مليشيات الحوثي تفرض رسوماً جمركية جديدة باهظة على أصناف من البضائع الواردة إلى مناطق سيطرتها
تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT
فرضت الجماعة الحوثية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء رسوماً جمركية جديدة باهظة على أصناف من البضائع الواردة إلى مناطق سيطرتها مع تهديدات بمصادرتها، وذلك بعد أن أقرت الجماعة تعديلات قانونية تُتهم بأنها تهدف إلى إلغاء التنافس التجاري والإضرار بالقطاع الخاص والسكان.
ومنذ ما يقارب الشهر، رفعت الجماعة الرسوم على عدد من البضائع المستوردة إلى مستويات قياسية وصلت إلى 100 في المائة، كما أعادت منذ مطلع الشهر الماضي فتح الترسيم الجمركي للسيارات التي سبق ودخلت مناطق سيطرتها ومُنحت رخصاً للحركة فيها، ووجهت ملاكها باستكمال الإجراءات الجمركية قبل أن يجري حجزها.
وجاءت هذه الإجراءات على الرغم من إصدار محكمة تابعة للجماعة قراراً بإبطال أي إجراءات لفرض رسوم جمركية جديدة على السيارات والمركبات العامة التي سبق جمركتها.
في السياق نفسه، اتهم سياسيون وناشطون الجماعة الحوثية بالسعي لـ«إحلال تجار جدد يجري إعفاؤهم من الضرائب والجمارك ليحلوا محل التجار القدامى» من خلال «تمرير التعديلات على قانون الجمارك والضرائب» عبر البرلمان التابع لها.
وشنّ النائب في البرلمان الخاضع للجماعة أحمد سيف حاشد هجوماً على تلك التعديلات التي عدها توجهاً عصبوياً «يستبيح المواطنة، ويتعمد التمييز، وينتهك المساواة، ويدعم فئة يجري تشكيلها على حساب وطن تجري استباحته لصالح هذه الفئة الطفيلية الجديدة التي لا تعتمد على المنافسة والتراكم المالي الطبيعي، وإنما تعتمد على دعم السلطة لها».
صلاحيات مفرطة
يرى النائب اليمني أحمد سيف حاشد أن القانون الجديد يسلب البرلمان جزءاً مهماً من حقوقه لصالح رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى (مجلس الحكم الحوثي) ووزير مالية الجماعة؛ وشخصيات أخرى في حكومتها، إذ يمنحهم صلاحيات فرض الزيادات ومنح الإعفاءات حسب أهوائهم، في «مخالفة للدستور والقانون»، ونعت الأمر بالكارثي بحق الشعب.
من جهته، اتهم الناشط خالد العراسي، الموالي للحوثيين، رشيد أبو لحوم، وزير المالية في حكومة الجماعة غير المعترف بها، بالتخطيط للحصول على صلاحيات دائمة من خلال تقديم مشروعي تعديلات لقانوني الضرائب والجمارك، وهي تعديلات كارثية بموافقة مهدي المشاط رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى دون المرور على برلمان الجماعة وحكومتها.
وحذّر من فرض المشاط وأبو لحوم المزيد من الرسوم والجبايات في كثير من القطاعات الإيرادية بناءً على توجيهات أو قرارات داخلية أو بطرق أخرى، خصوصاً وأن أبو لحوم قد أقدم على رفع رسوم التحسين والنظافة وضاعفها أكثر من عشرة أضعاف.
أما القيادي في الجماعة المعروف بـ«أبو زنجبيل الحوثي»، فانتقد التعديل القانوني لكونه يهدف إلى رفع معدل تحصيل الرسوم الجمركية من خلال كبح الإنتاج المحلي وبخاصة الزراعي منه، وأن اعتراض أبو لحوم على القانون لم يراعِ أن منع وتقييد دخول المنتجات الزراعية المستوردة من اختصاص وزارة الزراعة وليس مصلحة الجمارك.
وكشف عن «مناقضة» أبو لحوم لنفسه حول حق منع وتقييد المنتجات الزراعية والموازنة بين حاجة المستهلك إلى السلعة وتشجيع الإنتاج المحلي مع متطلبات تحصيل الإيرادات، وإقراره بأن منع المنتج المستورد من اختصاصات وزارة الزراعة، مع الاعتراض على قانون التعرفة الجمركية لأنه لم ينص على حق استلاب اختصاصات وزارة الزراعة في المنع.
حرمان من التنافس
في قطاع الكهرباء أفادت مصادر تجارية في صنعاء بأن الجماعة بدأت تقديم تسهيلات لتجار وشركات ما يعرف بقطاع الطاقة المتجددة، تحت مزاعم تحفيز الاستثمار في هذا المجال، بحسب إعلام الجماعة.
وأكدت المصادر أن الشركات والتجار المستفيدين من هذه الإعفاءات الممنوحة هم من الموالين للجماعة الحوثية؛ وذلك ضمن مساعي الجماعة إلى السيطرة التامة على قطاع الكهرباء، وضرب التجار غير الموالين لها وملاك محطات الكهرباء الخاصة، بعد أن جرى إنهاكهم بالجبايات والغرامات والإجراءات التعسفية التي تسببت لهم بالكثير من الخسائر.
وبيّنت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن مشرفي قطاع الكهرباء التابع للجماعة الحوثية يمنع ملاك محطات الكهرباء الخاصة من تخفيض الأسعار؛ لمنعهم من المنافسة في هذا القطاع الذي يوفر الكهرباء للمستهلكين بأسعار تفوق ما كانت عليه في 2014 بفوارق كبيرة تصل إلى أكثر من 500 في المائة.
وطبقاً للمصادر، فإن إيرادات محطات قطاع الكهرباء التابع للجماعة في العاصمة صنعاء وحدها تزيد على 5 ملايين و660 ألف دولار شهرياً (نحو 3 مليارات ريال، حيث الدولار في مناطق سيطرة الجماعة يعادل 530 ريالاً) رغم أنها تغطي ما يقارب 40 في المائة فقط من احتياجات المدينة.
وتوقفت محطات الكهرباء العمومية عن العمل في 2015، بعد انهيار خطوط نقل الطاقة من محطة مأرب الغازية، وإيقاف العمل في المحطات الواقعة في المناطق التي تسيطر عليها الجماعة، ليستعيض السكان عنها بمعدات الطاقة الشمسية باهظة الكلفة وقليلة الفائدة، والتي كان لشركات موالية للجماعة نصيب وافر من تجارتها.
وخلال الأعوام الأخيرة أعادت الجماعة الحوثية تشغيل عدد من محطات الكهرباء العمومية الواقعة تحت سيطرتها عندما ظهرت المحطات الخاصة التي تبيع الكهرباء للسكان بمبالغ كبيرة، وبدلاً عن تقديم هذه الخدمة بأسعار منافسة؛ لجأت إلى بيعها بأسعار أعلى من أسعار المحطات الخاصة التي أجبرتها على رفع أسعارها بالمقابل لإنهاء المنافسة.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
ترمب يفرض رسوما جمركية على كمبوديا وتايلاند بنسبة 36% وبنجلاديش 35%
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الاثنين، عن مجموعة من الرسوم الجمركية الجديدة التي تستهدف واردات من دول شرق آسيا، أبرزها فرض رسم بنسبة 36% على واردات كمبوديا وتايلاند، و35% على واردات بنجلاديش، وذلك بدءًا من 1 أغسطس القادم، إذا لم تُبرم هذه الدول اتفاقيات تجارة جديدة مع واشنطن.
وتتمثل هذه الخطوة في جزء من إطار "التعريفات المتبادلة" التي أعلنها ترامب في إبريل الماضي، في ما أطلق عليه "يوم التحرير". وجرى تمديد المهلة الأصلية التي كانت من المقرر أن تنتهي في 9 يوليو، لتُصبح في 1 أغسطس، حسب بيان البيت الأبيض.
البيت الأبيض: ترامب سيناقش مع نتنياهو وقف إطلاق النار بغزة
المرشد الإيراني يدعو ترامب للاستثمار في طهران
جاء القرار عبر سلسلة رسائل رسمية وُجهت إلى قادة 14 دولة، تضمنت إلى جانِب كمبوديا وتايلاند وبنغلادش، دولًا أخرى مثل صربيا وإندونيسيا وجنوب إفريقيا، بنسب متفاوتة تراوحت بين 25% و40%
وأكد ترامب أن تلك الرسوم تستبدل جزءًا من الرسوم القطاعية السابقة، وليست إضافية عليها، ولفت إلى أن خفض هذه التعريفات مشروط بوصول الشركات إلى أسواق وتصنيع منتجات داخل الولايات المتحدة
تشير هذه الإجراءات إلى تصعيد واضح في سياسة واشنطن التجارية، التي تتبع نهجًا حمايةً لصناعة أمريكية يُنظر إليها كركيزة أساسية في خطط ترمب الاقتصادية.
ويُعد فرض التعريفات العقابية على دول فقيرة مثل كمبوديا وبنغلادش، التي تعتمد بشكل كبير على صادرات الملابس إلى السوق الأمريكية، أمرًا مثيرًا للقلق بين خبراء التنمية الدولية.
وأفاد تقرير لصحيفة "ذا جارديان" بأن هذه التعريفات تهدد ملايين الوظائف، خاصة للنساء العاملات في صناعات التصدير في تلك البلدان حيث يُطلق على الرسوم وصفًا دراماتيكيًا بأنها "صادمة ومربكة"، وقد تثير موجة جديدة من الأزمة في ظل فسخ علاقات تجارية ربطت واشنطن بدول الجنوب الآسيوي لعقود
من الناحية الفنية، فإن الرسوم بنسبة 36% من كمبوديا وتايلاند و35% من بنغلادش، تأتي ضمن طيف واسع يشمل 40% على ميانمار ولاوس و32% على إندونيسيا و30% على جنوب إفريقيا و25% على تونس وكازاخستان وما إلى ذلك
وأكد البيت الأبيض أن الرسوم لن تطبق على المنتجات المشمولة بتعريفات وطنية أخرى مثل الصلب أو السيارات، كما أن إدخال إنتاج صناعي إلى الولايات المتحدة يمكن أن يعفي بعض الشركات من التعريفة
أما رد فعل الأسواق المالية الأمريكية فلم يتأخر، إذ سجلت مؤشرات وول ستريت تراجعًا ملحوظًا بعد الإعلان، حيث هبط مؤشر S&P 500 بنحو 0.8%، ومؤشر داو جونز بنسبة تقارب 1% ومع هبوط الدولار نسبيًا مقابل العملات الآسيوية، زادت الضغوط على الاقتصادات الصغيرة المعتمدة على التصدير.
لا تزال مسؤولية البيت الأبيض تروج لهذه السياسة باعتبارها وسيلة لردع الممارسات التجارية غير العادلة وتحقيق توازن تجاري، وتوفير فرص استثمارية وتصنيعية داخلية. لكن منتقديها يشيرون إلى أنها تحمل تداعيات متعددة: حملة جديدة من التوتر التجاري، فرض تكاليف إضافية على المستهلكين في الدول النامية، وزعزعة أنظمة إنتاج تعتمد على الأسواق الأمريكية.
كما أن المهلة حتى 1 أغسطس تبقي الباب مفتوحًا أمام تفاوضات إن وقع اتفاق لخفض الرسوم، لكن غياب مؤشرات قوية على تقدم المحادثات حتى الآن يزيد من حالة عدم اليقين.
تجسد هذه الخطوة المفاجئة مزيدًا من التعقيد في العلاقات التجارية الدولية. فبينما تتحرك واشنطن باتجاه الحماية الاقتصادية، فإن الردود المحتملة من الدول المتضررة ستلعب دورًا رئيسًا في رسم ملامح الفصل المقبل من هذه الحرب التجارية، التي تبدو بعيدة عن أي حل حاسم في الأفق.