أُغلقت أبواب التسجيل للمرحلة الثانية من انتخابات المجالس البلدية في ليبيا في 16 أبريل/نيسان الجاري، بأرقام خجولة تنم عن حالة عزوف طالت الشارع الليبي إزاء العملية الانتخابية.

ورغم تمديد المفوضية الوطنية العليا للانتخابات فترة التسجيل 3 مرات متتالية لتشجيع أكبر عدد ممكن على تسجيل أنفسهم في السجل الانتخابي، إلا أن الأعداد ظلت دون المستوى المتوقع، بحسب ما أفاد به رئيس المفوضية عماد السايح.

وفي آخر إحصائية نشرتها المفوضية، بلغ عدد المسجلين نحو 5608 آلاف ناخب وناخبة في 62 بلدية، مقارنة بتعداد سكاني يتجاوز 7.4 ملايين نسمة، وفق موقع "وورلد ميتر".

شملت هذه المرحلة من التسجيل لانتخابات بلديات رئيسية مثل طرابلس، وبنغازي، وطبرق، والكفرة، وسبها، وأوباري، وسرت، وقد أتت عقب نسبة مشاركة عالية نسبيا في المرحلة الأولى بنوفمبر/تشرين الثاني الماضي، التي وصلت إلى 74%.

عماد السايح: عدد المسجلين في الانتخابات البلدية دون المستوى (مفوضية الانتخابات) انسحاب صامت

في حديثه للجزيرة نت، اعتبر الناشط المدني والمتطوع في مفوضية الانتخابات محمد القويري، أن تجربة الانتخابات البلدية كشفت الستار عن تراجع ثقة الليبيين في صناديق الاقتراع نظرا لفشل تجارب انتخابية سابقة، أفرزت أجساما دون المستوى ما أدى إلى إحجام مَن يرى أن العزوف هو الرد الأنسب على فشل هذه الأجسام، "غير مدركين أن الامتناع يفسح المجال لخيارات لا تمثلهم".

إعلان

بدورها، تُرجع الناشطة المدنية رتاج خليفة -وهي أيضا متطوعة لدى مفوضية الانتخابات- ضعف الإقبال على التسجيل للانتخابات البلدية إلى غياب الوعي بأهمية هذا الاستحقاق.

من جانبه، قال المرشح لانتخابات المجلس البلدي بمدينة بنغازي الزبير البركي للجزيرة نت، "طالبنا كمترشحين ومهتمين بالشأن العام المفوضية بأن يكون سجل الناخبين منفصلا عن العملية الانتخابية، ومتاحا دائما، حتى يمكن للناس التسجيل في أي وقت، خصوصا بعد أن يطلعوا على برامج المترشحين ورؤاهم".

وتابع "لكن المفوضية لم تستجب وفتحت التسجيل فترة قصيرة جدا، ما جعل كثيرا من المواطنين يعزفون عن التسجيل لأنهم لا يعرفون المترشحين، ولا برامجهم".

أما المترشحة عن بلدية طرابلس المركز، انشراح بن طابون، فقد أكدت للجزيرة نت، أن أسباب العزوف عن الاستحقاقات الانتخابية هي نتيجة تراكمات سنوات من الفشل السياسي، مشيرة إلى أن الحكومات المتعاقبة كرّست واقعا مأزوما اتسم بالفساد والإقصاء وفرض سلطة الأمر الواقع.

خبراء أرجعوا أسباب العزوف إلى عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية (مفوضية الانتخابات) إقبال كثيف

وبالنسبة للناشط المدني سالم الحريك، الذي يقود مبادرة توعية المواطنين في سرت على المشاركة الانتخابية، فقد قارن حجم التسجيل بين مدن طرابلس وبنغازي وسرت كالتالي:

سجلت العاصمة طرابلس غربي ليبيا، والتي يتجاوز عدد سكانها 1.2 مليون نسمة، 14 ألف ناخب وناخبة في دائرة طرابلس المركز فقط. بلغ عدد المسجلين في مدينة بنغازي شرقي ليبيا، والتي يبلغ عدد سكانها نحو 845 ألف نسمة، 31 ألف مسجل في دائرة بنغازي المركز فقط. حققت مدينة سرت الواقعة شمالي ليبيا، وتبعد عن العاصمة طرابلس 450 كيلومترا ولا يتجاوز عدد سكانها 126 ألف نسمة، إقبالا ملحوظا على التسجيل بنحو 19.3 ألف ناخب وناخبة.

وعن دور الأحزاب في العملية السياسية ودعم الانتخابات البلدية، أوضح رئيس حزب الاستحقاق والعضو المؤسس لتكتل الوطن للجميع، عبد اللطيف سحيب للجزيرة نت، أن أسباب العزوف تعود إلى الانقسام التنفيذي بين الحكومتين شرقا وغربا والذي يحول دون الوصول إلى الاستحقاق بمفهومه الأشمل، فبعض البلديات تتبع الحكومة الليبية بينما تتبع أخرى حكومة الوحدة.

إعلان

تُحدق بالعملية الانتخابية عقبات كثيرة أبرزها ضمور الثقة وغياب الوعي. وأشار عضو المفوضية عبد الحكيم الشعاب بالخير إلى وجود تحديات تواجه عملهم أهمها:

غياب الدعم الحكومي الفعلي. نقص التمويل، إذ لم تُمنح مفوضية الانتخابات سوى نصف الميزانية مع وعود بصرف الجزء المتبقي عند انطلاق العملية الانتخابية. "تقاعس" وزارات الإعلام والثقافة والحكم المحلي عن التوعية بأهمية الانتخابات.

وأكد أن العملية الانتخابية ليست مسؤولية المفوضية وحدها، بل تتطلب شراكة وطنية متكاملة.

تآكل الثقة

من جانبها، أوضحت أستاذة العلوم السياسية بجامعة بنغازي عبير أمنينة للجزيرة نت، أن العزوف عن التسجيل في الانتخابات البلدية ناجم عن السياق السياسي الذي أفرز أوضاعا معيشية متأزمة، واجتماعية رثة أدت إلى انعدام الثقة.

كما أن الاختصاصات الممنوحة للمجالس البلدية لم تُرفق بصلاحيات مالية أو موارد فعلية، ناهيك عن الوضع الاقتصادي المتردي الذي دفع المواطنين إلى إعادة ترتيب أولوياتهم؛ إذ بات تأمين لقمة العيش ومحاولة مجاراة الارتفاع المتسارع في الأسعار يحتل الصدارة، بينما غدا الانخراط في العملية السياسية يُنظر إليه باعتباره ترفا لا يتسق مع ضرورات الحياة اليومية للمواطنين.

في حين قالت الباحثة المتخصصة في السياسات العامة والحوكمة حنين بوشوشة، للجزيرة نت، إن العزوف الانتخابي ينذر بوجود أزمة ثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة، ويمكن اعتباره تعبيرا صامتا عن انعدام الثقة في جدوى المشاركة السياسية إزاء التجارب الانتخابية السابقة التي لم تؤت وعودها، وهو ما يستدعي دراسة هذه الحالة والوقوف على مسبباتها.

وإزاء هذا الإحجام، يستنهض نشطاء ومرشحون الهمم لإعلاء صوت المشاركة، إذ أكد الناشط المدني محمد القويري، أن استعادة الثقة بالمسار الانتخابي تتطلب خطابا توعويا صادقا يُبين أن الصوت أداة تغيير، والمراقبة المجتمعية ضمان للتحول الديمقراطي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات العملیة الانتخابیة الانتخابات البلدیة مفوضیة الانتخابات للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

مجلس الشباب المصري يطلق برنامجًا تدريبيًا لإدارة الحملات الانتخابية

في خطوة تعكس إيمانه بأهمية المشاركة السياسية للشباب في تشكيل مستقبل الوطن، أختتم مجلس الشباب المصري فعاليات برنامجه التدريبي المتخصص تحت عنوان إدارة الحملات الانتخابية، الذي عقد علي مدار يومين، بمقر الأمانة المركزية للمجلس في القاهرة.

يأتي هذا البرنامج في توقيت دقيق يسبق الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، بهدف بناء قدرات الشباب وتأهيلهم للمشاركة الواعية والفاعلة في العملية السياسية، ليس فقط كناخبين أو داعمين، بل كفاعلين سياسيين وقادة رأي ومشاركين في صياغة المشهد الديمقراطي المصري. ويُعد البرنامج امتدادًا لنهج المجلس في ربط العمل الشبابي بالمسؤولية الوطنية، وتعزيز مسار الدمج السياسي المؤسسي للشباب في الحياة العامة.

أكد الدكتور محمد ممدوح، رئيس مجلس الامناء . وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن هذا البرنامج التدريبي ليس فعالية تقليدية، بل يمثل خطوة عملية في بناء جيل جديد من القيادات السياسية الواعية والمدربة، التي تستطيع خوض المنافسة الانتخابية باحترافية، وفهم السياق السياسي والتشريعي والقانوني المحيط بها.

 

 وأوضح ممدوح، أن التمكين الحقيقي للشباب لا يتحقق بالشعارات، بل ببناء المعرفة، وتعزيز المهارة، وتوسيع المشاركة الفعلية في المجال العام، وإن المجلس يؤمن أن المستقبل يبدأ من هنا.

استهلت فعاليات اليوم الأول بكلمة المستشار وجيه صادق، مستشار المجلس للتخطيط الاستراتيجي، الذي قدّم عرضًا تحليليًا تناول من خلاله آليات إدارة الحملات الانتخابية في السياقات السياسية المختلفة، مشددًا على أن الحملة الناجحة هي التي تبنى على رؤية استراتيجية واضحة، وخطة محكمة، وفريق عمل متناغم.

وشهد البرنامج مشاركة النائبة سميرة الجزار، عضو مجلس النواب، التي وجّهت كلمة للمشاركين أكدت فيها أن الشباب يمثلون ركيزة التغيير وقاطرة المستقبل، وأن تأهيلهم للمشاركة في الاستحقاقات الانتخابية يعكس نضجًا سياسيًا متزايدًا في المجتمع المصري، مشيدة بالدور الحيوي لمجلس الشباب المصري في هذا المجال.

وتضمن البرنامج مجموعة من المحاور التي تم تصميمها  لتغطية مختلف أبعاد العمل الانتخابي، منها الفرق بين مجلس النواب ومجلس الشيوخ وأدوار كل منهما، الإطار القانوني المنظم للترشح والاستحقاقات الانتخابية، مستويات التنظيم والحشد الانتخابي وبناء فرق العمل، أدوات التخطيط الاستراتيجي للحملات، إدارة الرسائل الإعلامية وبناء الصورة الذهنية للحملة، المشهد الانتخابي الداخلي والتكتيكات الفعالة أيام الاقتراع، ودور الإعلام التقليدي ومنصات التواصل الاجتماعي في الحملات الانتخابية.

وفي هذا السياق، قدّم المستشار إكرامي كشك، المحامي بالنقض، شرحًا مفصلًا حول البنية القانونية للعملية الانتخابية، مؤكدًا أن معرفة الأطر القانونية ليست رفاهية بل ضرورة لأي فاعل سياسي.

أما المستشار الإعلامي للمجلس أمجد فتحي فقد قاد جلسة تفاعلية نوعية تناول فيها البعد الإعلامي للحملة الانتخابية، مشيرًا إلى أن الإعلام هو ساحة المعركة الحقيقية، وأن المتحدث الرسمي للحملة يمثل واجهتها الفكرية والصورة الذهنية لها أمام الجمهور. 

 

ولفت فتحي، إلى أهمية التكامل بين الرسالة الإعلامية والاستراتيجية السياسية والرمزية البصرية للحملة من أجل تحقيق التأثير الجماهيري المطلوب.

قدم عمار محمد عضو الأمانة الفنية بالمجلس جلسة تطبيقية ، ركزت على تقسيم الأدوار داخل فريق الحملة الانتخابية، ومحاكاة مواقف واقعية من مراحل العمل الانتخابي، بهدف تحويل المعارف النظرية إلى ممارسات ميدانية فعلية.

وفي ختام الفعالية، تم توزيع شهادات المشاركة على المتدربين، وسط أجواء احتفالية عكست روح الحماس والمسؤولية لدى المشاركين، الذين أكدوا التزامهم بتطبيق ما اكتسبوه من مهارات ومعارف في دعم الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

الجدير بالذكر، يشكّل هذا البرنامج التدريبي جزءًا من سلسلة مبادرات وطنية ينفذها مجلس الشباب المصري لإرساء ثقافة المشاركة السياسية وتعزيز قدرات الشباب على قيادة العمل العام بكفاءة ووعي. ويؤكد المجلس من خلال هذه الفعاليات التزامه الراسخ بدعم جهود الدولة المصرية في تمكين الشباب ودمجهم في عملية صنع القرار، بما يتسق مع رؤية مصر 2030 التي تضع الشباب في قلب عملية التنمية وصنع القرار .

مقالات مشابهة

  • المفوضية تعيد 3 مرشحين إلى الانتخابات
  • المفوضية: بطاقة الناخب مؤمنة بالبصمة الثلاثية
  • لقاء أممي–روسي في طرابلس: تنسيق دولي لدعم خريطة الطريق الليبية
  • أروى الطويل للجزيرة نت: تسييس المساعدات أخطر ما يواجه العمل الإنساني
  • مجلس الشباب المصري يطلق برنامجًا تدريبيًا لإدارة الحملات الانتخابية
  • برلماني: مصر قادت المشهد السياسي في أزمة غزة بثباتٍ وحكمة تتفق ومكانتها الإقليمية
  • السلة الغذائية تتصدر الدعاية الانتخابية.. المفوضية تحسم الجدل: قانونية
  • روسيا تتهم حكومة الدبيبة الليبية بدعم أوكرانيا.. هل تحشد ضدها دوليا؟
  • أرقام مرعبة.. كيف يهدد المال السياسي نزاهة انتخابات العراق؟
  • اغلاق اللجان الانتخابية بنقابة الأطباء لأداء صلاة الجمعة