تايمز: هل ينجو هيغسيث ووالتز من فضيحة سيغنال؟
تاريخ النشر: 26th, March 2025 GMT
لا تزال فضيحة تسريب معلومات سرية عن خطط الإدارة الأميركية المتعلقة بتوجيه ضربات عسكرية لجماعة أنصار الله (الحوثيين) تثير شهية وسائل الإعلام وتقض مضاجع الدوائر السياسية والأمنية، ليس في الولايات المتحدة فحسب بل في أرجاء أخرى من العالم.
وقد أثار ضم مستشار الأمن القومي مايكل والتز، رئيس تحرير مجلة "ذي أتلانتيك" جيفري غولدبرغ، لمجموعة دردشة تضم كبار مسؤولي الإدارة الأميركية، عبر تطبيق الدردشة غير الحكومي المشفر (سيغنال)، لمناقشة شن هجمات على اليمن، موجة من ردود الفعل لم تتوقف.
وقد تناولت صحيفة تايمز البريطانية تداعيات هذه الفضيحة في تقرير لمراسلها في واشنطن ديفيد تشارتر، حاول فيه حصر الهفوات التي وقع فيها فريق الأمن القومي للرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ازدراء عميق لأوروبا
وذكر المراسل أن تلك الهفوات كشفت الازدراء العميق الذي يكِنَّه نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس ووزير الدفاع بيت هيغسيث تجاه أوروبا. وأظهرت تايمز أن ثمة خلافا بين فانس وترامب حول الحكمة من شن تلك الضربات.
وفضح تسريب رئيس تحرير "ذي أتلانتيك" لما دار في غرفة الدردشة الجماعية منهجية التعامل العفوي مع الأمور المتعلقة بالأمن القومي الأميركي، وتداولها عبر تطبيق إلكتروني غير رسمي خارج الأجهزة الحكومية والتي كان من شأنها أن تُعرِّض حياة العسكريين الأميركيين للخطر إن اختُرقت هواتفهم أو سُرقت.
إعلانوأشارت تايمز في تقريرها إلى أن الكشف عن الفضيحة أثار قلق حلفاء الولايات المتحدة -مثل بريطانيا– الذين يأملون في تبادل أعلى مستوى من المعلومات الاستخبارية معها من دون المساس بها.
وذكرت أن هذا القلق أضحى مشكلة بالفعل بسبب عودة التنسيق الواضح في العلاقة بين أميركا وروسيا، وتعاطف العديد من كبار المسؤولين الأميركيين المقربين من ترامب.
سجل حافل باللامبالاة
وأفادت بأن هناك مزاعم بأن لدى ترامب سجلا حافلا في التعامل "بلامبالاة" مع المواد الحساسة؛ فقد سبق أن اتُّهم بالاحتفاظ بوثائق سرية بعد مغادرته البيت الأبيض عند انتهاء ولايته الأولى عام 2024.
وتقول الصحيفة إن الفضيحة الأخيرة تعيد إلى الذاكرة حالة "الفوضى" التي سادت في مستهل ولاية ترامب الأولى عندما كان المؤلف مايكل وولف يعكف على جمع معلومات من داخل البيت الأبيض لتضمينها كتابه الذي صدر في عام 2018 تحت عنوان "نار وغضب".
وكان وولف قد أمضى 18 شهرا برفقة ترامب منذ حملته الانتخابية في تلك الفترة وخلال عامه الأول في البيت الأبيض بهدف الإعداد للكتاب الذي كشف فيه بعضا من أسرار ترامب، وحظي باهتمام عالمي.
وخلصت الصحيفة إلى أن بعض المسؤولين في إدارة ترامب الحالية يفتقرون إلى الخبرة الكافية من أمثال هيغسيث في وزارة الدفاع، وإيلون ماسك في وزارة كفاءة الحكومة، والمبعوث الرئاسي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وروبرت كينيدي الابن في وزارة الصحة، وكاش باتيل في مكتب التحقيقات الفدرالي، وتولسي غابارد مديرة الاستخبارات الوطنية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رمضان ترجمات
إقرأ أيضاً:
الفضيحة ليست في الصورة.. بل في غياب القانون
بقلم: الحقوقية انوار داود الخفاجي ..
في العراق، لم يعد كافياً أن تكوني صاحبة رأي لتدفعي الثمن بالكلمات فقط. بل إن الصوت العالي، خصوصاً إذا كان نسويًّا، سياسيًّا، أو معارضًا، قد يُقابل بمحاولات إسكات خبيثة تنطلق من غرف مظلمة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تتحول الخصوصية إلى سلاح، والصورة الشخصية إلى قيد على رقبة الضحية.
انتشر في السنوات الأخيرة ما يمكن وصفه بـ (مسلسل نشر الصور والفضائح الرقمية)الذي يطال شخصيات نسائية معروفة، سواء كنّ إعلاميات، ناشطات، مرشحات، أو حتى نساء عاديات عبرنَ رأيًا لم يعجب أحدهم. وغالباً ما يتم استخدام هذه الصور كأدوات لابتزاز مادي أو تشويه سُمعة سياسي، دون أدنى مراعاة للقانون أو الأخلاق.
اللافت أن هذا الانتهاك لا يستثني أحداً. فقد طالت الحملات الابتزازية رجالاً ونساءً على حد سواء، لكن الضرر المجتمعي يكون مضاعفاً على النساء بسبب النظرة الاجتماعية المحافظة التي غالباً ما تلقي باللوم على الضحية بدل الجاني. فكم من مرشحة اضطرت للانسحاب من السباق الانتخابي خوفًا من تسريب صور قديمة أو مفبركة؟ وكم من ناشطة فضّلت الصمت على المواجهة لأنها بلا حماية حقيقية من الدولة أو القانون؟
ورغم تصاعد وتيرة هذه الانتهاكات، ما زال الغياب التشريعي والرقابي واضحاً. فمجلس النواب العراقي، ورغم كل الجدل المجتمعي، لم يُشرّع حتى اليوم قانوناً واضحاً وصارماً لحماية الخصوصية الرقمية للمواطنين والمواطنات. كما أن الجهات التنفيذية ما زالت تتعامل مع الشكاوى الإلكترونية بعقلية جرائم الشوارع ، متجاهلة أن الأذى الرقمي قد يدمّر حياة بأكملها، وأن الصورة التي تُسرّب في لحظة، قد تقود إلى انتحار أو عزلة اجتماعية أو طلاق أو إبعاد من الوظيفة.
المطلوب اليوم ليس مجرد شجب أخلاقي. بل هو تحرك تشريعي وقانوني واضح، يبدأ من إصدار قانون لحماية البيانات الشخصية، يُجرّم تسريب الصور والمعلومات من دون إذن أصحابها، ويوفر أدوات قانونية حقيقية للضحايا، مع تسريع إجراءات ملاحقة ومحاسبة من يقفون وراء البيجات والصفحات المجهولة التي تمتهن التشهير والابتزاز.
كما يجب إلزام شركات الإنترنت ومشغلي المنصات الرقمية المحلية بالتعاون مع الجهات الأمنية لوقف هذه الجرائم، والكشف عن هويات من يقفون خلف الحسابات المبتزّة. ولا بد من برامج توعية عامة تنقل المسؤولية من الضحية إلى الجاني، وتفكك البنية الثقافية التي ما زالت تعتبر الصور الشخصية جريمة بحد ذاتها.
إن كرامة الإنسان في العراق باتت على المحك، لا لأن هناك من يبتزّ، بل لأن الدولة تصمت، والمجتمع يلوم، والقانون ما زال في سبات. آن الأوان أن نُدرك أن الصورة التي تُسرّب هي ليست الفضيحة، بل الفضيحة الحقيقية هي أن نعيش بلا قانون يحمي ظهورنا عندما نقف ونتكلم.
ختاما لن تنتهي الفضيحة إلا عندما يبدأ القانون.