الجزائر تعبر عن أسفها العميق بعد إنهاء مالي لاتفاق السلام
تاريخ النشر: 26th, January 2024 GMT
أعربت الجزائر، الجمعة، عن "قلقها العميق وبالغ أسفها" بعد قرار المجلس العسكري الحاكم في مالي، وقف العمل باتفاق المصالحة الوطنية، الموقع عام 2015 مع الجماعات الانفصاليّة الشماليّة، وذلك بحسب بيان لوزارة الخارجية.
وجاء في البيان "الجزائر تعبر عن قلقها وبالغ أسفها لتنديد السلطات في مالي باتفاق السلام المنبثق عن مسار الجزائر".
وتابع "إن الجزائر تحيط علما بهذا القرار، الذي تود الإشارة إلى خطورته الخاصة بالنسبة لمالي نفسها، وللمنطقة برمتها التي تتطلع إلى السلام والأمن، وللمجتمع الدولي برمته الذي وضع كل ثقله ووسائله المتعددة لمساعدة مالي على العودة إلى الاستقرار من خلال المصالحة الوطنية".
بيان وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج pic.twitter.com/jQkirkkrHF
— وزارة الشؤون الخارجية| MFA-Algeria (@Algeria_MFA) January 26, 2024وأعلن الحكّام العسكريّون في مالي مساء الخميس "إنهاء" اتّفاق السلام الرئيسي "بأثر فوريّ"، بعد أشهر من الأعمال العدائيّة بين المتمرّدين والجيش.
وقال المتحدث باسم الحكومة، الكولونيل عبد الله مايغا، في بيان على التلفزيون، إنّ المجلس العسكري يعزو مسؤوليّة إنهاء الاتّفاق الذي يُعدّ ضروريًّا لحفظ استقرار البلاد إلى "التغيّر في مواقف بعض الجماعات الموقّعة" وكذلك "الأعمال العدائيّة" من جانب الوسيط الرئيسي الجزائر.
وأضاف بيان الخارجية الجزائرية أن "الجزائر لم تتقاعس يوما عن العمل على تنفيذ اتفاق السلام والمصالحة في مالي.. بإخلاص وحسن نية وتضامن لا يتزعزع تجاه مالي الشقيقة" معتبرا "أن القائمة الطويلة من الأسباب المقدمة دعما للانسحاب من الاتفاق لا تتطابق إطلاقا مع الحقيقة أو الواقع".
والجزائر كانت الوسيط الرئيسي في جهود إعادة السلام إلى شمال مالي بعد الاتفاق الموقّع في عاصمتها عام 2015 بين الحكومة الماليّة والجماعات المسلّحة التي يُهيمن عليها الطوارق.
وكان اتّفاق الجزائر قد دعا إلى انخراط المتمرّدين السابقين في الجيش المالي، فضلا عن توفير قدر أكبر من الحكم الذاتي لمناطق البلاد.
واندلع الخلاف بين باماكو والجزائر منذ بداية الشهر بعد احتجاج المجلس العسكري للجارة الشمالية على عقد "اجتماعات متكررة على أعلى المستويات دون أدنى علم أو تدخل من السلطات المالية، من جهة، مع أشخاص معروفين بعدائهم للحكومة المالية، ومن جهة أخرى، مع بعض الحركات الموقعة" على اتفاق 2015 والتي "اختارت المعسكر الإرهابي".
وازداد غضب القادة العسكريين الذين استولوا على السلطة في انقلاب عام 2020، بعد استقبال الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، في الجزائر العاصمة، الإمام، محمود ديكو، وهو شخصية دينية وسياسية مالية بارزة، ومن القلائل الذين تجرأوا على التعبير علنا عن خلافه مع المجلس العسكري الحاكم.
لكنّ الاتّفاق بدأ فعليًّا في الانهيار العام الماضي، عندما اندلع القتال بين الانفصاليّين والقوّات الحكوميّة الماليّة في أغسطس بعد ثماني سنوات من الهدوء، حيث سارع الجانبان إلى سدّ الفراغ الذي خلّفه انسحاب قوّات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
وكان المتمرّدون الانفصاليّون، المتكتّلون تحت مظلّة جبهة تنسيق حركات أزواد، قد اتّهموا المجلس العسكري في يوليو 2022 بـ "التخلّي" عن الاتّفاق.
وكان القادة العسكريّون في مالي أمروا بمغادرة بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعدّدة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) في يونيو الماضي، واتّهموا قوّاتها بـ "تأجيج التوتّرات المجتمعيّة".
وقبلها، قطعوا العلاقات مع فرنسا، القوّة الاستعماريّة السابقة التي كانت تساعد في قتال المتمرّدين الجهاديّين في الشمال. ومنذ ذلك الحين، لجأوا إلى روسيا للحصول على مساعدة سياسيّة وعسكريّة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: المجلس العسکری فی مالی
إقرأ أيضاً:
ما أهداف جبهة ماسينا من جر جيش مالي لحرب على خريطة جغرافية متعددة؟
في تطور لافت شنت "جبهة تحرير ماسينا" قبل أيام، هجمات واسعة، استهدفت بشكل متزامن 7 قواعد عسكرية للجيش المالي في أنحاء مختلفة من البلد. فيما تعتبر هذه المرة الأولى التي يتمكن فيها هذا "التنظيم" من شنّ هجمات متزامنة بهذا الحجم، في إطار الصراع المحتدم بمالي منذ سنوات.
واعترف الجيش المالي بتعرض 7 مواقع تابعة له لسلسة هجمات متزامنة، دون أن يقدم حصيلة شاملة لخسائره جراء هذه الهجمات. إذ قالت قيادة أركان الجيش المالي إنّ: "7 مواقع عسكرية تعرضت لهجمات متزامنة الثلاثاء الماضي، دون تحديد الجهة التي نفذتها".
وتحدثت قيادة أركان الجيش المالي عن حصول "هجمات منسقة" على كل من "نيونو، ومولودو، وسانداري، ونيورو الساحل، وديبولي، وكوكي، وكايس"، دون إعطاء مزيد من التفاصيل. وأكد الجيش المالي أنه أثناء التصدي لهذه الهجمات تمكن من قتل من 80 مسلحا.
وقال المسؤول الأول في إدارة الإعلام والعلاقات العامة للجيوش المالية، سليمان ديمبلي، في بيان، إنّ: "قوات الدفاع والأمن المالية قتلت "أكثر من 80 مسلحا"، خلال تصديها "لسلسلة الهجمات المنسقة والمتزامنة" التي تعرضت لها عدة مواقع عسكرية للجيش".
وأضاف ديمبلي بأنّ: "العدو تكبد خسائر كبيرة في مختلف المواقع التي هاجمها، وقوات الدفاع والأمن المالية، استولت على ترسانة حربية، بينها أسلحة وذخائر".
وفي السياق نفسه، تبنّت "جبهة تحرير ماسينا" التي يقودها أمادو كوفا، هذه الهجمات، مؤكدة أنها سيطرت على 3 ثكنات وعشرات النقاط العسكرية" للجيش المالي.
إلى ذلك، تعد "جبهة تحرير ماسينا "جماعة مسلحة ظهرت في يناير 2015 بوسط مالي، وهي إحدى الجماعات المكونة "لجماعة نصرة الإسلام والمسلمين".
باماكو تتهم عدة دول
في أول رد لها على الهجمات اتهمت الحكومة المالية بعض الدول (لم تسميها) برعاية الهجمات التي استهدفت ثكناتها العسكرية.
وعبرت الحكومة المالية عن إدانتها، بما وصفته بـ"أشد العبارات لهذه الأعمال الإرهابية التي ترعاها بعض الدول، بهدف عرقلة تقدم تحالف دول الساحل الذي حقق تقدما ملحوظا في مجالي الدفاع والتنمية" وفق البيان.
وعلى الرغم من أن الحكومة لم تحدد الدول التي وجهت لها هذه الاتهامات، إلا أن متابعين يرجحون أن تكون هذه الاتهامات موجهة للجزائر وفرنسا، نظرا للتوتر الحاصل في علاقات هذه الدول مع باماكو.
وأكدت الحكومة، أيضا، في بيان صادر عنها، موقع من طرف وزير الإدارة الترابية واللامركزية الناطق باسم الحكومة الجنرال عبد الله مايغا، أن "هجوم قوات الدفاع والأمن (المالية) سيستمر ويتوسع، إلى أن يتم القضاء التام على الإرهاب".
وأشادت الحكومة بتصدي قوات الجيش "بنجاح للهجمات الإرهابية المتزامنة على 7 بلدات" و"قتلهم أزيد من 80" مسلحا، إضافة إلى "مصادرة تجهيزات مختلفة".
تعزيزات عسكرية على الحدود
شكّلت الهجمات التي شنتها "جبهة تحرير ماسينا" على القواعد العسكرية المالية قلقا في داكار ونواكشوط، حيث عززت السنغال حضورها العسكري على الحدود مع المالي.
ونشرت القوات المسلحة السنغالية وحدات من فرق المراقبة والتدخل السريع التابعة للدرك السنغالي، إضافية من الجيش، على طول الحدود السنغالية"، فيما أكدت داكار عزمها منع أي توغل في أراضيها.
من جهتها، دفعت الحكومة الموريتانية بتعزيزات عسكرية جديدة إلى الشريط الحدودي مع جمهورية مالي، وفق ما ذكرت وسائل إعلام موريتانية.
وقالت صحيفة "زهرة شنقيط" المحلية، إن المصالح الأمنية الموريتانية المختصة قد عزّزت من متابعة مجريات الواقع الميداني، بعد الهجوم الواسع الذى استهدف مراكز ومدن مالية رئيسية محاذية للشريط الحدودي مع موريتانيا.
وتتابع العواصم الإقليمية تطورات الوضع الميداني بجمهورية مالي المجاورة، بحكم المخاوف الإقليمية من تداعيات العنف المتصاعد داخل البلاد منذ انقلاب الجيش على السلطة، وعجزه عن وقف تمدد الجماعات المسلحة، وانزلاق باماكو نحو العنف في تعاطيها مع مكونات اجتماعية ذات حضور بارز في الوسط والشمال (الفلان والعرب والطوارق).
وكان "معهد تمبكتو - المركز الإفريقي لدراسات السلام" قد حذر في تقرير صادر عنه نيسان/ أبريل الماضي، من أن تنظيمات مسلحة من بينها "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" الناشطة بوسط مالي، وبالمثلث الحدودي الواقع بينها والنيجر وبوركينا فاسو "تسعى للتسلل إلى موريتانيا والسنغال".
وأشار التقرير، إلى أنّ: "الجماعة التي يقودها إياد أغ غالي، قد تزايد نشاطها بشكل كبير في منطقة كايس المالية الحدودية مع غينيا وموريتانيا والسنغال".
حرب على خريطة جغرافية متعددة
يرى الخبير المختص في الشؤون الأفريقية والباحث في "المركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجية"، المختار ولد نافع، أنّ: "عمليات جبهة تحرير ماسينا، الأخيرة في غرب مالي تعبر عن استراتيجية عند التنظيم في جر الجيش المالي إلى حرب على خريطة جغرافية متعددة".
وأشار ولد نافع، في تصريح لـ"عربي21" إلى أن "جبهة تحرير ماسنيا، تعمل بقوة على استغلال لانشغالات الجيش المالي في جبهات عدة في الشمال والوسط والجنوب الشرقي".
ووفق ولد نافع، فإنّ التنظيم من خلال مهاجمة مدن الغرب وخاصة "خاي" أهم المدن الاقتصادية بعد باماكو، يسعى إلى ضرب قدرات السلطة المركزية وإظهار ضعفها أمام السكان.
واستبعد ولد نافع ما ذهب إليه بعض المتابعين للشأن الأفريقي من أنّ: "جبهة تحرير ماسينا، تخطط لاجتياح واسع للعاصمة المالية باماكو"، مضيفا: "لا أرى أن التنظيم سيسعى قريبا إلى شن هجوم واسع على باماكو، لصعوبة ذلك من الناحية العسكرية، ولأنه إذا وقع سيحمل التنظيم مسؤولية إدارة الدولة وهو غير مستعد لها".
ومنذ الانقلاب العسكري قبل نحو أربع سنوات تعاني مالي عزلة دولية وتوترات أمنية وسياسية. فيما توتّرت علاقات باماكو مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، كما تفاقمت أزمتها مع الدول الأوروبية بعد طردها للقوات الفرنسية والألمانية، لكن باماكو في المقابل عززت علاقتها مع روسيا وتركيا.
واستولى الجيش على الحكم في مالي سنة 2021 وأعلن رئيس المجلس العسكري أسيمي غويتا، تجريد الرئيس حينها باه نداو، ورئيس الوزراء مختار وان من صلاحياتهما.
ومنذ حزيران/ يونيو2021، أصبح غويتا رئيساً انتقاليا للبلاد، وتراجع عن تعهده بإعادة السلطة للمدنيين بعد انتخابات وعد بإجرائها في شباط/ فبراير 2022، لكنها لم تتم حتى الآن.