العرب القطرية:
2025-08-02@14:52:03 GMT

رحلة إلى مدينة الذكريات

تاريخ النشر: 1st, August 2025 GMT

رحلة إلى مدينة الذكريات

عدتُ بعد غيابٍ امتدّ لعشرة أعوام، عدتُ لا لأكتشف مدينة جديدة، بل لأستعيد مدينةً قديمة تسكنني، مدينةً لا ترتبط في ذاكرتي بجغرافيتها، ولا بتاريخها، ولا بمعالمها، بل ترتبط بشخصٍ واحدٍ كان فيها، فصار كل ما فيها يُشبهه، ويُحاكيه، ويُعيدني إليه. لم تكن العودة صدفة، ولم تكن رغبةً عابرة في السفر، بل كانت شوقًا متراكمًا، حنينًا دفينًا، بحثًا عن أي شيء يخصه، عن رائحةٍ علقت في زاويةٍ من شارع، عن مقعدٍ جلس عليه، عن طريقٍ مشيناه سويًا، عن لحظةٍ عشتها معه ولم أُدرك حينها أنها ستكون من كنوز العمر.

حين وطئتُ أرض المدينة، شعرتُ أنني لا أعود إليها، بل أعود إليه، أعود إلى نفسي القديمة، إلى ذلك الطفل الذي كان يُمسك بيد أبيه ويشعر أن العالم كله آمنٌ ما دام إلى جواره. كل شيء بدا مألوفًا على نحوٍ مؤلم: الأرصفة التي حفظت وقع خطواتنا، الأشجار التي شهدت صمتنا، المقهى الذي جلسنا فيه ذات صباحٍ هادئ، حين كان يُحدثني عن الحياة كمن يُهدي وصاياه الأخيرة دون أن يدري. سرتُ في الطرقات التي عرفناها معًا، وكل زاوية تنطق باسمه، وكل نافذة تُشبه عينيه حين كان يتأمل المكان بهيبة العارف وحكمة المُحب. جلستُ على ذات المقعد المطلّ على النهر، حيث جلسنا ذات مساء، حين كان يُحدّثني عن طفولته، عن أحلامه، عن أشياءٍ لم أفهمها تمامًا حينها، لكنني اليوم أُدركها بكل تفاصيلها، وأشعر بثقلها في قلبي. رأيتُ السياح يلتقطون الصور، فاستعدت تلك اللحظة التي التقط فيها صورة تجمعنا أمام أحد المعالم، وقال لي ممازحًا: «سنعود لالتقاط صورة بالزاوية ذاتها بعد عشرة أعوام.» وها أنا أكتب بعد عشرة أعوام، لكن لم أستطع التقاط الصورة من دونه. المدينة لم تتغيّر كثيرًا، لكنني أنا تغيّرت، لأنني عدتُ إليها لا كما كنت، بل مثقلًا بما لا يُقال، محمّلًا بما لا يُكتب، أبحث عن وجهٍ غاب، وعن صوتٍ خفت، وعن يدٍ كانت تُمسك بي حين أتعثّر. كتبتُ في دفتري: «اخترتُ هذه المدينة من بين مدن الأرض، لا لأنها الأجمل، بل لأنها الوحيدة التي تُشبهه.» ثم أغلقتُ الصفحة، كأنني أُغلق بابًا على وجعٍ لا يُشفى، ووقفتُ عند المدخل، أستجمع ما تبقّى منّي، وأهمس للمكان: «لقد عدتُ، ولكن أبي لم يعد.» رحمك الله يالغالي. كانت هذه المدينة جميلة بك، وما زالت جميلة، لكنها باتت ناقصة، وما أقسى أن يعود الإنسان إلى مكانٍ كان فيه سعيدًا، ليكتشف أن السعادة لم تكن في الشوارع ولا في المناظر، بل في من كان يشاركه اللحظة، ويمنحها معناها، ويملأها دفئًا وطمأنينة. في كل زاويةٍ مررتُ بها، كنتُ أبحث عنك، لا بعيني، بل بروحي، كأنني أرجو من المكان أن يُعيد تشكيلك من الضوء والهواء والحنين. لكنني أدركت، بعد أن مشيتُ كثيرًا، وتأملتُ طويلًا، أن الذكرى، مهما كانت حيّة، لا تُجاري حضورًا كان يملأ الدنيا بهجة، وأن الأماكن، مهما احتفظت بصورنا، لا تستطيع أن تُعيد إلينا من غاب. ومع ذلك، وجدتُ في هذه الرحلة شيئًا من السلوى، شيئًا من العزاء، شيئًا يُشبه اللقاء، وإن كان قد جدد الجرح. وجدتُك في التفاصيل، في الصمت، في الذكرى، في قلبي الذي لا يزال ينبض باسمك. وها أنا أغادر المدينة، لا كما دخلتها، بل مثقلًا وأحمل معي يقينًا واحدًا: أن الحب لا يموت، وأن الأب، وإن غاب جسده، يبقى حيًا في الأماكن التي أحبها، وفي الأبناء الذين أحبهم، وفي اللحظات التي لا تُنسى، ولا تُستعاد. رحمك الله يا أمان السنين.

قطر زهرة حسن

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: أخبار مقالات الكتاب فيديوهات قطر زهرة حسن الأكثر مشاهدة

إقرأ أيضاً:

بعد وفاة شاب وإصابة 6 بحفلة محمد رمضان يزعم: كانت محاولة اغتيال

شهد حفل المغني المصري محمد رمضان، الذي أقيم مساء أمس الخميس في منطقة بورتو مارينا بالساحل الشمالي، حادثا مأساويا أودى بحياة شاب وأدى إلى إصابة 6 آخرين بجروح متفاوتة، إثر سقوط ألعاب نارية "شماريخ" على الجمهور مما اضطر إلى إلغاء الحفل قبل منتصفه.

وبحسب وسائل إعلام محلية، فإن شابا توفي متأثرا بإصابته جراء الحادث، كما نقل 6 مصابين آخرين إلى المستشفى، بعضهم في حالة خطرة، بعد اندلاع حالة من الفوضى نتيجة تبادل الحاضرين الألعاب النارية داخل الحفل.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2زياد الرحباني.. حين يتحول جرح الرفض إلى هدية للعالمlist 2 of 2اكتئاب خلف الكاميرا.. مشاهير هوليود يروون معاركهم النفسيةend of list

وخلال الحفل، أعلن المغني إلغاء الفعالية عقب وقوع الانفجار، مشيرًا إلى وفاة أحد العاملين ووجود عدد من المصابين، ودعا الجمهور إلى مغادرة المكان بهدوء لتفادي أي تدافع، كما ناشد الجهات المختصة سرعة إرسال سيارات الإسعاف لنقل المصابين إلى المستشفى.

وبحسب رواية شهود عيان، فإن رمضان اتخذ قرار إنهاء الحفل فور حدوث الانفجار دون تردد، وابتعد عن المسرح حفاظًا على سلامته، إلا أنه بقي في موقع الحادث حتى وصول سيارات الإسعاف، متابعًا تطورات الموقف.

"محاولة اغتيال"

وكان رمضان قد نشر تعليقا على حسابه الرسمي بموقع "فيسبوك" عقب الحادث، قال فيه "تم إنهاء الحفلة قبل منتصفها بسبب تفجير على المسرح بجواري وأثره في أذني حتى الآن، وبسببه توفي عامل واثنان من الشباب في حالة خطرة.. اللهم ارحمه واشف المصابين وصبّر أهلهم وأحبابهم، صوت قنبلة مالوش علاقة بالفايروركس والله محاولة اغتيال مكتملة الأركان! ليه الغل يوصل للدرجة دي؟!".

وأثار المنشور جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث اعتبره البعض محاولة لتحويل الواقعة إلى قضية جنائية كبرى، قبل أن يقوم المغني بحذفه بعد ساعات دون توضيح الأسباب.

بداية الحادث

كان من المتوقع أن يكون الحفل واحدا من أكبر حفلات صيف 2025، وشهد حضورا جماهيريا كبيرا، ورافق رمضان فرقته الاستعراضية، حيث أجروا بروفات مكثفة قبل الحفل تضمنت استعراضات موسيقية وضوئية.

View this post on Instagram

A post shared by Mohamed Ramadan (@mr1)

إعلان

وبحسب شهود عيان، فإن الحفل بدأ بأجواء حماسية، لكن الأمور سرعان ما خرجت عن السيطرة بعد قيام بعض الحاضرين بإشعال الشماريخ بالقرب من المسرح، مما أدى إلى إصابات مباشرة نتيجة تطاير النيران وسقوط الألعاب النارية فوق الجمهور.

وأوضح الشهود -في تصريحات لصحيفة محلية- أن الانفجار وقع خلال الجزء الثاني من الحفل، وتسبب في وفاة أحد الحضور نتيجة تعرضه للغاز الساخن، إضافة إلى عدد من الإصابات، وحالة من الفوضى والهلع، وأكد اثنان ممن وجدوا في الموقع أن حصيلة الوفيات قد تكون أكثر من حالة واحدة. وأرجع الشهود ما جرى إلى انفجار في أنبوب غاز ضمن معدات الألعاب النارية.

وأفادت مصادر أمنية أن التحقيقات بدأت فور وقوع الحادث، وتم استجواب عدد من المنظمين وشهود العيان لتحديد المسؤوليات، وقد أغلقت السلطات المسرح مؤقتا وطلبت تقارير من الدفاع المدني وشركة تنظيم الحفل.

View this post on Instagram

A post shared by Mohamed Ramadan (@mr1)

ولم تصدر حتى الآن أي بيانات رسمية من وزارة الداخلية أو النيابة العامة تؤكد أو تنفي وجود شبهة جنائية في الحادث، كما لم يصدر بيان من الشركة المنظمة للحفل يوضح تفاصيل ما جرى.

مقالات مشابهة

  • أبين.. ضبط 50 حقيبة ذخائر كانت في طريقها إلى مليشيا الحوثي
  • مختص: إعادة اعتماد المدينة المنورة كـ «مدينة صحية» دليل استمرار الالتزام بالمعايير
  • هل تقبل صلاة من كانت رائحة فمه سجائر؟
  • بعد وفاة شاب وإصابة 6 بحفلة محمد رمضان يزعم: كانت محاولة اغتيال
  • هل كانت ضوابط النشر العلمي خطأً جسيما أم فضيحة مستورة؟
  • ياسمين غيث: لحظة اكتشاف إصابتي بالسرطان كانت الأصعب في حياتي
  • الأمير سلمان بن سلطان يتسلم شهادة اعتماد المدينة المنورة مدينة صحية للمرة الثانية.. فيديو
  • أشرف العشماوي: «زمن الضباع» كانت أول رواياتي بعد محاولات قصصية بدائية وفاشلة
  • اعتماد المدينة المنورة كثاني أكبر مدينة صحية مليونية في الشرق الأوسط بعد جدة