رعاية الأطفال والمرأة في سوق العمل اللبناني... تقرير جديد من البنك الدولي
تاريخ النشر: 27th, March 2024 GMT
أشار تقرير جديد لمجموعة البنك الدولي حمل عنوان "التقييم الشامل لخدمات رعاية الأطفال في لبنان" إلى أن "مسؤولية رعاية الأطفال تعد من المعوقات الرئيسية التي تحول دون دخول المرأة في لبنان إلى سوق العمل. ويمكن أن يؤدي توسيع نطاق خدمات رعاية الأطفال وتوفيرها بتكلفة ميسورة وجودة عالية، والمواءمة مع التقاليد الاجتماعية المتعلقة بالاستفادة من هذه الخدمات، إلى دعم المرأة في دخول سوق العمل أو البقاء فيه، مما سيؤدي في نهاية المطاف إلى خلق فرص العمل وتحقيق النمو الاقتصادي.
ويسلط التقرير الضوء على "عدم التوافق بين العرض والطلب، مع وجود فجوة في توفير خدمات الرعاية للأطفال الأصغر سناً (أقل من سنة واحدة). وغالباً ما تتوفر خدمات رعاية الأطفال من خلال مراكز خاصة وبتكلفة عالية، وتتركز في المناطق الساحلية. وتمثل هذه التكاليف العالية معوقاً رئيسياً بالنسبة للأسر، مما يؤدي إلى انخفاض الطلب على خدمات رعاية الأطفال".
ويقترح التقرير "إجراءات وتدابير لتوسيع نطاق خدمات رعاية الأطفال عالية الجودة وميسورة التكلفة ومتاحة للجميع على 4 محاور: (1) تهيئة بيئة مواتية لتقديم خدمات جيدة لرعاية الطفل بكفاءة وبأسعار ميسورة، (2) توزيع أكثر إنصافاً لعبء أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر داخل الأسرة؛ (3) تعزيز دعم الحكومة لتلبية احتياجات الرعاية داخل الأسرة، و(4) تهيئة ظروف عمل في القطاع الخاص تراعي ظروف الأسرة على نحو يشمل جميع شرائح المجتمع".
وصدر التقرير، الذي تم إعداده في إطار برنامج تمكين المرأة في المشرق الذي تديره مجموعة البنك الدولي، خلال حفل إطلاق تم تنظيمه بالتعاون مع المعهد العربي للمرأة في الجامعة اللبنانية الأميركية ، وبمشاركة عدد كبير من أصحاب المصلحة، والجهات الحكومية المعنية، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، والجهات المانحة، والمنظمات الإنمائية، والأوساط الأكاديمية.
ويحلل هذا التقرير "العرض والطلب على خدمات رعاية الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 0 و3 سنوات. ويستعرض الإطار التنظيمي والمؤسسي لرعاية الطفل في لبنان، ويحدد جانب العرض لهذه الخدمات بما في ذلك التكلفة، ويقيّم حلول رعاية الأطفال التي يقدمها أرباب الأعمال والشركات، ويعمق الفهم لاحتياجات رعاية الأطفال لدى الأسر. ويُذكر أن الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية هي الجهة المنسقة لبرنامج تمكين المرأة في المشرق على صعيد لبنان.
وفي لبنان، لا تتجاوز نسبة النساء في القوى العاملة اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و64 عاما 22% وفقا لبيانات عام 2022 الصادرة عن إدارة الإحصاء المركزي.
وأشارت 60% من الأمهات اللواتي شملهن المسح الاستقصائي أثناء إعداد هذا التقرير، إلى أن رعاية الأطفال هي السبب الرئيسي لعدم انخراطهن في العمل. وتشمل الأسباب المهمة الأخرى انخفاض الأجور وعدم توفر وسائل النقل والمواصلات، بالإضافة إلى الاعتبارات الاجتماعية والثقافية. وعلى الرغم من المنافع المؤكدة للتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة، نجد أن 10% فقط من مقدمي خدمات رعاية الأطفال في لبنان يعملون بكامل طاقتهم".
وفي حين أن السبب في ذلك يرجع جزئيا، بحسب التقرير، إلى "انخفاض دخل الأسر المعيشية في أعقاب الأزمة الاقتصادية، فإنه يعكس أيضا التقاليد الاجتماعية التي تتوقع من النساء أن يتفرغن لدور الأمهات وربات البيوت. وفي سبيل المساعدة في كسر القوالب النمطية للنوع الاجتماعي، لا سيما في ما يتعلق بدور المرأة في مكان العمل ودور الرجل في الأسرة، أطلقت مجموعة البنك الدولي والهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية في أيلول 2023 حملة توعية بعنوان "تحقيق كامل إمكاناتنا"، وتستهدف هذه الحملة الرجال والنساء وأرباب العمل والشركات من خلال مقاطع فيديو معززة بأدلة وشواهد.
وعلى صعيد أرباب العمل والشركات، يقدم 5% فقط من الشركات التي شملها المسح الاستقصائي خدمات رعاية الأطفال لموظفيها. ومع ذلك تطبق أغلبية الشركات سياسات مراعية للأسرة من خلال منح إجازة الأمومة، وإجازة الأبوة، وساعات العمل المرنة، وترتيبات العمل من المنزل. وتهدف برامج كمبادرة "القادة من أجل المساواة" (L4E) التي تم تنفيذها في إطار برنامج تمكين المرأة في المشرق بالتعاون مع غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان، وتقديمها إلى 10 شركات رائدة، إلى تعزيز توظيف النساء في القطاع الخاص، وذلك من خلال دعم الشركات في تنفيذ إستراتيجيات التنوع والشمول وغيرها من السياسات الداعمة".
وأعتبر المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي جان كريستوف كاريه ان "تحسين سبل الحصول على خدمات رعاية الأطفال عالية الجودة وميسورة التكلفة سيؤدي إلى زيادة مشاركة أمهات الأطفال الصغار في سوق العمل، وبالتالي زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة. ويعرض هذا التقرير أدلة وشواهد في غاية الأهمية للنهوض بالحوار بشأن السياسات وتحديد الإصلاحات اللازمة لتعزيز هذا القطاع، بهدف تعزيز النشاط الاقتصادي للمرأة، وإفادة الأطفال الصغار في لبنان كما المجتمع بأسره".
وشددت المناقشات التي دارت خلال حفل الإطلاق على ضرورة تعزيز الحوار بشأن خدمات رعاية الطفل بين الحكومة اللبنانية والجهات المعنية لتقديم هذه الخدمات بأسعار معقولة وجودة عالية، وتعزيز السياسات المراعية للأسرة في كل من القطاعين الخاص والعام.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: البنک الدولی المرأة فی سوق العمل فی لبنان من خلال
إقرأ أيضاً:
الحضارة بلسان الملكات.. مصر تفتح كنوز نسائها بمعرض كراكاس الدولي للكتاب
ضمن فعاليات مشاركة جمهورية مصر العربية كضيف شرف في الدورة الحالية من معرض كراكاس الدولي للكتاب، احتضنت صالة "مصر" ندوة فكرية ثرية تحت عنوان "ملكات مصر"، ألقاها الدكتور ممدوح الدماطي، أستاذ علم المصريات بجامعة عين شمس ووزير الآثار الأسبق، كانت الندوة بمثابة جسر حضاري يربط بين الماضي العريق والحاضر، ويسلط الضوء على الدور الريادي للمرأة المصرية في صنع التاريخ، مؤكدًا أن الحضارة المصرية لم تكن مجرّد أطلال، بل ذاكرة حيّة تنبض بالحكمة والجمال، خاصة حين يكون لسانها امرأة.
استعرض الدكتور الدماطي في هذا اللقاء شخصيات نسائية بارزة، لعبت أدوارًا محورية في السياسة والإدارة والفكر، منذ فجر التاريخ وحتى العصور الإسلامية، مشددًا على أن المرأة في مصر القديمة لم تكن ظلًا للرجل، بل كانت شريكًا فعليًا في صنع القرار، ومكوّنًا رئيسيًا في بنية الدولة والمجتمع.
ومن بين الأسماء التي أضاءها العرض: الملكة حتشبسوت، التي أمسكت بزمام الحكم في الأسرة الثامنة عشرة، وأدارت البلاد ببراعة سياسية، أرسلت البعثات، وشيدت المعابد، ورفعت المسلات شاهدةً على عصر من الاستقرار والتوسع.
أما كليوباترا السابعة، فقد تجاوزت صورتها النمطية لتظهر كامرأة مثقفة وماهرة في فنون السياسة والدبلوماسية، عقدت التحالفات مع القوى العظمى، وسعت للحفاظ على استقلال مصر وسط عواصف الإمبراطوريات.
وفي التاريخ الإسلامي، تبرز شجر الدر كحالة استثنائية، وصلت من صف الجواري إلى سدّة الحكم، وأدارت معركة المنصورة الشهيرة مع المماليك، وأسرت الملك الفرنسي لويس التاسع، قبل أن تطيح بها التقاليد الذكورية رغم عبقريتها السياسية.
كما أضاءت الندوة نماذج نسائية أخرى من عمق المجتمع المصري القديم، مثل القاضية "نبت" في الأسرة السادسة، والطبيبة "بسشت" التي تولّت الإشراف على الأطباء والكهنة، والكاتبات اللواتي وصلن إلى أعلى مراتب الإدارة، في دلالة على أن المرأة لم تُقصَ عن المجال العام، بل شاركت فيه بأدوار رائدة.
وتعكس النصوص المصرية القديمة هذا التقدير، حيث نجد وصايا مثل: "إذا أردت رضا الله، فأحب شريكة حياتك واعتنِ بها، فإنها توأم روحك"، تعكس تصورًا حضاريًا يُعلي من قيمة المرأة ويمنحها مكانتها المستحقة.
وقد لاقت الندوة تفاعلًا كبيرًا من الحضور الفنزويلي، الذين أعجبوا بتفاصيل الحياة اليومية والدور الفعّال للمرأة المصرية في مجالات الأسرة، والاقتصاد، والدين، والإدارة.
"ملكات مصر" لم تكن مجرد سرد لتاريخ ماضٍ، بل كانت رسالة حضارية تنبض بالحياة، تؤكد أن المرأة المصرية —منذ آلاف السنين وحتى اليوم— كانت حاضرة في قلب المشهد، صانعة للحضارة، لا شاهدة عليها.