القيادة القيمية في القضية الفلسطينية
تاريخ النشر: 19th, November 2023 GMT
د. أحمد اللواتي **
حينما سُئل العالِم الأوروبي الفرنسي ألبرت شوتزر المتوفَّى سنة 1965، عن أهم صفة في القائد، فأجاب إنها ثلاث صفات: الأولى هي القيادة بالتطبيق، والثانية هي القيادة بالتطبيق، والثالثة هي القيادة بالتطبيق، وهو يشير في هذا التكرار إلى أهمية أن يطبق القائد ما يقول، وإلّا فإنه ليس لها معنى.
وحينما نعكس مفهوم القيادة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي اليوم فإننا نجد محورين أساسيين يتجسدان في موضوع القيادة القيمية وهي القيادة القائمة على مبدأ تطبيق القيم الأصيلة المتجذرة منذ القدم في عمق البشرية الإنسانية والتي لا تخضع لدين أو مذهب وتسالم عليها البشر عموما بمختلف أطيافهم ومشاربهم.
المحور اللاقيمي للمعتدي الغاصب
كنت أظن بادي ذي بدء أن هذا المحور غير مطلع على معنى القيادة القيمية أو لا يعرف معنى القيم الأصيلة، إلا أنني تيقنت اليوم بعد دخولنا الشهر الثاني من الحرب على إخوتنا الفلسطينيين بأن هذا المحور يعرف القيادة القيمية ولكنه يعيش جهلا مركبا فيطبق القيم أحيانا ويتركها أخرى وفقاً لمصالحه. فمثلا يتحدث عن مفهوم العدالة ويتشدق بها ويطبقها عندما لا تتعارض مع مصالحه وأهوائه، ولكن في موضوع صار يعد شائكا-للأسف الشديد- كالقضية الفلسطينية نجده يتحدث عن العدالة كمفهوم عام لا يمكن أن يطبقه على أرض الواقع!
يعجز قلمي حقيقة أن يخط بأن هذا الكيان الغاصب عنده بعض من القيادة بل بعض من الإنسانية هو يقتل النساء والأطفال بدم أقل ما يقال عنه أنه بارد ولا يعبأ بأي شيء. ستكون الداعيات عليه وخيمة على مختلف الأصعدة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
المحور القيمي للمقاومة والممانعة الفلسطينية
إن هذا المحور يجسد في طياته وشذراته أعلى قيم الأصالة مثل الإخلاص والتضحية والعمل النبيل والإيمان والصبر وبعد النظر. تجد ذلك حاضرا على صعيد جهتين أساسيتين وهما جهة المقاومين أنفسهم وجهة الشعب المقاوم. فنجد مثلا المقاوم والذي يقوم بعمل بطولي حاملا روحه على كفه من جهة وقنبلته من جهة أخرى مستعدا أن يفدي بنفسه من أجل أن يضعها على سطح دبابة ضخمة علها تكون سبيلا لتحرير وطنه من يدي الغاشم المحتل. ونجد الأم أو الأب اللذين يحملان ولدهما الشهيد وهما يرفعانه عاليًا نحو السماء ليقولا لربهما: اللهم تقبل منا هذا القربان، الهي خذ حتى ترضى وهذا لهو في سبيل القدس!
ما أروعها من دروس وعبر في القيادة القيمية التي تجسد حقيقة القيادة بالتطبيق؛ سواءً الإيمان بالقضية أو التضحية أو الإخلاص أو غيرها من القيم. ولا أجد في عصرنا الحديث مثالا أفضل وأروع من هذه الأمثلة لتسطر لنا الدروس في القيادة القيمية.
لقد جسدو بحق الآية الكريمة "الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ" (آل عمران: 173-174)
سيذكِّرُنا التاريخ بعد انتهاء هذه الحرب وتحقيق الانتصار الحتمي بأن القيم القيادية هي التي تنتصر في النهاية وكل من يضعها نصب عينيه هو من ستكون له الغلبة في نهاية المطاف وهذه قاعدة نضال الشعوب ضد مغتصبي الأرض والوطن.
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ" (محمد: 7).
** دكتوراه في القيادة والابتكار- جامعة نيويورك
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
محمد أبو العينين: نقف بثبات خلف القيادة السياسية.. ومصر الحارس الأمين للقضية الفلسطينية
قال النائب محمد أبو العينين، وكيل مجلس النواب ونائب رئيس حزب الجبهة الوطنية، إن الحضور الجماهيري في مؤتمر الحزب بالجيزة اليوم؛ يعكس حجم التأييد الشعبي للحزب الذي وُلد كبيرًا ويملك رؤية وطنية واضحة وبرامج قابلة للتنفيذ، وكذلك لمرشحيه، مشيدًا بوعي جماهير المحافظة.
وأضاف أبو العينين، في كلمته بالمؤتمر، أن مصر قدمت الكثير للقضية الفلسطينية، وأن خطاب الرئيس السيسي أحدث صدى دوليًا واسعًا.
واعتبر أن مصر أعادت تسويق القضية في المحافل الدولية، وستظل الحارس الأمين لها، داعيًا المواطنين إلى عدم الانسياق خلف الشائعات، قائلًا: “صوتكم أمانة”.
وأكد النائب محمد أبو العينين، أن القضية الفلسطينية كانت وستظل قضية مصر وقضية العصر، مشددًا على أن موقف الدولة المصرية ثابت وواضح في دعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ورفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم.
وقال أبو العينين: «مصر قدمت للقضية الفلسطينية أكثر من 120 ألف شهيد، وتحملت خسائر مباشرة وغير مباشرة بمليارات الدولارات، وخاضت حروبًا كلفتها الكثير من أجل نصرة فلسطين، ولا تزال حتى اليوم تتحمل أعباء ضخمة، مثل خسارة قناة السويس التي تقدر بمليار دولار شهريًا نتيجة الحرب».
وأضاف أن الرئيس عبد الفتاح السيسي كان الصوت القوي الذي واجه العالم دفاعًا عن الفلسطينيين، قائلًا: «الرئيس السيسي قالها بوضوح.. لن نسمح بتصفية القضية الفلسطينية أو التهجير القسري، ومصر لم تغلق معبر رفح منذ 7 أكتوبر، لكن إسرائيل هي التي دمرت المعبر من الجانب الفلسطيني».
وتابع أبو العينين: «مصر هي التي وضعت القضية الفلسطينية في أعين العالم وفي مكانها الصحيح، وقالت إنه لا بد من حل الدولتين، والرئيس السيسي تحدث بوضوح أمام العالم، وأثبت أن مصر ميزان القوة في المنطقة، ولولا قوتها؛ لانتهت القضية الفلسطينية وتم تهجير الفلسطينيين».
وأشار إلى أن جهود مصر أثمرت عن تحريك المجتمع الدولي، مستشهدًا بما قاله ترامب مؤخرًا عن معاناة الفلسطينيين بعد أن كان ينكر وجود مجاعة في غزة، مؤكدًا أن هذا التغيير جاء استجابة لمواقف مصرية قوية.
ووجه أبو العينين التحية القوات المسلحة والمخابرات العامة لدورهم في حماية الأمن القومي المصري ودعم القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن كل بيت في مصر على استعداد لتقديم الطعام والدواء للشعب الفلسطيني.
ويستهدف مؤتمر الحزب بالجيزة دعم مرشحيه بالمحافظة، وهم: أحمد الحمامصي وحسام سعيد، مرشحي الحزب ضمن "القائمة الوطنية من أجل مصر"، ومحمود علي عبد الله مرجان، مرشح الحزب على المقعد الفردي.