وداع استثنائي للسيدين نصرالله وصفي الدين.. عون للوفد الايراني: تعبنا من حروب الآخرين
تاريخ النشر: 24th, February 2025 GMT
شهد يوم امس وداعا استثنائيا للامينين العامين السابقين لحزب الله، الشهيدين السيدان حسن نصرالله وهاشم صفي الدين بحضور رسمي وشعبي كبير.
وعكست الحشود التي تدفقت على مدينة كميل شمعون الرياضية ومحيطها اتّسمت بضخامة مشهودة بلوغ التعبئة الحزبية والشعبية للحزب ذروة غير مسبوقة في هذا الحدث المفصلي من تاريخ الحزب.
وكان لافتا ما أدلى به رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أمام الوفد الايراني المسارك في التشييع برئاسة رئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف.
وقال الرئيس عون: «لقد تعب لبنان من حروب الآخرين على أرضه، وأوافقكم الرأي بعدم تدخل الدول في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وأفضل مواجهة لأي خسارة أو عدوان، هي وحدة اللبنانيين».
وتابع الرئيس عون: «إن لبنان دفع ثمناً كبيراً دفاعاً عن القضية الفلسطينية»، معرباً عن أمله بالوصول إلى حلّ عادل لها.
وكان لافتاً جداً، في معرض ترحيبه بالوفد الإيراني، قوله إنه «على مدى عقود طويلة، خسر لبنان زعامات كبيرة»، وفي ذلك إشارة بالغة الأهمية إلى أن السيد حسن نصرالله ليس الزعيم الوحيد الذي خسره لبنان، كما بدا لافتاً تذكير الرئيس عون بأن خسارة لبنان لزعامات كبيرة جاءت على مدى عقود.
وكتبت" النهار": من باب التدقيق في وقائع التشييع برزت مفارقتان لافتتان، تمثلت أولاهما في الموقف المرن المتقدم للأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم من الانضواء ضمن ورشة إعادة بناء الدولة والتزام الطائف وهو موقف يكتسب دلالات بارزة ولكنه انطوى على تناقضات عندما أدرج "الحق في المقاومة" إلى جانب التزام الدولة. كما توقف المراقبون عند موقف لافت لرئيس الجمهورية العماد جوزف عون أمام الوفد الإيراني اعتبر بمثابة رسالة سيادية تتوج التعامل بندية مع إيران.
مصادر سياسية رفيعة أبدت لـ»نداء الوطن» امتعاضها من كلمة الشيخ قاسم، ووصفتها بالاستفزازية، وسألت: كيف يقول: «نمارس حقنا في المقاومة، ونناقش لاحقاً استفادة لبنان من قوته عندما نناقش الاستراتيجية الدفاعية؟».
وتتابع المصادر: «كأن الشيخ قاسم لم يقرأ خطاب القسم للرئيس جوزاف عون، الذي يقع على طرفي نقيض مع ما طرحه قاسم، فعن أي استراتيجية دفاعية يتحدث وهي لم ترِد لا في خطاب القسم ولا في البيان الوزاري الذي ستبدأ مناقشته غداً وبعد غد؟».
وأكدت مصادر لـ «نداء الوطن» أن ما قاله الرئيس عون أمام قاليباف أتى بعد سلسلة مواقف إيرانية تشكل تدخلاً بالشأن اللبناني، وهذه المواقف كانت تطال دور لبنان والمقاومة وتحاول تحديد سياسة لبنان الخارجية وتشكل انتهاكاً لسيادته، ولم يشأ الرئيس الرد على تلك التصاريح في الإعلام أو عبر بيانات بل انتظر زيارة الوفد الإيراني فأسمعهم الكلام الذي يجب أن يقال ووضع النقاط على الحروف وكان حازماً في أن اللبنانيبن هم من يقررون سياسة بلدهم ويجب على الدول احترام سيادة البلد وعدم التدخل في سياستنا.
وعلّق مصدر في «الثنائي الشيعي» على المشهد يوم أمس، واصفا اياه بـ «التاريخي»، معتبرا ان «مشاركة اكثر من مليون شخص بالتشييع دون تسجيل اشكال واحد، ودون اطلاق رصاصة، يؤكد كيف ان حزب الله لا يزال يضبط جمهوره وفي اعلى درجات القيادة، بعكس كل ما اشيع وتردد في الآونة الاخيرة».
وشدد المصدر لـ «الديار» على ان «اهم رسالة يفترض على اعداء لبنان قراءتها، هو ان جمهور المقاومة لا يزال خلفها ، وخيار المقاومة خيار لا تغتاله الصواريخ»، لافتا الى ان «كل من يفكر بأن حزب الله انتهى ويعمل لتحجيمه سياسيا، عليه ان يعيد حساباته».
واعتبر المصدر ان «المواقف التي اطلقها الشيخ نعيم قاسم يجب التوقف عندها ايضا، وبخاصة اشارته الى وقوف حزب الله خلف الدولة بموضوع تحرير النقاط التي لا تزال محتلة في الداخل اللبناني، كما التأكيد في الوقت نفسه ان اليد ستبقى على الزناد، وستطلق النار متى ارتأت قيادة المقاومة ذلك مناسبا».
وكتبت" الاخبار": كسرت إيران قرار لبنان تعليق رحلات الطيران منها وإليها، بضغط أميركي وتهديد إسرائيلي، بذريعة منع وصول أموال إلى حزب الله، مع هبوط طائرة إيرانية في مطار بيروت، أقلّت رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف ووزير الخارجية عباس عراقجي وعدداً من النواب ومسؤولين في الدولة والحرس الثوري للمشاركة في تشييع الأمينين العامين لحزب الله الشهيدين السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين.
وزار الوفد فور وصوله رئيس الجمهورية جوزف عون الذي نقل إليه قاليباف تحيات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وهنّأه بانتخابه رئيساً للجمهورية، ودعوته له للقيام بزيارة رسمية إلى طهران. كما تطرّق إلى العلاقات اللبنانية - الإيرانية وضرورة تطويرها في المجالات كافة. وشدّد قاليباف على «وحدة الأراضي اللبنانية وسلامتها وسيادة الدولة عليها»، مبدياً «استعداد بلاده في المشاركة مع دول عربية وإسلامية في إعادة إعمار ما هدّمه العدوان الإسرائيلي على لبنان»، ومؤكداً أن «الجمهورية الإسلامية الإيرانية ترغب في رؤية لبنان بلداً مستقراً وآمناً ومزدهراً»، مشيراً إلى أن «بلاده تدعم أي قرار يتخذه لبنان بعيداً عن أي تدخل خارجي في شؤونه».
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الرئیس عون حزب الله
إقرأ أيضاً:
صنعاء والضاحية.. وفاءٌ مؤصّل وعهد أبدي لا يسقطه التقادم
في لحظة تاريخية فارقة، حيثُ تتهاوى أبنيةُ التبعية تحت وطأة الخذلان المُريع، وتتعالى صيحاتُ الاستكبار الكونيّ لتُحيلَ خارطة الأمة إلى حطام، تبرزُ ظاهرةٌ قُدسيّةٌ تكسرُ حاجز الصمتِ والتخاذل إنها فكرة، وعقيدة، وخطّ دفاعٍ أخير يُعرف بـ”محور المقاومة”.
لم يعد الأمر مجرد تجمع عسكريّ أو تكتل سياسيّ عابر؛ بل هو إندماج قدريٌّ، بين إراداتٍ صلبة، تتجلى فيه أواصر لا ترهبها طائرات العدو الأمريكي والصهيوني ولا تُذيبها رمالُ النسيان.
إن ما يربط صنعاء العصيّة بضاحية بيروت المقاومة ليس مجرد تنسيق جغرافيّ، بل هو قسمٌ علويّ مهيب، محفورٌ بأبجدية الدم المنجز.
لقد كانت المقاومة الإسلامية، سيف الأمة وغمد عزتها، صاحبة السبق والبصيرة أول من أدرك ببصيرتها الثاقبة أن العدوان على اليمن والمأساة اليمنية لم تكن حدثاً منعزلاً، بل هي محور استئصالٍ واختبارُ مصيرٍ يستهدفُ قَلْبَ المحور الاستراتيجي وكسر العمود الفقري للمقاومة مدركةً أن العدوان لم يكن على الجغرافيا اليمنية وحسب، بل على شريان العقيدة الواحدة.
منذ اليوم الأول للعدوان الغاشم على اليمن، انبثق صوت سيد شهداء الأمة والإنسانية، السيد الأسمى حسن نصر الله رضوان الله عليه، مدويًا كالجلجلة، لا يخطئه صمت المُتخاذلين ولم تكن خطاباته مجرد بيان سياسي، بل كانت مظلة سيادة وصيحة حقّ نافذة، نسفت أوهام شرعية العدوان المزعومة وكشفت عري المشروع التآمري وفضحت زيف ادعاءاته، مصنّفةً إياه نكسة أخلاقية وتاريخية بامتياز.
هذا الموقف شكل درعًا إعلامياً ومعنوياً حمى الصمود اليمني من الانهيار في عصف التضليل الدولي.
لم يكتف سماحة السيد بالدعم الخطابي، بل بلغ ذروة التضافر الميداني والمدد الكوني الذي لا يُقدر بثمن، مجسداً أعلى مراتب الأخوة الإيمانية وكان الدعم بشكله الأقوى هو صبّ جوهر تبادل الخبرات والتدريب والتجربة القتالية المرادفة للنصر، ونقل فن الردع وفلسفة حرب العصابات النوعية، التي طوّعت أعتى الترسانات، إلى الوريد اليمني وهذه الخبرة لم تشتر بالمال، بل اكتسبت بالدماء المتدفقة على جبهات العزة للارتقاء المهيب بالقدرات اليمنية حتى أصبحت قوةً إقليميةً ضاربة.
كان الإمداد البشري تجسيداً مطلقاً للعهد الإيماني، بإيفاد نخبة النخبة وقادة الصف الأول، كالسيد أبو علي هيثم الطبطبائي والحاج أبو صالح محمد حسين سرور والحاج باسل شكر، رضوان الله عليهم، والكثير من القادة، الذين قضوا سنواتٍ كأعمدة صلبة، غرسوا فيها عقيدة الفتح الأكيد، محولين الصعاب الجغرافية إلى ميزة قتالية وكانوا أركاناً راسخةً في أخطر الثغور، ناقلين اليقين بأن النصر لا يشترى بالمال، بل يصاغ بالدماء المتعاهدة، ليصبحوا نسيجاً أصيلاً في بنية الصمود اليمني.
إن ارتقاء الترسانة اليمانية الباسلة، من الصواريخ الباليستية والفرط صوتية إلى المسيرات الكاسرة للهيمنة، التي باتت تخرق عمق دول العدوان وتخنق الكيان الصهيوني في مضائق البحر الأحمر والعربي، هو ثمرةٌ جهاديةٌ مشتركة تُعلن ميلاد مفهوم جديد للأمن الإقليمي تحت سلطة الإرادة الجماعية للمقاومة.
إن الموقف اليمني اليوم تجاه حزب الله في لبنان، في غمرة المعركة الوجودية، ليس وليد استجابة ظرفية، بل هو وفاءٌ مؤصل لأهل الوفاء، وفرضُ عين قدري ووفاء سرمدي لفضلٍ لا يُمحى، ودينٌ كرامة مستحق ومؤبد لا يسقطه التقادم لأهل العزة الذين لم يتزلزلوا حين ارتعشت الأقدامُ واعترافٌ بفضل سابق حفرته المقاومة بأظافرها الفولاذية في جسد المعركة اليمنية القدسية.
الموقف اليمني اليوم، بإعلانه الصارم واللا متناهي، بأن أيَّ عدوانٍ على لبنان وحزب الله سيجد اليمن بكامل قوّته وإقداره في قلب المعركة، هو تأكيدٌ لدين الكرامة والوفاء المنقوش في ذاكرة الأحرار وعهد الشرف الذي لا يسقط بالتقادم وأن اليمن لا ينصرُ أخاه وحسب، بل يشاركه المصير والفتح.
فبين صمود اليمن الشامخ ووعي لبنان الثابت، تُعادُ صياغةُ المعايير ليشرق فجر السيادة الحقيقية كطودٍ أشم لا تبلغه سهام التخاذل، هذا الميثاقُ هو إعلان بليغ يعيد تشكيل وجه التاريخ بمطرقة الحق، ويرسم خطاً أحمر جديداً للعزة لا يمكن تجاوزه، مؤكداً أن تجزئة المصير هي استحالة عقائديةٌ في قاموس الأحرار.
هذه الملحمة اليمنية بصمودها الأسطوري هي دليلٌ دامغٌ على أن عقيدة المقاومة لا تعرف الجغرافيا، بل تتحد في وجه الاستكبار الكوني.
وهذا التلاحم يرسل برقية مشفرة إلى كل من يراهن على تجزئة المحور وعزله، لن يفرد أي جزء من محورنا بالاستئصال، فالعدوان على طرف هو عدوان على الكل. إن النصر الحقيقي لليمن وهزيمة المُعتدين فيه، هو الذي يُعيد للأمة مجدها وعنوانها الأقدس، وهو الطريق الذي يمر حتمًا بفك قيد المسجد الأقصى وقد عَلَّمنا موقف حزب الله أن المبادئ تُصان بالتضحية لا بالمساومة، وأن الأخوة الإيمانية تتجلى في أصعب الظروف وأخطر الثغور.
وختاماً: ستبقى المقاومة الإسلامية في لبنان عمود سنارةٍ لهذا التيار الجهادي العابر للحدود، وستظل بيروت وصنعاء طودي عز شاهدين على أن صلابة الإرادة الحرة أقوى من كل مكائد الأعداء وخيانات الأتباع، حتى تشرق شمس السيادة والكرامة على جميع الأمة.