تغرق الاستقالة المفاجئة لليكورنو فرنسا في أزمة سياسية أعمق، وتركت الرئيس إيمانويل ماكرون أمام خيارات محدودة. اعلان

 دخلت فرنسا مرحلة جديدة من الاضطرابات السياسية إثر استقالة رئيس الوزراء سيباستيان ليكورنو المفاجئة يوم الاثنين، ليصبح بذلك أقصر رؤساء الحكومات خدمة في تاريخ فرنسا الحديث. 

وكان ليكورنو الخامس الذي يشغل منصب رئيس الوزراء منذ تولي الرئيس إيمانويل ماكرون ولايته الثانية عام 2022، والثالث منذ الانتخابات البرلمانية المبكرة التي جرت صيف العام الماضي.

 

وأسفرت تلك الانتخابات عن برلمان معلّق منقسم إلى ثلاث كتل رئيسية: تحالف ماكرون الوسطي، وائتلاف يساري، وحزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، دون أن يمتلك أي منها أغلبية قادرة على تشكيل حكومة مستقرة. 

وتركّز كل كتلة على تعزيز موقفها استعدادًا للانتخابات الرئاسية لعام 2027 أكثر من سعيها إلى التوصل إلى تسوية سياسية. 

وتنعكس الأزمة السياسية في أزمة مالية، إذ يقارب العجز المالي 6% من الناتج المحلي الإجمالي، أي ضعف الحد الأقصى المسموح به في إطار قواعد الاتحاد الأوروبي، بينما تعد ديون فرنسا من بين الأعلى في الكتلة. 

وسبق أن أدّى تمرير ميزانية تقشفية عبر هذا البرلمان المنقسم إلى إسقاط اثنين من أسلاف ليكورنو، وهو ما دفعه سريعاً إلى استنتاج أن مصيره سيكون مشابهاً. 

منظر عام للجمعية الوطنية في باريس، 8 سبتمبر/أيلول 2025 AP Photo

وقد أكد ذلك الردّ العنيف على تعييناته الوزارية؛ إذ أغضب ليكورنو، بإعادة تعيين العديد من الوجوه المألوفة مساء الأحد، حلفاءه وخصومه على حدٍّ سواء.

فقد اعتبر المحافظون أن التشكيلة الوزارية لم تحقّق "القطيعة" الموعودة مع السياسات السابقة، بينما رآها آخرون دليلاً على رفض الرئيس إيمانويل ماكرون تقديم أي تنازلات.

ويقع العبء الآن على عاتق رئيس الدولة الفرنسية، الذي لا يواجه خيارات سهلة.

الخيار 1: تعيين رئيس وزراء جديد

تتمثل الخطوة الأكثر إلحاحًا في تعيين رئيس وزراء جديد. من الناحية النظرية، يمكن لماكرون أن يعيد ترشيح شخصية من تحالفه الوسطي، لكن السقوط السريع لليكورنو كشف حدود هذا الخيار، إذ من المرجّح أن تواجه أي حكومة يقودها معسكره وحده نفس العداء من الأحزاب الأخرى.  

وقد يدفعه ذلك إلى النظر خارج قاعدته، عبر تعيين شخصية معتدلة من المعارضة أو حتى تكنوقراط يُنظر إليه على أنه أكثر حيادية. 

إلا أن هذا المسار ينطوي على مخاطر كبيرة؛ فتعيين شخصية من اليسار قد يجبر ماكرون على تقديم تنازلات في ملفات الإصلاح الاقتصادي، لا سيما مشروعه المثير للجدل لإصلاح نظام المعاشات التقاعدية.

أما اختيار شخص من اليمين، فقد يثير استياء اليسار ويؤدي إلى تصويتات متكررة لحجب الثقة.  

وفي كلتا الحالتين، سيجد ماكرون نفسه مضطرًا إلى الرهان على حسن نية أحزابٍ تُعدّ بالفعل عدّتها للسباق الرئاسي لعام 2027.

Related فرنسا تستعد لإضراب 2 أكتوبر: ما الذي ينتظر المواطنين في يوم الاحتجاج الجديد؟لوكورنو يشكّل حكومة جديدة وسط ضغوط متزايدة.. ويستعد لخطاب السياسة العامة أمام البرلمان الثلاثاءالإليزيه: رئيس الوزراء الفرنسي الجديد لوكورنو يقدم استقالته وماكرون يقبلها الخيار 2: حل الجمعية الوطنية مرة أخرى

هذا الخيار ممكن دستوريًّا بعد مرور عام على آخر حلّ للجمعية الوطنية، وهو ما من شأنه أن يعيد الناخبين إلى صناديق الاقتراع خلال 20 إلى 40 يومًا. 

إلا أن الانتخابات الجديدة قد تؤدي إلى إعادة إنتاج نفس الانقسامات البرلمانية، أو حتى إلى تعزيز كتلة اليمين المتطرف أو اليسار. 

وقد وُصفت الانتخابات المبكرة في عام 2024 على نطاق واسع بأنها خطأ استراتيجي، إذ أسفرت عن البرلمان المعلّق الحالي. 

رغم تأكيد ماكرون المتكرر على إحجامه عن المخاطرة بحلّ جديد، فإن استمرار الجمود السياسي وفشل تمرير الميزانية قد يجعل الضغط من أجل العودة إلى الناخبين ساحقًا.

الخيار الثالث: استقالة ماكرون نفسه

الاحتمال الأكثر جذرية هو تنحّي الرئيس إيمانويل ماكرون، وهو مطلب ترفعه قطاعات من المعارضة، لا سيما اليسار.

وفي حال استقالته، ينص الدستور على أن يتولى رئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه مهام الرئاسة مؤقتًا، على أن تُنظم انتخابات رئاسية جديدة خلال 20 إلى 50 يومًا.

إلا أن هذا السيناريو يظل مستبعدًا، إذ تعهّد ماكرون مرارًا بالبقاء في منصبه حتى انتهاء ولايته عام 2027، وأكّد أنه لن يتخلى عن مسؤولياته.

الخيار 4: عزل الرئيس

ثمة خطوة أبعد من الاستقالة تتمثل في عزل الرئيس من منصبه عبر البرلمان.وهو سيناريو يدعو إليه حزب "فرنسا الأبية" اليساري المتشدد، الذي يرى منذ فترة طويلة أن قيادة ماكرون باتت غير متوافقة مع ممارسة ولايته.

ويتيح إصلاح دستوري أُقرّ عام 2007 مسارًا قانونيًّا لذلك، يسمح بعزل الرئيس في حالات "الإخلال بالواجب الذي يتعارض بشكل واضح مع ممارسة الولاية".

إلا أن الإجراء معقّدٌ إلى حدٍّ كبير، ولم يُطبَّق بنجاح منذ إنشائه.

ماذا يحدث للميزانية؟

في الوقت الحالي، تخضع فرنسا لحكومة تصريف أعمال. وكما حدث بعد سقوط حكومة فرانسوا بايرو في سبتمبر/أيلول، يقتصر دور ليكورنو ووزرائه على إدارة الشؤون اليومية، دون إمكانية إطلاق إصلاحات كبرى أو إجراء تعيينات ذات أهمية. 

وبالتالي، لا يمكن لفريقه تحمّل المهمة الأكثر إلحاحًا التي تواجه البلاد: اعتماد ميزانية عام 2026. وقد أدّت استقالته إلى إلغاء عرض الميزانية المقرّر يوم الإثنين، ما يفرض على الحكومة المقبلة صياغة مشروع قانون مالي جديد والدفاع عنه أمام البرلمان. 

وبموجب القانون الفرنسي، يجب تقديم مشروع الميزانية بحلول 13 أكتوبر لتمكين البرلمان من مناقشته وإخضاعه للمراجعة الدستورية في الوقت المناسب. 

إلا أن الالتزام بهذا الموعد بات مستحيلاً، حتى لو تم تعيين رئيس وزراء جديد على عجل، نظرًا لأن إعداد ميزانية منقّحة يتطلب أسابيع من العمل. 

وفي هذه الأثناء، لا يملك البرلمان سوى خيار التصويت على قسم الإيرادات من الميزانية، وهو ما يضمن استمرار الدولة في تحصيل الضرائب. 

ومن بين الحلول الاحتياطية المتاحة، اعتماد "قانون خاص" يمدّد مؤقتًا تطبيق ميزانية العام السابق، كما جرى في عام 2025، ما يتيح للدولة تمويل الخدمات العامة ريثما تُستكمل المفاوضات السياسية.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: إسرائيل دونالد ترامب غزة فلسطين الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حركة حماس إسرائيل دونالد ترامب غزة فلسطين الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حركة حماس برلمان فرنسا السياسة الفرنسية رئيس الوزراء إيمانويل ماكرون إسرائيل دونالد ترامب غزة فلسطين الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حركة حماس حكومة الصحة بولندا قطاع غزة أوروبا الرسوم الجمركية الرئیس إیمانویل ماکرون إلا أن

إقرأ أيضاً:

كأنه عريس جاي لأختك.. الرئيس السيسي يتحدث عن معايير انتخاب مرشحي البرلمان

علق الرئيس عبدالفتاح السيسي على ما شهدته انتخابات المرحلة الأولى لمجلس النواب، خلال حواره التفاعلي مع المتقدمين الجدد للالتحاق بأكاديمية الشرطة.

وقال الرئيس: "الانتخابات دي عبارة عن إيه؟ عبارة عن انتقاء يقوم به الشعب المصري لمن سيمثلوه".

وأضاف: "لو أنا جيت اديتك أنبوبة بوتاجاز أو اديتك بون أو اديتك فلوس أو اديتك أي حاجة عشان تختار واحد غير صالح، الثمن ده أنت أقل.. أنت ما أخدتش حاجة؟.. المبلغ اللي أنت خدته ده ولا حاجة ده ما يساويش حاجة في إنك أنت تمكن إنسان غير صالح وتخليه هو صوتك وصوت المصلحة بتاعت بلدك تبقى في رقبته".

وتابع الرئيس السيسي: "لو أنت عندك من الوعي وفاهم قد إيه أهمية انتقائك واختيارك لناس نجيبة وشريفة ومخلصة وأمينة وواعية ومتعلمة، قد إيه ده غالي قوي وما يتقدرش بدائله بأي مقابل، ده وعي آخر".

وأكمل الرئيس السيسي: "النهاردة أنت بتقول في الانتخابات بلاش أجيب البرلمان خالص.. على مستوى الرئيس خد فلوس وانتخبني أو انتخب فلان، وده مش كويس اوعى تعمل كده.. أنت هتمكن حد من مستقبل 120 مليون وهو أحمق أو جاهل أو متخلف أو متردد أو مش فاهم أو مش جاهز.. ده يقلقك جدا؟".

وقال الرئيس: "والله لو أنت جيت تنتقي لمصر سواء في البرلمان أو في الرئاسة أو في أي وظيفة من الوظائف الكبيرة اللي هتأثر على البلد دي، تخليك تفكر بدل المرة 100 مرة وأكنه جاي لأخت من أخواتك عريس وأنت بتفحصه".

وشدد الرئيس السيسي على ضرورة الاختيار الأفضل خلال الانتخايات، مضيفا:"لو أنا فاهم كويس قوي مقتضيات الحفاظ على الدولة دي وإن اللي هيتولى مسئوليتها ويشيلها في رقبته لو أنا بصوتي ده وأنا ما استقلش صوتي وأقول إيه أنا واحد من كام مليون؟.. لأ أنا هأعمل اللي عليا.. هأختار على قد ما أنا فهمت وبحثت وده بقى سهل دلوقتي إن الشخصية دي تمثلني في البرلمان أو الشخصية دي ممكن تتولى مسئولية الدولة".

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

معايير انتخاب النواب مرشحو مجلس النواب اختيار المرشحين السيسي عبدالفتاح السيسي أكاديمية الشرطة أخبار ذات صلة الرئيس السيسي: الوعي بأهمية اختيار الشخص المناسب لا يقدر بثمن أخبار

مقالات مشابهة

  • أستاذ علوم سياسية: بن سلمان نقل لترامب رؤية عربية واضحة بشأن أزمة السودان
  • عاصم سليمان: حديث الرئيس السيسي بشأن الانتخابات البرلمانية تاريخي ويعكس إرادة سياسية حقيقية
  • هل ينجو ترامب من الفضائح بعد التصويت لصالح الإفراج عن ملفات إبستين؟
  • «ماكرون» يمدّ يده للجزائر.. وجولة إفريقية لإحياء النفوذ الفرنسي
  • سبعة عوامل سياسية تهدد نفوذ ترامب داخل الحزب الجمهوري
  • مصادر سياسية:البرلمان المقبل إيراني بأمتياز من حيث عدد المقاعد
  • ماكرون ينطلق في جولة أفريقية جديدة لتعزيز النفوذ الفرنسي المتراجع
  • ماكرون في أفريقيا.. جولة على وقع التراجع الفرنسي
  • ماكرون يبدى استعداده للقاء تبون وفتح حوار بين فرنسا والجزائر
  • كأنه عريس جاي لأختك.. الرئيس السيسي يتحدث عن معايير انتخاب مرشحي البرلمان