طرابلس- عشية عيد الأضحى، تسود حالة من التوتر في العاصمة الليبية، في ظل خوف حقيقي من احتمال تجدّد القتال بين المجموعات المسلحة المتنافسة، بعد جولة دامية في منتصف شهر أيار/مايو.

وبينما تملأ رندا المحمودي (في الثلاثينات) عربة تسوّق في أحد المتاجر الكبرى في حي السياحية في غرب طرابلس، تقول لوكالة فرانس برس "هناك اختناقات مرورية، والمحلات التجارية والمدارس مفتوحة، وحركة الطيران.

.. كل شيء عاد إلى طبيعته في طرابلس، لكننا نشعر أن هناك شيئا ما غير طبيعي".

ويحلّ عيد الأضحى الجمعة في ليبيا.

وتتابع الأم لثلاثة أولاد والمعلمة "نحاول، من أجل الأطفال فقط، أن نفعل الأشياء كالمعتاد، دون التفكير في ما قد يحدث. وإلا لن نتمكّن من الاستمرار".

ويقول نور الدين الشاوش (48 عاما) إن أطفاله "يرتجفون عندما يسمعون الألعاب النارية في حفلات الزفاف"، بسبب الصدمة التي أصابتهم نتيجة أعمال العنف التي هزّت العاصمة على مرّ السنين.

ويؤكد حمزة الأحمر (39 عاما)، وهو موظف في شركة خاصة، "يوجد تخوّف عمّا سيحصل بعد العيد. هل ستتجدّد الاشتباكات؟"، مضيفا "لا توجد رسالة طمأنة من الحكومة".

ويضيف "نحاول بدء عطلة عيد الأضحى في جوّ من التفاؤل (...)، ونترك التساؤلات ونحاول التنعّم بأجواء عائلية هادئة".

وعلى الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار، لا تزال التحركات العسكرية في ضواحي طرابلس مستمرة. وتنشر بين الحين والآخر مقاطع فيديو يصعب التحقّق من صحتها، عن توافد فوات عسكرية داعمة لحكومة عبد الحميد الدبيبة من مصراتة إلى طرابلس.

- اختلال التوازن -

وتكافح ليبيا من أجل استعادة الاستقرار منذ الإطاحة بمعمر القذافي في عام 2011، بعد أن حكم البلاد 42 عاما. وتتنافس على السلطة حكومة الوحدة الوطنية التي تتخذ من طرابلس مقرا، والتي تعترف بها الأمم المتحدة ويرأسها الدبيبة، وأخرى في بنغازي (شرق) مدعومة من المشير خليفة حفتر.

في منتصف شهر مايو/أيار، قرّر الدبيبة تفكيك "جميع الميليشيات" التي تتقاسم النفوذ في طرابلس، والتي اتهمها بأنها أصبحت "أقوى من الدولة"، ما أدّى إلى اندلاع قتال في وسط المدينة أسفر عن مقتل ثمانية أشخاص على الأقل، بحسب الأمم المتحدة.

واندلعت المواجهات الأولى في أعقاب مقتل القيادي البارز عبد الغني الككلي، المعروف باسم غنيوة، رئيس جهاز الدعم والاستقرار، وهي جماعة مسلحة متمركزة في أبو سليم (القطاع الجنوبي من طرابلس) وبات لها نفوذ في قطاعات اقتصادية رئيسية.

في اليوم التالي، اندلعت معارك منفصلة أكثر عنفا بين قوات حكومة الوحدة الوطنية وقوات الردع، وهي مجموعة أخرى شديدة النفوذ تسيطر على شرق العاصمة والمطار وأكبر سجون العاصمة.

وأدّى قرار دبيبة الى إعادة ترتيب مناطق نفوذ الجماعات المسلحة.

ويقول فتحي شبلي، وهو مدرّس متقاعد يبلغ من العمر 64 عاما، "ظاهريا، قد يكون هناك هدوء، لكن لا أعتقد أن الأمور عادتن الى طبيعتها. الناس لا يزالون يخشون تجدّد الاشتباكات في أي وقت، لأن المشكلة التي حدثت بسببها هذه الاشتباكات لم تنته بعد".

وتابع "رحيل عبد الحميد الدبيبة الآن لن يحلّ الأزمة في ليبيا، لأن الدبيبة هو جزء من المشكلة وليس كل المشكلة. الأجسام السياسية لاتي فقدت شرعيتها تشكّل المشكلة"، داعيا الى "انتخاب سلطات جديدة لإعادة الاستقرار لليبيا".

- "صفقة جديدة" -

وتحدّث المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك الأربعاء عن "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في مراكز الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية التي يديرها جهاز أمن الدولة".

وبحسب مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، تم العثور على ما لا يقل عن "عشر جثث متفحمة" في مقر جهاز دعم الاستقرار، فضلا عن "67 جثة في مشرحتي مستشفيي أبو سليم والخضراء"، في حين "تم اكتشاف موقع دفن في حديقة حيوانات طرابلس التي كانت تحت سيطرة جهاز دعم الاستقرار في ليبيا".

وكانت قوات حكومة الدبيبة سيطرت على مقار الجهاز بعد مقتل قائده.

وتقول رنا المحمودي "ننتظر لنرى. هناك وضع جديد في طرابلس بعد مقتل غنيوة والمشاكل مع الردع لم تنته".

على مدار ثلاثة الأسابيع الماضية، تجمّع مئات الليبيين كل يوم جمعة، أغلبهم من حي سوق الجمعة حيث معقل قوة الردع، في وسط المدينة للمطالبة باستقالة حكومة الدبيبة.

فيما خرجت تظاهرة مؤيدة لحكومة الدبيبة يوم الجمعة الماضي، تطالب بحلّ كافة المجموعات المسلحة وترفض الحرب في طرابلس.

ورغم أن طرابلس تنعم بهدوء نسبي منذ الهجوم العسكري الواسع النطاق الذي شنّته قوات المشير خليفة حفتر في 2019 وانتهى في حزيران/يونيو 2020 بوقف دائم لإطلاق النار، تشهد العاصمة من حين إلى آخر اشتباكات بين مجموعات مسلّحة متنافسة لأسباب تتعلّق بالصراع على مناطق النفوذ والمواقع الحيوية.

المصدر: شبكة الأمة برس

كلمات دلالية: عید الأضحى فی طرابلس

إقرأ أيضاً:

الدبيبة يقدم اقتراحا للمجلس الرئاسي بهدف ترسيخ الأمن في طرابلس

اقترح رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، تشكيل لجنتين أمنية وحقوقية لترسيخ الأمن وتعزيز سلطة الدولة في العاصمة طرابلس، التي تشهد توترات أمنية وسياسية منذ نحو أسبوعين.

وخلال خطاب وجّهه إلى رئيس المجلس الرئاسي القائد الأعلى للجيش الليبي محمد المنفي، قال الدبيبة، إن هذين المقترحين يأتيان “في ضوء ما تم من تواصل مكثف بيننا خلال اليومين الماضيين، وما توافقنا عليه بشأن ضرورة اتخاذ خطوات عملية لترسيخ الأمن وتعزيز سلطة الدولة وضمان احترام الحقوق”.

وينص المقترح الأول، بحسب البيان، على "تشكيل لجنة مؤقتة للترتيبات الأمنية والعسكرية مكونة من وزارتي الدفاع والداخلية، وتكلف بتنفيذ خطة شاملة لإخلاء العاصمة من المظاهر المسلحة، وتمكين القوات النظامية من أداء دورها في بسط النظام والأمن وتطبيق القانون".

وأما المقترح الثاني فإنه ينص على "تشكيل لجنة حقوقية من وزارة العدل والنيابة العامة والنقابة العامة للمحامين وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وذلك لمتابعة أوضاع السجون وأماكن الاحتجاز والموقوفين"، بحسب البيان.



كما أعرب الدبيبة، عن آماله في سرعة اعتماد المقترحين "دعما للتفاهمات التي تم التوصل إليها وتفعيلا للآليات التنفيذية المشتركة بين السلطات الرسمية، ودعما لمسار التهدئة الجارية".

وشهدت طرابلس خلال الأسبوعين الماضيين توترات أمنية تمثلت في اشتباكات مسلحة بين قوات حكومة الوحدة الوطنية وتشكيلات مسلحة، إلى جانب توترات سياسية عبر استمرار المظاهرات والاحتجاجات المناوئة لحكومة الوحدة وأخرى مؤيدة لها.

وتعيش ليبيا أزمة منذ أكثر من ثلاث سنوات متمثلة في صراع بين حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة ومقرها العاصمة طرابلس التي تدير منها كامل غرب البلاد، وحكومة أسامة حماد، التي كلفها مجلس النواب ومقرها بنغازي، وتدير شرق البلاد كاملا ومدنا في الجنوب.

ووسط كل ذلك تتابع بعثة الأمم المتحدة لدي ليبيا جهودا تهدف لإيصال ليبيا إلى انتخابات، يأمل الليبيون أن تؤدي إلى وضع حد للصراعات السياسية والمسلحة وإنهاء الفترات الانتقالية المتواصلة منذ الإطاحة بنظام حكم معمر القذافي (1969-2011).

مقالات مشابهة

  • في أول أيام عيد الأضحى.. الداخلية تكثّف انتشارها الأمني في طرابلس
  • ليبيا.. المنفي يشكل لجنة ترتيبات أمنية وعسكرية بطرابلس بعد الاتفاق مع الدبيبة
  • «المنفي» يؤدي صلاة عيد الأضحى مع جموع المصلين في طرابلس
  • الدبيبة يقدم اقتراحا للمجلس الرئاسي بهدف ترسيخ الأمن في طرابلس
  • الدبيبة والمنفي يطلقان خطة شاملة لبسط الأمن في طرابلس
  • الدبيبة يقترح تشكيل لجنتين «أمنية وحقوقية» لدعم الاستقرار وتعزيز هيبة الدولة في طرابلس
  • بوشناف يبحث مع وفد أممي سبل الحفاظ على الهدنة والتمهيد للانتخابات
  • ليبيا.. الدبيبة يطرح “مبادرة سياسية” للخروج من الأزمة
  • مبادرة سياسية لحكومة الدبيبة للخروج من المأزق السياسي.. هذه مساراتها