كيف يغيّر هجوم 7 أكتوبر إسرائيل؟
تاريخ النشر: 27th, December 2023 GMT
أدى هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل إلى مراجعة معمقة لدى اليسار الإسرائيلي، قد تقوض الإيمان بمستقبل مشترك مع الفلسطينيين.
30% من اليهود الأرثوذكس يدعمون الآن فكرة المشاركة في الخدمة العسكرية
وكتب باتريك كينغسلي، في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن الهجوم أثار أزمة ثقة في اليمين الإسرائيلي، ما أدى إلى إضعاف الدعم لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، فضلاً عن تقريب اليهود الأرثوذكس المتطرفين، الذين غالباً ما يكونون متناقضين حول علاقتهم بالدولة الإسرائيلية، من التيار الرئيسي العام.
وقال إن الإسرائيليين من مختلف الأطياف الدينية والسياسية، بدأوا يتصالحون مع ما يعنيه الهجوم الذي قادته حماس بالنسبة لإسرائيل كدولة، وللإسرائيليين كمجتمع، ولمواطنيها كأفراد. وكما أدت إخفاقات إسرائيل في الحرب العربية- الإسرائيلية عام 1973 إلى قلب حياتها السياسية والثقافية رأساً على عقب، فمن المتوقع أن يؤدي هجوم السابع من أكتوبر وتردداته إلى إعادة تشكيل إسرائيل لسنوات قادمة.
وأدى الهجوم، الذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، إلى انهيار شعور الإسرائيليين بالأمن وهز ثقتهم بقادة إسرائيل، وحطم فكرة أن الحصار الإسرائيلي لغزة واحتلال الضفة الغربية، يمكن أن يستمرا إلى أجل غير مسمى، دون تداعيات كبيرة على الإسرائيليين. وبالنسبة للغالبية اليهودية في إسرائيل، فإن ذلك يشكل انتهاكاً للوعد المركزي للبلاد.
Israelis across religious and political divides are coming to terms with what Hamas's Oct. 7 terrorist attack and its aftermath mean for Israel as a state and for its citizens as individuals. The assault is expected to reshape Israel for years to come. https://t.co/IyniQhtKqR
— The New York Times (@nytimes) December 26, 2023
عندما تأسست إسرائيل عام 1948، فإن الهدف كان تأمين ملجأ آمن لليهود، بعد 2000 عام من التشرد والاضطهاد. وفي 7 أكتوبر، تبين أن الدولة نفسها غير قادرة على منع أسوأ يوم من العنف، الذي يتعرض له اليهود منذ الهولوكوست.
وقالت الروائية الإسرائيلية دوريت رابينيان: "في تلك اللحظة، ساد شعور بأن هويتنا قد سحقت سحقاً. لقد شعرت أن 75 عاماً من السيادة ومن وجود إسرائيل، قد اختفيا بلمح البصر.. لقد اعتدنا أن نكون إسرائيليين.. نحن اليوم يهود".
وفي أوساط اليهود الأرثوذكس، حيث كانت الخدمة في الجيش مصدر انقسام قبل الحرب، تسود الآن علامات على تقدير ذلك- وفي بعض الحالات انخراط في القوات المسلحة.
وترسم نتائج استطلاعات الرأي الأخيرة صورة مجتمع يعاني تغيرات عميقة منذ هجوم حماس.
ووفقاً لاستطلاع أجراه معهد الحريديم للشؤون العامة، وهو مجموعة بحثية تتخذ القدس مقراً لها، أن 30 في المئة من اليهود الأرثوذكس يدعمون الآن فكرة المشاركة في الخدمة العسكرية، أعلى بعشرين نقطة مما كان عليه الوضع قبل الحرب.
والمفاجئ، هو أن 70 في المائة من العرب الذين يعيشون في إسرائيل يقولون الآن إنهم جزء من دولة إسرائيل، وفقاً لاستطلاع أجراه المعهد الإسرائيل للديمقراطية الذي يتخذ القدس مقراً له. وهذه نسبة أعلى بـ22 نقطة مما كان عليه الوضع في حزيران (يونيو) والنسبة الأعلى، منذ بدأت هذه المجموعة تجري استطلاعات قبل عقدين من الزمن.
As this makes clear, support for a two-state solution has collapsed in Israel, just as it has soared in the west. Even beyond Gaza, that’s a big problem for the Israelis https://t.co/EiCm0hKuiJ
— Gideon Rachman (@gideonrachman) December 26, 2023
وهناك ثلث من ناخبي حزب الليكود الذي يقوده رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، قد تركوا الحزب منذ 7 أكتوبر، وفقاً لمختلف الاستطلاعات، التي أجريت على المستوى الوطني.
وبحسب المؤلف يوسي كلاين هاليفي والزميل في معهد شالوم هارتمان في القدس، فإن "أمراً أساسياً قد تغير هنا، لا نعلم ما هو بعد.. لكن ما نعرفه بالتأكيد هو أن هذه هي الفرصة الأخيرة لهذا البلد".
وبالنسبة إلى الأقلية العربية في إسرائيل، فإن هذه الديناميات المتغيرة قد تركتهم في حيرة، وموقف متناقض.
ونحو خُمس سكان إسرائيل البالغ عددهم أكثر من 9 ملايين نسمة هم من العرب. ويعتبر العديد منهم أنفسهم فلسطينيين على الرغم من أنهم يحملون الجنسية الإسرائيلية، ويشعر الكثيرون بالتضامن مع سكان غزة الذين قتلوا في الغارات الإسرائيلية – وهو شعور صار أقوى، مع ارتفاع عدد القتلى في غزة إلى ما يقرب من 20 ألف شخص.
وقُتل أو اختطف العشرات من العرب على يد حماس في 7 أكتوبر، الأمر الذي منح مجتمعاتهم شعوراً أكبر بالتضامن مع اليهود الإسرائيليين.
وقال طالب القانون العربي الإسرائيلي بشير زيادنا: "إذا أُعطيت خيارين، حماس أو إسرائيل، فسوف أختار إسرائيل دون التفكير مرتين".
وبحسب نتانييل إلياشيف، الحاخام والناشر الذي يعيش في مستوطنة بالضفة الغربية، إنه في مثل هذا الوقت المضطرب، يريد بعض الإسرائيليين اليمينيين خطاباً عاماً أكثر توازناً.
ويعارض أكثر من نصف اليهود الإسرائيليين استئناف المفاوضات لإقامة دولة فلسطينية، وفقاً لاستطلاع أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني).
ويشعر المستوطنون اليهود في الضفة الغربية أيضاً أنهم فازوا بشكل حاسم بالحجة حول الحفاظ على الوجود الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.
ولا يزال بعض الإسرائيليين يقولون إن الصراع يمكن حله، من خلال إقامة دولة فلسطينية فاعلة في غزة والضفة الغربية.
لكن بالنسبة للآخرين، فإن حجم الفظائع التي وقعت في 7 أكتوبر، جعلهم يكافحون حتى من أجل التعاطف مع سكان غزة، ناهيك عن الاحتفاظ بالأمل في حل سلمي للصراع.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
الدبلوماسي العاري.. من هو المبعوث الأممي توم فليتشر الذي يقف في وجه إسرائيل؟
في ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، برز اسم وكيل الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ توم فليتشر، كأحد أبرز الأصوات الدولية المطالبة بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المحاصرين.
من هو توم فليتشر؟
توم فليتشر هو دبلوماسي بريطاني مخضرم، وُلد عام 1975، وتلقى تعليمه في جامعة أوكسفورد حيث حصل على درجة الماجستير في التاريخ الحديث.
وبدأ مسيرته الدبلوماسية في وزارة الخارجية البريطانية، وشغل مناصب متعددة في نيروبي وباريس، وكان مستشارًا للسياسة الخارجية لثلاثة رؤساء وزراء بريطانيين: توني بلير، وغوردون براون، وديفيد كاميرون.
في عام 2011، عين سفيرا لبريطانيا في لبنان، حيث عرف بأسلوبه غير التقليدي في العمل الدبلوماسي، مما أكسبه لقب "الدبلوماسي العاري"، وهو أيضا عنوان كتابه الذي نشر عام 2016.
وبعد انتهاء مهمته في لبنان، شغل منصب عميد كلية هيرتفورد في جامعة أوكسفورد من 2020 حتى 2024.
توم فليتشر، منسق الشؤون الإنسانية في #الأمم_المتحدة: 14 ألف رضيع مهددون بالموت في #غزة خلال الـ 48 ساعة المقبلة مالم نوصل الطعام إليهم pic.twitter.com/H5W6vJdBfO — Anadolu العربية (@aa_arabic) May 22, 2025
تعيينه في الأمم المتحدة
في تشرين الأول / أكتوبر 2024، عين فليتشر وكيلًا للأمين العام للأمم المتحدة ومنسقًا للإغاثة في حالات الطوارئ، خلفًا لمارتن غريفيث، حيث جاء تعيينه في وقت تواجه فيه الأمم المتحدة تحديات كبيرة في تلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة حول العالم، خاصة في مناطق النزاع مثل غزة والسودان.
موقفه من الأزمة في غزة
منذ توليه المنصب، كان فليتشر من أبرز المنتقدين لقيود الاحتلال الإسرائيلي المفروضة على دخول المساعدات إلى غزة، في أيار/ مايو 2025، حذر في جلسة لمجلس الأمن من أن "نصف مليون شخص في غزة يواجهون خطر المجاعة"، ودعا إلى "رفع الحصار فورًا" للسماح بدخول المساعدات الإنسانية.
كما انتقد فليتشر خطة "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، والتي تهدف إلى توزيع المساعدات عبر شركات خاصة، واصفًا إياها بأنها "محاولة لتهميش دور الأمم المتحدة" و"استخدام المساعدات كسلاح سياسي".
وأثارت تصريحات فليتشر ردود فعل غاضبة من الجانب الإسرائيلي، حيث اتهمه السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة بـ"تسييس العمل الإنساني" و"التحيز".
من جهته، دافع فليتشر عن موقفه، مؤكدا أن "واجب الأمم المتحدة هو تسليط الضوء على الأزمات الإنسانية أينما كانت، دون تحيز أو خوف".
وفي سياق مختلف يعرف فليتشر بنشاطه الأكاديمي والثقافي وبالإضافة إلى عمله الدبلوماسي، فقد أسس "مؤسسة الفرصة" لدعم الشباب وتمكينهم، وقدم سلسلة وثائقية عبر بي بي سي بعنوان "المعركة من أجل الديمقراطية الليبرالية"، كما نشر عدة كتب تناولت موضوعات الدبلوماسية والتغيير الاجتماعي.
ويعتبر فليتشر من الأصوات القليلة في الأمم المتحدة التي تتحدث بصراحة عن الأزمات الإنسانية، مما يجعله شخصية محورية في الجهود الدولية الرامية إلى تخفيف معاناة المدنيين في مناطق النزاع، وخاصة في غزة.