عربي21:
2025-05-24@00:13:15 GMT

التواجد العسكري الأمريكي وتداعياته على العراق

تاريخ النشر: 8th, March 2024 GMT

لقد أدت المناقشات والمفاوضات الجارية بشأن الوجود العسكري الأمريكي في العراق إلى تسليط الضوء مرة أخرى على العلاقة المعقدة والمثيرة للجدل بين العراق والولايات المتحدة. يسعى هذا المقال إلى تحليل الأبعاد المتعددة الأوجه لهذه العلاقة، مع التركيز على الآثار الاستراتيجية والقانونية والاقتصادية للوجود العسكري الأمريكي المستمر في العراق.



تواجد تحت مسميات أخرى

وصلت الحوارات الأخيرة بين العراق والولايات المتحدة إلى لحظة محورية، مما يمثل تحولا كبيرا في مشهد العراق في مرحلة ما بعد داعش. مع اقتراب المهمة ضد داعش من نهايتها، فإن مبرر الوجود المستمر للقوات العسكرية الأمريكية في العراق يفقد أساسه المنطقي. وعلى الرغم من تصريحاتها السابقة الداعية لخروج القوات الأمريكية من العراق، إلا أن الأخبار الحالية تشير إلى أن الحكومة العراقية لا ترغب في مغادرة القوات الأمريكية بشكل كامل. وقال أحد أعضاء فريق التفاوض الأمريكي إنه خلال جولة المفاوضات التي جرت في آب/ أغسطس 2023، أكد الجانب الأمريكي أيضا على ضرورة وجود قواته العسكرية في القواعد العراقية بحجة الدعم والتدريب والمساعدة الاستخباراتية. وتخطط وزارة الدفاع الأمريكية للإبقاء على ألفين من قواتها العسكرية في العراق على شكل اتفاقيات ثنائية بعد استكمال مهمة التحالف ضد تنظيم داعش، وهذا يشير إلى مساعي أمريكية لحفظ هذا التواجد تحت مسميات وذرائع أخرى.

يقول المنتقدون إن هذا الوجود العسكري الأجنبي المستمر يقوض سيادة العراق ويعوق طريقه إلى الحكم الذاتي الكامل والاستقرار. فهو يثير تساؤلات حول نوايا الولايات المتحدة على المدى الطويل في العراق والشرق الأوسط الكبير، مما يساهم في التوترات في منطقة مضطربة بالفعل
إن إعادة معايرة الوجود العسكري الأمريكي في العراق لا تخلو من الانتقادات، سواء داخل العراق أو على المستوى الدولي، ويقول المنتقدون إن هذا الوجود العسكري الأجنبي المستمر يقوض سيادة العراق ويعوق طريقه إلى الحكم الذاتي الكامل والاستقرار. فهو يثير تساؤلات حول نوايا الولايات المتحدة على المدى الطويل في العراق والشرق الأوسط الكبير، مما يساهم في التوترات في منطقة مضطربة بالفعل.

إن رفض الولايات المتحدة الثابت لسحب قواتها من العراق ترجع جذوره بشكل أساسي إلى الخوف من الخسارة الاستراتيجية، مما يشير إلى انسحاب أوسع من الشرق الأوسط، حيث تنظر الولايات المتحدة إلى مثل هذا الانسحاب على أنه ليس مجرد تراجع تكتيكي، بل هو تآكل وتراجع كبير في النفوذ في منطقة تعتبر حاسمة لمصالحها ومصالح إسرائيل الجيوسياسية والاستراتيجية، خصوصا أن ما تسمى "المقاومة الإسلامية العراقية" مصرة على استهداف القوات الأمريكية في العراق واستهداف المصالح الإسرائيلية لحين وقف الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني. هذه الاستهدافات التي اتخذت منحى أكثر جدية بعد الهجوم بطائرات بدون طيار على محطة الطاقة في مطار حيفا.

فقدان الذرائع القانونية وظلال التدخلات الماضية

إن النسيج المعقد للمبررات القانونية للتدخلات العسكرية يتشابك بشكل عميق مع نسيج العلاقات الدولية، وخاصة في سياق عمليات الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي على مستوى العالم. إن هذا التاريخ، الذي شابته تدخلات مثيرة للجدل وغالبا ما تكون أحادية الجانب بقيادة الولايات المتحدة، يشكل عدسة حاسمة يجب من خلالها فحص الظروف الحالية في العراق ومقارنتها في سياق تاريخي.

ويجب هنا أن نذكّر بحرب العراق عام 2003، التي شُنت على افتراضات كاذبة كامتلاك العراق لأسلحة دمار شامل وارتباطات لا أساس لها بتنظيم القاعدة، والتي تقف بمثابة تذكير صارخ بالمخاطر المرتبطة بمثل هذه المبررات الواهية. إن الاعترافات اللاحقة بالخطأ من جانب شخصيات مثل وزير الدفاع الأمريكي السابق كولن باول، إلى جانب الاعتراف بالأخطاء الاستخباراتية، تسلط الضوء على العواقب الوخيمة المترتبة على استناد التدخلات إلى أسس قانونية وواقعية هشة.

وقد أدت هذه المغامرات التاريخية إلى معاناة إنسانية عميقة ترافقت بمقتل أكثر من مليوني عراقي، وانقسامات مجتمعية، وعدم استقرار دائم، مما ألقى بظلال كبيرة على الخطاب المستمر بشأن شرعية البصمة العسكرية الأمريكية المستمرة في العراق.

وفي السيناريو الحالي، تفتقر حجة الإبقاء على القوات الأمريكية في العراق إلى أساس قانوني واضح. إن المبررات الأصلية المرتبطة بمحاربة داعش وتحقيق الاستقرار في المنطقة أصبحت موضع تشكيك متزايد مع تراجع التهديد المباشر الذي يشكله داعش. ويثير هذا التحول تساؤلات جوهرية حول الأسس القانونية لاستمرار تمركز القوات الأمريكية على الأراضي العراقية، وبدون سبب قانوني مبرر، يستند إما إلى طلب الحكومة العراقية بموافقة برلمانية صريحة أو بتفويض من الأمم المتحدة، يبدو أن استمرار الوجود العسكري الأمريكي يتعارض مع مبادئ السيادة وتقرير المصير التي تشكل حجر الأساس في الدستور العراقي.

اقتصاد تحت المراقبة

يعد التفاعل الاقتصادي بين الولايات المتحدة والعراق بمثابة وجه حاسم لعلاقتهما متعددة الأوجه، ويكشف عن العلاقات العميقة بين الممارسات الاقتصادية والأهداف الاستراتيجية. إن نفوذ الولايات المتحدة على عائدات النفط العراقي، التي تشكل عنصرا حاسما في اقتصاد البلاد، يسلط الضوء على ديناميكية السيطرة التي تمتد إلى ما هو أبعد من مجرد الإشراف المالي. وتتجلى هذه السيطرة ليس فقط في الإشراف المباشر على الأموال العراقية من قبل وزارة الخزانة الأمريكية، ولكن أيضا من خلال السياسات والممارسات الاقتصادية الأوسع التي فرضت على العراق في فترة ما بعد الصراع. وتمثل هذه الرقابة أكثر من مجرد الإدارة المالية؛ فهي ترمز إلى مستوى عميق من التبعية الاقتصادية وتعرّض العراق لنقاط ضعف يتردد صداها في جميع أنحاء اقتصاده.

لقد كان لتعامل القوى الخارجية مع عائدات النفط العراقي آثار بعيدة المدى على المشهد الاقتصادي العراقي، وقد خنق قدرة البلاد على تسخير مواردها الطبيعية بشكل كامل لتحقيق التنمية الوطنية والتنويع الاقتصادي. إن تداعيات هذا الوضع متعددة الأوجه، بما في ذلك تقلص الاستقلال المالي، ومحدودية النمو الاقتصادي، وانخفاض الاستثمار في القطاعات الحيوية خارج صناعة النفط، أدى إلى اعتماد العراق بشكل كلي على النفط، مما جعل اقتصاد البلاد عرضة بشدة لتقلبات أسعار النفط العالمية، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى عدم الاستقرار الاقتصادي وإعاقة التخطيط والتنمية على المدى الطويل.

الحجج ضد الوجود الاقتصادي والعسكري الأمريكي في العراق مقنعة، وهي تؤكد على الحاجة إلى التحول نحو السياسات التي تعطي الأولوية للتمكين السيادي العراقي سواء في السياسة الخارجية والاقتصاد المحلي والإقليمي والدولي
علاوة على ذلك، أدى فرض السيطرة على الشؤون الاقتصادية للعراق إلى إثارة ردود فعل عكسية كبيرة داخل البلاد، مما أدى إلى تغذية الدعوات المطالبة بسيادة اقتصادية أكبر والتحول بعيدا عن الاعتماد على الدولار. ويعكس هذا الشعور طموحا أوسع بين العراقيين نحو اقتصاد متنوع غير مرتبط بالمصالح الاستراتيجية لأي قوة أجنبية. إن السعي إلى التنويع الاقتصادي أمر بالغ الأهمية لاستقرار العراق وازدهاره على المدى الطويل، مما يوفر طريقا نحو اقتصاد أكثر مرونة وقادر على تحمل الصدمات الخارجية وتقليل التعرض للضغوط الاقتصادية الدولية.

وعليه، فإن الآثار الاقتصادية السلبية للوجود الأمريكي في العراق، تمتد إلى ما هو أبعد من إدارة عائدات النفط. وقد أدت آثار التدخلات العسكرية والمخاوف الأمنية المستمرة إلى ردع الاستثمار الأجنبي، وتعطيل الأسواق المحلية، وعرقلة تطوير البنية التحتية الحيوية. ويؤدي عدم الاستقرار الاقتصادي الناتج عن ذلك إلى تفاقم القضايا الاجتماعية، بما في ذلك تزايد مستمر في مستويات البطالة والفقر.

وفي ضوء هذه التحديات، فإن الحجج ضد الوجود الاقتصادي والعسكري الأمريكي في العراق مقنعة، وهي تؤكد على الحاجة إلى التحول نحو السياسات التي تعطي الأولوية للتمكين السيادي العراقي سواء في السياسة الخارجية والاقتصاد المحلي والإقليمي والدولي. ويبدو بأن جميع ما تقدم تتم عرقلته عبر التواجد الأمريكي غير الشرعي في العراق.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العراق داعش العراق امريكا داعش مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العسکری الأمریکی فی العراق القوات الأمریکیة الولایات المتحدة على المدى الطویل الوجود العسکری

إقرأ أيضاً:

تراجع الدولار إلى أدنى مستوى في نحو أسبوعين وسط مخاوف بشأن الاقتصاد الأمريكي

تراجع الدولار الأمريكي من جديد وسط التأثر بحذر الاحتياطي الفدرالي الأمريكي بشأن الاقتصاد، بينما يركز المستثمرون على المفاوضات المقبلة بين أميركا واليابان، والتي قد تتضمن مباحثات تتعلق بالعملات وتقلبات سعر الصرف.

وانخفض مؤشر الدولار - الذي يقيس أداء العملة أمام ست عملات رئيسية - بنسبة 0.3% إلى أدنى مستوى في نحو أسبوعين.

وتعرضت العملة الأميركية لعمليات بيع واسعة خلال تعاملات يوم الاثنين، وذلك بعد خفض وكالة موديز التصنيف الائتماني للحكومة الأميركية يوم الجمعة في ظل مخاوف تتعلق بعجز الموازنة.

 وتتسلط الأضواء في الوقت الحالي على تصويت حاسم في الكونغرس الأميركي بشأن تخفيضات ضريبية شاملة اقترحها رئيس الولايات المتحدة الحالي دونالد ترامب.

من جانبه، قال خبير استراتيجيات العملات لدى بنك UBS في نيويورك، فاسيلي سيريبرياكوف: "تخفيض مودير للتصنيف (الائتماني للولايات المتحدة) كان العامل المحفز في وقت سابق الذي دفع عوائد سندات الخزانة للارتفاع والدولار للانخفاض. أما الآن، فقد انخفضت العوائد عن مستوياتها المرتفعة ولا يزال الدولار منخفضاً".

وأضاف سيريبرياكوف: "يسلط هذا الضوء على الميل لبيع الدولار. ولا أعتقد أن هذا الاتجاه قد تغير"، بحسب وكالة رويترز.

يأتي ذلك بعد أن تحدث مسؤولون في الاحتياطي الفدرالي الأميركي، عن تداعيات خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة إلى الظروف غير المستقرة بالأسواق في ظل مواصلة استكشاف بيئة اقتصادية تتسم بمستوى مرتفع من عدم اليقين.

وعن أدائه مقابل العملة اليابانية، انخفض الدولار  مسجلاُ أقل مستوياته خلال أسبوعين تقريباً مقابل الين عند 144.095 ين.

وفي آخر التعاملات، انخفض الدولار بنسبة 0.1% إلى 144.64 ين. وعانت العملة الأميركية من الخسارة خلال خمس من آخر ست جلسات.

ويترقب المتعاملون كذلك الأنباء المتعلقة بالمحادثات الأمريكية اليابانية المقبلة بشأن التجارة، وقال وزير المالية في طوكيو، كاتسونوبو كاتو، يوم الثلاثاء، إنه يتوقع أن يكون أي لقاء مع وزير الخزانة بالولايات المتحدة، سكوت بيسنت، يتعلق بأسعار الصرف قائماً على وجهة نظرهما المشتركة بأن التقلبات المبالغ فيها بالعملة تعتبر أمراً غير مرغوب فيه.

وفي سياق آخر، تراجع الدولار الأسترالي بصورة حادة مقابل الدولار الأميركي بعد تخفيض بنك الاحتياطي الأسترالي معدلات الفائدة القياسية 0.25% مع عدم استبعاد المزيد من سياسات التيسير النقدي خلال الفترة القادمة.

وفي أحدث التعاملات انخفضت العملة الأسترالية بنسبة 0.9% مسجلة 0.6401 دولار أميركي.

في هذه الأثناء، هبط اليوان الصيني مقابل الدولار مع خفض بكين معدلات الفائدة الرئيسية للإقراض، بينما استمر الطلب الموسمي على الدولار من الشركات مرتفعاً.

واستقرت عملة الجنيه الإسترليني عند 1.3372 دولار بعد أن زيادة بنسبة 0.6% يوم الاثنين مع توصل بريطانيا إلى اتفاق لإعادة ضبط العلاقات الدفاعية والتجارية مع الاتحاد الأوروبي، والذي يعتبر الأكبر منذ خروج المملكة المتحدة من المجموعة.

وصعد اليورو بنسبة 0.2% إلى 1.3373 مقابل الدولار. بينما ارتفع الفرنك السويسري مقابل العملة الأميركية التي تراجعت في المقابل بنسبة 0.4% إلى مستوى 0.8314 فرنك.

اقرأ أيضاً: لاغارد: ارتفاع قيمة اليورو مقابل الدولار هو نتيجة لسياسات ترامب المتقلبة

ومع ذلك تبقى الأضواء مسلطة على اقتصاد الولايات المتحدة مع تصريحات رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي في أتلانتا، رافاييل بوستيك، لشبكة CNBC يوم الاثنين، بأن الفدرالي الأميركي قد يستطيع فقط خفض معدلات الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس حتى نهاية العام بسبب المخاوف بشأن زيادة التضخم الناتجة عن رفع الرسوم الجمركية.

ويتزامن ذلك مع نقاش يدور في الكونغرس الأميركي بشأن مشروع قانون الضرائب المطروح من ترامب. ويقول محللون مستقلون إن مشروع القانون سيضيف ما بين ثلاثة وخمسة تريليونات دولار إلى الدين السيادي الأميركي. 

وتراجع مؤشر الدولار بنسبة 10.6% في أبريل من مستوياته المرتفعة خلال شهر يناير، لكن العملة الأمريكية استرجعت بعض الزخم بعد تعليق الولايات المتحدة الكثير من أكبر التعرفات الجمركية التي أعلنت عنها في شهر أبريل.

طباعة شارك سعر الدولار اسعار الدولار الدولار

مقالات مشابهة

  • نائب الرئيس الأمريكي يعترف بتراجع الهيمنة الأمريكية: تدخلنا في اليمن كان “دبلوماسيًا” ولا قدرة لنا على خوض حرب
  • وزارة الخارجية السودانية: ننفي المزاعم غير المؤسسة التي تضمنها بيان وزارة الخارجية الأمريكية
  • سياقات هجوم المتحف اليهودي وتداعياته المحتملة
  • تراجع الدولار إلى أدنى مستوى في نحو أسبوعين وسط مخاوف بشأن الاقتصاد الأمريكي
  • العراق يواجه تحديات حقوق الإنسان في التدريب العسكري
  • عربات جدعون: معركة الوجود والهوية
  • منتدى قطر الاقتصادي.. أميركا والخليج على مسار شراكة عقلانية
  • الخارجية تنظم اجتماعا تنسيقيا استعدادًا لعقد المنتدى الاقتصادي الاستثماري المصري الأمريكي بالقاهرة
  • بت اقرب الان لقول المسؤولة الأمريكية التي قالت قبل أشهر ان السودان فاشل في عرض قضيته
  • الاقتصاد العالمي بين الصعود الصيني والتراجع الأمريكي