هل نسيت هاتفك وتشعر بالقلق؟ قد تعاني من النوموفوبيا
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
جميعنا نشعر بأننا ملتصقون بهواتفنا وقد نشعر بالضيق في حال نسينا اصطحابها معنا، لكن بالنسبة للبعض قد يتسبب ابتعادهم عنها أو انقطاعهم عن الإنترنت شعورا بالقلق والتوتر قد يتعدى الحدود المعقولة.
هذه الحالة تعرف باسم "نوموفوبيا" وهي اختصار لعبارة (no mobile phone phobia) أي "رهاب الابتعاد عن الهاتف"، بحسب ما نقلته شبكة "سي إن بي سي".
وذكرت دراسة نشرتها مجلة "بي إم سي للطب النفسي"، في يوليو، أن "النوموفوبيين" هم أولئك الذين يظهرون إدمانا على هواتفهم الذكية.
وتبدو على من يعانون من هذه الحالة أعراض تشبه ما يحصل للمدمنين عندما يحاولون الإقلاع عن إدمانهم أو أولئك الذين يعيشون اضطرابات التوتر، حسب الشبكة الأميركية، التي ذكرت أن بعضها يشمل:
التوتر سرعة الاستفزاز التعرق انعدام التركيز تغير في نمط التنفس Tachycardia، أو ما يعرف بارتفاع سرعة دقات القلب أسباب "النوموفوبيا" وتبعاتهوفقا للبحث المنشور في مجلة "بي إم سي للطب النفسي" فإن المراهقين هم أكثر فئة متأثرة بالـ "نوموفوبيا"، إلا أن الحالة قد تصيب أي فئة عمرية أخرى.
وتقول الطبيبة النفسية، ميشيل لينو، للشبكة إن السبب الرئيسي لإصابة البعض بهذه الحالة تعود إلى اعتمادنا الكبير على الهواتف الذكية.
وتوضح "نحن ملتصقون بهواتفنا، وللعديد من الأسباب نعتبرها كمبيوتراتنا المصغرة، نستخدمها للعمل والحفاظ على تواصلنا مع عائلاتنا".
وتضيف "عندما لا يتاح لنا استخدامها لدى رغبتنا بذلك، نشعر بالتوتر، لأننا نخشى أن يفوتنا أمر ما، لدينا وضعية تفكير تخبرنا بأن هواتفنا تتيح لنا التواصل بكل الأمور في كافة الأوقات".
ويشير الطبيب النفسي، بليز ستيل، إلى أن بعض الأشخاص أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالـ "نوموفوبيا"، وبعض العوامل التالية، إن توافرت لديك، قد تساهم في ذلك:
قلق مسبق قلة الثقة بالنفس صعوبة في تنظيم المشاعر نمط غير صحي بالتعلق قلة العلاقات الشخصيةوتشير لينو إلى أنه عندما يبدأ الشخص بالتعلق بشكل مفرط وغير صحي بهاتفه فإن ذلك قد يؤدي إلى آثار سلبية في نواح أخرى في حياته، إذ يمكن للهاتف أن يُشغِل المرء عن تنفيذ بعض الأمور الهامة، كالعمل أو الدراسة.
كما أن "انعدام التركيز طوال الوقت يعد غير صحي بتاتا للعلاقات.. نحن نضحي بسعادتنا وحتى بصحة (تلك) العلاقات لأننا نهتم بهواتفنا بشكل أكبر".
كيف تتخلص من "النوموفوبيا"؟لحسن الحظ، يمكنك أن تخلص نفسك من الإدمان على الهاتف عندما تدرك بأنك تعاني فعلا من "النوموفوبيا":
خصص لنفسك مساحة للاسترخاء دون الاستعانة بهاتفك
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
هذا ما نعنيه عندما نتحدث عن حق العودة
حماتي فاطمة لا تجيد القراءة والكتابة. لا تتكلم إلا العامية الفلسطينية ولا تقوى على المشي إلا لخطوات قليلة بسبب التهاب المفاصل الذي ينهك ركبتيها. ومع ذلك، بفضل التهجير المتكرر الذي يفرضه الجيش الإسرائيلي فإنها الآن، وهي في الثمانينيات من العمر، مرغمة على أن تجوب العالم. ففي أعقاب إقامة في القاهرة، تقيم الآن في الرياض بالمملكة العربية السعودية بتأشيرة دخول ينتهي سريانها عما قريب. فهي الآن تبحث عن وجهتها القادمة.
ولدت فاطمة في قرية تدعى إسدود، قريبة مما يعرف الآن بمدينة أشدود الإسرائيلية الجنوبية. كان عمرها قرابة خمس سنوات حينما حاصر الجيش الإسرائيلي القرية في أكتوبر من عام 1948. هربت حماتي مع أبويها وآلاف من جيرانهم إلى غزة. وبعد فترة قصيرة من احتلال إسدود، طرد الجيش الإسرائيلي الباقين من السكان وهدم القرية.
بعد الحرب، أصبحت حماتي المستقبلية واحدة من سبعمائة ألف لاجئ فلسطيني ممنوعين من الرجوع إلى وطنهم، في سياق تحقيق هدف الدولة الناشئة بإبقاء أغلبية يهودية في أكبر قدر ممكن من فلسطين التاريخية.
تعمل الحكومة الإسرائيلية حاليا على وضع خطط لتهجير مزيد من الفلسطينيين عنوة، فأغلبهم من أهل غزة، لكن منهم أيضا من ينتمون إلى الضفة الغربية. في مطلع يوليو، أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس أمرا للجش بتجهيز «مدينة إنسانية» على أطلال مدينة رفح جنوبي غزة التي دمرها الجيش الإسرائيلي كلها تقريبا.
وهناك، في نهاية المطاف، سوف يتركز كل أهل غزة، حسبما أوضح، ولن يتاح لهم الرجوع إلى بيوتهم في أجزاء القطاع الأخرى.
وقال كاتس إن منظمات إنسانية دولية -لم تتحدد حتى الآن- سوف تتولى إدارة المنطقة. كما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو الآخر إنه يعمل مع الولايات المتحدة من أجل إيجاد بلاد أخرى لإعادة توطين النازحين من أهل غزة.
ولقد طرد الجيش الإسرائيلي بالفعل أغلبية كاسحة من سكان غزة الذين يتجاوز عددهم المليونين. برغم أن بعض الساسة الإسرائيليين ـ ومنهم وزير دفاع سابق ينتمي إلى حزب الليكود التابع لنتنياهو نفسه قد اعترضوا على تبني السلطات الإسرائيلية السافر لسياسات لا يمكن أن توصف بشيء أقل من التطهير العرقي.
وحق المرء في الرجوع إلى وطنه مصان بموجب القرار رقم 194 من الجمعية العامة للأمم المتحدة المعلن في ديسمبر من عام 1948 وكذلك بموجب العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي يحمي حقوق الشعوب في الرجوع إلى أراضيها حتى لو تغيرت السيادة فيها. وينطبق هذا الحق على نسل اللاجئين، شأن أبناء حماتي الأربعة، وأحفادها التسعة عشر وأبنائهم الأربعة والعشرين، إذا ما احتفظوا بقدر كاف من الصلات بالمنطقة التي تعد «بلدهم».
وعلى الموجودين داخل إسرائيل أو خارجها ممن يعارضون إرغام الفلسطينيين على الخروج من غزة اليوم أن يعارضوا أيضا التهجير القسري الجاري على اللاجئين الفلسطينيين من أمثال حماتي من بيوتهم في ما يعد الآن دولة إسرائيل، وأن يدعموا حقهم في العودة.
أنا يهودية إسرائيلية أمريكية. أعيش في إسرائيل والضفة الغربية منذ عام 1997. وفي الأوساط الصهيونية الأمريكية التي نشأت فيها، حذرنا كتاب وحاخامات ونظّار مدارس من أن احترام حق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين يقدَّر عددهم الآن بستة ملايين في أرجاء العالم سوف يعني نهاية إسرائيل بوصفها دولة ذات أغلبية يهودية.
وقد يكون هذا صحيحا. وقد تفقد إسرائيل عما قريب الأغلبية اليهودية على أي حال. فمنذ عام 1967، تسيطر الحكومة الإسرائيلية على فلسطين التاريخية من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط، وهي منطقة يقيم فيها الآن 7.4 مليون يهودي و7.4 مليون فلسطيني.
في طفولتي، كان الكبار في عائلتي يعلمونني أن اليهود لا يمكن أن يأمنوا ما لم تكن لنا السيطرة في إسرائيل. وقد استغرقت سنوات لأدرك أن هذا المنطق يستعمل لتسويغ لعبة الفائز الواحد التي ترتكب فيها السلطات الإسرائيلية انتهاكات في حق الفلسطينيين باسم منع الفلسطينيين من ارتكاب انتهاكات في حق اليهود الإسرائيليين.
وهذا هو المنطق الدموي نفسه الكامن وراء استغلال حكومة إسرائيل جرائم حماس في السابع من أكتوبر لعام 2023 في حق المدنيين الإسرائيليين لتبرير الجرائم المستمرة في حق المدنيين الفلسطينيين. والأفعال الإسرائيلية التي أعتقد - ومعي كثيرون - أنها تستعمل التهجير القسري والتجويع سلاحين للحرب والإبادة الجماعية في غزة هي أفعال صادمة ولكنها غير مستغربة، لأن الحفاظ على سيادة ديموغرافية يهودية يقتضي القهر المستمر للفلسطينيين.
لم ينته التهجير القسري لحماتي في عام 1948. فقد قضت بقية طفولتها في مخيم لاجئين بقطاع غزة ولم تستأنف قط التعليم الذي كانت قد بدأته في إسدود. وبدلا من إكمال دراستها تزوجت فاطمة وهي في الثالثة عشرة من العمر، فكانت عروسا طفلة، وكان الزوج لاجئا أيضا. هرب زوجها من غزة وحده حينما احتلت إسرائيل القطاع سنة 1967، وبعد سنوات قليلة، وهي أم عزباء لخمسة أطفال، تم تهجيرها قسريا للمرة الثانية: وهدمت الجرافات الإسرائيلية العسكرية بيتها، وذلك في ما يفترض من أجل تسهيل الطريق لحركة الدبابات عبر مخيم اللاجئين.
أقامت أسرتها بيتا جديدا على أرض حصلت عليها من السلطة الفلسطينية في التسعينيات. ثم حدث في الثالث عشر من أكتوبر سنة 2023 أن أصدر الجيش الإسرائيلي أمرا لها ولجميع المقيمين في شمال غزة بالرحيل. فلجأت إلى رفح لشهور، إلى أن وصل الجيش الإسرائيلي. وأرغمت الأسرة على الفرار مرة أخرى.
أبى أبناء فاطمة أن يتركوها ويرحلوا، وقد علموا أنها تفتقر إلى القدرة على الحركة بما قد يعرض الجميع للخطر، فدفعوها إلى الانضمام لقافلة أمريكية مغادرة إلى مصر وهي ميزة لم تتيسر لها إلا لأن ثاني أصغر أبنائها، وهو زوجي، مواطن أمريكي. ولحظة أن وصلت إلى مصر، أرادت مصر إرجاعها إلى غزة. كانت تبلغ من العمر اثنتين وثمانين سنة. غير خائفة من الموت، ولكنها خائفة من قضاء بقية حياها منفصلة عن عائلتها التي باتت مبعثرة في أرجاء غزة.
أسعف الحظ أبناءها الثلاثة المتبقين في غزة فرجعوا إلى أحد البيوت القليلة الباقية في مخيمهم ولم يدمرها الجيش الإسرائيلي، لكنهم يواجهون خطرا يوميا بصدور أمر بالإجلاء، أو ما هو أسوأ. ولا يزال أربعة وعشرون من أحفادها وأبنائهم لاجئين في القطاع، فبعضهم في خيام أو في بيوت أقارب لهم، وآخرون في مدرسة، أو في مكتب، أو في غرف مستأجرة. وأغلبهم بلا بيوت يرجعون إليها.
مر قرابة سبع وسبعين سنة منذ طرد حماتي للمرة الأولى. ومن الصعب أن نفرق قانونيا أو أخلاقيا بين الخطط الحالية لإخلاء غزة من الفلسطينيين وإنكار حق العودة على لاجئي 1948 الفلسطينيين.
وفي ضوء الدمار المادي والاجتماعي والاقتصادي الرهيب الذي ألحقه الجيش الإسرائيلي بغزة، وفي ضوء إعاقة المساعدات الإنسانية واحتمالية استمرار العداوة حتى في حال توصل الأطراف إلى وقف لإطلاق النار، فإن كثيرا من الفلسطينيين في غزة سيريدون أن يقيموا بعيدا عن القطاع، ولو لفترة مؤقتة. لكن لهم حقا قانونيا في الرجوع إلى غزة الآن أو في المستقبل. وفي ظل القانون الدولي، فإن للاجئي 1948 ونسلهم في غزة، ممن يبلغ إجمالي عددهم 1.6 مليون نسمة، حق إعادة التوطين في الأرض التي سلبت منهم ومن عائلاهم قبل ثلاثة أرباع القرن، وأن يستفيدوا من الإسكان والبنية الأساسية والخدمات والمدارس والجامعات القائمة في الأرض التابعة الآن لإسرائيل والمحظورة عليهم بما يخالف القانون.
قد يصعب أن نتصور رجوع لاجئين فلسطينيين بعد كل هذه السنين وكل هذا العنف. لكن رجوعهم سوف يكون فرصة لتحويل نظام الحكم الإسرائيلي من دعم دولة قومية عرقية ترمي إلى الحفاظ على تفوق اليهود الإسرائيليين على الفلسطينيين إلى ديمقراطية تحترم الحقوق وتحمي المساواة والحرية والأمن لجميع المقيمين فيها.
ليس بوسع حماتي أن تقيم في المملكة العربية السعودية لأكثر مما أقامت، لكن إسرائيل لا تسمح لها بالسفر إلى غزة، فهي عاجزة عن الرجوع إلى بيتها الشاطئي الحبيب. وهي، في الوقت الراهن، لا تعرف إلى أين تذهب.
لقد زرت في الآونة الأخيرة بيت فاطمة في طفولتها، بإسدود على الساحل الجنوبي لإسرائيل. بات الآن مركز القرية القديمة متاخما لمصنع أسمنت ويستعمل مرعى للأبقار. ووجدت آثارا لمسجد مجهول، ووجدت بعض أجزاء من أقواسه المقببة البديعة سالمة، وبقايا لمدرستي البنين والبنات وقد باتت ركاما. التقطت صورا فوتوغرافية، وتناولت حجرا صغيرا من المسجد، حاولت أن أعقد شريطا حوله ليكون هدية لحماتي، التي لا دولة لها، ولا وطن.