شهد يوم امس وداعا استثنائيا للامينين العامين السابقين لحزب الله، الشهيدين السيدان حسن نصرالله وهاشم صفي الدين بحضور رسمي وشعبي كبير.
وعكست الحشود التي تدفقت على مدينة كميل شمعون الرياضية ومحيطها اتّسمت بضخامة مشهودة بلوغ التعبئة الحزبية والشعبية للحزب ذروة غير مسبوقة في هذا الحدث المفصلي من تاريخ الحزب.


وكان لافتا ما أدلى به رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أمام الوفد الايراني المسارك في التشييع برئاسة رئيس مجلس الشورى  محمد باقر قاليباف.
وقال الرئيس عون: «لقد تعب لبنان من حروب الآخرين على أرضه، وأوافقكم الرأي بعدم تدخل الدول في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وأفضل مواجهة لأي خسارة أو عدوان، هي وحدة اللبنانيين».
وتابع الرئيس عون: «إن لبنان دفع ثمناً كبيراً دفاعاً عن القضية الفلسطينية»، معرباً عن أمله بالوصول إلى حلّ عادل لها.
وكان لافتاً جداً، في معرض ترحيبه بالوفد الإيراني، قوله إنه «على مدى عقود طويلة، خسر لبنان زعامات كبيرة»، وفي ذلك إشارة بالغة الأهمية إلى أن السيد حسن نصرالله ليس الزعيم الوحيد الذي خسره لبنان، كما بدا لافتاً تذكير الرئيس عون بأن خسارة لبنان لزعامات كبيرة جاءت على مدى عقود. 
وكتبت" النهار": من باب التدقيق في وقائع التشييع برزت مفارقتان لافتتان، تمثلت أولاهما في الموقف المرن المتقدم للأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم من الانضواء ضمن ورشة إعادة بناء الدولة والتزام الطائف وهو موقف يكتسب دلالات بارزة ولكنه انطوى على تناقضات عندما أدرج "الحق في المقاومة" إلى جانب التزام الدولة. كما توقف المراقبون عند موقف لافت لرئيس الجمهورية العماد جوزف عون أمام الوفد الإيراني اعتبر بمثابة رسالة سيادية تتوج التعامل بندية مع إيران. 
مصادر سياسية رفيعة أبدت لـ»نداء الوطن» امتعاضها من كلمة الشيخ قاسم، ووصفتها بالاستفزازية، وسألت: كيف يقول: «نمارس حقنا في المقاومة، ونناقش لاحقاً استفادة لبنان من قوته عندما نناقش الاستراتيجية الدفاعية؟».
وتتابع المصادر: «كأن الشيخ قاسم لم يقرأ خطاب القسم للرئيس جوزاف عون، الذي يقع على طرفي نقيض مع ما طرحه قاسم، فعن أي استراتيجية دفاعية يتحدث وهي لم ترِد لا في خطاب القسم ولا في البيان الوزاري الذي ستبدأ مناقشته غداً وبعد غد؟».
وأكدت مصادر لـ «نداء الوطن» أن ما قاله الرئيس عون أمام قاليباف أتى بعد سلسلة مواقف إيرانية تشكل تدخلاً بالشأن اللبناني، وهذه المواقف كانت تطال دور لبنان والمقاومة وتحاول تحديد سياسة لبنان الخارجية وتشكل انتهاكاً لسيادته، ولم يشأ الرئيس الرد على تلك التصاريح في الإعلام أو عبر بيانات بل انتظر زيارة الوفد الإيراني فأسمعهم الكلام الذي يجب أن يقال ووضع النقاط على الحروف وكان حازماً في أن اللبنانيبن هم من يقررون سياسة بلدهم ويجب على الدول احترام سيادة البلد وعدم التدخل في سياستنا.
وعلّق مصدر في «الثنائي الشيعي» على المشهد يوم أمس، واصفا اياه بـ «التاريخي»، معتبرا ان «مشاركة اكثر من مليون شخص بالتشييع دون تسجيل اشكال واحد، ودون اطلاق رصاصة، يؤكد كيف ان حزب الله لا يزال يضبط جمهوره وفي اعلى درجات القيادة، بعكس كل ما اشيع وتردد في الآونة الاخيرة».
وشدد المصدر لـ «الديار» على ان «اهم رسالة يفترض على اعداء لبنان قراءتها، هو ان جمهور المقاومة لا يزال خلفها ، وخيار المقاومة خيار لا تغتاله الصواريخ»، لافتا الى ان «كل من يفكر بأن حزب الله انتهى ويعمل لتحجيمه سياسيا، عليه ان يعيد حساباته».
واعتبر المصدر ان «المواقف التي اطلقها الشيخ نعيم قاسم يجب التوقف عندها ايضا، وبخاصة اشارته الى وقوف حزب الله خلف الدولة بموضوع تحرير النقاط التي لا تزال محتلة في الداخل اللبناني، كما التأكيد في الوقت نفسه ان اليد ستبقى على الزناد، وستطلق النار متى ارتأت قيادة المقاومة ذلك مناسبا».
وكتبت" الاخبار": كسرت إيران قرار لبنان تعليق رحلات الطيران منها وإليها، بضغط أميركي وتهديد إسرائيلي، بذريعة منع وصول أموال إلى حزب الله، مع هبوط طائرة إيرانية في مطار بيروت، أقلّت رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف ووزير الخارجية عباس عراقجي وعدداً من النواب ومسؤولين في الدولة والحرس الثوري للمشاركة في تشييع الأمينين العامين لحزب الله الشهيدين السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين.

وزار الوفد فور وصوله رئيس الجمهورية جوزف عون الذي نقل إليه قاليباف تحيات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وهنّأه بانتخابه رئيساً للجمهورية، ودعوته له للقيام بزيارة رسمية إلى طهران. كما تطرّق إلى العلاقات اللبنانية - الإيرانية وضرورة تطويرها في المجالات كافة. وشدّد قاليباف على «وحدة الأراضي اللبنانية وسلامتها وسيادة الدولة عليها»، مبدياً «استعداد بلاده في المشاركة مع دول عربية وإسلامية في إعادة إعمار ما هدّمه العدوان الإسرائيلي على لبنان»، ومؤكداً أن «الجمهورية الإسلامية الإيرانية ترغب في رؤية لبنان بلداً مستقراً وآمناً ومزدهراً»، مشيراً إلى أن «بلاده تدعم أي قرار يتخذه لبنان بعيداً عن أي تدخل خارجي في شؤونه».

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الرئیس عون حزب الله

إقرأ أيضاً:

بالفيديو.. جورج عبد الله للجزيرة نت: عودتي ليست نهاية النضال والكفاح المسلّح حقٌ مشروع

عكار- في بلدته الكنعانية القبيّات، شماليّ لبنان، كانت والدة المناضل اللبناني جورج عبد الله تترقب عودته كل صباح، تُحصي الأيام على أمل أن يعود ابنها حرًّا، لكن الموت عاجلها قبل أن ترى لحظة الإفراج وتعيش فرحتها.

على مدى أكثر من 4 عقود، لم تغب صورة عبد الله عن ذاكرة المكان، وصارت أيقونة للنضال، تُرفع في المسيرات الشعبية، وتُعلّق على جدران البيوت والمحال، وتحملها أمهات القرى كما يحملن صور أبنائهن المفقودين في الحروب والمنفى.

وفي زاوية من منزله القروي، ما تزال الرسائل بخطّ يده محفوظة بعناية، تفوح منها رائحة العناد والكرامة. وبجانبها، رُصّت الكتب التي قرأها مرارًا تحت ضوء الزنزانة الخافت، فهو الذي اختار أن يُبقي فكره حرًّا وروحه عصيّة على الأسر.

يافطات وصور تملأ بلدة القبيات احتفالا بعودة عبد الله إلى منزله بعد 41 عاما من الاعتقال (الجزيرة)حفاوة الاستقبال

ومنذ لحظة الإفراج عنه قبل أيام من سجن لانميزان الفرنسي، تحوّلت القبيّات إلى محجٍّ للوفود الآتية من مختلف المناطق اللبنانية، واستقبلته بلدته كما الأبطال، على وقع الزغاريد ودموع الفخر، وسط أهازيج تروي حكاية الصبر والانتصار.

وفي بيته الحجري البسيط، لا تهدأ الحركة، ولا تنقطع الزيارات، نساء يحملن الورود، وشبان يرفعون الأعلام وصوره، ورفاق درب يأتون ليصافحوا الصمود في شخصه.

وبين أرز عكار، ما يزال جورج عبد الله يستقبل الضيوف بابتسامة واثقة، ونظرة ثابتة، وذاكرة لا تشيخ، كأن الأسر لم يُفلح في كسر شيء من صلابته، بل صقله ليكون شاهدًا حيًّا على زمن لا يُنسى.

المناضل جورج عبد الله يتحدث لمراسلة الجزيرة نت عن سنوات اعتقاله ويؤكد استمرار النضال (الجزيرة)

في مقابلة خاصة للجزيرة نت، يؤكد المناضل عبد الله أن لحظة خروجه من السجن ليست نهاية الرحلة، بل بداية لمرحلة نضالية جديدة تعكس تحوّلًا في موازين القوى، وتُعبّر عن هزيمة سياسية للدولة الفرنسية التي باتت تدرك أن استمرار اعتقاله تحوّل من ورقة ضغط إلى عبء ثقيل.

إعلان

ويقول: "نحن أمام مرحلة جديدة، مفتوحة على كل من سألتقيهم في لبنان من مناضلات ومناضلين وجماهير، والاستقبال فاق كل توقّعاتي والوجوه التي احتشدت كانت مرآة لصلابة شعبنا ووفائه، وهذا ما يبعث على الطمأنينة والثقة".

واستعاد عبد الله مشهد الاستقبال من عناصر أمن الدولة عند وصوله، واصفًا إياه بـ"المفاجئ والدافئ"، وأضاف أن قائد القوة وضباطه تصرفوا "كأحبّة"، ولم أتوقّع هذا المستوى من الحميمية، وهذه اللمسة التي تعكس جوهر لبنانيّتنا إن صحّ التعبير".

وعن أجواء اللحظة الأولى، يقول: "منذ أن كنت على متن الطائرة، شعرت بهذا التضامن الشعبي الذي يُفرح أي مناضل، سواء في السجن أو خارجه".

جورج عبد الله شعر بأمان ودفء في استقبال عناصر أمن الدولة والمواطنين معا له (الجزيرة)المناضل والكفاح المسلح

وعن سنوات الأسر، التي تجاوزت 40 عاما، يقول عبد الله: إن قسوة السجن لم تنجح في عزله عن شعبه وقضيته، ويضيف أن الاعتقال بحد ذاته مؤلم، لكنه كان محاطًا بحركة تضامن واسعة، خاصة من مناضلين فرنسيين وممثلين سياسيين كانوا يزورونه بانتظام، ويبقونه على تواصل دائم مع ما يجري.

وكان عبد الله يتلقى -حسب قوله- 5 رسائل أسبوعيا، كل واحدة منها تحتوي على 90 صفحة من الصحافة اللبنانية والعربية والفلسطينية، مؤكدا أنه "لم يكن منقطعا، بل منخرطا في التفاصيل، وفاعلا في نضالات رفاقي، رغم قضبان السجن". ويختم "المناضل لا يُحفظ في البرّاد، لا يُجمَّد كقطعة لحم، ليبقى حيّا عليه أن يظل في قلب النضال".

ويرى عبد الله أن النضال ليس مجرّد تضحيات تُقدّم على مذبح الوطن، بل فعل وجودي نابع من ارتباط عميق بالقضية، ويقول: "من يرى النضال عبئا لن يصمد، أما من يستمد صموده من وجدان شعبه فإنه يستمر، صمودي هو امتداد لصمود أهلي وشعبي".

وفي السياق، عبّر عن أمنيته بأن يحظى الأسرى الفلسطينيون ولو بجزء من التضامن والدعم الذي تلقّاه هو خلال سنوات أسره، مؤكّدًا أن فاشية الاحتلال الإسرائيلي تستدعي موقفا أمميّا جامعا.

وحين سؤاله عن مشروعية الكفاح المسلح اليوم، رد عبد الله بحزم "الكفاح المسلح ليس شعارا نظريا، بل أداة ضرورية في مواجهة العنف الصهيوني والعنصرية الإمبريالية، هو واقع نعيشه يوميا في غزة، ولبنان، وساحات نضالية أخرى".

وشدد أن هذا الخيار لا يتناقض مع بناء الدولة، بل يعكس غيابها، ويقول: "نريد دولة تحمي أبناءها، بجيش قوي مسلّح، ونحمل السلاح حين يُجرّد الجيش من سلاحه، وعندما يتوفّر جيش وطني قادر، فنحن جنوده وضباطه من أهلنا".

ويضيف "المليشيا لا تنشأ من الفراغ، بل من تقاعس الدولة، والطبقة السياسية هي من جرَّدت الجيش من أدوات الدفاع، وليس الأمهات أو عمال الأفران".

عشرات المحتشدين أمام مطار رفيق الحريري في استقبال جورج عبد الله (الجزيرة)لبنان الصامد

وحول أداء الدولة اللبنانية في متابعة قضيته، يقول عبد الله: "في بعض المراحل، قامت بما يلزم، لكن في كثير من الأحيان كانت غائبة بالكامل، لا أطلب منها أن تتحمّل عني عبء الأسر، لكن في محطات مفصلية، كان هناك من أدّى واجبه بمسؤولية ووطنية".

وخصّ بالشكر وزيرة العدل التي زارته في سجنه، وقال: "كانت حاملة لرسائل تضامن، ومجسّدة لصورة لبنان الحقيقي الذي نحلم به"، وأشاد بدور بعض الدبلوماسيين اللبنانيين الذين كلّفوا بمتابعة ملفه، مبديا امتنانه لهم، ومعتبرًا أن تقدير الجهد لا يعني بالضرورة تبنّي موقف رسمي.

إعلان

ويصف عبد الله فرنسا بأنها دولة "مرتبطة عضويا بإسرائيل، تاريخيا ومصلحيا"، ويقول إنها "تُجاهر بعدائها للحركة الوطنية العربية"، لكنه يُشدّد على أن لبنان –رغم صغره الجغرافي– يبقى منبعا للحياة والنضال.

ويؤكد "كنت مناضلًا وسأبقى، أمضيت 41 عامًا في السجون، و21 عامًا قبلها في النضال، وموقعي تحدده المعركة، لكن أملي يكبر حين أرى هذا الاصطفاف الشعبي العريض في وجه مشروع صوملة لبنان".

ويُحذِّر عبد الله من محاولات تحويل لبنان إلى "بقعة رخوة تحرسها إسرائيل"، موضحا أن "لبنان ليس هشًّا، بل قلعة صمود، من صمد وحده في وجه إسرائيل يستحق احترام العالم العربي، وليس خذلانه".

ويضيف "قُصفت أحياؤنا في بيروت، ولم نجد دولة عربية واحدة تزوّد الجيش بصاروخ، واليوم، يُطلب نزع سلاح المقاومة (حزب الله) من دون أن يقدّم أحد بديلا، نحن من سيعيد للجيش كرامته، ونحن –مع شعبنا– نتّفق: لا يحمي لبنان إلا جيشه القوي".

جورج عبد الله للجزيرة نت: لا صمت بعد المجازر.. ولا حياد مع الإبادة (الجزيرة)إلى العرب عن غزة

ووجَّه عبد الله رسائل مباشرة إلى العواصم العربية، متسائلا "من سيحمل الخبز والماء إلى أطفال غزة؟ أين المسلم الواحد بين ملايين المصريين، يتقدّم نحو غزة لإسقاط آلة الإبادة؟".

ويُذكّر بـ"غريتا"، الفتاة الأوروبية التي قطعت المحيط بقارب صغير حاملة علبة حليب إلى غزة، متسائلًا: "إذا كانت غريتا فعلتها، فما بال شعوب بأكملها لا تستطيع أن تُرسل شربة ماء؟".

ويختم "الأزهر ليس مؤسسة رمزية، بل ضمير حيّ للأمة، واليوم عليه أن يصرخ، لا صمت بعد المجازر، لا حياد مع الإبادة".

مقالات مشابهة

  • "مِهَن للاستشارات" تتوِّج رحلة سبع سنوات بحفل استثنائي
  • بالفيديو.. جورج عبد الله للجزيرة نت: عودتي ليست نهاية النضال والكفاح المسلّح حقٌ مشروع
  • زياد الرحباني إلى مثواه الأخير.. وظهور استثنائي لفيروز في وداع نجلها
  • وداع استثنائي.. المئات أمام مستشفى خوري في الحمرا لالقاء النظرة الاخيرة على زياد الرحباني
  • بو عاصي: حزب الله لن يتخلى عن سلاحه لأنه أداة إيرانية
  • عز الدين: المقاومة باقية ومستمرة
  • حروب من الدرجة الاولى
  • شاهد على حروب جنوب لبنان.. هذه قصة دير القديسة حنة
  • الرئيس الايراني يؤكد على تعزيز العلاقات مع دول الجوار وروسيا والصين
  • عز الدين: المقاومة اليوم هي الأكثر ضرورة