إعادة رسم خرائط أنهار العالم كله لتحسين التنبؤ بالفيضانات
تاريخ النشر: 3rd, June 2025 GMT
في خطوة متقدمة، يمكن ان تُشكل نقلة نوعية في مجال التنبؤ بالفيضانات والتخطيط لمخاطر المناخ وإدارة موارد المياه، أنشأ فريق من الباحثين في جامعة أكسفورد خريطة تختلف عن خرائط أنهار العالم السابقة، يمكن ان تُعتبر الأكثر اكتمالًا على الإطلاق.
وتُقدم الدراسة الجديدة، التي نُشرت في دورية ووتر ريسورسز ريسيرتش، نظاما جديدا لرسم الخرائط يظهر كيفية تدفق الأنهار وتفرعها وترابطها بين المناظر الطبيعية.
في الوقت الذي تعتبر فيه الأنهار إحدى أهم دعائم الحياة، الا أنها تُشكل أيضًا مخاطر متزايدة، نظرًا للتغيرات المناخية التي أدت إلى عدم انتظام هطول الأمطار وارتفاع منسوب مياه البحر، حيث من المتوقع أن تزداد وتيرة الفيضانات وشدتها في أنحاء كثيرة من العالم، ولهذا وبحسب بيان جامعة أكسفورد، فإن خرائط الأنهار العالمية الحالية قديمة ومبسطة للغاية، إذ إنها تفترض أن الأنهار تتدفق في اتجاه واحد ولا تنقسم أبدًا
ويقول الدكتور ميشيل ورتمان، الذي طوّر برنامج "طوبولوجيا الأنهار العالمية" في جامعة أكسفورد، في تصريحات خاصة للجزيرة نت: "لقد افترضت نماذج الفيضانات في خارطة الأنهار العالمية السابقة، (الخاصة بدول أو قارات العالم بأكمله)، أن الأنهار ستلتحم فقط عند جريانها باتجاه مجرى النهر".
إعلانويضيف "وغفلت هذه الخارطة مسار الأنهار وخاصية انقسام الأنهار"، إذ إن العديد من الأنهار الكبيرة تنقسم عند تدفقها باتجاه مجرى النهر، إما إلى قنوات مختلفة، أو أذرع متعددة في الدلتا، أو قنوات من صنع الإنسان، ولهذا فان شبكتنا النهرية تلتقط هذه الأنهار المنقسمة أو المتفرعة، مما يُمكّن نماذج الفيضانات وأنظمة الإنذار المبكر بالأنهار من تمثيلها بدقة".
ويقول البيان الصحفي الصادر من جامعة أكسفورد "تُعد أنظمة الأنهار المتفرعة هذه مهمة لأنها غالبًا ما توجد في مناطق مكتظة بالسكان ومعرضة للفيضانات، وهي ضرورية لفهم حركة المياه عبر سطح الأرض".
ولمعالجة هذا القصور في خرائط الأنهار الحالية المستخدمة لإدارة المياه والتنبؤ بالفيضانات، طوّر الفريق العلمي في جامعة أكسفورد شبكة عالمية جديدة للأنهار تُسمى "طوبولوجيا الأنهار العالمية"، والتي تشمل تدفق هذه الأنهار المتفرعة والقنوات الكبيرة، وترابطها مُجسّدةً بذلك تعقيدها.
طوبولوجيا الأنهار العالميةيقول البيان الصادر من جامعة أكسفورد إن الشبكة العالمية لطوبولوجيا الأنهار العالمية، أُنشئت من خلال الجمع بين صور الأقمار الاصطناعية عالية الدقة للأنهار وبيانات الارتفاعات المتقدمة لسطح الأرض.
وبحسب الدراسة تُظهر الشبكة جميع الأنهار التي يزيد عرضها عن 30 مترًا، بالإضافة إلى أجزاء مجرى النهر، إضافة إلى شبكة الأنهار متعددة الخيوط على نطاق إقليمي في 7 مناطق مُختارة من العالم، مثل نهر فريزر، ونهر الأمازون، ونهر الراين-ميز، ونهر الكونغو، ونهر بادما-براهمابوترا، ونهر ميكونغ، ونهر اللؤلؤ.
هذه الشبكة لا تشمل قنوات الأنهار الأساسية فحسب، بل تُوفر أيضًا معلومات عن اتجاهات تدفق الأنهار وعرضها ونقاط انقسامها، حيث يبلغ الطول الإجمالي لأنهار خارطة الشبكة العالمية 19.6 مليون كيلومتر، وتشمل 67 ألف تشعب.
إعلانيقول الدكتور ميشيل ورتمان في تصريحه الذي تضمنه بيان جامعة أكسفورد: "كنا بحاجة إلى خريطة عالمية تعكس سلوك الأنهار الفعلي، إذ لا يكفي افتراض أن الأنهار تنحدر في خط مستقيم، خاصةً عندما نحاول التنبؤ بالفيضانات، أو فهم النظم البيئية، أو التخطيط لتأثيرات المناخ، وبالتالي فان هذه الخارطة تظهر أنهار العالم بكل تعقيداتها".
وحول الأنهار العربية التي شملتها خريطة أنهار العالم الجديدة، يقول ميشيل روثمان في تصريحاته للجزيرة نت: "نعم، تشمل خريطة شبكتنا جميع أنهار العالم التي تزيد مساحة تصريفها عن 50 كيلومترًا مربعًا. وهذا يشمل أيضًا أنهار الشرق الأوسط ذات القنوات الكبيرة والتشعبات النهرية، وعلى سبيل المثال، نهر دجلة حيث ينقسم شط الغراف عن فرع دجلة الرئيسي.، وهذا التشعب الكبير وغيره من التشعبات النهرية لم يُمثل في شبكات الأنهار السابقة. "
مميزات وتطلعاتبحسب بيان جامعة أكسفورد، تُعدّ الأنهار حيوية للنظم البيئية والحياة البشرية، ولكن مع ازدياد تطرف الطقس بفعل تغير المناخ، فإنها تزداد خطورة – خاصةً أثناء الفيضانات.
وللاستعداد، يحتاج العلماء والحكومات إلى فهم أين يُحتمل أن تتجه المياه على نطاق واسع، وبالتالي فأنه من المتوقع أن تُحسّن شبكة طوبولوجيا الأنهار العالمية، بشكل كبير التطبيقات في مجالات علم المياه والبيئة والجيومورفولوجيا وإدارة الفيضانات، كما يمكن أن تُشكل خطوة كبيرة إلى الأمام في مجال التنبؤ بالفيضانات والتكيف مع تغير المناخ.
يتيح نظام شبكة الأنهار الجديدة رؤية أكثر شمولاً لحركة المياه، مما يُساعد على تحسين نماذج الفيضانات، وأنظمة إدارة المياه، والتخطيط للكوارث، إضافة الى ذلك فان نظام الشبكة الجديدة، تدعم تطوير نماذج عالمية قائمة على البيانات (الذكاء الاصطناعي) للفيضانات، والجفاف، وجودة المياه، والحفاظ على الموائل، والمخاطر البيئية، وتمثل قفزة إلى الأمام.
إعلانويقول ميشيل ورتمان في تصريحه للجزيرة نت: "يستخدم نظام شبكتنا أيضًا صور الأقمار الصناعية للأنهار، فإن هذا يُمكّنه من إظهار طبيعة الأنهار المعقدة، وكيفية تفرّعها عبر المناظر الطبيعية، كما يُتيح لنا تضمين قنوات متعددة للنهر نفسه، أو قنوات كبيرة تتصل بالأنهار، أو فروع الأنهار المتعددة في الدلتا، كما هو الحال في دلتا النيل".
من جانب آخر، قالت لويز سلاتر، أستاذة علم المناخ المائي بجامعة أكسفورد: "لقد صُمم نظام شبكة الأنهار الجديدة ليتطور نظرًا لكونها آلية بالكامل، على عكس الشبكات العالمية السابقة، يُمكننا تحديثها باستمرار بأحدث صور الأقمار الصناعية والبيانات الطبوغرافية، لفهم التغيرات في الأنهار والمناظر الطبيعية ".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الحج حريات الحج التنبؤ بالفیضانات جامعة أکسفورد أنهار العالم
إقرأ أيضاً:
"أكسفورد للأعمال" تؤكد الثقة في مسار التنمية في عمان.. وتسليط الضوء على إنجازات التنويع الاقتصادي
مسقط- الرؤية
سلطت مجموعة أكسفورد للأعمال (OBG)- وهي شركة استشارية وبحثية عالمية- الضوء على التقدُّم الذي تحققه سلطنة عُمان في مجالات التنويع الاقتصادي والاستدامة وتوسيع دور القطاع الخاص ضمن رؤية "عُمان 2040"، وذلك في تقريرها الجديد "عُمان 2025".
ويرصُد التقرير التقدُّم الذي أحرزته سلطنة عُمان في تقليل اعتمادها على قطاع الهيدروكربونات؛ حيث تُسهم القطاعات غير النفطية حالياً بأكثر من ثلثي الناتج المحلي الإجمالي. وتشملُ المجالات الرئيسية للنمو كلًّا من: الصناعات التحويلية، واللوجستيات، والسياحة، والطاقة المتجددة، كما يُبرز التقرير إطلاق "صندوق مستقبل عُمان" بقيمة 5.2 مليار دولار أمريكي باعتباره تطوراً رئيسياً يهدف لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة المستهدفة، لا سيما في الصناعات ذات النمو المرتفع.
ويتضمَّن التقريرُ فصلًا مخصصًا للتجارة والاستثمار -وهو الأول من نوعه في هذه السلسلة من المنشورات- والذي يُسلط الضوء على جهود عُمان لتوسيع حضورها في التجارة العالمية، وتعزيز جاذبيتها للمستثمرين الدوليين. كما يستعرضُ التقرير المبادرات الجديدة التي تهدف لتبسيط إجراءات الأعمال؛ بما في ذلك إنشاء صالة "استثمر في عُمان" التي تقدم خدمات مُوحَّدة لدعم الاستثمارات الواردة.
ويعرضُ التقرير أيضاً بيانات عن تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتزايدة، والأداء القوي للصادرات، والزخم القطاعي في مجالات؛ مثل: الطاقة المتجددة، والصناعات التحويلية، واللوجستيات. كما يتم تقييم توسع شبكة اتفاقيات التجارة الخاصة بسلطنة عُمان، ومشاركتها المتزايدة في المنتديات التجارية مُتعددة الأطراف، مع التركيز بشكل خاص على الشراكات الإستراتيجية؛ بما في ذلك تعميق الروابط التجارية مع الولايات المتحدة، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وعدد من الشركاء الإقليميين الرئيسيين.
ويستعرضُ التقرير مشاريع البنية الأساسية الإستراتيجية؛ مثل: توسيع نطاق الوصول إلى الإنترنت عريض النطاق وشبكات النقل، إلى جانب دور مناطق التجارة الحرة ؛ مثل: صحار، صلالة، المزيونة والمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم (SEZAD) في تعزيز مكانة عُمان التجارية الإقليمية، كما يستعرض الإصلاحات المالية والتنظيمية التي تم تنفيذها لتحسين بيئة الأعمال، بما في ذلك تطبيق ضريبة القيمة المضافة وتعديلات قانون العمل.
وحظيتْ جهُود التحول الرقمي بتركيز كبير، مع تقديم رؤى حول إستراتيجية السلطنة لسد الفجوة الرقمية والاستفادة من التكنولوجيا لتعزيز التنافسية، ويتضمَّن التقرير أيضاً لمحة عامة عن جهود دمج القطاع المصرفي، ونمو التمويل الإسلامي، والإجراءات المتخذة لضمان الاستقرار النقدي.
ويحتوي تقرير "عُمان 2025" على آراء ولقاءات مع كبار الشخصيات في القطاعين الحكومي والخاص، ومن أبرز من تمَّت مقابلتهم: معالي قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار؛ ومعالي عبدالسلام بن محمد المرشدي رئيس جهاز الاستثمار العُماني؛ ومعالي الدكتور خميس بن سيف الجابري رئيس وحدة متابعة تنفيذ رؤية "عُمان 2040"؛ ومعالي المهندس سعيد بن حمود المعولي وزير النقل والاتصالات وتقنية المعلومات؛ ومعالي سالم بن محمد المحروقي وزير التراث والسياحة؛ ومعالي الدكتور سعود بن حمود الحبسي وزير الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، وسعادة الشيخ عبدالله بن سالم السالمي رئيس هيئة الخدمات المالية؛ والدكتور أفلح بن سعيد الحضرمي المدير العام لشركة تنمية نفط عُمان.
وفي تعليقه خلال مقابلته مع مجموعة أكسفورد للأعمال، أكد معالي قيس اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، التزام سلطنة عُمان المستمر بتحقيق أهداف المناخ يُسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي الكلي وزيادة اهتمام المستثمرين، موضحا: "من الضروري أن يكون نظام التجارة في عُمان قادراً على التعامل مع قضايا التغير المناخي والاستدامة؛ لتجنب الانقسامات وضمان سلامة طرق التجارة، والحفاظ على بيئة أعمال مستقرة ويمكن التنبؤ بها".
من جانبها، قالت دانا كارمن أغاربشيان مديرة مكتب مجموعة أكسفورد للأعمال في سلطنة عُمان، إنَّ نتائج التقرير تعزز أهمية التعاون بين القطاعين الحكومي والخاص لتحقيق التحول الاقتصادي. وأضافت: "يعكس تقريرنا ثقة متزايدة في مسار التنمية في سلطنة عُمان. وتُظهر المقابلات والتحليلات الواردة في هذا الإصدار كيف أن تنفيذ السياسات، والانضباط المالي، والأطر الاستثمارية الجديدة تُسهم في تحقيق نمو شامل ومستدام على المدى الطويل".
وقد أُعِد تقرير "عُمان 2025" بالشراكة مع وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، وصالة "استثمر في عُمان"، والشركة العمانية العالمية للتنمية والاستثمار "أومينفست"، وهو نتاج عام كامل من البحث الميداني أجراه فريق من المحللين في مجموعة أكسفورد للأعمال، إذ يقدم التقرير تحليلاً شاملاً لأداء الاقتصاد العُماني وآفاقه، وهو متوفر بنسختيه المطبوعة والإلكترونية.