شيخة الجابري تكتب: متحورات الحياة الجديدة
تاريخ النشر: 25th, September 2023 GMT
لستُ أعني متحورات «كورونا» التي تطلع على العالم كلما غادر متحور خلّف وراءه آخر، لينشر الرعب في نفوس البشر بعد تجربة 2020 المريرة، بما تركتهُ من آثار نفسية واقتصادية واجتماعية، هناك متحورات كثيرة حولنا ليست ذات صلة بالفيروسات وقانا الله جميعاً منها، متحورات في السلوك، وفي القيم، في شكل الحياة التي يطلع علينا فيها كلّ صباح أسلوب حياة مختلف، وحضور غريب لبشر لا نعرف كيف سيكونون في المستقبل، وما الذي يحملونه من رسائل ومضامين للأجيال القادمة.
هناك متحورات عديدة داخل الأسرة مثلاً أبناء لا يؤمنون إلا بهم، هكذا تعلموا من وسائل التواصل الاجتماعي والغثاء الذين يتعرضون له على مدار الساعة، هناك متحورات في شكل الصداقات والمحبة بين الناس ما عاد الصديق الذي يعيشك وكأنه أحد أسباب سعادته، ورفيق دربه موجوداً، من الصعب وبكل مرارة أكتبها أن تعثر عليه فقد تغيّرت معايير الصداقة والود والمحبة بين الناس، كان الخل الوفي مضرب مثل، يبدو أن المثل سيكون أكثر صعوبة هذا الزمن بما يحمل من متغيرات.
كنتُ قبل أيام في محاضرة تواجدت فيها مجموعة من الشابات والبنات الصغيرات الطازجات اللائي لم يتأثرن بعدُ بما يحيط بهن من تحولات نخشى عليهن منها، ولفت انتباهي سؤال ألقته المحاضِرة حول كيف نتعلم «السنع»، فقالت إحدى الشابات من «السوشيل ميديا» أصابني رد تلك الصغيرة بالرعب، تصورتُ للحظة أنها ستبني معرفتها القادمة من وسائل التواصل من خلال ما تتابعه من غثٍ ثمينه قليل، وتصورت في لحظة كيف هي علاقتها بأسرتها، وهل للوالدين دورٌ في حماية هذه الفتاة وإخوتها؟.. أسئلة عنّت في بالي لستُ معنيةً بالطبع بالإجابة عنها، لكن خوفي عليها كان أكبر من تصور الإجابات.
هناك متحورات تعمل على غرس قيم وأفكار جديدة، كما وتروّج لتصرفات وسلوكيات هي غامضة بالنسبة للصغار، من المهم للأسر أن تستيقظ فليست العبرة في هاتفٍ يحملونه، ولكن في كيفية استخدامه واستثمار ما يحمله من إيجابيات من خلال بعض المواقع والشخصيات التي تتحور لكن للأفضل وليس الأسوأ، ذلك أن النماذج الجيدة تكاد لا تتعدى أصابع اليد الواحدة في وقت تتضخم فيه أخرى، خارجة عن معايير عميقة من المهم أن يُنشأ عليها الأبناء.
ليست المتحورات بالضرورة ترتبط بالطب وعالمه وما يحمله من متغيرات، هناك متحورات زمنية ومكانية يحملها إلينا هذا الوقت الذي نعيشه، وعلينا جميعاً أن نكشف عن وجوهنا واهتمامنا لمواجهتها، هذه المتحورات لا تعترف بالكمامات فانزعوها من أجل مستقبلٍ وضّاءٍ لكم ولأبنائكم. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: أحوال
إقرأ أيضاً:
كريمة أبو العينين تكتب: مرض الدول وموتها
انتهيت من قراءة كتاب مترجم عن الإنجليزية عنوانه " زوال الامبراطورية الامريكية .. متى " الكتاب بذل فيه مؤلفه جهدا رائعا وتفنيدا عبقريا ومقارنة رائعة جمع فيها كل اسباب زوال الأمم وانهيارها .
الكاتب قال ان موت الدول لايأتى مرة واحدة بل يسبقه وهن فى اطراف الدولة وتسيب فى اداء المسؤلين للمهام الموكلة اليهم ليصلوا بدولتهم الى مرحلة المرض وهذه المرحلة تطول وتتعدد فيها الدلائل وتكثر الاقاويل والاتهامات والقاء كل مسؤل بمسؤلية التقصير على الاخر حتى يستشرى المرض ويصبح العلل والعلة ظاهرين للقاصى والدانى ولكن لايحدث الانهيار والسقوط الفعلى للدولة بل تظل تترنح وتستقوى تارة وتستجدى أخرى .
بعد ذلك الوصف استشهد الكاتب بالفرس والروم وكيف ان انهيار مملكتهم كان بايديهم وبفسادهم ومجونهم . الكاتب عندما تحدث عن الدولة الاسلامية وامبراطورية الأندلس اكد انها كانت اعظم بناء حضارى استفادت منه اوروبا من اقصاها لاقصاها ولازالت تستفيد حتى الان واكد ان انهيار الاندلس كان بسبب رئيسى تمثل فى لهو الحكام وبعدهم عن شعوبهم وعدم امتثالهم للمذاهب الربانية والرسائل السماوية.
ويمضى الكاتب فى حصر وتفنيد انهيار الامبراطوريات وفناءها ليصل الى العصر الحديث ويؤكد ان الحضارة المصرية القديمة كانت خارجة عن اى تفنيد او تفاسير علمية ويقول ان الخضارة المصرية القديمة كانت ولازالت نبراسا للعالم كله وان ماهو موجود الان يعد مثالا صادقا وقويا على ان المصريين القدماء صناع الحياة التى لاتفنى بفناءهم وموتهم وزوال حكمهم .
ويصل الكاتب الى المرحلة الحالية ويستشهد بالقطب الاوحد الولايات المتحدة الامريكية وامبراطورية العم سام المرعبة كما وصفها فالكاتب يرى ان كل بوادر الوهن والمرض قد ظهرت على الجسد الامريكى وان الفناء والانهيار قادمين لامحالة والغريب انه يؤكد ان اليهود هم السبب الرئيسى فيما اعترى الكيان الامريكى من وهن وضعف وصورة مشينة وكراهية ظاهرة للعيان لواشنطن وسياستها المتعجرفه قراراتها المخيبة للامال الاقليمية والدولية.
الكاتب يؤكد ان أمام الولايات المتحدة الامريكية خمسة عقود كلهم مرض ووهن وبعدها ستتحلل امريكا واصبح دويلات وسيأكل بعضها بعضا ويظهر حينذاك المارد الصينى وسيتبعه التنين اليابانى وبعد ذلك ستتربع روسيا على رأس العالم وتصبح هى دولة الدعم والحق والعدل والخلاص وسيلجأ اليها الكل ويطلبون دعمها ويستفيدون بقوتها التى ستهيمن على العالم كله لعقود ليست بالقليلة . وبين انتظار ماذكره الكاتب وتحمل تبعات الواقع الشرق اوسطي الاليم لانملك الا الدعاء لمصرنا بالأمن والأمان والاستقرار والسلام.