جدل جديد في واشنطن.. أصبع ترامب والزر النووي
تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT
عاد الحديث عن المخاوف من الاستخدام المحتمل "غير المسؤول" للسلاح النووي، في حال عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أوائل العام المقبل. ومع ارتفاع حظوظ ترامب في مواجهة الرئيس الحالي جو بايدن في الانتخابات المقررة نوفمبر المقبل، وفقا لاستطلاعات الرأي، يتذكر كبار المسؤولين الأميركيين ما حدث قبل نحو 3 سنوات، عندما كان يحاول الرئيس الخاسر وقتها إلغاء نتائج الانتخابات.
في الواقع، لم يكن لدى بيلوسي ولا ميلي أي سلطة قانونية لمنع ترامب في حال صمم على استخدام الأسلحة النووية. والقيد الوحيد على سلطة الرئيس في الأمر بشن هجوم نووي، هو أن أفراد الجيش ملزمون برفض تنفيذ أي أمر ينتهك قانون الحرب. وحسب العقيدة العسكرية الأميركية، على الضباط رفض تنفيذ ضربة نووية ليست ضرورية لهزيمة العدو بأسرع ما يمكن وبكفاءة قدر الإمكان، أو ضربة من شأنها أن تسبب ضررا للمدنيين بشكل عشوائي أو غير إنساني أو غير متناسب مع الهدف العسكري. وفي عام 2017، بينما كان ترامب يرتجل موجها تهديدات نووية لكوريا الشمالية، تصدر قائد القيادة الإستراتيجية الأميركية (ستراتكوم) التي تشرف على برنامج الأسلحة النووية جون هايتن عناوين الأخبار، بقوله إنه "لن ينفذ أمر إطلاق غير قانوني".
وبدلا من ذلك، قال هايتن إنه سيبلغ الرئيس بأن الأمر غير قانوني، ثم سيطرح "قدرات للرد على أي موقف مهما كان، وهذه هي الطريقة التي تسير بها الأمور"، حسب تعبيره.
تراتبية "القرار النووي"
يبدو اتخاذ قرار بشن هجوم نووي أمرا معقدا في الولايات المتحدة، والإجراء المفترض أن يتبع هو أن يعقد الرئيس الذي يفكر في استخدام الأسلحة النووية "مؤتمر اتخاذ القرار" مع كبار المستشارين، للنظر في الخيارات المطروحة.
وهناك ما يعرف بالحقيبة النووية، وتحتوي على معدات ومستندات يستخدمها الرؤساء الأميركيون لتوثيق أوامرهم بشن ضربة نووية.
ويحمل الحقيبة دائما مساعد عسكري يرافق الرئيس أينما ذهب، ويسلمها كل رئيس لخلفه في مراسم خاصة.
ومع ذلك، لا يوجد أي شرط لوجستي أو قانوني يلزم الرئيس بعقد مؤتمر لاتخاذ القرار، أو أخذ مشورة من أحد.
ويمكن للرئيس إرسال القرار مباشرة إلى مركز القيادة العسكرية الوطنية، الذي يصدر بعد ذلك أمرا وينقله إلى القوات الأميركية.
وفي عام 2017، قال قائد "ستراتكوم" السابق روبرت كيهلر أمام مجلس الشيوخ: "لا أعرف بالضبط ما الذي كان سيحدث لو رفض الجيش تنفيذ أمر نووي غير قانوني".
ومن الناحية العملية، قد يتمكن تحالف من الضباط أو المسؤولين المدنيين من حث القيادة العسكرية لوقف الأمر النووي، لكن لا يجب على هذه القيادة أن تعصي الأمر.
وليس من الواضح أيضا كيف سيفسر المسؤولون التزاماتهم بموجب قانون النزاعات المسلحة؟ ومن له حق الاعتراض على الأمر؟ وما الذي يعتبر هدفا عسكريا مشروعا؟
وهل سيكون المسؤولون قادرين على تقييم الخيارات غير النووية لتحديد أن استخدام السلاح النووي قرار غير مناسب؟ وكيف بالضبط سيقيّمون الخسائر العرضية بين المدنيين التي تتناسب مع الهدف العسكري.
وحسب مجلة "فورين بوليسي"، لا توجد إجابات شافية لبعض هذه الأسئلة، بل تتطلب الإجابات معلومات أكثر مما هو متاح لمسؤول واحد.
وترى المجلة أن "الإجراءات الحالية لتقييم الخيارات النووية قد لا تكون دليلا جيدا في الأزمات"، إذ لا يكفي أن تصدق "ستراتكوم" على خيار ما باعتباره قانونيا، لأنه قد لا يكون قانونيا في السياق الذي يطرحه به الرئيس.
علاوة على ذلك، فإن الظروف السابقة التي دفعت الولايات المتحدة إلى شن هجوم نووي على اليابان عام 1945، وفترة الحرب الباردة، لا يجب أن توجه القرارات اليوم.
وطالبت "فورين بوليسي" بايدن، أن يضع، قبل الانتخابات، إجراء محددا وصارما وقانونيا، لمنع أي رئيس من إصدار أمر بشن هجوم نووي بشكل غير قانوني.
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: الأسلحة النوویة هجوم نووی
إقرأ أيضاً:
مفاوضات النووي معلقة بين رفض طهران شروط ترامب وجهلها بما سيفعله
لم يعد معروفا ما الذي يعده الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية- خلال الزيارة التي يجريها الأخير لواشنطن حاليا، في ظل حالة عدم اليقين وفقدان الثقة اللتين تسيطران على مستقبل المفاوضات الأميركية الإيرانية.
فقد وصل نتنياهو إلى الولايات المتحدة أمس الاثنين في زيارة هي الأولى بعد الحرب الأميركية الإسرائيلية على إيران، والثالثة له منذ عودة ترامب للبيت الأبيض قبل 6 أشهر. ومن المتوقع أن تتمخض هذه الزيارة عن أمور تستهدف تغيير شكل المنطقة بطريقة أو بأخرى.
وتأتي مباحثات ترامب ونتنياهو بينما لم تحدد إيران موعدا لاستئناف المفاوضات مع واشنطن التي تقول إنها استغلت التفاوض كخدعة لضرب منشآتها النووية. كما أن سلوك ترامب غير التقليدي يجعل احتمالات استخدامه للقوة مجددا أمرا محتملا، رغم حديثه عن الرغبة في السلام.
ضربات محتملة لإيرانومما يزيد من غموض الموقف، هو ما ذكره موقع "أكسيوس" الأميركي -الثلاثاء الماضي- بشأن استعداد تل أبيب لتوجيه مزيد من الضربات لطهران في حال قررت الأخيرة المضي قدما في ترميم برنامجها النووي، ونقل عن مسؤولين إسرائيليين أن ترامب ربما يمنح نتنياهو ضوءا أخضر خلال زياته الحالية لواشنطن.
وقبل أيام من زيارة نتنياهو، زار وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، واشنطن وأجرى مباحثات مهمة ومكثفة، وبعد عودته قدم إحاطات مغلقة مفادها "أنه خرج بانطباع بأن إدارة ترامب ستدعم ضربات إسرائيلية جديدة على إيران في ظل ظروف معينة"، حسب أكسيوس.
هذه التسريبات الصحفية عززت حالة عدم اليقين لدى الإيرانيين بشأن ما يخطط ترامب للقيام به، وتزيد على الأرجح من حالة فقدان الثقة الإيرانية في أي مفاوضات محتملة مع الولايات المتحدة بعدما شارك ترامب وكبير مفاوضيه ستيف ويتكوف، في عملية الخداع التي سبقت شن الحرب على إيران، وفق ما تقول الباحثة في الشأن الإيراني الدكتورة فاطمة الصمادي.
إعلانونقلت الصمادي -خلال مشاركتها في برنامج ما وراء الخبر- تصريحات لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، قال فيها إنه من غير المعقول العودة للتفاوض مع ويتكوف الذي مارس خداعا خلال المفاوضات حتى يمهد الطريق أمام الحرب.
كما أكد عراقجي أن ويتكوف كان يقول كلاما في الغرف المغلقة ثم يقول غيره في العلن، وهو أمر يعزز حالة فقدان الثقة في التعامل معه ومع الإدارة الأميركية كلها والتي تفاقمت تماما خصوصا لدى المرشد الأعلى علي خامنئي الذي لا يمكن العودة للمفاوضات دون موافقته، كما تقول الصمادي.
دعوة إيرانية لبناء الثقة
ولم تمنع أزمة الثقة هذه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان من الحديث -أمس الاثنين- عن العودة للتفاوض مع الولايات المتحدة شريطة استعادة الثقة بين الجانبين، وهو حديث ربما يحاول من خلال الوفاء بوعده الانتخابي المتعلق بإنهاء الإشكالية التاريخية مع أميركا.
لكن الوفاء بهذا الوعد قد لا يكون سهلا لأن موافقة المرشد الأعلى ومجلس الشورى -ذي الأغلبية الأصولية- لن تقبل بأي تفاوض يقوم على أساس الاستسلام، ولا بتغيير شكل المنطقة على نحو يجعل إسرائيل هي صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة فيها، وهو أمر ينطبق على دول أخرى كبيرة مثل تركيا ومصر.
في المقابل يرى البعض في أميركا، أن على الإيرانيين التعامل بواقعية مع حقيقة أن ترامب رئيس غير تقليدي ولا يجب التعامل معه بالطرق التقليدية، واقتناص حديثه عن تطبيع العلاقات مع طهران التي يعتقد أنه حقق بها نجاحه الخارجي الوحيد بعد فشله في إنهاء حربي غزة وأوكرانيا.
فرغم أزمة الثقة العنيفة بين البلدين، إلا أن الإيرانيين -وفق المنشاوي- لن يجدوا في أميركا أحدا غير ترامب يمكنه طرح فكرة التطبيع مع إيران بل ويبدي استعداده لزيارتها، ومن ثم فإنهم -وبقية دول المنطقة- مطالبون بتوسيع مساحة الاختلاف بينه وبين نتنياهو حتى يتمكنوا من الحصول على مكاسب.
فترامب يريد طي صفحة الحرب الماضية، بينما نتنياهو -الذي يصر على الترويج لنصر إسرائيلي أميركي ساحق على إيران في ظل غياب نتائج واضحة للحرب على الطرفين- يفهم طبيعة ترامب ويحاول من خلال اللوبي الصهيوني في أميركا دفعه باتجاه مزيد من التشدد مع طهران، والذهاب نحو تشكيل المنطقة بالطريقة التي تريدها إسرائيل، حسب المنشاوي.
الخلاف مجرد خدعة
لكن هناك من يقول إن الإيرانيين اكتشفوا أن الخلاف بين ترامب ونتنياهو لم يكن إلا خدعة ما قبل الحرب، وإن هذا الموقف لن يتغير ما لم يقدم الرئيس الأميركي مقاربة مقبولة إيرانيا غير تلك التي تقوم على جعل إيران بلدا منزوع القوة في المنطقة، وهو أمر يرى المنشاوي أنه لن يحدث.
كما أن الوضع الإيراني ليس بهذا السوء الذي يروج له البعض فهي ما تزال تمتلك قوة صاروخية كبيرة ولا يمكن القول إن حلفاءها بالمنطقة أصبحوا من الماضي كما يشاع، فضلا عن أن إسرائيل هي الأخرى تعاني مشكلات جذرية بسبب طوفان الأقصى وما تلاها، ومنها الهجرة العكسية وعودة سكان الشمال وفشلها في فرض معادلة بعينها في المنطقة، كما تقول الصمادي.
ومنذ انتهاء الحرب التي استمرت 12 يوما، هدد ترامب مرتين بهماجمة الولايات المتحدة لإيران في المستقبل إذا استأنفت تخصيب اليورانيوم، لكنه صرّح أيضا برغبته في التوصل إلى تسوية تفاوضية وتجنب أي صراع آخر.
إعلانبدوره، دعا بزشكيان الولايات المتحدة لعدم التورط في حرب ليست حربها وإنما هي حرب نتنياهو. في حين قالت "وول ستريت جورنال"، إن إسرائيل تريد إطلاق يدها في أجواء إيران كما هي الحال في سوريا ولبنان، وهو أمر تحدث عنه أيضا وزير دفاعها يسرائيل كاتس.
ويخطط ويتكوف للقاء عراقجي في أوسلو خلال الأيام المقبلة لاستئناف المحادثات النووية، وقد أكد الإيرانيون أن هذا الاجتماع قيد الإعداد، ولكن لم يحدَّد موعد نهائي له حتى الآن.