السولار الصناعي... بابٌ مفتوح على الموت
تاريخ النشر: 28th, May 2025 GMT
بين ركام المنازل المدمرة، ومع اقتراب الساعة من السابعة صباحًا، يبدأ الحاج خليل عكيلة يومه كل صباح، برفقة طفله يزن البالغ من العمر اثني عشر عامًا، في النبش بين أكوام الحجارة بحثًا عن قطع البلاستيك، وجمعها داخل كيس أبيض اللون يحمله الحاج خليل على ظهره المنحني.
يُكنى عكيلة بـ "أبو محمد"، ويبلغ من العمر سبعين عامًا، وله خمسة أبناء.
تفصل مسافة طويلة "أبو محمد" عن المكان الذي يُعاد فيه تدوير البلاستيك وتحويله إلى سولار صناعي، وهو يقع بالقرب من شاطئ بحر غزة، بعيدًا عن السكان، خوفًا من التلوث.
وأخيرًا، وبعد عناء الطريق، وصل أبو محمد إلى وجهته برفقة كيسه الأبيض الممتلئ بقطع البلاستيك، فوضعه على ميزان صاحب المحطة المختصة بإعادة التدوير، ليحصل مقابلها على خمسين شيكلًا.
يمسك أبو محمد بيد ابنه محمد اليسرى، بينما يمسك بيده اليمنى ورقة الخمسين شيكلًا، ويقربها من فمه ليقبلها حامدًا ربه على ما رزقه، آملاً أن يتمكن من شراء كيلو طحين بالكاد يكفي لإطعام عائلته.
"هات يا أحمد حبات البلاستيك نحطها داخل الصهريج بسرعة، يلا!"... كان هذا حديثًا دار بين أحمد كلاب، صاحب المصنع، وصديقه محمود الذي يعمل معه في صناعة السولار الصناعي.
يقول كلاب عن مخاطر المهنة التي تواجههم: "في الماضي، وقبل الحرب، كان سعر لتر السولار المستورد حوالي 8 شواكل، أما اليوم فيبلغ سعره 90 شيكلًا. أما السولار الصناعي، فسعره مرتبط بحالة المعبر؛ فإذا كان مفتوحًا يكون رخيصًا ويصل إلى 20 شيكلًا للتر، وإذا كان مغلقًا، فقد يصل إلى 50 شيكلًا".
وأشار كلاب إلى أنه يعمل في هذه المهنة منذ إغلاق المعابر وانقطاع السولار عن قطاع غزة، ما اضطر الناس للجوء إلى السولار الصناعي. ولفت إلى أنهم لا يصنعون السولار فقط، بل يُنتج لديهم البنزين أولًا، حيث يقومون بفحصه قبل استخدامه.
في تلك المنشأة، يغيب الأمان كليًا؛ لا معدات وقاية، ولا أنظمة سلامة، ولا ملابس مناسبة. محمد كلاب، أحد العاملين، يتعامل مع حرارة عالية وغازات سامة بيدين عاريتين. يوضح: "نستخلص البنزين أولًا، ثم ننتقل لصناعة السولار". وبينما يتحدث، يختنق الجو بدخان أسود خانق يملأ الرئتين ويُبعد المارّين.
وبعد ساعة من الزمن، انبعث الدخان الأسود من أرجاء المكان، وبدأ الشاب كلاب بالسعال وفرك عينيه نتيجة الانبعاثات، حتى غطى السواد وجهه الذي كان أبيض اللون.
إلى جانب كلاب، يقف محمود حاملًا قالونًا أصفر اللون، استعدادًا لتقديمه لأصحاب المركبات. وبينما كنا نتحدث، قاطعنا أحد الأشخاص طالبًا تعبئة القالون، بعد أن تعطلت مركبته في طريقه إلى جنوب قطاع غزة، إذ نفد منه السولار، وكان برفقته أحد الركاب.
يقول السائق أحمد: "ليس لدي خيار آخر سوى تعبئة السولار الصناعي لمركبتي، على الرغم من معرفتي بأنه يضر بماتور السيارة، ولكن لا يوجد بديل في ظل إغلاق المعابر بسبب الحرب".
وأشار إلى أن سعر السولار المستورد، إن وجد، فهو مرتفع جدًا، ولا يستطيع تعبئته لمركبته، خاصة أن الركاب غير قادرين على دفع مبالغ إضافية على الأجرة المعتادة.
وفي الحديث عن أضرار صناعة السولار الصناعي، يقول د. أيمن ياغي، أخصائي الأمراض الصدرية، بعد فحص أحد مرضاه:
"العمل في هذه المهنة خطير وله تداعيات مستقبلية، كالإصابة بالسرطان والذبحات الصدرية، في ظل انعدام أدوات السلامة والرقابة الصحية".
ويبقى السؤال الأهم: متى ستنتهي هذه الظاهرة الخطيرة التي تقتل العاملين بها ببطء
المصدر : وكالة سوا - نسرين ياغي اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين غزة: طلبة الهندسة يبتكرون حلولًا هندسية تحت الحرب استمرار عدوان الاحتلال على جنين ومخيمها لليوم الـ128 السعودية: نواصل الجهود لإنهاء الحرب والسماح بتدفق المساعدات إلى غزة الأكثر قراءة فصائل المقاومة تُحذّر المواطنين من مخططات دفعهم للنزوح جنوب قطاع غزة الرئيس عباس يطلق نداءً عاجلا لقادة دول العالم حول الوضع الكارثي في غزة تطورات سياسية غير مسبوقة صحة غزة: الاحتلال يستهدف مولدات المستشفيات ويُفاقم الكارثة الطبية عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025
المصدر: وكالة سوا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
سندويتشات نهاية الأسبوع
#سندويتشات نهاية الأسبوع
بقلم: د. #ذوقان_عبيدات
(١)
*من يعلق الجرس؟
الروابدة والإدارة!
ليس مفاجئًا أن يقول الروابدة: مشكلتنا إدارية! تسلّمَ الإدارة من ليس أهلا لها، لم ننجح في وضع معايير لإنتاج الإدارات، والقيادات، فبقي التدوير، والمحاصصة، والتوريث، والاسترضاء، وحجز المنصب بالشفعة، أو وضع اليد هي وسائل اختيار إداراتنا. إذن؛ من يتوقع إدارات أردنية قادرة على التحديث، والتطوير؟
لا يزال قرار إداري كبير منعي من دخول المركز الوطني للمناهج نموذجًا للفشل الإداري!
فهل سيبقى التحديث معطّلًا؟
من الغباء توقع غير ذلك!
لكن صرخة الروابدة هي تعليق للجرس؟ فلماذا لا نفعل؟
(٢)
الذباب الإلكتروني والكلاب الإلكترونية!
الذباب الإلكتروني كائنات خفية تحركه أيادٍ معروفة، وقد تكون خارجية “إسرائيل” مثلًا بهدف نشر سلوكيات، وشائعات تؤدي إلى فتن، واضطرابات.
أما الكلاب الإلكترونية، فهي عكس الذباب! إنهم أشخاص منفردون معروفون جدّا، يتقنون لغة غير أخلاقية كالسّباب، والشتائم، ويتفقون مع الذباب في أنهم مبرمجون من أيادٍ معظمها داخلية. وقد يكونون بانطلاقة ذاتية يؤمنون بها.
تنقسم الكلاب الإلكترونية إلى فريق تدعي وقوفها دفاعًا لصدّ
ألأعداء وفريق استباقي مهاجمًا أعداء وهميّين.
! لا أدري لماذا يسمّون كلابًا، ربما لأنهم يتقنون النهش، والصوت العالي وسرعة الانطلاق !
يقل وجود الذباب والكلاب في المجتمعات الصلبة والمواطنة الصلبة! وتكثر في المجتمعات السائلة حيث تنخفض درجة المواطنة والاحترام.
(٣)
دولة بلا روح، وروح بلا دولة!
يقال: إن لبنان روح بلا دولة، بمعنى أنها تفرح، وتغني، وتقاوم، وتقبل، وترفض، وتحترم الحرية والفن، والمسرح، والسينما، والغناء، والموسيقى بالرغم من أنها تعاني من آلام شديدة في الجسد! فهي لا تمتلك قوة الجسد، ولكنها غنية بقوة الروح!
بينما هناك دول عديدة تمتلك جسدًا قويّا جدّا، بأجهزة سليمة، وخلايا غير سرطانية، ولكنها تفتقر إلى الروح! ترفض مجتمعاتها أيّ حركة باتجاه الفن والغناء، ويعدّون الثقافة والموسيق انحلالًا، وتثور ضدّ كلمة في رواية، وترفض قصيدة غزل!
إنها دول الجسد دون روح!
هذه دول عديدة شرقًا وغربًا!
(٣)
خبز الشعيرنسمع شكاوى عديدة على إعلامنا:
فهو إعلام استهلاكي دائمًا، يتحرك بعضه بحدود ضيقة جدّا، وبسماء ملاصقة لرقبة مسؤول.
يتذمرون من صعوبة منافسة الإعلام الأردني للإعلام العربي.
يخرج الإعلامي الأردني من الوطن، فيبدع بعد فترة قصيرة! بعضهم يعزو ذلك للمال العربي، وكثيرون يعزون ذلك لأمراض سياسية، وإدارية مستحكمة فينا!
يقال: يبرَع إعلامنا في الدفاع اليائس عن مسؤول، أو عن سياسات، أو عن مواقف ضعيفة، ولذلك يقال: إن إعلامنا تبريري دفاعي يدعي أننا متهمون دائمًا!
لقد سئمنا مقولة خبز الشعير!! (٤)
زياد وجورج عبد الله
ما إن فرح لبنان بتحرر جورج عبد الله، حتى فجِع بوفاة زياد!
وكأن لبنان لا يتسع لفرح شامل!
ما يفاجىء فعلًا أن جورج عبد الله
هتف لفلسطين، والمقاومة، وأجاب عن سؤال أو قدّم معادلة:
حين تكون كلفة السجين أعلى من كلفة تحريره، يتحرر السجين!
وهذا يعني أن فرنسا دفعت ثمنًا غاليًا من سمعة ثورتها ومناضليها
انصياعًا للموقف الأمريكي!
ولذلك تحرّر جورج عبد الله!
عودة إلى زياد، فقد تم نشر أقوال له يتداولها اللبنانيون كما يتداولون فلسفة جبران خليل جبران:
-الحرية مش إنك تحكي،
الحرية إنك ما تخاف تحكي!
وما تخاف تتحاسب على حكيك.
-بتصفّي قلبك، بتصفّي نيتك،
بتصفّي أهبل.
-ما حدا مبسوط! نيّالك يا ما حدا! أنت الوحيد المبسوط.
-“خليك صريح! خلّيك تلقائي مع الناس، بتخسر كل الناس!
-الوطن ما بتروح وبتتركه وراك! الوطن يمشي معاك.
وأخيرًا كلام يدغدغ الأردنيين:
“كم بُكْرَة استَنّينا ،كم بُكْرة مرق علينا، وبعدنا ما شفنا ولا بكرة”. (٥) الباب المفتوح والعقل غير المفتوح!
فيه مسؤول بابه مفتوح، وعقله “مِشْ”مفتوح.
وفيه مسؤول عقله مفتوح، وبابه مش مفتوح.
وفيه مسؤول نادر ، بابه مفتوح وعقله مفتوح.
وفيه “مسائيل” كثر: بابهم “مِشْ”مفتوح، وعقلهم مش مفتوح!
فهمت عليّ؟!!!