لجريدة عمان:
2025-06-11@05:43:00 GMT

الحرب التجارية والاقتصاد الأمريكي

تاريخ النشر: 8th, April 2025 GMT

الاقتصاد الأمريكي هو الأكبر في العالم وترتبط الولايات المتحدة الأمريكية بمصالح تجارية وعسكرية وتعليمية وتقنية مع العالم رغم بعدها الجغرافي حيث يفصلها المحيط الأطلسي عن أوروبا وبقية العالم عدا أمريكا اللاتينية.

وقد استفادت الولايات المتحدة الأمريكية على الصعيد الاقتصادي منذ بزوغ قوتها بعد الحرب العالمية الثانية، كما ساعدت موجات الهجرة إلى أمريكا في بروز ملامح القوة العلمية والثقافية والتقنية، كما أن الشركات الأمريكية الكبرى أصبح لها وجود قوي في القارات الخمس، ولعب الدولار الأمريكي دورا محوريا على صعيد التجارة والاستثمار والمبادلات المصرفية.

وعلى ضوء تلك الامتيازات والفرص الكبيرة برزت الولايات المتحدة الأمريكية كقوة اقتصادية وعسكرية وعلمية كبيرة ومن هنا فإن المشهد السياسي في الولايات المتحدة الأمريكية منذ قدوم الرئيس الأمريكي ترامب في فترته الأولي والفترة الحالية دخل في فلسفة اقتصادية غير عادلة ومدمرة حتى للاقتصاد الأمريكي من خلال جملة من الرسوم الجمركية على دول العالم سواء الدول الصناعية كدول الاتحاد الأوروبي أو اليابان والصين والدول العربية وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا في خطوة لاقت انتقادات ومظاهرات شعبية داخل الولايات المتحدة الأمريكية.

الرئيس الأمريكي ترامب يأتي من وسط مالي وعقاري ولم يكن يوما أحد المشرعين في الكونجرس أو في مجال الدبلوماسية وليس لديه فكرة عن التوازنات والعلاقات الدولية، وعلى ضوء ذلك أصبحت قراراته متسرعة وغير منضبطة حيث جاءت قراراته فيما يخص الرسوم التجارية سلبية على أسواق المال العالمية ومنها سوق نيويورك الذي خسر أكثر من تريليون دولار في يوم واحد، كما ارتفعت أسعار السلع في الولايات المتحدة الأمريكية وتدهورت أسعار النفط والتي لم تتضرر منها الدول المنتجة والمصدرة للطاقة فقط ولكن هناك شركات النفط الأمريكية.

ومن هنا أطلق ترامب حرب الرسوم التجارية وهو في الحقيقة يطلق النار على قدميه كما يقال، ولعل دعوة إيلون ماسك مستشاره الخاص بوقف زيادة الرسوم التجارية على دول العالم هي دعوة صحيحة حيث إن رجل الأعمال إيلون ماسك يدرك التأثيرات السلبية التي سوف تنتج عن الحرب التجارية التي أطلقها ترامب في لحظة حماس غير محسوبة وهو يتحدث عن جني أرباح تتجاوز ٦٠٠ مليار دولار من تلك الرسوم وقبل أن يستوعب قراراته المتسرعة جاءت ردود الفعل من الحلفاء وهي دول الاتحاد الأوروبي وأيضا من الصين ما يعني أن مغامرة ترامب التجارية سوف يكون مصيرها الفشل.

تحدثنا في مقالات سابقة عن أن العالم سوف يعيش 4 سنوات صعبة ومعقدة مع هذا الرئيس الأمريكي والذي أصبح متقلبا ولا يمكن التنبؤ بقراراته ويتعرض لانتقادات حادة من الشعب الأمريكي، ولعل المظاهرات التي انطلقت في عشرات المدن الأمريكية تعطي مؤشرا على مدى تخبط إدارة ترامب. ومن هنا فإن الحرب التجارية لا يمكن أن تستمر وسوف يشعر ترامب في لحظة ما بأن دول العالم لها مصالح ولها مقدرات لا بد أن تحافظ عليها وأن التوازن في العلاقات التجارية مطلوب وأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تستطيع فرض قراراتها على العالم دون تحرك مضاد.

إن الرئيس الأمريكي ترامب ينفذ أجندة سلبية وهو يدرك أن دول العالم لديها أدوات عديدة للتأثير، ولعل موضوع مقاطعة المنتجات الأمريكية إن طبق سوف يكون وبالا على الاقتصاد الأمريكي في ظل خيارات أمام المستهلكين في العالم، كما إن الشركات الأمريكية الكبرى سوف تخسر أسواقا عديدة خاصة في أوروبا والصين ودول أمريكا الجنوبية وإفريقيا والعالم العربي. لقد أدخل الرئيس الأمريكي ترامب العالم في مفترق طرق من خلال قرارات الرسوم التجارية بل وأدخل الاقتصاد الأمريكي في إشكالية قد تفضي إلى الركود على ضوء تقديرات خبراء الاقتصاد الأمريكي والاحتياط الفيدرالي الذي حذر مديره من الركود الاقتصادي من خلال الحرب التجارية التي جعلت دول العالم تعيد أولويات خططها لمواجهة قرارات ترامب.

ولا شك أن الدول النفطية أمام مفترق طرق خاصة دول أوبك بلس حيث لابد من سياسة احترازية تؤمن التوازن في مجال الإنتاج وتحافظ على مصالح الدول الأعضاء خاصة وأن موازنات تلك الدول تعتمد على سعر التعادل لتلك الموازنات وأن أي انخفاض متواصل لأسعار النفط سوف يؤثر سلبا على مداخيل تلك الدول.

ومن هنا فإن مصالح الدول ينبغي أن تكون أولوية وأن ترسم سياسات اقتصادية وخيارات بعيدا عن تأثيرات الرسوم الجمركية الأمريكية من خلال إيجاد قاعدة متنوعة للشركاء في قارات العالم وعدم الاعتماد على السوق الأمريكية خاصة إذا تمادى ترامب في قراراته التجارية ويعد ذلك جزءا من السيادة الاقتصادية وحماية المنتجات المحلية وهو حق أصيل للدول لحماية مواردها واقتصادها لأن ترامب قد يتمادى ويرفع الرسوم الجمركية بشكل أكبر خاصة في مواجهة تواصل الحرب التجارية والتي سوف تكون قاسية مع الصين وأوروبا بشكل كبير نظر لحجم التبادلات التجارية والتي تقدر بعشرات المليارات.

إن درس رفع الرسوم الجمركية من قبل ترامب ينبغي أن يكون درسا حاضرا للدول وأن تكون هناك خطط وخيارات جاهزة وعدم الاعتماد على سوق محددة بصرف النظر عن حجمها ويبدو لي أن تنوع الأسواق من خلال سلاسل الإمداد وإيجاد الشركاء في القارات والمحافظة على التوازن في مجال التصدير والاستيراد سوف يشكل حماية تجارية من أي قرارات سلبية خاصة من قبل إدارة ترامب والتي لا يمكن التنبؤ بقراراتها وبالتالي فإن حماية المصالح التجارية أولوية لكل دولة حتي تحافظ على اقتصادها ومقدراتها الوطنية لصالح شعبها بعيدا عن أي تأثيرات سلبية خارجية كما هو الحال مع الحرب التجارية التي أشعلها ترامب ووفق حسابات غير دقيقة سوف تؤثر سلبا علي الاقتصاد الأمريكي والعالمي.

عوض بن سعيد باقوير صحفـي وكاتب سياسي وعضو مجلس الدولة

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة الرئیس الأمریکی ترامب الاقتصاد الأمریکی الرسوم الجمرکیة الرسوم التجاریة الحرب التجاریة دول العالم ترامب فی من خلال ومن هنا

إقرأ أيضاً:

تحذير إسرائيلي: الولايات المتحدة تنظر لإسرائيل عبئا عليها.. تبحر في العزلة

في الوقت الذي أدركت فيه دولة الاحتلال كيف تطلب من الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن المزيد من المساعدة العسكرية فقط، فقد اكتشف خلفه دونالد ترامب أنها ليست مهتمة بالانضمام لمشاريعه التجارية لدفع الشرق الأوسط نحو حقبةٍ جديدة، وبذلك، فإنها، في جوهرها، ترفض مساعدة نفسها.

وأكد آفي شيلون الكاتب في صحيفة يديعوت أحرونوت، أن "من الأمور المهمة التي كشفتها الحرب على غزة ارتباط إسرائيل العضوي بالولايات المتحدة، وهو أمر ليس من السهل نسيانه، لأنه في اليوم التالي للسابع من أكتوبر، كان تهديد بايدن لحزب الله وإيران واضحا، بجانب نقل حاملات الطائرات للمنطقة، مما منح إسرائيل الدعم الكافي لاستمرار الحرب، التي كان يمكن أن تتطور بصورة خطرة لولا الدعم الأمريكي الفوري".

وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أنه "حتى خلال الحرب، ظهر واضحا أنه بدون إمداد ثابت أمريكي بالأسلحة، مع وجود قيود معينة في بعض الأحيان، ودعمها السياسي، فقد كانت إسرائيل ستواجه صعوبة في الصمود في معارك غزة، وفي هذه الأثناء، وخلال تبادل الضربات مع إيران، قاتلت الولايات المتحدة بالفعل بجانبها في مجال الدفاع الصاروخي".

وبالتالي وفقا للكاتب، "فقد ظهر واضحا لأي مراقب في الشرق الأوسط، أن إسرائيل لا يمكنها الاستغناء عن أمريكا، لأن الاعتماد عليها هو، أولاً وقبل كل شيء، ضرورة للظروف".


وأوضح أنه "بغض النظر عن مدى قوتها، فإن إسرائيل مُحاطة بالعديد من التهديدات، خاصة العداء السياسي في العالم، وقد كان التحالف مع قوة عظمى جزءا من استراتيجيته السياسية والأمنية منذ تأسيسها، منذ أيام بن غوريون، ربط نفسه بتحالف مع قوة عظمى من أجل التعامل مع مجموعة متنوعة من التهديدات التي تواجهها: في الخمسينيات وأوائل الستينيات كانت فرنسا، ومنذ الستينيات اعتمد على الولايات المتحدة".

كما أشار شيلون إلى أن تحالف الاحتلال مع الولايات المتحدة يمنحه مزايا هائلة مثل "تكنولوجية وعسكرية واقتصادية وسياسية، لكنه يُلزمه أيضا بمراعاة مصالحها العالمية، يجب أن يعرف القائد الإسرائيلي الحكيم ليس فقط كيفية المناورة بين الأشياء، ولكن أيضا ربط المصالح، لأن السياسات الأمريكية مؤخرا، ما يبدو، بمعزل عن مصالح إسرائيل، أو حتى بمعارضتها، يعود في الواقع إلى أنه، باستثناء طموحه لتحقيق نصر شامل على حماس، لم تكن لديه استراتيجية واضحة منذ بداية الحرب".

ولفت إلى أن "الاحتلال بسبب هذه السياسة أصبح، رغم أهميته للولايات المتحدة لكونه الركيزة المستقرة والقوية في المنطقة، عبئا عليها أكثر من كونه رصيدا، ورغم محاولة إدارة بايدن منذ اللحظة الأولى استغلال الحرب لتحقيق نصر استراتيجي، لكن الاحتلال واصل التركيز على تحقيق نصر شامل" في غزة".

وأضاف أنه "عندما دخل ترامب البيت الأبيض، كان من الواضح أنه، بجانب تصريحات الدعم الحماسية، عيّن عددًا لا بأس به من الانفصاليين في مناصب رئيسية في إدارته، وأثبت بالفعل أنه يُهدد كثيرًا، لكنه يعارض من حيث المبدأ الحروب، خاصةً الحروب المطولة، لأنها، من وجهة نظره، إهدار للموارد التي يمكن تحقيقها من خلال اتفاقيات دون إطلاق رصاصة واحدة".

وأردف الكاتب، أنه "كان ينبغي على الاحتلال أن يفهم أنه لا يوجد رئيس منذ جورج بوش، مرورا بأوباما، وترامب في ولايته الأولى، وبايدن لديه أي مصلحة في محاربة إيران، وأن الجميع يُفضل التوصل لاتفاق، لذلك، كان ينبغي استغلال ولاية ترامب للتوصل لاتفاقيات مع الدول العربية، بما فيها سوريا، وفي غزة، بشروط ربما كان صعبا تحقيقها في عهد بايدن".

كما ختم قائلا، إن "إسرائيل التي عرفت كيف تطلب من بايدن المزيد من المساعدة العسكرية فقط، اكتشفت أن ترامب أنه ليست مهتماً بالاندماج في محاولته التجارية لدفع الشرق الأوسط لحقبة جديدة، وبهذا، يرفض أساسا مساعدة نفسه، بما في ذلك إطلاق سراح الرهائن، والمفارقة المروعة أن الولايات المتحدة تبحر الآن في عزلة عن إسرائيل، ليس بسبب بايدن ولا بسبب ترامب، بل لأن حكومتها لا تُساعدها على العمل من أجل استراتيجية تخدم مصالح إسرائيل نفسها".

مقالات مشابهة

  • عاجل | بلومبيرغ عن مصادر: الولايات المتحدة والصين تؤكدان التوصل إلى توافق لتنفيذ اتفاق جنيف بشأن الرسوم الجمركية
  • الولايات المتحدة والصين تواصلان مباحثاتهما التجارية لليوم الثاني
  • احتجاجات الهجرة تنتشر في الولايات الأمريكية وآلاف المارينز يقمعون المتظاهرين
  • ارتفاع أسعار النفط وسط ترقب نتائج المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين
  • انكماش اقتصادي.. تراجع الصادرات الصينية في ظل الحرب التجارية مع أمريكا
  • تحذير إسرائيلي: الولايات المتحدة تنظر لإسرائيل عبئا عليها.. تبحر في العزلة
  • عضوة الحزب الجمهوري الأمريكي: الفوضى في كاليفورنيا قد تمتد لباقي الولايات الأمريكية
  • الولايات المتحدة والصين تستأنفان محادثاتهما التجارية في لندن
  • واشنطن بوست: إيلون ماسك ووزير الخزانة الأمريكي تبادلا اللكمات داخل البيت الأبيض
  • اليابان تريد التوصل إلى اتفاق جمركي مع الولايات المتحدة