المسيحيون وأزمة النازحين: ازدواجية التعامل
تاريخ النشر: 6th, October 2023 GMT
كتبت هيام قصيفي في" الاخبار": ليست لدى القوى السياسية المسيحية فعلاً إجابة حول سبب التخلي الغربي عن لبنان في موضوع النزوح السوري، وتعيش حالة تردد واضحة حيال ما يمكن أن يكون مقصوداً، وإلى ماذا يهدف السماح بتحوّل لبنان إلى ملاذ للسوريين الذين أصبحوا يشكلون عبئاً اقتصادياً وأمنياً وسياسياً. والطرفان المعنيان ينسجان علاقة متفاوتة التأثير مع عواصم غربية والاتحاد الاوروبي وواشنطن، من دون التوصل إلى قراءة حقيقية حول ما يُعدّ للبنان.
والخوف السياسي من الوقوف في وجه الدول الغربية، خشية العقوبات والمقاطعة، قد يكون مبرراً لحجم السكوت عما يجري، والاكتفاء بالحشد الإعلامي الموسمي. علماً أن تحذيرات وصلت إلى هذه القوى منذ أشهر قليلة من موجة هجرة مقصودة بطابع اقتصادي ستكون وجهتها لبنان بالمئات. لكنّ التحذيرات لم تدفع إلى التحرك بفاعلية استباقية.
منذ أيام قليلة، وقع إشكال كبير بين عشرات (تحوّلوا إلى مئات) النازحين السوريين في إحدى مناطق بحمدون. الإشكال دام وقتاً طويلاً استخدم فيه المشاركون العصي والسكاكين وقطعوا الطريق الرئيسية المؤدية إلى بلدات المنطقة، قبل أن تنجح الاتصالات في دفع قوة من الجيش إلى التدخل لفضّ الإشكال.الحادث ليس الأول أو الأخير، وحكماً ليس فريداً من نوعه، ولا يصبّ في خانة موضة الكلام عن النازحين السوريين. بل يعكس وجهاً من وجوه الأزمة من منظار مسيحي. والكلام هنا ليس بالمعنى الطائفي الذي تحاول جمعيات المجتمع المدني استخدامه في إعطاء صفة العنصرية والطائفية على أي كلام يمسّ النازحين. الكلام هنا يعني المسيحيين من زاوية سياسية لأسباب عدة:تميّز قوى معنية وجود النازحين في مناطق جبل لبنان وشمالاً حيث وجود القوى الحزبية المسيحية، عن الوجود في مناطق جبل لبنان - الدرزي، حيث نفوذ الحزب التقدمي الاشتراكي، وحيث مناطق انتشار الثنائي الشيعي، والمناطق ذات الأكثرية السنية. ورغم أن الصرخة عالية في كل المناطق جراء ارتفاع عدد النازحين ولا سيما في الموجة الجديدة، إلا أنه بين الانطباع أن لدى المرجعيتين الدرزية والشيعية قدرة على فرض إدارة الوضع السوري وعلى ضبط الإشكالات والتخفيف من حدّة أي خروج عن المألوف، وبين تماهٍ سني - سوري في بعض المجتمعات، تصبح المناطق ذات الأكثرية المسيحية هي من تهتز تحت وطأة ارتفاع ملحوظ للنازحين. الإشكالية هنا مزدوجة، لأن مسؤولية التحول السكاني اللافت لا تتعلق فقط بقرار سياسي يفترض أن تتخذه الحكومة. فالمسؤولية موزّعة بين مستويات مختلفة من قيادات الأحزاب إلى البلديات التي تنافست الأحزاب المسيحية للقبض عليها، إلى أصحاب المصالح والشقق والمحالّ التجارية.
ولا يمكن للأحزاب المسيحية ولا لمناصريها التخفيف من حجم المسؤولية حين تصبح غالبية الأماكن السياحية والمطاعم والمؤسسات التجارية تستخدم نازحين سوريين وتغطي تأجيرهم وبيعهم مئات الدراجات النارية. وحين يؤجّر لبنانيون شققهم ومحالّهم لنازحين سراً. حتى الكنيسة الضائعة بين تعاليم سيدها وعظات البابا فرنسيس تضامناً مع النازحين، وبين الضغط السياسي لمعالجة ملف النزوح، تستعين بنازحين في الأوقاف وأديرة ومؤسسات ومصالح زراعية أو أشغال حيوية. فيما بعض جمعيات كنسية عالمية تخصّص مساعدتها فقط للنازحين. وجميع المستفيدين بطريقة أو بأخرى من مجتمع النازحين، عبر جمعيات إنسانية وتقاضي رواتب بالدولار، أو رؤساء البلديات أو من يؤجّر منزلاً أو محلاً تجارياً أو يستخدم عمالاً أو يساهم في تعزيز وجود النازحين، هم مناصرو الأحزاب المسيحية التي تتهم النظام السوري وحزب الله بالمسؤولية الكاملة عن النزوح، وهم أنفسهم المستفيدون من النزوح يتظاهرون ضده.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: السوريون يواجهون خطر الموت وسط انعدام الأمن وأزمة الرعاية الصحية
قال مسئولون كبار في الأمم المتحدة للمساعدات اليوم الجمعة، إن ملايين الأشخاص في سوريا ما زالوا يواجهون خطر الموت من الذخائر غير المنفجرة والأمراض وسوء التغذية، وهناك حاجة ماسة إلى مزيد من الدعم الدولي.
وذكر الموقع الرسمي للأمم المتحدة أن إيديم ووسورنو، التي ترأس العمليات والدعوة في مكتب تنسيق الشئون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) - اختتمت زيارتها إلى البلاد، وقالت إنها "يمكن أن تشعر بزخم التغيير" على الأرض بعد سنوات من المعاناة والمشقة في ظل نظام الأسد التي انتهت بإسقاطه في ديسمبر الماضي.. لكن التحديات الهائلة لا تزال قائمة حيث يحتاج 16.5 مليون سوري إلى المساعدة الإنسانية والحماية، والاحتياجات "مذهلة".
ولفتت ووسورنو - من غازي عنتاب، وهو مركز إنساني في تركيا يقع على الجانب الآخر من الحدود السورية - إلى "اتجاه مشجع للعودة" منذ ديسمبر الماضي.. وقالت إن أكثر من مليون نازح داخلي عادوا إلى مناطقهم الأصلية، وعاد أكثر من نصف مليون لاجئ من الدول المجاورة.
ونبهت إلى انعدام الأمن، وانتشار المنازل المتضررة، ونقص مستوى الخدمات، وفرص سبل العيش، وتهديد الذخائر غير المنفجرة.. وفي حين تراجع مستوى الأعمال العدائية في البلاد، قالت ووسورنو، إن التوترات المحلية والاشتباكات لا تزال مصدر قلق كبير.
بدوره، قال الدكتور الطاف موساني، مدير حالات الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة، إن بقايا القتال العنيف تشكل تهديدًا مستمرًا للمدنيين، مشيرا إلى وقوع 909 إصابات على الأقل بسبب الذخائر غير المنفجرة منذ ديسمبر 2024، بما في ذلك حوالي 400 وفاة - أغلبهم من النساء والأطفال.
وأوضح أن الأمراض مثل الكوليرا والإسهال المائي الحاد تنتشر، مؤكداً تسجيل أكثر من 1444 حالة اشتباه بالكوليرا وسبع وفيات مرتبطة بها.. وقال: "هذا بشكل خاص في اللاذقية وحلب، خاصة حول مخيمات النازحين.. ونعلم أنه عندما تنتشر الكوليرا في المخيمات، يمكن أن تكون بمثابة حريق هائل، مما يزيد من معدل الإصابة والوفيات".
وأشار إلى أن نصف مستشفيات الولادة في شمال غرب سوريا علقت عملياتها منذ سبتمبر 2024 بسبب التخفيضات المالية، والتي نشهدها عالميًا ولكنها واضحة حقًا في سوريا.
وحذر من أن أكثر من 416 ألف طفل في سوريا معرضون لخطر سوء التغذية الحاد وأن أكثر من نصف الأطفال دون سن الخامسة الذين يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم لا يتلقون العلاج.. وقال: نحتاج إلى أن نكون قادرين على مراقبة هذا الخطر والتدخل وإنقاذ هؤلاء الأطفال.
ويعاني التمويل للعملية الإنسانية في سوريا بالفعل من نقص حاد، ففي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال رئيس قسم التنسيق في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، راميش راجاسينجام، لمجلس الأمن إنه من أصل ملياري دولار المطلوبة للأمم المتحدة وشركائها للوصول إلى ثمانية ملايين من الأشخاص الأكثر ضعفاً من يناير إلى يونيو 2025، لم يتم تلقي سوى 10%.
وتواجه المرافق الصحية المتعثرة في البلاد نقصًا في العمالة الماهرة والمعدات، حسبما قال الدكتور موساني من منظمة الصحة العالمية. وقد دفعت الحرب حوالي 50 إلى 70% من القوى العاملة في مجال الصحة إلى مغادرة البلاد بحثًا عن فرص أخرى، والبنية التحتية الصحية في حاجة ماسة إلى الاستثمار.