الساحل السوري.. مرسى الحضارات على مدار التاريخ
تاريخ النشر: 25th, March 2025 GMT
ويمتد الساحل السوري كشريط ذهبي يربط البحر بالجبال، حيث تحتفظ مدنه بأسرار تاريخية تروي قصص الغزاة والأبطال، كما تتناثر عليه قلاع شامخة وحصون منيعة، مثل قلعة المرقب وقلعة صلاح الدين، شاهدة على صراعات استمرت قرونا.
ففي طرطوس، التي توصف بـ"عروس المتوسط"، تختلط رائحة البحر بهدوء الحياة التقليدية، بينما تحمل اللاذقية عراقةً تجسدها أحياؤها القديمة مثل "الصليبة"، حيث تتداخل الحكايات الشعبية مع آثار الحضارات الغابرة.
ولم تكن هذه المنطقة مجرد نقطة إستراتيجية عسكرية، بل حاضنة للثقافات، إذ بنى الرومان تحصيناتها، وحولها الصليبيون إلى قلاع، ثم حررها المسلمون بقيادة صلاح الدين الأيوبي بعد معركة حطين.
وتتربع قلعة المرقب على صخرة شاهقة بارتفاع 300 متر، بناها العباسيون في عهد هارون الرشيد، ثم أعاد تشييدها الإسماعيليون لتصبح أحد أمنع الحصون.
سراديب سريةوجعلت أسوارها المنحوتة على جروف صخرية اقتحامها شبه مستحيل، فيما كان برج الصبي المجاور ينقل إشارات الإنذار عبر سراديب سرية.
ولا تكتمل زيارة طرطوس دون تجربة سوق السمك الذي يعج بأنواع مختلفة والتي يصفها الصيادون بـ"كنوز البحر"، حيث يقول أحد البائعين: "هنا تشم رائحة التاريخ مع نسمات البحر".
إعلانوحافظت المدينة، التي فتحها عبادة بن الصامت في العهد الإسلامي، على طابعها الهادئ رغم مرور الفرس والبيزنطيين، حيث لا تزال أحياؤها القديمة تحتفظ بأسرار "الكونسطنطيا"، وهو الاسم القديم الذي أطلقه الإمبراطور قسطنطين.
وتعتبر قلعة صلاح الدين في اللاذقية أيقونة تاريخية، بُنيت على أنقاض حصن صليبي يعود للقرن الرابع قبل الميلاد، يصفها الرحالة بأنها "مدينة فريدة"، حيث يتجاور الخندق المنحوت بالصخور مع الأبراج الدفاعية التي صمدت أمام الزلازل.
ويذكر المؤرخون أن صلاح الدين حاصر القلعة بمنجنيقات ترمي أحجارا وزنها 200 كيلوغرام، قبل أن تسقط في يده وتُسلَّم لأحد أمراء الأيوبيين.
80 حصنا وقلعةولا تزال القلاع الساحلية، التي يزيد عددها عن 80 حصنا، تحتفظ بآثار الحضارات المتعاقبة، من حمامات قلاوون الإسلامية إلى إسطبلات الخيول الصليبية.
وفي قرية "القلعة" القريبة من المرقب، يُجسِّد جامع المرقب العتيق روح التعايش بين السكان، حيث يُروى أن الأهالي كانوا يعيشون داخل القلعة حتى تم نقلهم إلى القرية الحديثة.
ومع غروب الشمس على شواطئ طرطوس، يهمس البحر بأسرار جديدة، في حين تستعد اللاذقية لاستقبال ضيوفها بسحرها التاريخي.
ورغم تحول أساليب الحروب من السيوف إلى المدافع، تبقى القلاع الساحلية شواهد حية على أن "دوام الحال من المحال"، كما يقول المثل الشعبي، فالساحل السوري، بجباله وصخوره، سيظل يُذكِّر العالم بأن كل غازٍ مهما عَظُم سلطانه، مصيره الزوال.
25/3/2025المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان الساحل السوری صلاح الدین
إقرأ أيضاً:
مواقع عسكرية وثكنات.. غارات إسرائيلية تستهدف الساحل السوري
يؤكد الرئيس الانتقالي أحمد الشرع أن سوريا لا تسعى إلى التصعيد مع جيرانها، ويدعو المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لوقف ضرباتها. اعلان
شنّت الطائرات الإسرائيلية، يوم الجمعة، غارات على منطقة الساحل غرب سوريا، في أول تصعيد من نوعه منذ نحو شهر، بحسب ما أفاد به التلفزيون السوري الرسمي. وأعلنت الدولة العبرية أنها استهدفت منشآت عسكرية في محافظة اللاذقية.
وذكر الإعلام الرسمي في دمشق أن "طائرات الاحتلال الإسرائيلي نفذت غارات على مواقع قرب قرية زاما في ريف جبلة جنوب اللاذقية".
من جهته، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن الغارات طالت مواقع عسكرية وثكنات في منطقتي طرطوس واللاذقية، دون ورود تقارير عن وقوع إصابات أو ضحايا.
في المقابل، أكد الجيش الإسرائيلي في بيان أنه قصف "منشآت لتخزين الأسلحة تضم صواريخ أرض-بحر تشكل تهديدًا على حرية الملاحة الدولية والملاحة الإسرائيلية، في منطقة اللاذقية"، مضيفًا أنه تم أيضًا استهداف "مكونات صواريخ أرض-جو" في المنطقة ذاتها.
وتأتي هذه الغارات غداة تصريحات للمبعوث الأميركي إلى سوريا، توماس باراك، دعا فيها دمشق إلى الدخول في حوار مع إسرائيل، وطرح خلالها فكرة البدء باتفاق "عدم اعتداء" بين الطرفين.
Relatedمبعوث ترامب يعيد افتتاح مقر سفير واشنطن بدمشق ويقول ثمة حاجة لاتفاقية عدم اعتداء بين سوريا وإسرائيلسوريا توقع صفقات كهرباء بـ7 مليارات دولار مع شركات أميركية وقطرية وتركيةاتفاق الـ 7 مليارات.. هل تعيد الطاقة رسم ملامح سوريا الجديدة؟وفي مقابلة مع قناة "العربية"، قال باراك من دمشق إن "مشكلة إسرائيل وسوريا قابلة للحل وتبدأ بالحوار"، مشيرًا إلى أن "اتفاق عدم اعتداء" يمكن أن يكون مدخلًا لهذا المسار.
يشار إلى أن إسرائيل شنّت، منذ الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر، مئات الضربات الجوية على مواقع عسكرية في سوريا، بهدف منع وقوع الترسانة العسكرية في أيدي السلطة الجديدة. وشملت إحدى الغارات هذا الشهر محيط القصر الرئاسي، في ظل تصاعد العنف ذي الطابع الطائفي في البلاد.
كما توغلت القوات الإسرائيلية مرارًا في المنطقة العازلة المنزوعة السلاح في الجولان، وتقدمت أحيانًا إلى عمق الجنوب السوري.
في المقابل، يؤكد الرئيس الانتقالي أحمد الشرع أن سوريا لا تسعى إلى التصعيد مع جيرانها، ويدعو المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لوقف ضرباتها. وكان قد كشف هذا الشهر من باريس أن دمشق تجري مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل عبر وسطاء بهدف تهدئة الأوضاع.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة