الجزيرة:
2025-08-08@14:24:57 GMT

رحلة إلى ثقب أسود.. الصين تعتقد أن هذا الحلم ممكن

تاريخ النشر: 8th, August 2025 GMT

رحلة إلى ثقب أسود.. الصين تعتقد أن هذا الحلم ممكن

في لحظة يذوب فيها الفاصل بين الواقع والخيال تقترح دراسة حديثة نُشرت في دورية "آي ساينس" مهمة بين النجوم، لاكتشاف ومعاينة أحد أقرب الثقوب السوداء إلى كوكبنا.

قد يبدو الأمر مجرد فرضية من وحي باحث في نطاق الفيزياء الفلكية، لكن بحسب الدراسة -التي قادها علماء من جامعة فودان الصينية- فإن الأمر ممكن.

وتهدف هذه المهمة إلى إرسال مسبار فضائي صغير إلى ثقب أسود قريب، ربما يبعد عنا 20 إلى 25 سنة ضوئية فقط، لتحليل طبيعة الجاذبية في أقوى حالاتها، واختبار صحة تنبؤات النظرية النسبية العامة لأينشتاين في بيئة يصعب تكرارها أو فهمها من الأرض.

ويقول كوزيمو بامبي أستاذ الفيزياء النظرية بالجامعة في تصريحات حصرية للجزيرة نت "إذا وُجد ثقب أسود على هذا القرب فإن المسألة فقط مسألة وقت قبل أن نرسل مسبارا لدراسته، والمعلومات التي سنحصل عليها ستكون ثمينة للغاية، وقد يستحيل الحصول عليها بوسائل أخرى".

كوزيمو بامبي أستاذ الفيزياء النظرية في جامعة فودان الصينية (كوزيمو بامبي)أينشتاين وكرة الفراء

تخيل الكون نسيجا يجمع بين المكان والزمان كأنه ملاءة سرير مطاطية، إذا وضعت كرة بولينغ ثقيلة جدا على الملاءة فستغوص في المنتصف وتُحدث انحناء عميقا.

يرى أينشتاين أن الثقب الأسود هو بمثابة كرة البولينغ في هذه الملاءة، أو بالأحرى نقطة من شدة الثقل والجاذبية لا تستطيع أي كرة توضع على الملاءة الهروب منها وستسقط إليها بسبب انحناء حواف الملاءة للأسفل نحو كرة البولينغ أو نحو الثقب الأسود.

بما أننا نتحدث عن الكون فالملاءة إذن كبيرة جدا، وليس كل كوكب أو نجم أو كرة توضع على الملاءة الكونية قريبة بما يكفي من الانحناء الذي تسببه كرة البولينغ أو الثقب الأسود لتسقط.

هناك حد يُسمى أفق الحدث، وهو بمثابة "باب بلا عودة" إذا تخطاه أي شيء يسقط في الثقب الأسود ويختفي إلى الأبد ولا يمكن رؤيته أو تتبع أثره، وهذا هو ما يتصوره أينشتاين كتفسير للثقب الأسود.

إعلان

ونظرية أينشتاين ليست النظرية الوحيدة لتفسير الثقوب السوداء، فهناك نظرية "كرة الفراء"، وهي جزء من نظرية الأوتار، وتقترح أن الثقب الأسود ليس "ثقبا" حقيقيا، بل هو جسم معقد جدا، هو نوع ما مثل كرة من الخيوط المتشابكة والمضغوطة بإحكام، وهذه الخيوط تمثل المعلومات والطاقة التي تكونت عندما انهارت النجوم.

وبدلا من وجود "أفق حدث" يخفي كل شيء إلى الأبد تقول نظرية "كرة الفراء" إن السطح الخارجي للثقب الأسود نفسه يتكون من هذه الخيوط، وكل ما يسقط عليه لا يختفي، بل يتفاعل مع هذا السطح.

نحن أمام نماذج نظرية يصعب الجزم بصحة أحدها، ويشير بامبي إلى أن القياسات عالية الجودة -سواء للموجات الثقالية أو الطيف الكهرومغناطيسي- تعتمد أيضا على نماذج نظرية لفك شفرتها، وهذه النماذج تصبح معقدة للغاية عندما يكون مصدر الإشارة محاطا ببيئة فلكية غير معروفة.

ولذلك، فإن إرسال مسبار إلى ثقب أسود معزول سيكون خطوة ثورية، ويقول "يمكننا حينها دراسة نظام أبسط بكثير، وتكون القياسات أقل تأثرا بالعوامل البيئية".

كون فسيح

نظرية النسبية العامة لأينشتاين هي إطارنا الحالي (النظرية التي نستخدمها) لوصف التفاعلات التجاذبية وبنية الزمكان، وطُرحت هذه النظرية أواخر عام 1915، وخلال الـ110 سنوات الماضية اجتازت عددا كبيرا من الاختبارات الرصدية والتجريبية دون الحاجة إلى أي تعديل على نسختها الأصلية.

يقول بامبي "إن الاكتشاف المحتمل لثقب أسود فلكي ليس الجسم الذي تنبأت به نظرية أينشتاين، بل إنه على سبيل المثال مشابه للجسم الذي تنبأ به نموذج (كرة الفراء)، سيتطلب مراجعة فهمنا الحالي للجاذبية والزمكان، يرتبط هذان الأخيران ارتباطا وثيقا بأسئلة أساسية وفلسفية مثل أصل وطبيعة كوننا".

وتعد التلسكوبات الأرضية ومراصد الموجات الثقالية من أكثر أدوات البشرية تقدما في استكشاف الكون، ومع ذلك يوضح بامبي أن هذه الوسائل تواجه حدودا جوهرية، فيقول "النقطة الجوهرية هي أن الأمر لا يتعلق فقط ببناء تلسكوبات قوية أو مراصد موجات ثقالية لمعرفة المزيد عن الثقوب السوداء، فبدون نماذج نظرية متقدمة تصبح البيانات التي نحصل عليها عديمة الجدوى تقريبا".

إن أقرب ثقب أسود مكتشف حتى اللحظة هو "جايا بي إتش 1″، ويقع على بعد 1560 سنة ضوئية، ومع ذلك يعتقد الباحث أن احتمال وجود ثقب أسود قريب لا يتجاوز 25 سنة ضوئية هو احتمال حقيقي ويمكن البناء عليه.

ويشرح بامبي "النماذج الحالية لتطور النجوم في مجرتنا تتنبأ بوجود ما بين 100 مليون إلى مليار ثقب أسود ناتج عن انهيار النجوم"، مضيفا "وإذا كنا متفائلين يمكننا أن نستنتج أن أقرب ثقب أسود ربما يكون على بعد أقل من 20 سنة ضوئية منا".

وعلى الرغم من أن هذه التقديرات ليست يقينية فإن بامبي يقول بتفاؤل "لا يمكنني الجزم بالطبع، لكنها استنتاجات معقولة، وأتوقع في غضون 10 سنوات تقريبا، إما أن نكتشف ثقبا أسود بهذا القرب أو نستنتج عدم وجوده، ونحن نعمل على هذا بالفعل".

أحد التحديات الكبرى هو طريقة الوصول إلى هذا الثقب الأسود (مرصد أفق الحدث)السفر بين النجوم

أحد التحديات الكبرى هو طريقة الوصول إلى هذا الثقب الأسود، إن التكنولوجيا التقليدية مثل الصواريخ الكيميائية أو الدفع النووي وغيرها من التقنيات المستخدمة غير مناسبة لمثل هذه الرحلة.

إعلان

ويشير بامبي إلى تقنية واعدة، ويقول "اليوم، تعد المركبات النانوية المدفوعة بأشعة ليزر قوية من الأرض الخيار الواعد"، مضيفا "وهناك مجتمع كبير يعمل على تطوير هذه التقنية".

تتكون هذه "المركبات النانوية" من شريحة بوزن غرام واحد مزودة بكافة المعدات العلمية مثبتة على شراع خفيف يعكس أشعة الليزر لتوفير الدفع، قد تصل سرعة مركبة مشابهة إلى ثلث سرعة الضوء، ثم تصل إلى ثقب أسود قريب في غضون 60-70 سنة.

ومن بين أهم أهداف المهمة هو التحقق من وجود "أفق الحدث"، وهو الحد الذي لا يمكن عنده لأي شيء الفكاك من جاذبية الثقب الأسود ولا حتى الضوء، ووفقا للنظرية النسبية فإن أي جسم يقترب من أفق الحدث سيظهر للمراقب الخارجي وكأنه يتباطأ تدريجيا حتى تختفي.

التجربة التي يقترحها الباحث مبنية على تلك الفكرة تحديدا، يشرح بامبي "إذا تلاشت إشارة المسبار تدريجيا كما تتنبأ نظرية أينشتاين فهذا يدعم صحة النظرية، أما إذا توقفت فجأة كما تقترح بعض النماذج البديلة كنموذج (كرة الفراء) فسيكون لذلك تأثير هائل على فهمنا للجاذبية والكون".

لكنه تصور لا يخلو من التحديات التقنية، ورغم التحديات فإن بامبي يعتقد "لا شيء يبدو مستحيلا من الناحية التقنية، فقط نحتاج إلى أن يحالفنا الحظ بوجود ثقب أسود قريب بما فيه الكفاية".

ثمن باهظ

قد يكلف بناء مصفوفة الليزر اللازمة لتسريع هذه المركبة النانوية نحو تريليون يورو بالتكنولوجيا الحالية، لكن بامبي يشير إلى أن تكلفة هذه التكنولوجيا تتناقص بسرعة، فخلال 30 عاما قد تصل إلى مليار يورو، وهو ما يعادل تكلفة بعثات فضائية كبيرة اليوم.

أما عن مدة المهمة الكاملة من الإطلاق وحتى تلقي البيانات أي بعض الوصول وإرسال البيانات للعودة فقد تمتد إلى 80 أو حتى 100 عام، أي أن معظم العاملين على المشروع لن يكونوا أحياء عند نهايته.

ويجيب بامبي "أعلم أن هذا قد يبدو محبطا، لكن هذه ليست المرة الأولى، مشروع (ليزا) لرصد الموجات الثقالية -على سبيل المثال- بدأ اقتراحه في السبعينيات ولن يطلق قبل عام 2035".

ويضيف "نحن بحاجة لرؤية طويلة المدى، وعلينا أن نفكر فيما يجب فعله من أجل تقدم البشرية، لا في مصالحنا الشخصية فقط".

إذا نجحت هذه المهمة فستكون الأولى التي تمكّن العلماء من إجراء قياسات مباشرة في أقوى حقل جاذبية معروف، مما يمكّنهم من اختبار النظرية النسبية بدقة غير مسبوقة، وربما يقود إلى اكتشاف فيزياء جديدة تتجاوز نظرية أينشتاين للمرة الأولى.

يقول بامبي "اكتشاف أن الثقب الأسود لا يتطابق مع تنبؤات أينشتاين وأنه ربما يشبه ما تنبأت به نماذج مثل (كرة الفراء) سيتطلب إعادة نظر شاملة في فهمنا للجاذبية والزمان والمكان".

بين التوقعات النظرية والتحديات التقنية والرؤية المستقبلية تقف هذه المهمة كبوابة محتملة لفصل جديد في علم الفلك والفيزياء النظرية، وإذا كان الطريق طويلا فإن الفكرة بحد ذاتها تلهم أجيالا من العلماء لاستكشاف المجهول.

هل ستشهد العقود المقبلة انطلاق أول مركبة نحو أفق الحدث؟ هذا ما سيجيب عنه المستقبل، لكن الأكيد أن العلماء قد رسموا بالفعل أول خطوة في هذا الطريق المدهش.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات نظریة أینشتاین الثقب الأسود إلى ثقب أسود سنة ضوئیة

إقرأ أيضاً:

العراق تحتجز ناقلة نفط ليبيرية قبالة سواحل البصرة

ذكرت وسائل اعلام عراقية ان  القوة البحرية العراقية والموانئ، اليوم الأربعاء، احتجزت ناقلة نفط ليبيرية محملة بربع مليون طن من مادة "النفط الأسود" قبالة سواحل محافظة البصرة.

وقال مصدر أمني في حديث لـ السومرية نيوز، إن "الناقلة المحتجزة تحمل الجنسية الليبيرية، وحمولتها تقدر بقرابة ربع مليون طن من مادة النفط الأسود".

وذكر المصدر أن الاحتجاز جاء بعد تفتيش الناقلة والتأكد من أوراقها، حيث تبين أنها تفتقر إلى الأوراق الثبوتية المطلوبة.

واشار الي أن الشركة المعنية، في حال عدم تقديمها للأوراق اللازمة، سيتم تحويل ملف القضية إلى القضاء لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقها.

عصير رمان وزيت زيتون.. هدية رئاسية تثير الجدل في العراق وبيان هامالعراق .. إسقاط مسيرة مفخخة في قضاء مخمور التابع لمحافظة أربيلأول محطة طاقة شمسية في العراق تبدأ العمل نهاية 2025تصاعد أزمة الجفاف في العراق ووعود بحلول قريبا | فيديو طباعة شارك العراق ناقلة نفط سواحل البصرة ليبيريا النفط الاسود

مقالات مشابهة

  • الكرة الذهبية 2025.. هل يحقق «محمد صلاح» الحلم؟
  • إطلالة أنيقة.. داليا مصطفى تبهر متابعيها | شاهد
  • مدبولي: مصر تبذل كل جهد ممكن لتحقيق الأمن والاستقرار في السودان
  • تبرعوا بحيواناتكم الأليفة لإطعام الأسود,,إعلان دنماركي
  • دراسة أمريكية جديدة: الشفاء من السكري ممكن .. ولكن!
  • تبرعوا بحيواناتكم الأليفة لإطعام الأسود.. إعلان في الدنمارك
  • فوز باحثة عمانية بجائزة "أفضل ورقة نظرية" في مؤتمر دولي
  • العراق تحتجز ناقلة نفط ليبيرية قبالة سواحل البصرة
  • الاتفاق تم.. الهلال يساعد ليفربول في تحقيق "الصفقة الحلم"