حزب الله سيرد حتماً.. مسؤول إسرائيلي يدعو مستوطني “كريات شمونة” للمغادرة فوراً
تاريخ النشر: 4th, January 2024 GMT
الجديد برس:
أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية بأن رئيس بلدية مستوطنة “كريات شمونة” في شمال فلسطين المحتلة صرح بأنه واثق من أن حزب الله سيرد على عملية اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي في حركة حماس صالح العاروري في بيروت.
وذكرت الصحيفة العبرية أن رئيس البلدية دعا من بقي في “كريات شمونة” للمغادرة فوراً.
وأكد تقرير في صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، أن مستوطنة “كريات شمونة”، عرفت منذ سنوات طويلة خطر إطلاق الصواريخ من اتجاه لبنان، ولكن في الأشهر الأخيرة، كان هناك “تهديد مستمر للمدينة الشمالية، وقد تم فعلياً إجلاء معظم السكان، ولكن هناك قليل ممن يصرون على البقاء”.
وحثّ رئيس البلدية، أفيحاي شتيرن، جميع المستوطنين على إخلاء المستوطنة، معرباً في الوقت نفسه عن قلقه من رد فعل حزب الله على اغتيال القيادي في حركة حماس صالح العاروري في بيروت.
وقال شتيرن لصحيفة “يديعوت أحرونوت”: “أعتقد أننا منذ السابع من أكتوبر نخوض معركة، ونشعر بها ونسمعها جيداً.. لسوء الحظ، هناك أضرار بالممتلكات والأرواح”.
كما أضاف: “أسمع كل أنواع الكلمات المعسولة، حرب تقريباً، حرب استنزاف”، وجميع أنواع التعريفات المختلفة.. يا رفاق، هذه هي الحرب.. لا يوجد تعريف آخر لكلمة حرب، ولا أعرف ما هو التصعيد”.
ولفت إلى أنه “كشخص نشأ في كريات شمونة، وكما نعرف أعداءنا، أنا متأكد أنه بعد تصفية الأمس سيكون هناك رد”.
وأشار شتيرن إلى أنه “منذ اليوم الأول للقتال، طالبنا السكان بالإخلاء، حتى قبل أن تتخذ الدولة قرار الإخلاء”، مجدداً الدعوة للمستوطنين “ولكل من بقي في المدينة أو يفكر في القدوم إليها، الآن هو الوقت المناسب للامتثال للتعليمات ومغادرة كريات شمونة، وأنا ما زلت أوصي بالإخلاء، كما توصي الدولة وقوات الأمن بذلك”.
وسبق أن استهدف حزب الله مستوطنة “كريات شمونة” بعشرات الصواريخ رداً على قصف إسرائيلي استهدف المدنيين في جنوب لبنان، مؤكداً أن أي استهداف للمدنيين اللبنانيين سيقابله رد على المستوطنات الإسرائيلية.
وكان حزب الله اللبناني قد أصدر مساء الثلاثاء بياناً نعى من خلاله نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشيخ صالح العاروري عقب جريمة اغتياله في العاصمة اللبنانية بيروت.
وقال حزب الله في البيان إن “جريمة اغتيال الشيخ صالح العاروري ورفاقه في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، اعتداء خطير على لبنان وشعبه وأمنه وسيادته ومقاومته وما فيه من رسائل سياسية وأمنية بالغة الرمزية والدلالات وتطور خطير في مسار الحرب بين العدو ومحور المقاومة”.
وأكد حزب الله أن هذه الجريمة لن تمر أبداً من دون رد وعقاب.
وأفاد بأن “المقاومة على عهدها ثابتة أبية وفيّة لمبادئها والتزاماتها التي قطعتها على نفسها، يدها على الزناد، ومقاوموها في أعلى درجات الجهوزية والاستعداد، وإن هذا اليوم المشهود له ما بعده من أيام، فصبراً جميلاً وصبراً جميلاً وإن الله هو المستعان وإن النصر بإذن الله تعالى لقريب قريب”.
وتابع قائلاً: “إن العدو المجرم الذي عجز بعد تسعين يوما من الإجرام والقتل والدمار من إخضاع غزة وخان يونس ومخيم جباليا وسائر المدن والمخيمات والقرى الأبية، يعمد إلى سياسة الاغتيال والتصفيات الجسدية لكل من عمل أو خطط أو نفذ أو ساند عملية طوفان الأقصى البطولية وساهم في الدفاع عن شعب فلسطين المظلوم”.
وأردف بالقول إن “جريمة اليوم هي استكمال لجريمة اغتيال القائد رضي الموسوي في ساحة عمل أخرى وجبهة جديدة من جبهات القتال والإسناد، وهذه الجريمة النكراء لن تزيد المقاومين في فلسطين ولبنان واليمن وسوريا وإيران والعراق إلا إيمانا بقضيتهم العادلة والتزاماً وتصميماً أكيداً وثابتاً على مواصلة طريق المقاومة والجهاد حتى النصر والتحرير”.
في سياق متصل، أكد مسؤول إسرائيلي كبير في تصريحات لصحيفة “أكسيوس” الأمريكية، أن “إسرائيل” تستعد لرد واسع للغاية على اغتيال صالح العاروري والذي قد يشمل إطلاق حزب الله صواريخ بعيدة المدى.
وقال المسؤول في حكومة الاحتلال: “إسرائيل تستعد لرد انتقامي كبير للغاية على مقتل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري في بيروت، والذي قد يشمل إطلاق حزب الله صواريخ بعيدة المدى على أهداف في إسرائيل”.
في حين قالت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية): “تستعد إسرائيل للرد في أعقاب عملية الاغتيال الدراماتيكية الليلة، على جميع الجبهات”.
وأضافت: “في إسرائيل يقولون دون أن يتحملوا مسؤولية الاغتيال: من قتل المسؤول الكبير في حماس أخذ في الاعتبار أنه سيكون هناك رد فعل وكان مستعداً لكل الاحتمالات”.
وأشارت إلى أنه تم إلغاء اجتماع المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية “الكابينت” الذي كان سيبحث اليوم التالي للحرب في غزة، فيما ذكرت أنه بدلاً من ذلك سينعقد في مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية في “تل أبيب” اجتماع للمجلس الوزاري الحربي الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو.
أما القناة 12 العبرية الخاصة فقالت إن “إسرائيل تستعد لرد حزب الله بعد اغتيال العاروري”، وأضافت أن “ديوان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو طلب من الوزراء عدم التعليق على عملية الاغتيال”.
ويأتي بيان حزب الله بعد ارتقاء نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، مساء الثلاثاء، شهيداً، من جراء عدوان إسرائيلي في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام (لبنان) بأن “مسيّرة إسرائيلية معادية استهدفت مكتباً لحركة حماس” في الضاحية الجنوبية، بينما وصلت سيارات الإسعاف إلى المنطقة لنقل المصابين.
وأكدت استشهاد 6 آخرين بينهم اثنان من قادة كتائب القسام من جراء استهداف مبنى بثلاثة صواريخ من طائرة إسرائيلية مسيّرة معادية.
وفي السياق، شددت حركة حماس على أن “اغتيال الاحتلال الصهيوني للقائد المجاهد الشيخ صالح العاروري وإخوانه من قادة الحركة وكوادرها هو عمل إرهابي مكتمل الأركان”.
وأضافت الحركة، في بيان، أن اغتيال الاحتلال الشيخ صالح العاروري وإخوانه “انتهاك لسيادة لبنان وتوسيع لدائرة عدوانه على شعبنا وأمتنا”.
وأكدت أن الاحتلال “لن يُفلح في كسر إرادة الصمود والمقاومة لدى شعبنا ومقاومته الباسلة”، مشيراً إلى أن “حركة تُقدم قادتها ومؤسسيها شهداء لن تُهزم أبداً، بل تزيدها هذه الاستهدافات قوةً وصلابةً وعزيمةً لا تلين”.
وقالت حماس إن “الدماء الطاهرة للقائد العاروري وإخوانه امتزجت بدماء عشرات الآلاف من شهداء شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية”.
بدورها، أدانت فصائل المقاومة الفلسطينية جريمة الاغتيال الإسرائيلية التي استهدفت نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، في ضاحية بيروت الجنوبية، مؤكدةً أن اغتياله يأتي نتيجة فشل الاحتلال سياسياً وعسكرياً.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: نائب رئیس المکتب السیاسی لحرکة حماس الشیخ صالح العاروری کریات شمونة حرکة حماس حزب الله إلى أن
إقرأ أيضاً:
ماذا حدث في المفاوضات؟ ولماذا انقلبت “إسرائيل”؟
#سواليف
في ذروة الإشاعات والبيئة السلبية التي صنعها المبعوث الأميركي ستيف #ويتكوف، والرئيس #ترامب الذي اتّهم حركة #حماس بأنها لا تريد التوصّل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وهدّد بالقضاء عليها، كشف بيان لوزارة الخارجية القطرية 25 يوليو/ تموز- وبلسان قطري مصري مشترك- أن المفاوضات شهدت “تقدّمًا”، مؤكّدًا أن “التسريبات الإعلامية” لا تعكس واقع #المفاوضات، وهي تهدف للتأثير عليها وتقويضها، وأن مغادرة الوفود للتشاور قد يعقبه استئناف للمفاوضات في وقت قريب.
معلومات مهمّة
ظهر #بشارة_بحبح- وهو رجل أعمال أميركي من أصل فلسطيني، عمل مع ستيف ويتكوف في تقريب وجهات النظر بين الأطراف- في مقابلة إعلامية 25 يوليو/ تموز، ليكشف ما سمعه من الوسيطين: القطري والمصري، قائلًا نقلًا عنهما:
مقالات ذات صلة“رد حماس كان إيجابيًا، ويمكن البناء عليه، للتوصّل لاتفاق في وقت قريب”. “رد حماس لم يكن متصلبًا، بمعنى أنها كانت مستعدّة للأخذ والعطاء في هذا الرد”.
“عندما أعطوا رد حماس للإسرائيليين، قالوا لهم (أي قال الإسرائيليون للقطريين والمصريين)؛ يمكن التعامل مع رد حماس بحذر وإيجابية”.
ويضيف بحبح؛ “أن حماس قالت إن موضوع #الأسرى لن يكون عثرة أمام الاتفاق، فالخرائط أهم بكثير. حماس لا تريد تواجدًا إسرائيليًا داخل الأماكن السكنية في غزة”.
وفي هذا التوضيح من بحبح، ردٌ أيضًا على مصادر إسرائيلية تحدّثت عن أن سبب تعثّر المفاوضات هو شروط حماس، وتعنّتها في معايير إطلاق سراح الأسرى، وهو ما نفته حماس بتأكيدها أن ملف الأسرى لم ولن يتم مناقشته قبل الانتهاء من الاتفاق على محدّدات الاتفاق الإطاري المتعلقة بوقف الحرب، والانسحاب، والمساعدات أولًا.
إضافة للمعلومات التي تحدّث عنها بحبح، أصدرت حماس بيانًا توضيحيًا بالخصوص قالت فيه:
“كانت الأطراف الوسيطة، وخصوصًا قطر ومصر تعبّر عن ارتياحها وتقديرها لموقفنا الجاد والبنّاء”.
“حرصنا على تقليل عمق المناطق العازلة التي يبقى فيها الاحتلال خلال الـ 60 يومًا، وتجنّب المناطق السكنية الكثيفة، لضمان عودة معظم أهلنا إلى أماكنهم”.
هذه المعلومات من بحبح وحماس، تتقاطع مع بيان وزارة الخارجية القطرية لتؤكّد أن المفاوضات كانت تسير بشكل إيجابي، وأن رد حماس كان عاملًا محفّزًا للوصول لاتفاق قريب، وأن الموقف الإسرائيلي الأميركي ليس له ما يبرره موضوعيًا.
هنا لا بد من الإشارة أيضًا إلى أن بيان مكتب رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو تعليقًا على سحب وفده من الدوحة، برّره في حينه أنه للتشاور لاتخاذ قرار، في وقت أثنى فيه على الدور القطري والمصري في هذا السياق، ولم يكن يحمل إشارة سلبية.
أسباب الانقلاب
يلاحظ ابتداء أن الموقف الأميركي على لسان الرئيس ترامب ومبعوثه ويتكوف، كان أكثر تطرفًا وسلبية ولا ينسجم مع دور واشنطن “الوسيط”، وإن كانت منحازة لإسرائيل كما هو معلوم، ما يؤكّد تكرارًا أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل ونتنياهو على كافة الأوجه والاحتمالات، وأن أي تباين ظاهر بينهما لا يعدو كونه تبادلًا للأدوار، أو اختلافًا في التكتيكات، وليس الأهداف الإستراتيجية.
التناقض في السردية الأميركية الإسرائيلية السلبية من جهة، مع السردية القطرية المصرية الفلسطينية الإيجابية من جهة أخرى، يشير إلى عدة أمور منها:
أولًا: نجاح حركة حماس في إعادة رسم خرائط الانسحاب لجيش الاحتلال الإسرائيلي (تموضع مؤقّت داخل قطاع غزة)، بتوافق فلسطيني وقبول مصري وقطري كوسطاء، وبدعم من بعض دول الإقليم، ما يحسب للحركة ولحسن إدارتها المفاوضات. ثانيًا: الخرائط التي قدّمتها حماس والتي حازت قبول الوسطاء، وهي خرائط لا تسمح باستمرار النزوح لمئات آلاف المدنيين، ولا تسمح للاحتلال باقتطاع مناطق واسعة لإقامة معسكرات اعتقال ضخمة تسمّى “مدنًا إنسانية” للتهجير، كانت سببًا كافيًا لاستفزاز الإسرائيليين الذين يريدون فرض رؤيتهم وخرائطهم بالقوّة. ثالثًا: الموقف الإسرائيلي السلبي المدعوم أميركيًا، يمكن أن يحمل في حد ذاته مناورة تفاوضية، لشراء الوقت وممارسة أقسى درجات الضغط على حماس عبر القصف والتجويع الذي بلغ حدًا كارثيًا، لتَقْبَل حماس بالشروط الإسرائيلية، التي تعني وفقًا لخرائط الانسحاب الإسرائيلية، احتفاظ إسرائيل بمناطق سكنية متعدّدة ومساحات واسعة، تُفضي لاستمرار نزوح مئات آلاف الفلسطينيين داخل قطاع غزة (700 ألف فلسطيني).ومن ثم إنشاء معسكرات اعتقال لهم ولغيرهم، تحت مسمى “مدن إنسانية” في مدينة رفح جنوب القطاع على الحدود المصرية، للتهجير التدريجي، كما جاء على لسان وزير الحرب يسرائيل كاتس، وبدعم من الحكومة الإسرائيلية.
رابعًا: إذا لم تُفلح المناورة والضغوط الإسرائيلية، ولم تنجح إسرائيل في رسم اتفاق، بقبول فلسطيني يسمح لها بتهجيرهم تدريجيًا عبر سيطرتها على مساحات واسعة من القطاع والتحكّم في المساعدات، فهذا سيضع إسرائيل أمام احتمالين: القبول باتفاق وقف إطلاق نار، وفقًا لخرائط لا تسمح باستدامة نزوح الفلسطينيين داخل القطاع أو تهجيرهم خارجه، مع دخول المساعدات بإشراف الأمم المتحدة، ما يعدّ مقدّمة لانتهاء العدوان على غزة.استمرار تعنّت إسرائيل وتمسّكها بشروطها وبخرائطها لإعادة انتشار جيشها في مناطق واسعة من القطاع، بهدف تهجير الفلسطينيين، سيعقّد المشهد إنسانيًا وميدانيًا، ويُفضي لتوقّف المفاوضات، ويُبقي المشهد الحالي معلّقًا باستمرار الحرب والكارثة الإنسانية في غزة.
العامل المشترك أو الخيط الرفيع الذي يربط بين مخططات إسرائيل العسكرية في غزة، وحراكها التفاوضي في الدوحة طوال عامين ماضيين؛ هو محاولة كسر إرادة الفلسطينيين وهزيمتهم نفسيًا لقبولهم بسيناريو التهجير عبر المفاوضات، أو بالقوة العسكرية المباشرة.
فشل إسرائيل في تحقيق ذلك، يفسّر سبب انقلابها وبدعم أميركي على بيئة المفاوضات الإيجابية التي تحدّث عنها بيان وزارة الخارجية القطرية، وما تحدّث عنه بشارة بحبح المقرّب من ستيف ويتكوف، وما تحدّثت عنه أيضًا حركة حماس.
إسرائيل عودّتنا كلما أرادت أن تهرب من استحقاقات العملية التفاوضية، قامت بحملة إعلامية ضخمة وبدعم أميركي مباشر، بتحميل حركة حماس مسؤولية الفشل أو عدم نجاح المفاوضات، وبضخ معلومات كاذبة ومشوّهة على لسان مصادر مطّلعة وعلى لسان مسؤولين لا يتورّعون عن الكذب.
عقدة “إسرائيل”
اعتادت إسرائيل أن تفاوض لتُملي شروطها وتصوراتها بالقوّة وبدعم أميركي لا يصمد أحدٌ على الوقوف أمامه.
لكنها في هذه المرة، تواجه مفاوِضًا يرفض الاستسلام لشروطها المجحفة أو الركوع لسيف قوّتها العاتية، فكيف ذلك وهذا المفاوِض هو حركة حماس وفصائل مقاومة فلسطينية محاصرة ومحدودة القوّة المادية؟
كيف يحدث هذا والفلسطيني يتعرّض لإبادة وتطهير عرقي قتلًا وتجويعًا وتعطيشًا، وما زال يصر على البقاء ويرفض الاستسلام والتهجير؟
هذا المشهد المعقّد والصعب يزيد في حيرة الإسرائيليين والأميركيين، ويضعهم في مأزق أمام محدودية الخيارات، لا سيّما أن المقاربة العسكرية فشلت منذ نحو عامين في تحقيق الأهداف، فإسرائيل لم تُبقِ وسيلة أو خطة شيطانية إلا واستخدمتها.
العقل الإسرائيلي المتغطرس والمتبجّح لا يسعه الاعتراف بالهزيمة أمام إرادة الشعب الفلسطيني الأعزل، وهو يرى في ذلك استمرارًا لهزيمته المدوّية في معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، التي صفعت وجه الردع الإسرائيلي، وضربته سهمًا في قلبه.
نتنياهو يبدو في موقفٍ ظاهره الظَفَر وباطنه فيه الخيبة، فهو لم يستطع تحقيق أهدافه السياسية بالقوّة العسكرية؛ فلا هو قضى على حركة حماس، ولا استطاع أن يكسر إرادة الفلسطينيين، أو أن يعيد الأسرى بالقوّة العسكرية، والجيش الإسرائيلي منهك ومتعب وقيادته تؤكّد عدم قدرتها على تحقيق الأهداف.
الأسوأ لدى نتنياهو، إدراكه أن إطالة أمد المعركة في غزة لا تضمن له الانتصار قُبيل الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية المقبلة في العام القادم، وهو الذي يعوّل عليها للعودة مجددًا لحكم إسرائيل، وإذا لم يستطع الحسم سياسيًا عبر المفاوضات فقد يفقد الزخم الشعبي الذي حازه بعد الحرب على إيران، فغزة ستبقى ثَقبًا نازفًا في الذاكرة الإسرائيلية ما سينعكس سلبًا على حظوظه الانتخابية.
استمرار الوضع الحالي، لن يتوقّف في تداعياته على مصير نتنياهو والخريطة السياسية الإسرائيلية الداخلية فقط، وإنما سينسحب سلبًا على صورة إسرائيل خارجيًا وبشكل عنيف، فإسرائيل خسرت سردية “الضحية”، وتحوّلت في نظر العالم إلى كيان مارق متوحّش ينهش قيم الإنسانية، كما يأكل أجساد الفلسطينيين وأطفالهم في غزة.
الانهيار يبدأ من فقدان الشرعية والصورة، وهذا ما بدأت تعاني منه إسرائيل التي تقودها مجموعة متطرفين من اليمين، فاشلين سياسيًا وغير قادرين على تحقيق أوهامهم اللاهوتية، حيث الشعب الفلسطيني يتمسّك بالبقاء والحياة رغم الكارثة التي صنعها الاحتلال في غزة، ولسان حالهم يقول؛ رغم القتل والتجويع لا نكبة بعد النكبة.