جريدة الرؤية العمانية:
2025-06-07@06:40:22 GMT

كيف وصلنا إلى هذا الدرك من الهوان؟

تاريخ النشر: 5th, June 2025 GMT

كيف وصلنا إلى هذا الدرك من الهوان؟

 

 

محمد بن سالم التوبي

هل يتصوَّر عربيٌ في أسوأ كوابيسه أن يصل بنا الحال إلى هذا الدرك من الهوان والذل؟! والله إنها مصيبة لا بعدها مصيبة، وذل ليس بعده ذل، أن تصل أمة المليار إلى هذه المنزلة التي لا نحترم فيها مُقدَّساتنا، ولا نرفع راية نصر لإخواننا، ولا نستخدم ما بأيدينا من أدوات في القانون الدولي أمام ما نراه يوميًا من قتل وإبادة يرتكبها الكيان الصهيوني المقيت!

كيف لنا أن يصل بنا الحال إلى أن تُداس كرامة العرب بأقدام المعتدين ونحن نشاهد ذلك؟! كيف لنا أن نتقبل كل تلك المشاهد اليومية؛ حيث يُقتل الأطفال الرضع في مشاهد تقشعر لها الأبدان، ولا يقبلها دين ولا عقل ولا ضمير؟!

إنَّ ما نراه اليوم لهو أمر يفوق كل خيال؛ فالآلة العسكرية الإسرائيلية تحصد أرواح الأبرياء دون هوادة، والمجتمع الدولي يتفرج، وأكثر العرب والمسلمين صامتون أو متخاذلون، وكأن دماء الأطفال في غزة ماء لا قيمة له، وكأن كرامة الأمة التي كنا نحلم بها قد ذهبت إلى غير رجعة.

المفارقة العجيبة أن الغرب نفسه- وهُم الذين تفصلهم عنَّا آلاف الكيلومترات ولا تجمعهم بأهل غزة لا لغة ولا دين ولا تاريخ- ينتفضون لتلك المشاهد الأليمة؛ إذ سَئموا آلة التقتيل، وسَئموا تلك الصور البشعة التي تهُز الضمائر، والتي لا يمكن لإنسان يعيش في هذا الكون أن يراها ويَسكُتْ.

رأيتُ ذلك بعيني، رأيت مظاهرات ضخمة تجتاح عواصم ومدنًا أوروبية، تصرخ ضد الاحتلال وتُندد بإسرائيل، في مشهدٍ يُعيد إليك الأمل أن في هذا العالم قلوبًا تنبض بالحرية الحقَّة، وتُناصر العدل وحق الشعوب في الدفاع عن أرضها وترابها. ما زال في هذا العالم من يكافح لأجل فلسطين، وما زالت قضيتنا حيّة في قلوب الكثير من أبناء هذا العالم.

حين تسمع تلك الهتافات التي تخرج من حناجر الأحرار، تُدرك أن تحرير فلسطين لن يكون بأيادٍ رسمية مُرتبطة بأنظمةٍ لا تملك قرارها، وإنما سيكون على أيدي الأحرار في هذا العالم، يقودهم أبناء فلسطين المؤمنون بقضيتهم، أولئك الذين رفعوا راية "لا إله إلا الله" التي حرَّرت العرب يومًا من عبادة الأصنام، وهي الكلمة ذاتها التي ينبغي أن تجوب اليوم العالم لتُخلِّصه من الظلم والطغيان إلى عبادة الواحد الديّان.

أمة المليار مُطالبة اليوم بأن تُعيد قراءة تاريخها، وتستعيد كرامتها، وتُوظِّف ما لديها من إمكانات وأدوات سياسية وقانونية في الدفاع عن مُقدساتها ودماء أطفالها. إنها أمانة التاريخ وأمانة الشهداء الذين سقطوا وما يزالون يسقطون تباعًا من أجل كرامة هذه الأمة.

إنَّ في التاريخ دروس لا ترحم؛ فعلينا أن نتذكر أن كل أُمَّة تخلَّت عن قيمها وخذلت أبنائها، خسرت احترامها بين الأمم، وكما قال ابن خلدون في مقدمته: "الظلم مؤذن بخراب العمران"؛ فحين يعُم الظلم وتسكت الأمة عن نُصرة الحق، تتهاوى الدول كما تتهاوى أوراق الخريف.

ولنا في سقوط الأندلس عبرة لا تُنسى، حين تشرذم ملوك الطوائف وتنازلوا عن كرامتهم، فسلَّمُوا المدن واحدةً تلو الأخرى لعدوهم. ولنا في بغداد عبر عندما استسلمت لحصار التتار، حتى قيل يومها: "لم تبق في بغدادَ دارٌ إلا وسالت فيها الدماء"؛ فانتهت حضارة، وذُبحت كرامة، وتركنا وراءنا تاريخًا نندبه إلى يومنا هذا، وها هو التاريخ يتكرر في العراق في عصرنا الحديث فقد جلبنا الشيطان إلى الديار "فجاسوا خلال الديار".

فكل أُمَّةٍ باعت مُقدَّساتها، وضحَّت بمقدراتها، وتنازلت عن كرامتها مقابل وعودٍ زائفة أو خضوعٍ مُخزٍ، خسرت كل شيء. وها نحن اليوم نواجه امتحانًا جديدًا؛ فإمَّا أن نَثبُت على الحق كما فعل صلاح الدين في حطين، حين جمع شتات الأمة ورفع راية الجهاد دفاعًا عن القدس، أو نسقط في مزبلة التاريخ، كما سقطت ممالك الطوائف التي باعت كرامتها بالدنيا الفانية.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

غيانا.. الدولة الوحيدة في العالم التي تُطعم شعبها بالكامل دون استيراد!

رغم التقدم التكنولوجي الهائل في الزراعة وسلاسل الإمداد العالمية، إلا أن دولة واحدة فقط على وجه الأرض قادرة على إطعام سكانها بالكامل دون أن تستورد أي نوع من الغذاء، دولة واحدة فقط بين 186 دولة يمكنها أن تُشبع شعبها بسبع مجموعات غذائية أساسية دون الاعتماد على الخارج.

وفي دراسة غير مسبوقة نُشرت مؤخرًا في مجلة Nature Food، قام باحثون من جامعتي غوتنغن الألمانية وإدنبرة البريطانية بتحليل شامل لإنتاج الغذاء في مختلف دول العالم، شمل: اللحوم، الألبان، النشويات، الأسماك، البقوليات، المكسرات والبذور، الخضروات والفواكه.

وبحسب الدراسة، الدولة الوحيدة التي تحقق الاكتفاء الذاتي الكامل في جميع هذه الفئات الغذائية هي: غيانا، الدولة الصغيرة الواقعة في شمال أمريكا الجنوبية، والتي تفوقت على عمالقة الإنتاج الزراعي والغذائي عالميًا.

ووفق الدراسة، جاءت الصين وفيتنام في المرتبتين الثانية والثالثة، حيث تنتج كل منهما ما يكفي لتغطية حاجات سكانها في ست مجموعات غذائية من أصل سبع، بينما حلّت روسيا ضمن الدول التي تحقق الاكتفاء في خمس فئات، لكنها تُعاني من نقص واضح في إنتاج الخضروات والفواكه.

أما بقية دول العالم، فالصورة قاتمة: فقط 1 من كل 7 دول تحقق الاكتفاء في خمس مجموعات غذائية أو أكثر، أكثر من ثلث الدول لا تكتفي إلا بفئتين غذائيتين أو أقل، وهناك 6 دول لا تنتج ما يكفي من أي مجموعة غذائية أساسية، وهي: أفغانستان، الإمارات العربية المتحدة، العراق، ماكاو، قطر، اليمن، بحسب الدراسة.

كما سلطت الدراسة الضوء على نقطة شديدة الحساسية: معظم الدول لا تعتمد فقط على الاستيراد، بل تعتمد في كثير من الحالات على شريك تجاري واحد لتأمين أكثر من نصف احتياجاتها الغذائية، مما يجعلها في مرمى الخطر في حال حدوث حرب، أزمة اقتصادية، أو كارثة طبيعية.

مقالات مشابهة

  • غيانا.. الدولة الوحيدة في العالم التي تُطعم شعبها بالكامل دون استيراد!
  • النشامى يكتبون التاريخ.. الأردن تحتفل بالتأهل الأول لـ«كأس العالم 2026»
  • اليد التي تُدافع عن شرف الأمة لا تُدان
  • منتخب الأردن يكتب التاريخ ويتأهل إلى كأس العالم لأول مرة (شاهد)
  • إيران : وصلنا إلى مرحلة النضج الكامل في دورة الوقود النووي
  • من هي الحاجة الأردنية التي توفاها الله في عرفات اليوم؟
  • أول تعليق لترامب على حظر السفر الجديد والدول التي يشملها
  • السلسلة الوثائقية “كأس العالم للرياضات الإلكترونية: الطريق إلى القمة” تروي أسرار وكواليس أكبر حدث رياضات إلكترونية في التاريخ
  • توقعات الأبراج حظك اليوم برج السرطان: تجمع الثروة التي ترغب بها