خبراء في ندوة لـ«تريندز»: التوسع في نهج المدن الذكية المستدامة ضروري لمواجهة تحديات تغيّر المناخ
تاريخ النشر: 8th, December 2023 GMT
أبوظبي (الاتحاد)
أكد خبراء ومتخصصون في التخطيط التنموي والتقنيات الذكية والتكنولوجيا المتطورة، أن التوسع في نهج المدن الذكية المستدامة أصبح أمراً ضرورياً وملحاً، في الوقت الذي يعاني فيه العالم تنامي ظواهر التغير المناخي، مشيرين إلى أن المدن الذكية يمكنها مواجهة تحديات المناخ وتعزز النمو الاقتصادي والاجتماعي ودعم التطور الحضري، من خلال انتهاج الأساليب والمعايير المستدامة، وفي مقدمتها السياسات الشمولية والأطر التطويرية الواضحة والمدروسة، فضلاً عن تطوير البنية التحتية الرقمية ومعالجة مخاطر الأمن السيبراني.
جاء ذلك خلال ندوة «المدن المستدامة.. الجيل الجديد من المدن الذكية»، التي نظمها مركز تريندز للبحوث والاستشارات، بالشراكة مع مجموعة مصطفى محرم وشركاه للسياسات العامة والاتصال الاستراتيجي، وأدار النقاش سلطان ماجد العلي، الباحث الرئيسي ومدير إدارة الباروميتر العالمي في «تريندز»، وأقيمت مساء الأربعاء في المركز الإعلامي لمؤتمر «COP28».
وقال الدكتور محمد عبدالله العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز للبحوث والاستشارات، في كلمته الافتتاحية، إن مفهوم مدن المستقبل الذكية والمستدامة أصبح متداولاً وهدفاً لكثير من الحكومات الساعية إلى تحقيق التنمية المستدامة وتحسين جودة الحياة لمواطنيها، مضيفاً أن التطور العمراني والوتيرة السريعة للتوسع الحضري، وتغير المناخ، وزيادة الطلب على الموارد، تفرض ضغوطاً كبيرة على البنية التحتية الحضرية والأنظمة البيئية. وتابع: «نحن بحاجة إلى إنشاء مدن ليست مستدامة فحسب، بل قادرة على الصمود أمام التحديات المستقبلية المتغيرة».
وأشار العلي إلى أن المدن الذكية تقدم نهجاً واعداً لتحقيق هذه الأهداف، فمن خلال الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة، يمكن للمدن الذكية تحسين استخدام الموارد، والحد من التلوث، وتحسين الخدمات العامة، ومن ثم تعزيز نوعية الحياة لجميع المواطنين.
وأكد أن بناء المدن الذكية المستدامة لا يقتصر على التكنولوجيا فقط، فالأمر يتعلق أيضاً بوضع رؤية مشتركة للمستقبل، تمزج بين استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وبين كفاءة العمليات والخدمات الحضرية، والقدرة على المنافسة، إلى جانب تلبية احتياجات الأجيال الحالية والقادمة فيما يتعلق بجوانب الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية.
واستهل مناقشات الندوة جان فابافوري، رئيس اللجنة الأولمبية الفنلندية، ووزير الاقتصاد والإسكان في فنلندا - سابقاً، وعمدة العاصمة الفنلندية «هلسنكي» السابق، حيث تحدث عن «الجيل الجديد من المدن الذكية المستدامة - «هلسنكي» وتجربة فنلندا الرائدة في المدن الذكية المستدامة»، موضحاً أن المدن الذكية لكي تتحول إلى مجتمعات مستدامة تحتاج إلى العمل على إيجاد الموارد والتنوع والدعم، ولكن بسبب الفهم المحدود للشمولية، تواجه المدن الذكية بعض العقبات في عملية التوسع.
واعتبر المدن الذكية الطريق الصحيح نحو التنمية المستدامة، بما تمتلكه من مقومات تجعلها قادرة على مكافحة التغيرات والتحديات المناخية خلال العقود القادمة، اعتماداً على التطور المستدام الشمولي، ووضع الاستراتيجيات والأطر التنظيمية المحدثة باستمرار.
وذكر جان فابافوري أنه ينبغي وضع التكنولوجيا في المقام الأول لتحسين نوعية حياة الناس، فليست كمية التكنولوجيا هي المهمة، بل الأهم هو كيفية استخدام التكنولوجيا، مضيفاً أن الأبحاث المتطورة ترشد الحكومات نحو خيارات الاستدامة الصحيحة، مستشهداً بمسابقة بحثية عالمية تمكنت من تقديم حل مستدام لتدفئة مدينة هلسنكي في الشتاء، مما وفر للحكومة الفنلندية عشرات الملايين من الدولارات.
وأوضح أن المدن الذكية هي مجتمعات مبتكرة، تحتاج إلى التعاون والتنافسية الصحية، مع الحرص على تعزيز الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والاقتصادية لدى إنشائها وتطويرها أيضاً.
أما الدكتور شريف الديواني، الخبير السويسري في التخطيط التنموي، والمؤسس المشارك والعضو المنتدب لشركة MGM المناخية لمطوري الأعمال، فذكر أن المرونة هي الميزة الأساسية التي يسعى جميع قادة المناطق الحضرية إلى تحقيقها في استدامة المدن في القرن الحادي والعشرين، ولحسن الحظ، تمكن التكنولوجيا المدن من أن تكون ذكية ومرنة لضمان نوعية حياة مستدامة لسكانها.
وأوضح أن المدن الذكية تقوم على نهج المشاركة والمساهمة بين الحكومات والأفراد، وذلك لكي يصبح عملها مستداماً.
وطالب الحكومات حول العالم بتسريع العمل والتوسع في تنفيذ مخططات المدن الذكية التي يجب أن تعتمد على المرونة والتكنولوجيا الرقمية، معتبراً هذه المدن «طوق نجاة» من أزمة التغير المناخي.
وحول الفرص والتحديات التي تواجه المدن الذكية المستدامة، خصوصاً فيما يتعلق بتهديدات الأمن السيبراني، أكد الدكتور محمد حمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، أن ما تقوم به دولة الإمارات من تطبيق التكنولوجيات المتطورة يهدف في الأساس إلى ضمان رفاهية الإنسان، وأمان المجتمع في المقام الأول من ذلك التطور، حيث تعمل دولة الإمارات على الاستمرارية في تطوير التكنولوجيا، جنباً إلى جنب مع ضمان تحقيق الأمن السيبراني للمجتمعات، وسد جميع الثغرات، من خلال مظلة أمنية تكنولوجية متطورة.
وذكر أن المرونة هي الجوهر الأساسي للتغلب على التحديات الأمنية، فالأمن السيبراني هو العين الحارسة لمبادرات تطوير المدن الذكية، مضيفاً أن الاستدامة تحتاج إلى العمل الجماعي، وتطوير السياسات السيبرانية، وتدريب الأجيال القادمة على قيادة المبادرات السيبرانية المستدامة.
وأوضح محمد الكويتي أن هناك عدداً من الآليات والاستراتيجيات التي يمكنها التخفيف من مخاطر الأمن السيبراني وحماية أنظمة المدن الذكية، منها بناء أنظمة أمنية قوية ومحدثة باستمرار، وتعزيز الوعي الأمني لدى العاملين في المدن الذكية.
إلى ذلك، تطرق سليم إدي، مدير الشؤون الحكومية والسياسة العامة في Google Cloud - الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى تجربة Google Cloud في حماية البيانات وتطوير الأنظمة الأمنية للحكومات والمجتمعات والأفراد، مضيفاً أن إنشاء المدن الذكية الآمنة يواجهه تحدي الفرص التوسعية، ما يجعل الشراكات التعاونية والتكاملية بين القطاعين العام والخاص ضرورة حتمية للحصول على هذه الفرص لتطوير نهج مستدام للمدن الذكية.
وأفاد بأن استدامة المدن الذكية تتطلب الاستعانة بالذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا البعد الثالث، إلى جانب العمل على البنية التحتية المادية، مع تمكين الأنظمة الآمنة للمجتمعات لكي تستطيع مجتمعات هذه المدن العيش في بيئة مستدامة، خصوصاً أنظمة الذكاء الاصطناعي التي يمكنها التغلب على التحديات الأمنية.
وفيما يتعلق بالأطر والسياسات واللوائح الحكومية المحفزة للقطاع الخاص على الاستثمار والتوسع في إنشاء المدن الذكية والمستدامة لضمان حماية البيئة والحد من آثار التغير المناخي، أشار مصطفى محرم، رئيس مجلس إدارة مجموعة مصطفى محرم وشركاه للسياسات العامة والاتصال الاستراتيجي، إلى أن تطوير وتنفيذ المدن الذكية يتطلب أطر سياسات شاملة تعالج الاعتبارات والتحديات الرئيسية، مبيناً أن البنية التحتية، وإدارة البيانات، وقابلية التشغيل البيني، والاستدامة، والتعاون، هي جوانب حيوية يجب على صناع السياسات منحها الأولوية، ومن خلال تعزيز الشراكات، وتشجيع الابتكار، وإشراك أصحاب المصلحة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: المدن الذكية المدن المستدامة الاستدامة الإمارات المناخ التغير المناخي تغير المناخ كوب 28 مؤتمر الأطراف مركز تريندز للبحوث والاستشارات الأمن السیبرانی البنیة التحتیة من خلال
إقرأ أيضاً:
ورشة بصنعاء حول اتجاهات تطوير القدرات الوطنية في برنامج الأمن السيبراني
الثورة نت /..
عقدت اليوم بصنعاء ورشة علمية بعنوان “اتجاهات تطوير القدرات الوطنية في برنامج الأمن السيبراني لمواجهة التحديات العصرية” نظمها مجلس الاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم بالشراكة مع جامعة الرازي.
هدفت الورشة التي شاركت فيها قيادة الوزارة ومجلس الاعتماد الأكاديمي، ومركز تقنية المعلومات، وعمداء مراكز التطوير وضمان الجودة ورؤساء أقسام برنامج الأمن السيبراني في الجامعات، إلى تطوير القدرات الوطنية وتعزيز الجاهزية للتصدي للتحديات السيبرانية، والوعي بأهمية الأمن السيبراني على المستوى الوطني وتطوير الحلول المبتكرة لمواجهة أي تهديدات.
وفي الورشة أشار وزير التربية والتعليم والبحث العلمي حسن الصعدي، إلى أهمية مثل هذه الأنشطة التي تتعلق بتطوير مجالات التعليم، وخاصة هذا المجال المهم، الذي أصبح محط اهتمام عالٍ، منوهاً بدور المجلس وجامعة الرازي في عقد هذه الورشة لتطوير المهارات والخبرات للقدرات الوطنية في مختلف الجامعات.
ولفت إلى أن الجميع معنيون، بأي عمل أو نشاط مشابه للمساهمة في بناء جيل من الخبراء والمتخصصين في الأمن السيبراني القادرين على حماية البنية التحتية الرقمية للدولة .. مشيراً إلى أن كافة الأنشطة والأعمال التي تهدف إلى تطوير برامج التعليم شيء مطلوب ومحسوب للجامعات رغم الصعوبات التي تواجهها .
من جانبه أثنى نائب الوزير الدكتور حاتم الدعيس، على مبادرة المجلس والجامعة لتنظيم ورشة الأمن السيبراني الذي يدخل في كل التخصصات، ودوره في تعزيز جاهزية الجهات الوطنية لمواجهة التهديدات السيبرانية المحتملة من خلال تدريب الكوادر الوطنية وتطوير قدراتها.
وأكد أهمية تعزيز التعاون والشراكات بين القطاعات الحكومية والخاصة والأكاديمية في مجال الأمن السيبراني، وردم الفجوة القائمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل، والعمل على زيادة الوعي بأهمية الأمن السيبراني وتشجيع المواطنين على اتخاذ التدابير اللازمة لحماية أنفسهم وبياناتهم.
فيما ذكر رئيس مجلس الاعتماد الأكاديمي الدكتور أحمد الهبوب، أن الأمن السيبراني يمثل درعاً أساسياً في مواجهة التحديات الرقمية والهجمات الإلكترونية المتزايدة، مما جعله من أبرز الأولويات الاستراتيجية لمختلف بلدان العالم.
وأشار إلى جهود اليمن في إنجاز مشروع الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني ودعم معايير ومتطلبات الأمن الإلكتروني عبر آليات مختلفة أوصى بها الاتحاد الدولي للاتصالات، والمتضمنة الجوانب التشريعية والتنظيمية والبنية التحتية والتجهيزات وبناء القدرات البشرية ونشر الوعي السيبراني والتعاون الدولي والوطني.
ولفت إلى أهمية هذه المتطلبات الدولية لتطوير برنامج الأمن السيبراني في الجامعات كونها تواجه العديد من التحديات، وفي مقدمتها غياب التشريعات، والمعايير والضوابط، وضعف البنية التحتية والتكنولوجية، ونقص الكادر المؤهل، وضعف الشراكة المؤسسية .
وفي الورشة بحضور وكيلي وزارة التربية والتعليم لقطاعي التعليم العالي الدكتور إبراهيم لقمان، والتعليم الثانوي الدكتور زيد الهدور، وأمين عام المجلس الدكتور محمد ضيف الله، أفاد رئيس جامعة الرازي الدكتور خليل الوجيه، بأن الورشة جاءت استشعاراً من الجامعة لمسؤوليتها الوطنية تجاه هذا الموضوع المهم، وإيجاد الحلول للفجوة القائمة بين مخرجات الجامعات وسوق العمل .
وتطرق إلى أهمية الورشة لتطوير مهارات الكوادر الوطنية في مجالات الأمن السيبراني المختلفة، مثل تحليل التهديدات، وإدارة المخاطر، وحماية أجهزة الموبايل من الاختراق وسرقة البيانات والمعلومات، مبيناً أن موضوع الأمن السيبراني أصبح اليوم احتياج دائم ومتواصل يمس كل أفراد المجتمع .
وتناولت الورشة أربع أوراق عمل، استعرضت الأولى اتجاهات تطوير برنامج الأمن السيبراني “الواقع والتطوير” قدمها الدكتور عبد الرحمن مثنى والدكتور عبد الواسع العزاني، فيما تطرقت الثانية إلى تأهيل الكادر الأكاديمي في الأمن السيبراني ” الواقع والتطوير” قدمها الخبير الوطني محمد الشرجبي، والدكتور عادل الجبري، وعرضت الرابعة آلية تطوير معايير القبول “الواقع والتطوير” قدمها الدكتور محمد الجودة، والدكتور يحيى الأشموري، فيما استعرضت الورقة الأخيرة مقترحاً لاستحداث مركز تدريب ميداني “الواقع والتطوير”، قدمها الدكتور بلال الفهيدي .