التشكيك الغربي في مستوى التحالف بين الصين وروسيا لا يغيِّر من حقيقة الأوضاع الراهنة
يزداد اهتمام العالم بمحور بكين - موسكو، كلّما ازدادت الأزمات الدولية تفاقماً، وكلما ارتفع مستوى عجز الدول الغربية عن مواجهة الصراعات المنتشرة في أماكن عديدة من العالم، خاصة أن قدرة الولايات المتحدة على فرض زعامتها يتطلب منها أن تُبرز في كل مناسبة مستوى أكبر من القوة، وذلك بموازاة ظهور مؤشرات عديدة على تراجع مخزون هذه القوة لدى صناع القرار في واشنطن.ويرى المتابعون أن اللقاء الذي جمع الرئيسين الصيني والروسي في 17 من شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على هامش المنتدى الثالث لحزام الطريق الذي انعقد في بكين، أعاد إلى الواجهة الطابع الجيوسياسي الحاسم للعلاقات الصينية الروسية التي قال بشأنها الرئيس بوتين: «إن الصراعات في العالم تقوّي محور بكين وموسكو، نظراً لحاجة العالم، لاسيما في الجنوب، إلى نظام دولي أكثر عدلاً وإنصافاً».
نلاحظ في هذا السياق أن بعض التقارير الغربية تتحدث عن روسيا والصين من خلال استعمال مقولة دارجة في اللغة الفرنسية، تصف الدولتين بأنهما تشبهان كلبين من السيراميك ينظران إلى بعضهما بعين الريبة، وذلك للتأكيد على أنه ورغم التحالف المعلن عنه بينهما بسبب الظروف الجيوسياسية المترتبة عن الضغوط التي تمارسها الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة على الدولتين، فإنه ليس هناك عناصر كثيرة توحّد بينهما.
يسعى أوبير فيدرين في قاموسه، إلى تأكيد أن الرأي العام الأوروبي من جهة، مهووس في أغلبيته بالحديث عن روسيا التي يعتبر أنها تمثل تهديداً جدياً، ومنشغل من جهة أخرى، كبقية العالم، بالمواجهة المحتدمة بين الصين وأمريكا التي ترخي بظلالها على الآفاق الجيوسياسية بالنسبة للعقود المقبلة، وذلك ما يجعل العلاقات الصينية الروسية تأتي في المرتبة الثانية بالنسبة لغير المتخصصين في العلاقات الدولية. ومن الواضح أن الأوروبيين ليس لديهم مصلحة في أن ترتمي روسيا بشكل كامل في أحضان التنين الصينيي.
وتأخذ العلاقات الروسية الصينية مشروعيتها انطلاقاً من مجموعة من العوامل الموضوعية، وفي مقدمتها التداخل الجغرافي بين البلدين، حيث إن هناك حدوداً مشتركة بينهما تمتد على مسافة 4250 كلم، كما أن روسيا عضو في منظمة شنغهاي التي أسستها الصين سنة 2001، وعلاوة على ذلك، فإن كليهما عضوان أساسيان في مجموعة البريكس ويتقاسمان الرفض المشترك لهيمنة الغرب على العالم، وقاما بإجراء العديد من المناورات العسكرية المشتركة، وقد حرصت روسيا في السياق نفسه، على تزويد الصين بالعديد من المعدات العسكرية، لاسيما في مجال الطيران والدفاع الجوي. بيد أن كل هذه العوامل لا تلغي، بحسب فيدرين، الاختلافات الكبرى بين الدولتين.
ويمكننا أن نخلص بناءً على ما تقدم، إلى أن التشكيك الغربي في مستوى التحالف بين الصين وروسيا لا يغيِّر من حقيقة الأوضاع الراهنة التي خلقت تحديات جيوسياسية، فرضت التقارب والتحالف ليس فقط على روسيا والصين، ولكن أيضاً على كل دول الجنوب العالمي من أجل إحداث التوازن الاستراتيجي المطلوب في مواجهة الهيمنة الغربية، وعليه فإنه وبصرف النظر عن كل الاعتراضات الغربية، فإن تحالف روسيا مع الصين يسمح لهما بتشكيل قطب استثنائي يُسهم في توجيه بوصلة العلاقات الدولية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الصين
إقرأ أيضاً:
انهيار سقف برج تاريخي فوق السياح في الصين
مايو 22, 2025آخر تحديث: مايو 22, 2025
المستقلة/-في مشهد مأساوي ومفاجئ، انهار جزء من برج الطبل في مدينة فنغ يانغ، أحد أقدم المعالم التاريخية في الصين، بينما كان السياح يتجولون في محيطه.
البرج، الذي ظل صامدًا منذ القرن الرابع عشر، شهد سقوطًا مفاجئًا لجزء من سقفه الشرقي، مما أثار الذعر بين الزوار الذين وثقوا اللحظة بهواتفهم وسط سحب من الغبار والركام.
في مساء يوم الإثنين شهدت مدينة فنغ يانغ بمقاطعة أنهوي الصينية حادثًا أثار القلق بين المهتمين بالتراث الثقافي، حيث انهار جزء من السقف الشرقي لبرج الطبول التاريخي الذي يعود تاريخ بنائه إلى عام 1375 في عهد أسرة مينغ. ويُعد البرج من أبرز المعالم المعمارية التي تجسد روح الصين القديمة، وقد ظل صامدًا لما يقرب من 650 عامًا قبل هذا الحادث المفاجئ.
كان الميدان المحيط بالبرج يعج بالسياح عند وقوع الحادث، إذ تساقطت كميات كبيرة من بلاط السقف على الأرض، مما دفع الحشود إلى الابتعاد بسرعة وسط صرخات ودهشة بالغة. وأظهرت لقطات الفيديو التي التقطها الزوار لحظة الانهيار، حيث تصاعد الغبار في الهواء مغطيًا المشهد، فيما هرع البعض لتوثيق ما حدث بينما لجأ آخرون إلى الهروب من الموقع خشية سقوط المزيد من أجزاء البناء.
ولكن بالرغم من خطورة الحادث قد أكدت السلطات المحلية أنه لم يتم تسجيل أي إصابات وذلك بصفوف الزوار أو العاملين في الموقع، وبحسب شهود عيان، قد استمر تساقط البلاط لبضع دقائق، حيث كان من الممكن أن يؤدي لإصابات خطيرة لولا أن الساحة لم تكن مكتظة لحظة وقوع الانهيار.
فيما يعد البرج من أضخم أبراج الطبول بالصين، حيث قد خضع لعدد من أعمال ترميم كان آخرها في عام 1995، بالإضافة إلى صيانة حديثة بدأت نهاية عام 2023، إلا أن الانهيار أثار تساؤلات حول جودة أعمال الصيانة ومدى فاعلية الرقابة على سلامة المباني الأثرية.
وعقب الحادث، أغلقت السلطات الموقع وبدأت تحقيقًا شاملًا للوقوف على أسباب الانهيار، وأعلنت إدارة الثقافة والسياحة أنها ستراجع تقارير الصيانة الأخيرة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلًا. فيما يشار إلى أن برج الطبل يعد أحد المعالم المعمارية النادرة التي نجت من تقلبات الزمن والحروب، حيث يجذب آلاف السياح سنويًا، ما يجعل الحفاظ عليه أولوية ثقافية وسياحية للمنطقة.
والسلطات المحلية أعلنت فتح تحقيق عاجل للوقوف على أسباب الانهيار، مشيرة إلى أن الأمطار الأخيرة قد تكون لعبت دورًا في إضعاف البنية الهيكلية للبرج. كما تم تطويق المنطقة ومنع الزوار من الاقتراب إلى حين إجراء تقييم شامل لسلامة الموقع وإجراء أعمال الترميم اللازمة.
https://www.facebook.com/share/v/12JqaBXJHgC/