"حصار" فوق الحصار.. فلسطينيون في شمال غزة يواجهون "قصفاً" إسرائيلياً عنيفاً
تاريخ النشر: 3rd, November 2023 GMT
يعاني سكان مدينة غزة ومخيم جباليا للاجئين من حصار فوق الحصار، بعد عزل المكانين عن بقية قطاع غزة وتطويقهما من القوات الإسرائيلية، بعد 3 أسابيع من الحصار والقصف للقطاع بأكمله.
ويرتقب السكان وقوع معركة ضارية في أحيائهم مع عدم وجود ما يكفي من الكهرباء أو الوقود، ومع بقاء بضعة مستشفيات فقط في الخدمة وسط غارات جوية وقصف مدفعي بلا هوادة.
وقال أبو عبد الله الذي يسكن في مدينة غزة: "لا ينام أحد بوجود القصف، يواصل أبنائي القفز والبكاء عند كل غارة جوية".. ويقيم أبو عبد الله في مخيم جباليا مع أقاربه بعد قصف منزله في مدينة غزة.
Blinken presses for pause in Gaza fighting on visit to Israel amid fears war could widen https://t.co/k9e6lD7zhJ
— The Associated Press (@AP) November 3, 2023وأمرت إسرائيل جميع المدنيين بمغادرة شمال قطاع غزة الشهر الماضي، وقالت في رسائل أسقطتها بطائرات هليكوبتر إن من سيبقى ربما يُعد من مسلحي حركة حماس.. وعزل جيشها شمال القطاع هذا الأسبوع، وقال أمس الخميس، إنه طوّق مدينة غزة ومخيم جباليا مع استمراره في قصف مواقع في الجنوب.. ورفض كثير من سكان مدينة غزة الرحيل وأشاروا إلى تلك الهجمات وما تثيره من مخاوف من أنهم لن يُسمح لهم بالعودة إلى منازلهم لاحقاً.
وقال أبو عبد الله الذي لم يفصح عن اسمه الكامل، مخافة انتقام الإسرائيليين منه: "نحن الآن محاصرون، لكننا في وطننا"، واتهم إسرائيل بشن حرب تجويع على شعب غزة.
وتعهدت إسرائيل بالقضاء على حماس التي تسلل مقاتلوها عبر الحدود الإسرائيلية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقتلوا 1400 شخص واختطفوا 240 آخرين.. وتقول إسرائيل إن حربها شُنت على جماعة مسلحة، لا الفلسطينيين المدنيين، وتتهم حماس بالاختباء في مناطق سكنية لاجتذاب الهجمات على المدنيين.
وتقول السلطات الصحية في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حماس، إن قصف إسرائيل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قتل 9227 شخصاً منهم 3826 طفلاً.. وقالت إن الهجمات على جباليا هذا الأسبوع قتلت مئات الأشخاص.
وأظهر مقطع فيديو حصلت عليه رويترز، آثار ما بعد هجوم، الجمعة، على بيت لاهيا بالقرب من مدينة غزة، إذ كانت هناك جثث ملطخة بالدماء ومحفوفة بالتراب وإخراج رضيع من سيارة إسعاف، وأظهر أيضاً فحص المسعفين للمصابين المستلقين على أرضية المستشفى وهم يتألمون.
عجز في الإمداداتوقطعت إسرائيل إمدادات الوقود والكهرباء عن غزة مباشرة بعد هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وقالت السلطات الصحية في غزة إن معظم الخدمات الطبية قد تتوقف، وتقول إسرائيل إن حماس أخذت الوقود من المستشفيات.
ولا تصل الإمدادات الغذائية والطبية التي تأتي عبر معبر رفح الحدودي مع مصر منذ الأسبوع الماضي إلا إلى الأجزاء الجنوبية من غزة، وقال أبو عبد الله عبر الهاتف إن "الغذاء مشكلة والمياه مشكلة أكبر، ولا يوجد وقود أو كهرباء فيما عدا بضع ساعات يحصلون عليها من الألواح الشمسية".
وفي الأجزاء الجنوبية من القطاع، يعني نقص المياه النظيفة أن كثيرين من الناس بدأوا باستخدام مياه البحر للاستحمام والتنظيف، واكتظاظ المستشفيات ونقص الوقود يعني أن الأطباء يجدون صعوبة شديدة في مساعدة المرضى والجرحى.
وعلى الشاطئ في دير البلح، بين مدينة غزة ومدينة خان يونس الجنوبية الرئيسية، كان هناك مجموعة من الأطفال يغترفون الماء من البحر بينما عكف رجال على غسل أواني الطهي، وقال علاء البرديني، أحد سكان دير البلح، إن الأطفال يستحمون في مياه البحر المالحة ولا توجد مياه عذبة لتنظيف أجسادهم من الملح.
وتقول إسرائيل إنها أعادت إمدادات المياه إلى جنوب قطاع غزة بعد أن قطعتها في البداية، لكن السكان يقولون إنه لا توجد مياه تقريباً، ومن دون كهرباء لا يستطيع الناس تشغيل مضخات لسحب المياه من الآبار أو رفعها إلى المنازل.
وتمتد طوابير الانتظار طويلاً عند المخابز وينتظر الناس ساعات للحصول كميات صغيرة من الخبز، وقال حسين النادي أمام أحد المخابز في خان يونس إنه يقف منذ الفجر في طابور للحصول على الخبز وإن الوضع أصبح لا يحتمل، ومع امتلاء المستشفيات، بدأ الطبيب حسن زين الدين يزور مدارس الأمم المتحدة التي تأوي آلاف النازحين.. ومع الافتقار للوقود، يقطع رحلة طولها 15 كيلومتراً بالدراجة.
وقال زين الدين إن "القصف أضر ببعض قطاعات من الطريق، ومن ثم يضطر إلى حمل الدراجة حتى يتجاوز الجزء المعطوب من الطريق ثم يستأنف الرحلة".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل أبو عبد الله مدینة غزة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل وهندسة سياسة التجويع في غزة
بقلم: د.حامد محمود
مستشار مركز العرب للدراسات الاستراتيجية
القاهرة (زمان التركية)_ “فخ الموت”.. أو “مصيدة الموت”.. بهذه المسميات وصفت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، الوضع في غزة، منتقدة إسرائيل والإدارة الأمريكية والشركات الداعمة لها، وهو ما دفع إدارة ترامب إلى فرض عقوبات على المسؤولة الأممية، واصفة جهودها بأنها “غير مشروعة ومخزية” لدفع المحكمة الجنائية الدولية إلى اتخاذ إجراءات ضد مسؤولين وشركات ومديرين تنفيذيين أمريكيين وإسرائيليين.
ويُعد هذا القرار أحدث جهد من جانب الولايات المتحدة لمعاقبة من يحققون في الجرائم المزعومة التي ارتكبتها إسرائيل مع استمرار الحرب في غزة.
وفي الحقيقة، فإنه لا يكاد يمر يوم دون أن يتفاقم المشهد الإنساني في قطاع غزة، حيث تحوّلت مراكز توزيع المساعدات إلى ساحة جديدة للصراع، ليس فقط بين الجوعى واليائسين، بل بين أطراف تتنازعها مصالح ضيقة وسياسات قاتلة. فبينما يستمر الاحتلال الإسرائيلي في حصاره المشدَّد، الذي حوّل القطاع إلى جحيم لا يُطاق، تبرز تقارير ميدانية عن تورّط عناصر من حماس في عرقلة توزيع المساعدات، بل ومصادرتها لصالح “المقاومة” وأتباعها. المشهد لا يخلو من مأساوية مفرطة: شعب يُذبح جوعًا، وسلطة حاكمة تُحوّل قوافل الغذاء إلى ورقة ضغط، وعدوان إسرائيلي يُحكم الخناق على كل منفذ حياة.
التقارير المتواترة، واللقطات الميدانية المؤلمة، تُظهر بوضوح محاولات متعمّدة لعرقلة وتوجيه مسار المساعدات. الحديث هنا ليس عن الفوضى العفوية التي قد تنجم عن اليأس، بل عن ممارسات منظمة، تُشير بأصابع الاتهام إلى أطراف تسعى لفرض سيطرتها على شريان الحياة الوحيد المتبقي للسكان. وفي هذا السياق، تبرز الاتهامات الموجهة لحركة حماس، والتي تتحدث عن تدخلات تُعيق وصول المساعدات إلى مستحقيها، سواء من خلال الاستيلاء عليها أو تعطيل عمليات التوزيع. إن هذه المحددات – إن صحّت – ليست مجرد خرق للقوانين الدولية، بل هي كارثة إنسانية بحد ذاتها، تُضاف إلى كوارث القطاع اللانهائية. فماذا سيحدث إذا استمرت هذه التهديدات أو اشتدت وتيرتها؟ السؤال لا يحتاج إلى كثير من التكهنات للإجابة عليه؛ فالنتيجة المحتملة هي انهيار شبه كامل لشبكة المساعدات الإنسانية.
تدهور الوضع الأمني حول مراكز التوزيع ليس مجرد قضية لوجستية، بل هو مؤشر خطير على تصاعد حالة اليأس والاحتقان داخل القطاع. فعندما تُعيق المساعدات عن الوصول إلى مستحقيها، تتفاقم الأزمة الإنسانية، ويتحوّل الجوع من مجرد تحدٍّ إلى سلاح. والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: من سيتضرر من هذا الوضع؟ الإجابة واضحة ومؤلمة: سكان غزة، الأطفال والنساء والشيوخ، الذين باتوا يعيشون على هامش الحياة، ينتظرون بصيص أمل من شاحنات المساعدات.
إن استمرار هذه الممارسات يعني دفع القطاع نحو شفير الهاوية. فإذا أُجبرت المنظمات الإنسانية على تعليق عملياتها، أو حتى تقليصها بشكل كبير بسبب المخاوف الأمنية، فإن الكارثة الإنسانية ستكتمل فصولها. من سيضمن وصول الغذاء والدواء والماء إلى مئات الآلاف من السكان في حال انهيار هذه الشبكة الهشّة؟ هل ستتمكن الأطراف المحلية من سدّ هذا الفراغ الهائل؟ وهل ستكون قادرة على إدارة عملية توزيع عادلة وشفافة في ظل أجواء الفوضى والتوتر؟ الشواهد الحالية لا تُبشّر بخير، بل تُنذر بمزيد من التعقيدات والمآسي.
ولا يمكن تحميل حماس وحدها مسؤولية هذه الأزمة؛ فالاحتلال الإسرائيلي يتحمّل الجانب الأكبر من الكارثة. فمنذ بداية الحرب، فرضت إسرائيل حصارًا كاملاً على القطاع، منعت بموجبه دخول الغذاء والدواء والوقود، بل وحتى المياه. ثم سمحت لاحقًا بكميات محدودة من المساعدات، لكنها ظلّت غير كافية، ومتعمدة في إبطاء دخولها عبر تعقيد الإجراءات عند معبر كرم أبو سالم.
الأرقام مخيفة: أكثر من نصف مليون شخص في غزة على حافة المجاعة، وفقًا لمنظمة “اليونيسف”، بينما تحرق إسرائيل المحاصيل وتمنع الصيادين من الوصول إلى البحر. بل إن هناك تقارير تفيد بأن الجيش الإسرائيلي استهدف بشكل متعمد قوافل المساعدات، كما حدث قبل أسابيع، حيث قُتل عشرات الفلسطينيين أثناء انتظارهم للحصول على الغذاء.
السيناريو الأسوأ ليس بعيدًا. فإذا استمرت إسرائيل في تقييد المساعدات، واستمرت حماس في عرقلة توزيعها، فإن النتيجة ستكون مجاعة حقيقية قد تقتل آلافًا دون رصاصة واحدة. الأمم المتحدة حذّرت من أن القطاع على بُعد خطوات من الانهيار الكامل، حيث لم يعُد هناك أي نظام صحي أو أمني قادر على احتواء الأزمة.
السؤال الأهم: من سيتحمل المسؤولية حينها؟ إسرائيل ستُلقي باللائمة على حماس، وحماس ستتهم الاحتلال، بينما الشعب الفلسطيني سيدفع الثمن. المجتمع الدولي، الذي وقف عاجزًا أمام الإبادة المستمرة، لن يكون قادرًا إلا على إصدار بيانات استنكار، بينما تتحول غزة إلى مقبرة مفتوحة.
المأساة في غزة لم تعُد تحتمل المزيد من التسييس. المساعدات الإنسانية ليست منّة من أحد، بل حق أساسي يكفله القانون الدولي. أي عرقلة لها، سواء من الاحتلال أو من السلطات المحلية، هي جريمة ضد الإنسانية. آن الأوان لوقف هذه الآلة القاتلة، وإجبار إسرائيل على فتح المعابر بشكل كامل، وفرض رقابة دولية على توزيع الغذاء لضمان وصوله للمدنيين دون عوائق.
غزة تموت، والوقت لم يعُد يُضيَّع في الصراعات الجانبية. فإمّا إنقاذ شامل، أو كارثة ستُذكر كوصمة عار في تاريخ العالم.
Tags: إسرائيلغزةهندسة سياسة التجويع في غزة