أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"هل للمسافر في البحر لفترة طويلة أن يفطر؟ فرجلٌ يعمل على إحدى السفن التجارية، وقد يستمر سفرُه بالبحر مدةً طويلة، وأحيانًا يُدركه شهر رمضان المبارك وهو على مَتْنِهَا، فهل يجوز له الفطر؟". 

وردت دار الإفتاء أنه يجوز شرعًا للمسافر أن يترخص بالفطر ما دام مسافرًا، فإن لم يكن يشق عليه الصوم ولا يتضرر منه، فالأَوْلَى له والأفضلُ أن يصوم لِيُدْرِكَ فضيلةَ الشهر المبارك وثوابَه.

معجزة ربانية يوم 27 رجب .. ترقبوها من الآن عجائب آيات الله فعل واحد يحل كل المشاكل ويرزقك الله به رزقا عجيبا.. مذكور في سورة نوح

مشروعية الفطر للمسافر في شهر رمضان

صوم رمضان المبارك مِن أعظم العبادات وأجلها، وأفضل القربات وأحسنها، وهو فرضٌ على كلِّ مكلَّف؛ لعموم قول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183].

ومع كونه واجبًا على المكلَّف، إلا أنَّ الشرع الحنيف قد رخَّص للمسافر أن يُفطر مَتَى كانت مسافةُ سَفَرِهِ تُقصَر في مثلها الصلاةُ، ثم يَقضي ما أفطره عدةً مِن أيامٍ أُخَر؛ لقول الله تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185].

وهذا ما عليه جماهير الفقهاء مِن المذاهب الفقهية المتبوعة. ينظر: "البحر الرائق" للإمام زين الدين ابن نُجَيْم الحنفي (2/ 304، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"مواهب الجليل" للإمام شمس الدين الحَطَّاب المالكي (2/ 443، ط. دار الفكر)، و"الحاوي الكبير" للإمام المَاوَرْدِي الشافعي (3/ 445، ط. دار الكتب العلمية)، و"كشاف القناع" للإمام أبي السعادات البُهُوتِي الحنبلي (1/ 505، ط. دار الكتب العلمية).

ولا فرق في كون السفر برًّا أو بحرًا ما دام قد تحقق في السفر شروطُه المعتَبَرةُ شرعًا، مِن بلوغه مسافة القصر، وعدم وجود نِيَّةِ الإقامة؛ لقول الله عزَّ وجلَّ في كتابه الحكيم: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ [يونس: 22].

قال الإمام ابن رُشْد الجد في "البيان والتحصيل" (2/ 319، ط. دار الغرب الإسلامي): [إنَّ المسافرَ في البحر والبَرِّ سواءٌ في جواز الفطر، ووجوب القصر.. وهذا ما لا اختلاف فيه أَحْفَظُهُ] اهـ.

حكم الفطر للمسافر في البحر لفترة طويلة

قد أجمع العلماء على أنَّ المسافر له أن يترخَّص برُخَص السفرِ مُدَّةَ سفره ولو طالت وبَلَغَت شهورًا أو سِنِينَ ما دام لَم يَنْوِ الإقامة ولم يُجْمِعْ نِيَّتَهُ على ذلك.

قال الإمام الترمذي في "سننه" (2/ 434، ط. الحلبي): [أجمع أهلُ العلم على أنَّ المسافر يَقْصُرُ ما لَم يُجْمِعْ إقامةً، وإنْ أتى عليه سِنُونَ] اهـ.

وقال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (2/ 242، ط. دار الكتب العلمية): [لا أعلم خلافًا فيمَن سافر سفرًا يقصرُ فيه الصلاة، لا يلزمُهُ أَنْ يُتِمَّ في سفره إلا أَنْ يَنْوِيَ الإقامةَ في مكانٍ مِن سفره وَيُجْمِعَ نِيَّتَهُ على ذلك] اهـ.

مذاهب الفقهاء في الأفضلية بين الفطر والصوم للمسافر
أجمع العلماء على أنَّ المسافر له أن يأخذ برخصة الفطر مطلقًا مِن غير تقييد بمشقةٍ ونحوها، إلا أنهم اختلفوا في الأفضلية بين الفطر والصوم لمن لَم يجد مشقةً في سفره.

قال الإمام ابن هبيرة في "اختلاف الأئمة العلماء" (1/ 249، ط. دار الكتب العلمية): [وأجمعوا على أن للمسافر أن يترخص بالفطر ويقضي، ثم اختلفوا هل الأفضل له الصوم أو الفطر؟] اهـ.

فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية إلى أنَّ الصوم للمسافر أفضل إن لم يَضُرَّهُ؛ لقول الله تعالى: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: 184].

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ، وَمَا فِينَا صَائِمٌ، إِلَّا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ" متفقٌ عليه.

وعن أمِّ المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: سَأَلَ حَمْزَةُ بْنُ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيُّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ؟ فَقَالَ: «إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ» متفقٌ عليه.

فلو كان الفطرُ في السفر أفضلَ مِن الصوم لَأَفْطَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولَأَمَرَ عبدَ الله بن رواحة وحمزة الأسلمي رضي الله عنهما بالفِطْرِ، ولأنَّ رمضانَ أفضلُ الوقتَيْن مِن وقت الأداء ووقت القضاء، فكان الأداء فيه أَوْلَى؛ لِمَا فيه مِن تبرئة الذمة والمحافظة على فضيلة الوقت.

قال الإمام زين الدين ابن نُجَيْم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 304): [(قوله: وللمسافر، وصومُه أَحَبُّ إنْ لَم يَضُرَّه) أي: جاز للمسافر الفطر؛ لأنَّ السفر لا يَعْرَى عن المشقةِ، فَجُعِلَ في نفسه عذرًا، بخلاف المرض؛ لأنَّه قد يَخِفُّ بالصوم، فَشَرَطَ كَونَهُ مفضيًا إلى الحرج، وإنما كان الصومُ أفضلَ إنْ لم يَضُرَّهُ؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾، ولأنَّ رمضانَ أفضلُ الوقتَيْن، فكان فيه الأداءُ أَوْلَى] اهـ.

وقال الإمام أبو عبد الله المَوَّاق المالكي في "التاج والإكليل" (3/ 376، ط. دار الكتب العلمية): [قال مالك: مَن سافر سفرًا مباحًا تُقْصَرُ في مِثله الصلاةُ، فإنْ شاء أَفْطَرَ، وإنْ شاءَ صَامَ، والصوم أَحَبُّ إِلَيَّ] اهـ.

وقال الإمام جلال الدين المَحَلِّي الشافعي في "كنز الراغبين" (1/ 277، ط. دار المنهاج): [صوم رمضان للمسافر سفرًا طويلًا (أفضل مِن الفطر إن لَم يتضرر به) أي: بالصوم؛ لما فيه مِن تَبْرِئَةِ الذِّمَّةِ، والمحافظة على فضيلة الوقت، فإنْ تضرر به فالفطر أفضل] اهـ.

وذهب الحنابلة والإمامان عبد الملك ابن الماجشون وابن حبيب مِن المالكية إلى أنَّ الفطرَ للمسافر أفضلُ وإن لَم يُجْهِدْهُ الصومُ -واستثنى الإمامُ ابن حبيبٍ سفرَ الجهاد-؛ لقول الله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185].

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَرَأَى زِحَامًا وَرَجُلًا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟»، فَقَالُوا: صَائِمٌ، فَقَالَ: «لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ» متفقٌ عليه.

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ تُؤْتَى رُخَصُهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُؤْتَى مَعْصِيَتُهُ» أخرجه الأئمة: ابن خزيمة في "صحيحه"، وأحمد في "مسنده"، والطبراني في "المعجم الأوسط".

قال الإمام شمس الدين الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (2/ 401): [واستَحَبَّ ابنُ الماجشون الفطرَ.. وعن ابن حبيب: يُستَحَب الإفطار إلا في سفر الجهاد، وذكره ابنُ عرفة] اهـ.

وقال الإمام ابن قُدَامَة الحنبلي في "المغني" (3/ 157-158، ط. مكتبة القاهرة): [والأفضل عند إمامنا رحمه الله الفطرُ في السفر، وهو مذهب ابن عمر، وابن عباس رضي الله عنهم، وسعيد بن المسيب، والشعبي، والأوزاعي، وإسحاق] اهـ.

القول المختار في الأفضلية بين الفطر والصوم للمسافر
القول بأن الصوم أفضل للقادر عليه بلا مشقة هو الأَوْلَى بالاتباع، و"أما الآية والحديث فمحمولان على مَن كان يحصل له مِن الصوم مشقةٌ شديدةٌ، بدليلِ أنَّ في صَدْرِ الحديث: أنه رأى رجلًا يُظَلَّلُ عليه، فقال عليه الصلاة والسلام ذلك"، كما قال الإمام شمس الدين الحَطَّاب في "مواهب الجليل" (2/ 401)، "ولأن الفطر رخصةٌ، والصوم عزيمةٌ، وفِعْلُ العزيمة أفضلُ مِن فِعْلِ الرخصة، فأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ أَنْ يُؤْخَذَ بِرُخَصَهِ كَمَا يُحِبُّ أَنْ يُؤْخَذَ بِعَزَائِمِهِ» فضعيفٌ عند أهل النقل، وإنْ صحَّ فلا دليل فيه؛ لأنَّهُ أَحَبَّ الأخذَ بالرخصة والعزيمة، وإذا أَحَبَّهُمَا معًا، وكان إحداهما مُسْقِطًا لِمَا تَعَلَّق بالذمة، فهو أَوْلَى"، كما قال الإمام المَاوَرْدِي في "الحاوي الكبير" (3/ 446).

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الکتب العلمیة اهـ وقال الإمام قال الإمام ابن الله تعالى لقول الله رضی الله فی البحر ن الفطر ن الصوم الصوم ل ول الله ى الله على أن الله ع

إقرأ أيضاً:

الحل القانوني لإخلاء سبيل رمضان صبحي بعد القبض عليه في مطار القاهرة

جاء القبض من قبل الأجهزة الأمنية بمطار القاهرة الدولي، اليوم، على اللاعب رمضان صبحي فور وصوله من تركيا، تنفيذًا لحكم قضائي صادر بحبسه، ليثير التساؤلات من قبل محبيه حول الحل القانوني لإخلاء سبيل رمضان صبحي بعد القبض عليه بواقعة التزوير في الامتحانات، وفي هذا التقرير نوضح الحل القانوني.

إذا كان الحكم الصادر ضد اللاعب رمضان صبحي غيابيا صادر في غياب المتهم، يتقدم محاميه بمعارضة على الحكم الغيابي ويتم إخلاء سبيله على ذمة القضية؛ لأنه يجوز للمحكوم عليه غيابياً أن يعارض في الحكم الصادر ضده خلال المدة القانونية المحددة، و إعادة نظر الدعوى بالنسبة له أمام نفس المحكمة التي أصدرت الحكم الغيابي، أما إذا كان الحكم حضوريا يحق له التقدم باستئناف على الحكم.

20 إلزاما.. تعرف على واجبات المرشحين قبل انتخابات مجلس الشيوخقبل بدء انتخابات مجلس الشيوخ .. تعرف على مدونة السلوك للمرشحينبدء التصويت للمصريين المُقيمين بالخارج بانتخابات مجلس الشيوخ .. الجمعةقبل الإدلاء بصوتك في انتخابات مجلس الشيوخ.. 10 معلومات تهمك31 يوليو.. بدء فترة الصمت الدعائي للمرشحين بانتخابات مجلس الشيوخآخر شهر يوليو.. موعد انتهاء دعاية المرشحين لـ انتخابات مجلس الشيوخ

وكان  مصدر أمني قد أكد أنه تم التحفظ على اللاعب فور إنهاء إجراءات وصوله، على خلفية صدور حكم ضده في قضية غش بامتحانات «معهد الفراعنة» بمنطقة أبو النمرس بمحافظة الجيزة، وأن السلطات بدأت فورًا في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتنفيذ الحكم.

جاء القبض تنفيذًا لحكم قضائي صادر ضده من نيابة أبو النمرس بمحافظة الجيزة، يتعلق بالتزوير والغش في الامتحانات، حيث يُزعم أن شخصًا آخر قد أدّى امتحان نهاية العام بدلاً منه في أحد المعاهد بمنطقة أبو النمرس.

ونفى دفاع اللاعب بشكل قاطع وجود أي صلة بين اللاعب وبين الشخص المضبوط الذي أدى الامتحان بدلًا منه، مشيرًا إلى أنه لا يعرف الشخص المتهم ولم يسمع عنه من قبل.

العقوبة القانونية 

ينص القانون على الحبس من سنتين إلى 7 سنوات، وغرامات تتراوح بين 100 ألف و200 ألف جنيه، بالإضافة إلى الحرمان من الامتحان واعتبار الطالب راسبًا في الدور الحالي والدور التالي. 

كما يعاقب القانون على مجرد الشروع في الغش، بالحبس لمدة لا تقل عن سنة، وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 50 ألفًا.

وجاء بالمادة الثانية من القانون على أن حيازة أي وسيلة إلكترونية داخل لجان الامتحانات، سواء كانت هواتف محمولة أو أجهزة إرسال أو استقبال، يُعرض الطالب لعقوبة غرامة تتراوح بين 5 آلاف و10 آلاف جنيه، مع مصادرة الأجهزة المضبوطة.

طباعة شارك الأجهزة الأمنية اللاعب رمضان صبحي رمضان صبحي إخلاء سبيل رمضان صبحي القبض على رمضان صبحي

مقالات مشابهة

  • هل يجوز ترديد آيات قرآنية في السجود؟.. دار الإفتاء تجيب
  • هل يجوز قطع الصلاة لإنقاذ طفلي من خطر؟ ..الإفتاء تجيب
  • هل يجب الاستعاذة قبل الفاتحة في الصلاة؟.. حكم تكرارها بكل ركعة
  • ما حكم من ينشر فضائح الناس على السوشيال ميديا.. الإفتاء تجيب
  • حكم صلاة الفجر لمن يسافر قبلها.. دار الإفتاء تجيب
  • ريمة تحيي ذكرى قدوم الإمام الهادي عليه السلام
  • هل يجوز قضاء السنن الرواتب لمن فاتته؟.. الإفتاء تجيب
  • عرض اللاعب رمضان صبحى على النيابة بعد القبض عليه بمطار القاهرة
  • الحل القانوني لإخلاء سبيل رمضان صبحي بعد القبض عليه في مطار القاهرة
  • هل يجوز إلقاء بقايا الطعام في القمامة؟.. الإفتاء تجيب