومة الحالية لم تأبه منذ البداية بصورتها الدولية، وأن الإعلام الغربي جُنّد مسبقا للدفاع عن الخطاب الإسرائيلي تحت ذريعة المقارنات التاريخية مع أوروبا الاستعمارية، في محاولة لإسكات أي انتقاد مبكر.

وتطرق الضيوف إلى مأزق التجنيد في إسرائيل، حيث بات الجيش مضطرا لتوسيع تشكيلاته، دون وجود قاعدة بشرية كافية لتلبية هذا التوسع، في ظل رفض الحريديم الخدمة العسكرية وارتفاع ضغط الخدمة على جنود الاحتياط.

وتساءل كرام "هل يمكن حقا إدماج الحريديم في المؤسسة العسكرية؟" ليجيب جبارين ساخرا بأن الحريديم ليس لديهم المهارات ولا الرغبة في الاندماج، معتبرا أن الجيش نفسه لا يرغب في ضمهم بشكل حقيقي.

إعلان شرخ داخلي

وتحدث الضيوف عن عمق الشرخ الداخلي الذي أحدثته الحرب، حيث يشعر جنود الاحتياط من الطبقة الوسطى بأنهم وحدهم من يتحمل أعباء الحرب، في حين تتلقى جماعات دينية كالحريديم المخصصات دون أي التزام مقابل.

وأشار جبارين إلى أن أزمة التجنيد قد تنسف الاتفاقات الحكومية، لكنها لن تُسقط نتنياهو بسهولة، فهو بارع في إدارة الأزمات وليس حلّها، ويستثمر حالة الفوضى لتعزيز بقاء حكومته.

واعتبرت السمري أن نتنياهو يسعى لإنهاء مسيرته السياسية دون أن يلاحقه لقب "مهندس هزيمة 7 أكتوبر" مشيرة إلى أن كل ما يفعله اليوم محاولة عبثية لمسح وصمة العار التي لحقت به أمام الرأي العام الإسرائيلي.

وأكد الضيوف أن بنية المجتمع الإسرائيلي لا توفر بديلا حقيقيا لنتنياهو، فالمشهد السياسي مهيمن عليه من قبل اليمين، حتى من خارج الائتلاف، مع شبه إجماع على استمرار الحرب وسحق القضية الفلسطينية.

وقال كرام إن الأحزاب المصنفة "معارضة" لا تختلف كثيرا في الموقف من القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن رئيس حزب "معسكر الدولة" بيني غانتس ورئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان، والرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ جميعهم يتبنون خطابا أمنيا لا يبتعد عن اليمين المتطرف.

وشدد جبارين على أن المعضلة في إسرائيل اليوم ليست نتنياهو وحده، بل غياب البديل الذي يملك الكاريزما والقدرة على إعادة تعريف إسرائيل بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، مشيرا إلى أن القادة الجدد مجرد نسخ مخففة من نتنياهو.

استهداف الصحفيين

وفي محور متصل، ناقش ضيوف "طرف حديث" تصاعد التحريض ضد الصحفيين الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، حيث روت السمري وقائع شخصية عن استهدافها وزملائها من قبل صحفيين إسرائيليين بتهم التخابر وتحديد مواقع الجيش لحماس، فقط لأنهم مراسلو الجزيرة.

وأكد جبارين أن الرقابة والتحريض بلغا مستوى المكارثية، إذ يكفي أن تضغط على زر "أحزنني" في منشور إنساني لتُستدعى للتحقيق، في وقت تحولت فيه مسيرة العودة إلى حدث محظور، ويُمنع الفلسطينيون من التعبير عن حزنهم حتى في ذكرى النكبة.

إعلان

وأشار كرام إلى أن جرائم القتل داخل المجتمع الفلسطيني في الداخل الإسرائيلي تجاوزت المعدلات العالمية بشكل غير مسبوق، وأن الشرطة والمخابرات تتعامل معها بتراخٍ متعمد، رغم قدرتها على كشف جرائم جنائية خلال ساعات إذا كان الضحية يهوديا.

وفي تقييم العلاقة مع الولايات المتحدة، رأى الضيوف أن ما يشهده العالم من انتقادات لنتنياهو لا يعدو كونه إجراءات رمزية، فواشنطن لم توقف شحنات السلاح، ولم تُفعّل أي عقوبات حقيقية ضد إسرائيل، رغم صمود الحرب لما يزيد على 18 شهرا.

وفي مشهد ضبابي يخلو من أي أفق سياسي، يبقى السؤال الذي طرحته السمري منذ بداية الحلقة معلقا "لوين رايحين؟" وهما ما يعكس تيها إسرائيليا داخليا لا يبدو أن الإجابة عنه باتت قريبة.

31/5/2025

مقالات مشابهة

  • الأضاحي السودانية بمصر: غلاء الأسعار يهدد الموسم
  • «العدل والمساواة» تعترض على قرار حل الحكومة السودانية
  • مباحثات أمنية بين مديري المخابرات السودانية والإثيوبية في بورتسودان
  • وكالة الأنباء السودانية: رئيس الوزراء الجديد يحل حكومة تصريف الأعمال
  • رئيس وزراء السودان: معركة الكرامة وجودية والحوار الوطني طريقنا لوحدة البلاد وإعمارها
  • صادي: “حضورنا البطولة الوطنية للأكاديمات دليل على الأهمية التي نوليها للتكوين”
  • «عاشور»: الإعلام الوطني شريك رئيسي في دعم قضايا التعليم والبحث العلمي وتشكيل الوعي العام
  • لوين رايحين؟.. مستقبل نتنياهو والاحتلال على طاولة أثير المستديرة
  • ملف المخدرات في السودان يُعد من أخطر الملفات التي واجهت البلاد
  • بعد توليه رئاسة الحكومة السودانية.. من هو كامل إدريس؟