أكبر أزمة سياسية يواجهها.. ما خيارات نتنياهو في قضية تجنيد الحريديم؟
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
رجح أكاديميون انحياز رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى شركائه في "الائتلاف اليميني المتطرف" في أزمة تجنيد اليهود المتشددين "الحريديم" حتى لو تطلب الأمر خروج الوزير بمجلس الحرب بيني غانتس.
وقال الأكاديمي والخبير بالشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى إن نتنياهو يواجه أكبر أزمة سياسية تفوق أزمته مع واشنطن، معتقدا أنه سيفضل الذهاب لقانون ينسجم إلى حد كبير مع تطلعات الأحزاب الدينية حتى لو كلفه انسحاب غانتس الذي كان غطاء سياسيا واجتماعيا ودوليا لحكومة "اليمين" منذ بداية الحرب.
أما السيناريو الثاني -الذي يستبعد مصطفى حدوثه- فهو الذهاب لقانون يقترب من الأحزاب العلمانية مما سيؤدي إلى خسارة الأحزاب الدينية، وسقوط الحكومة.
كما يحاول نتنياهو تجنب الذهاب لانتخابات مبكرة مما يعني ضمنيا وقف الحرب على غزة، فضلا عن سقوطه ومعسكر "اليمين" وتشكيل حكومة بديلة برئاسة غانتس، وفق الخبير بالشأن الإسرائيلي.
ويؤكد مصطفى أن الأزمة الحالية تأتي في سياق حاجة جيش الاحتلال لجنود الاحتياط، بعد إهمال هذه المسألة ومن ضمنها تجنيد الحريديم، مشيرا إلى أن إسرائيل لديها فرصة أخيرة لتشريع القانون بعد إلغاء المحكمة العليا قوانين سابقة.
ويضيف أن حكومة نتنياهو ملزمة بسن هذا القانون "وبدونه لن تستطيع الحكومة إعفاء الحريديم" وعليها تقديم القانون للكنيست في يونيو/حزيران المقبل للتصويت عليه.
"انتهازية سياسية"
بدوره يؤكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الفلسطينية الدكتور حسن أيوب أن أزمة تجنيد الحريديم تبرز مدى الانتهازية السياسية سواء من نتنياهو أو شركائه بالائتلاف أو المعارضة.
ويؤكد أن الأزمة لا تتعلق فقط بالحسابات العسكرية في ظل حاجة الجيش إلى مزيد من القوى البشرية، بل هناك جانب اقتصادي يخص ميزانية الدولة، قبل أن يجمل المشهد بأنه أزمة بتعريف الدولة نفسها.
ويعتقد أن الأزمة ستلقى بظلالها بإحداث شرخ بالمجتمع الإسرائيلي بين الشق العلماني الليبرالي والشق المتدين، مضيفا أنه يصعب الخروج من هذا المأزق وشدد على ضرورة إبرام صفقة جديدة.
ويؤمن الأكاديمي الفلسطيني بأن قضية تجنيد الحريديم تهدد جديا بقاء حكومة نتنياهو لأن كافة الأحزاب تمترست وتشددت بشكل لا يبدو أنه هناك مخرج، مستبعدا أن يفلت نتنياهو من ضغط هذه الأزمة.
من هم الحريديم؟
وحول طبيعة هذه الأحزاب الدينية، يوضح مصطفى أن الحريديم تشكل 13% من المجتمع الإسرائيلي ومتوقع أن تصل عام 2050 إلى 20%.
وأضاف أنها مجموعة دينية متزمتة لا تعترف بالصهيونية وتعيش في أحياء منعزلة جغرافيا ومختلفة في لباسها، ونجحت في الاندماج مع المحافظة على مصالحها السياسية والثقافية خاصة التعليم في أحياء مغلقة.
ويبين أن فئة الحريديم من أعلى المجموعات من حيث التكاثر السكاني، إذ يصل معدل ولادة المرأة الحريدية بين 7 و8 أطفال، كما أنها لا تدرس الإنجليزية والرياضيات والعلوم وتكتفي بالمناهج الدينية "لذلك هي غير متعلمة، وغير مثقفة، وغير منتجة، ومستهلكة، ولا تندمج بالاقتصاد الإسرائيلي".
تجدر الإشارة إلى أن نتنياهو اقترح -في لقائه مع المستشارة القانونية للحكومة- تجنيد 2500 من الحريديم سنويا، بينما دعا الحاخام الأكبر لليهود السفارديم (طائفة اليهود الشرقيين) يتسحاق يوسف أنصاره إلى مغادرة إسرائيل إذا أُرغموا على أداء الخدمة العسكرية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات تجنید الحریدیم
إقرأ أيضاً:
تداعيات خطة نتنياهو لاحتلال كامل غزة على الداخل الإسرائيلي
القدس المحتلة- في خطوة تحمل دلالات عسكرية وسياسية خطِرة، صدّق المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت)، بالإجماع، على خطط الجيش الإسرائيلي لتوسيع عمليته البرية في قطاع غزة تمهيدا لاحتلاله.
هذه الموافقة جاءت تزامنا مع إعلان جيش الاحتلال استدعاء عشرات الآلاف من جنود الاحتياط، في مؤشر واضح على أن العملية المقبلة قد تكون الأوسع نطاقا منذ بدء الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ووفق تصريحات رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، فإن المرحلة المقبلة "تختلف عن سابقاتها"، إذ أشار إلى نية الجيش "الانتقال من أسلوب الاقتحامات إلى احتلال الأراضي والبقاء فيها"، ما يعكس تحولا إستراتيجيا في مسار العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع.
بحسب تسريبات نقلتها وسائل إعلام إسرائيلية عن مصدر سياسي في مكتب نتنياهو، فإن الخطة التي عرضها رئيس الأركان إيال زامير، تتضمن أهدافا معلنة تشمل هزيمة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، واستعادة الأسرى، والسيطرة الكاملة على القطاع.
لكن فعليا، لا تحمل هذه الخطة جديدا نوعيا، إذ تعيد تدوير أهداف الحرب المعلنة منذ 19 شهرا، والتي لم تتحقق رغم استخدام القوة القصوى والحصار، وفق ما أفاد به الموقع الإلكتروني التابع لصحيفة "يديعوت أحرونوت".
وأضاف المصدر نفسه، أن الخطير في الخطة أنها تتضمن احتلال القطاع بالكامل، وتحريك السكان جنوبا، وتجريد حماس من أدواتها الإدارية واللوجستية، وهو ما فسره المراسل العسكري للصحيفة، يوآف زيتون، على أنه خطوة محتملة نحو فرض تهجير داخلي واسع أو حتى تهجير خارج القطاع، في ظل تدهور الوضع الإنساني غير المسبوق.
إعلانتطرح الخطة أسئلة جدية عن مدى قدرة إسرائيل على تنفيذ احتلال بري شامل، خاصة مع ما يتطلبه ذلك من موارد بشرية هائلة، وسط تململ داخلي من طول أمد الحرب وارتفاع الخسائر، حسب ما ذكره الموقع الإلكتروني "واللا".
وتساءل المراسل العسكري للموقع، أمير بوحبوط، "هل يمتلك الجيش الإسرائيلي العدد الكافي من الجنود لتنفيذ خطة بهذه التكلفة؟ وهل قوات الاحتياط، التي تستدعى من جديد، قادرة على الصمود في حرب استنزاف طويلة ومعقدة في بيئة حضرية كغزة؟".
ويتابع، "التساؤل الأكثر حساسية هو بشأن المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس: هل يشير التحول إلى الاحتلال والبقاء إلى أن نتنياهو مستعد للمجازفة بمصيرهم؟ خاصة أن مثل هذا السيناريو قد يدفع حماس إلى تبني خيارات قصوى، ما يعني احتمال التضحية بهم ضمن حسابات سياسية أوسع".
ماليا، قدّر أن توسيع الحرب سيكلف إسرائيل مليارات إضافية من ميزانيتها، ما سيؤثر حتما على الوضع الاقتصادي، في ظل أزمة ثقة متصاعدة داخل المجتمع الإسرائيلي، وتنامي الاحتجاجات ضد إدارة الحرب.
وعلى صعيد القوى البشرية، يعتقد المراسل العسكري بوحبوط أن السيطرة على كامل غزة تتطلب قوة برية هائلة، وخسائر محتملة في صفوف الجيش، لا سيما مع تزايد عمليات المقاومة الفلسطينية واستخدامها أساليب حرب الشوارع والأنفاق، ما يجعل من القطاع "فخا متفجرا" لأي قوات تحاول فرض سيطرة كاملة.
توسيع العملية البرية في غزة ليس مجرد تصعيد عسكري، بل هو محاولة سياسية لإعادة رسم واقع القطاع بالقوة، مع ما يحمله من مخاطر إنسانية وجيوسياسية هائلة، بحسب ما ذكرت صحيفة "هآرتس".
ويرى محلل الشؤون العسكرية في الصحيفة، عاموس هرئيل، أن هذه الخطوة تصعيد مفتوح الأمد، يحمل أبعادا تتجاوز الميدان العسكري، ويتقاطع مع مخططات التهجير القسري لغزة، سواء عبر الدفع نحو الجنوب أو عبر سيناريوهات ضغط على مصر لفتح معبر رفح لموجات نزوح.
إعلانوبينما يتحدث نتنياهو عن نصر حاسم، قدّر المحلل هرئيل، أن الخطة قد تنزلق نحو مأزق جديد، حيث لا نصر واضحا ولا نهاية قريبة، بينما يدفع المدنيون الغزيون والجنود الإسرائيليون الثمن الأكبر.
في العمليات البرية المحدودة في قطاع غزة خلال 2023 و2024، قُتل أكثر من 600 جندي إسرائيلي، وأصيب الآلاف، وفي حال دخول بري شامل إلى المناطق المكتظة مثل غزة المدينة، والشجاعية، وخان يونس، فإن التقديرات الإسرائيلية تشير إلى احتمال سقوط آلاف القتلى من الجنود على الأمد الطويل.
وحيال ذلك، أوضحت صحيفة "معاريف" أن جيش الاحتلال يواجه سلسة من التحديات في حال توسيع عمليات التوغل البري واحتلال القطاع، تشمل تصاعد الهجمات المسلحة، والكمائن، وتفجيرات الأنفاق، و"هي بيئة غير مناسبة إطلاقا للجيش النظامي، ولخطوط الإمداد، وحماية الآليات الثقيلة داخل المناطق المكتظة، وإدارة الأراضي المحتلة، والاحتكاك اليومي".
كما أن الجيش الإسرائيلي يحتاج، وفق الصحيفة، إلى نظام حكم عسكري أو مدني بديل داخل غزة إذا ما تم البقاء فيها، وهو أمر لم يُعلن، ما يطرح تساؤلات عن الاستعداد الحقيقي لاحتلال القطاع.
توترات داخليةيُقدّر أن السيطرة الكاملة على قطاع غزة تتطلب ما لا يقل عن 60 إلى 80 ألف جندي، منهم وحدات مشاة، ومدرعات، وهندسة قتالية، واستخبارات ميدانية، ووحدات نخبة، بحسب صحيفة "كلكليست" الاقتصادية.
حاليا، إسرائيل تستدعي دفعات إضافية من الاحتياط، في إشارة إلى نقص واضح في القوة النظامية يقدر بأكثر من 10 آلاف جندي نظامي، وعدم كفاية القوات الميدانية المنتشرة في الجنوب والشمال.
وتتسبب خدمة الاحتياط المطولة في إرهاق واسع داخل صفوف الجيش، وتزيد من التوتر الاجتماعي والاقتصادي داخل إسرائيل.
يُشار إلى أنه في اجتياح لبنان عام 1982، استخدمت إسرائيل نحو 80 ألف جندي للسيطرة على مناطق أقل كثافة سكانيا من غزة، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 2.2 مليون نسمة في مساحة صغيرة (365 كيلومترا مربعا).
إعلانوبحسب تقديرات إسرائيلية نُشرت خلال العدوان، فإن تكلفة الحرب في غزة تتجاوز 300 مليون شيكل يوميا (نحو 80 مليون دولار)، وفق صحيفة "غلوبس" الاقتصادية.
ووفقا للصحيفة، فإن عملية برية طويلة الأمد مع بقاء للجيش في الميدان قد تصل تكلفتها من 10إلى 15 مليار دولار إضافية في عام واحد فقط، تشمل رواتب جنود الاحتياط، واستهلاك الذخائر، وتدمير وإعادة تجهيز آليات، ودعم الجبهة الداخلية (تعويضات، خسائر اقتصادية).
وقدّرت أن اتساع العمليات العسكرية يضع ضغطا على ميزانية الحكومة، التي تعاني أصلا من عجز مالي متزايد، ولعل أبرز التداعيات ستكون ارتفاع أسعار التأمين، وهروب المستثمرين، وتراجع التصنيف الائتماني المحتمل الذي قد يؤدي إلى أزمة اقتصادية موازية.