منذ أكتوبر 2024، تصاعدت هجمات المجموعات العراقية المدعومة من إيران ضد المصالح الأميركية في المنطقة، مما دفع واشنطن لاستهداف قادة هذه الجماعات لردعها. ورغم تعليق الهجمات، تُلوِّح هذه الجماعات باستئناف هجماتها في ظل تصعيد أمني كبير تشهده المنطقة.

لم تكن الهجمات التي تعرضت لها القوات الأميركية في العراق وليدة "معركة طوفان الأقصى"، فمنذ اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، في يناير/كانون الثاني 2020 في العراق، بدأت فصائل مسلحة عراقية مدعومة من إيران تهاجم بشكل متقطع مواقع القوات الأميركية في العراق.

لكن هذه الهجمات تصاعدت بوتيرة سريعة منذ منتصف تشرين الأول/أكتوبر 2023، حيث سُجل حتى مطلع فبراير/شباط 2024 حوالي 60 هجوما في العراق وحدها، وفقا لتقرير "خدمة أبحاث الكونغرس "سي آر إس" (CRS).

أما ذروة هذه الهجمات فكانت في 28 يناير/كانون الثاني 2024، حين هاجمت "المقاومة الإسلامية في العراق" قاعدة الدعم اللوجيستي "البرج 22" قرب قاعدة التنف عند ملتقى الحدود الأردنية السورية العراقية، وهو ما أدى لمقتل 3 جنود أميركيين وإصابة 34 آخرين وفقا لبيان وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون".

صورة بالقمر الاصطناعي لقاعدة "البرج 22" الأميركية التي استهدفتها طائرة مسيرة شمال شرقي الأردن (الفرنسية) خارج الحسابات

ولمعرفتها بحرص واشنطن الشديد على سلامة جنودها ومواطنيها وأنه خط أحمر بالنسبة لها، سارعت هذه الفصائل لتعلن عن تعليق عملياتها العسكرية ضد القوات الأميركية، كما في بيان "كتائب حزب الله" العراقية المنضوية تحت مظلة "المقاومة الإسلامية في العراق".

ورغم أن البيان الصادر في 30 يناير/كانون الثاني 2024 علل هذا القرار بمنع "أي إحراج للحكومة العراقية"، فإن وكالة رويترز نقلت عن مصادر إيرانية وعراقية أن توقف الهجمات جاء بناء على طلب قائد فيلق القدس، إسماعيل قآني، لتجنب الرد الأميركي الذي قد يستهدف كبار قادة هذه الفصائل ومنشآتها الحيوية.

وبالرغم من ذلك لم تفلح محاولات تجنب الرد الأميركي، ففي السابع من فبراير/شباط 2024 استهدفت مسيَّرة أميركية القياديين في "كتائب حزب الله" العراقية، وسام محمد صابر المعروف بـ "أبو باقر الساعدي" وأركان العلياوي. وسبق هذه العملية غارات جوية أميركية في العراق وسوريا في 29 يناير/كانون الثاني 2024، طالت 85 هدفا لفيلق القدس وفصائل تابعة له.

موقف العراق الرسمي

لطالما وجهت حكومة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني دعواتها لفصائل "المقاومة الإسلامية في العراق" بعدم استهداف القوات الأميركية، لكن دون جدوى.

غير أن الغارات الأميركية الأخيرة وضعت حكومة السوداني في موقف محرج، ولذا أعلنت أنها ستقدم شكوى رسمية لمجلس الأمن الدولي ضد واشنطن، وطالبت رئاسة مجلس النواب العراقي الحكومة بالإسراع في تنفيذ قرار مجلس النواب بـ"إخراج القوات الأجنبية من البلاد".

كما استدعت الحكومة القائم بالأعمال الأميركي في العراق ديفيد بيركر وقدمت له خطاب احتجاج على ما وصفته بـ "العمل العدواني الجديد"، وأعلن المتحدث باسم الجيش العراقي اللواء يحيى رسول في 8 فبراير/شباط 2024 عن أن الهجوم يدفع الحكومة إلى إنهاء عمل قوات التحالف الدولي التي تحولت إلى عامل "عدم استقرار" للعراق.

وفي 10 فبراير/شباط 2024، عقد مجلس النواب العراقي جلسة للدعوة إلى طرد القوات الأميركية، لكن النصاب القانوني للجلسة لم يكتمل إثر غياب عدد من النواب.

وعلى إثر هذا التصعيد الميداني والدبلوماسي، استؤنفت المحادثات الثنائية بين العراق والولايات المتحدة بشأن انسحاب قوات التحالف الدولي من العراق، والتي تبحث الآن في وضع جدول زمني "لخفض مدروس وتدريجي وصولا إلى إنهاء مهمة قوات التحالف" وفقا لبيان اللواء يحيى رسول.

وفي 15 أبريل/نيسان 2024، زار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الولايات المتحدة، واجتمع مع الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض، واعتبر في تصريح له أن العلاقات بين العراق والولايات المتحدة "وصلت لمنعطف مهم"، مشددا على أهمية الانتقال من "العلاقة ذات الطبيعة الأمنية والعسكرية" إلى الشراكة الكاملة "وفق اتفاقية الإطار الاستراتيجي".

كما أشار السوداني إلى تباين الجانبين في مواقفهما تجاه العديد من الملفت الإقليمية، في إشارة للموقف من الحرب الإسرائيلية على غزة واستهداف القنصلية الإيرانية في دمشق.

الرئيس الأميركي بايدن (يمين) يلتقي برئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني في واشنطن 15 أبريل 2024 (الفرنسية) الموقف الأميركي.. بين الضرورات والضغوطات

تهدف الإستراتيجية الأميركية المعلنة إلى تعزيز "عراق آمن ومستقر وذي سيادة بعيدا عن النفوذ الضار"، والذي يشمل بالدرجة الأولى النفوذ الإيراني. لكن التصعيد الذي رافق الحرب الإسرائيلية على غزة يشير إلى ضعف الإستراتيجية الأميركية، في ظل عمليات جماعة الحوثيين في البحر الأحمر، وعمليات التشكيلات العراقية المناوئة للولايات المتحدة في العراق وسوريا.

وفي العراق نفسه، برز ضعف قرار حكومة الرئيس محمد شياع السوداني في مقابل نفوذ الفصائل العراقية، مما يضع الإستراتيجية الأميركية في العراق في موقف حرج.

أمام هذا الواقع، يثور الحديث في أروقة واشنطن حول جدوى وجود القوات الأميركية في العراق، خاصة مع تزايد المخاطر التي تهدد الجنود الأميركيين والتي أسفرت مؤخرا عن مقتل 3 جنود. ففي تحليل موجز نشره لدى "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى"، يرى الباحث في الشأن العراقي عمر النداوي أن نجاح الإستراتيجية الإيرانية في العراق، المتمثلة في تصعيد الضغط على الولايات المتحدة وصولا إلى طرد قواتها من البلاد، من شأنه أن يزيد من نفوذ الفصائل الموالية لطهران.

ديفيد شينكر يرى أن الوجود العسكري الأميركي في بغداد لم يعد مجديا (الأناضول)

ومن وجهة نظر أخرى، يرى مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى السابق ديفيد شينكر، في مقال له على الـ "فورين بوليسي"، أن الوجود العسكري الأميركي في بغداد لم يعد مجديا، بينما يمكن الإبقاء على هذه القوات في إقليم كردستان العراق حيث تعمل كحلقة أساسية في الدعم اللوجستي الأميركي ضد نشاط خلايا تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

لكن خيارا كهذا قد يهدد بتحويل أربيل إلى هدف لهجمات الفصائل العراقية، وفقًا للنداوي، خاصة وأنها كانت هدفا لهجمات إيرانية سابقة.

تقليم الأظافر لا توسيع الصراع

ستتيح المفاوضات الجارية بين حكومة بغداد والولايات المتحدة مزيدا من الوقت لبقاء القوات الأميركية في العراق، لكنها ستكون مطالبة باتخاذ خطوات لحماية قواتها والحد من إمكانية توسع الصراع في المنطقة، خاصة في ظل توقعات باستئناف الفصائل العراقية هجماتها ضد القوات الأميركية، والردود المتبادلة بين إسرائيل وإيران.

وفي المقابل، بإمكان القوات الأميركية مواصلة هجماتها بالطائرات المسيرة لتحجيم دور الفصائل العراقية واغتيال قادتها المؤثرين، لكن إن تسببت هذه الهجمات في ارتفاع عدد القتلى العراقيين مستقبلا، فإن الوجود العسكري الأميركي في سوريا أيضا سيكون معرضا للخطر، وفقا لتقديرات "معهد الشرق الأوسط".

وترجح دوائر صنع القرار الأميركي، وفقًا لمعهد واشنطن، التوجه نحو سحب معظم القوات الأميركية من العراق دون الإضرار بالمصالح الأميركية، لتعيد تمركزها في إقليم كردستان. وهذه الخطوة إن تحققت فستكون انسجاما مع مبدأ "ضبط النفس" الذي تعتمده واشنطن، ومنعا لتولد ردود فعل غير محسوبة في المستقبل. حيث لا تزال إدارة الرئيس جو بايدن متمسكة بأولوية عدم توسيع نطاق الصراع الدائر في الشرق الأوسط، لا سيما وهي تقترب من الانتخابات الرئاسية.

لكن الهجوم الإيراني الواسع الذي استهدف عمق فلسطين المحتلة، في 13 أبريل/نيسان 2024، دق ناقوس الخطر من جديد بالنسبة لواشنطن، التي شاركت قواتها في التصدي للصواريخ والمسيرات الإيرانية في أجواء سوريا والعراق.

وعلى إثر ذلك، صرح مسؤول دفاعي أميركي لشبكة "سي إن إن" بأن الولايات المتحدة ستنقل قوات وأصولا عسكرية إضافية إلى المنطقة "لتعزيز جهود الردع الإقليمية وحماية القوات الأميركية". كما قال منسق الاتصالات الإستراتيجية في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، إنهم يقيمون وضع القوات الأميركية في المنطقة "لضمان أنها قادرة على الدفاع عن نفسها".

وفقًا لتقارير خدمة أبحاث الكونغرس "سي آرْ إسْ" (CRS)، تبقي الولايات المتحدة على ما يقرب من 2400 جندي لها في العراق، والتي تؤدي دورا استشاريا كما تصرح بذلك الإدارة الأميركية. ويندرج هذا الحضور الميداني ضمن إستراتيجية واشنطن في الشرق الأوسط لضمان التدفق الحر للموارد الطبيعية، واستقرار سوق الطاقة العالمية، وتعزيز الاستقرار لاسيما بقدر ما يحفظ أمن حليفها الرئيسي "إسرائيل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات القوات الأمیرکیة فی العراق ینایر کانون الثانی محمد شیاع السودانی الولایات المتحدة الفصائل العراقیة فبرایر شباط 2024 الأمیرکی فی

إقرأ أيضاً:

عاجل. بعد تقارير عن ضوء أخضر أمريكي لإنهاء وجودها.. اليونيفيل لـ"يورونيوز": قرار الانسحاب لم يطرح حتى الآن

ترددت في الأيام الأخيرة تقارير إعلامية تشير إلى وجود توجه مشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل لإنهاء مهمة قوات "اليونيفيل" في لبنان. وقد نفى الناطق باسم القوة الدولية، في مقابلة حصرية مع "يورونيوز"، وجود أي نقاش رسمي داخل أروقة الأمم المتحدة بشأن وقف عمل البعثة. اعلان

بين تسريبات إعلامية وتحليلات سياسية، عادت بعثة "اليونيفيل" إلى صدارة الاهتمام، بعد ما كشفته صحيفة "يسرائيل هيوم" عن توافق مزعوم بين واشنطن وتل أبيب لإنهاء مهمّتها في جنوب لبنان. ورغم عدم صدور أي موقف رسمي من الأمم المتحدة، فإن الحديث عن تقليص النفقات وتنامي دور الجيش اللبناني يُطرح اليوم كأحد مبرّرات إنهاء التفويض الدولي.

في هذا السياق، كان لـ"يورونيوز" لقاء خاص مع المتحدّث باسم قوات "اليونيفيل"، أندريا تيننتي، الذي فنّد بدقّة ما يتمّ تداوله، مؤكدًا أن لا نقاشات رسمية بعد بشأن وقف المهمة. تيننتي سلّط الضوء على الدعم الدولي المتواصل، وعلى التحديات التي تواجهها البعثة، سواء من المدنيين أو من الجيش الإسرائيلي، وأوضح حدود التفويض الأممي في ما يتعلّق بنزع السلاح. كما دافع عن أهمية استمرار التنسيق مع الجيش اللبناني، رافضًا الطرح القائل بأن تحسّن أدائه بات يُغني عن الدور الأممي.

1. هل يمكنك تأكيد ما إذا كانت هناك نقاشات فعلية أو نية داخل الأمم المتحدة لإنهاء مهمة اليونيفيل في لبنان؟

لا، لا يمكنني تأكيد ذلك ببساطة لأنه لا توجد في الوقت الحالي أي نقاشات داخل الأمم المتحدة بشأن إنهاء مهمة اليونيفيل. وإنّ مجلس الأمن، المؤلف من 15 دولة، هو الجهة الوحيدة المخوّلة باتخاذ قرار كهذا، وهو من منحنا التفويض للتواجد في جنوب لبنان.

من المتوقع أن يُتخذ القرار المتعلق بالتجديد في نهاية آب/أغسطس، بعد مشاورات بين الدول الأعضاء. ولكن حتى اللحظة، لم تُعقد أي مناقشات رسمية في نيويورك ولم يجتمع المجلس بعد، وبالتالي فإن المرحلة المقبلة قد تشهد تداول شائعات أو تقارير غير دقيقة.

ما يمكن قوله بوضوح هو أنّ موضوع إنهاء المهمة لم يُطرح حتى الآن، ونحن لا نزال نحظى بدعم المجتمع الدولي في جنوب لبنان.

2. ما مدى تأثير الضغوط الأمريكية، خاصة في ما يتعلق بالتمويل، على مستقبل المهمة؟

الأمم المتحدة تواجه حاليًا تحديات تمويلية واسعة لا تقتصر فقط على مهام حفظ السلام، بل تشمل المنظمة بكاملها. وبالتالي، فإن الوضع لا يرتبط فقط بمهمة اليونيفيل. بطبيعة الحال، تمارس الولايات المتحدة دورًا كبيرًا على هذا الصعيد، سواء سياسيًا أو تمويليًا، لكن لا يمكن تجاهل أن دولًا أخرى لا تزال متمسكة بدعم المهمة.

المسألة برمّتها ستُحسم في إطار قرار مجلس الأمن المنتظر، ولا يمكن التسرع في استخلاص نتائج قبل انتهاء المفاوضات الجارية في نيويورك. من المعتاد أن تشهد عملية تجديد التفويض نقاشات موسّعة، غير أنّ الوضع هذه المرة يبدو مختلفًا، خصوصًا بعد مرور 15 شهرًا على النزاع، ما وضع المهمة تحت رقابة أكثر تشددًا.

ومع ذلك، يبقى القرار بيد الدول الأعضاء، وليس ضمن صلاحياتنا على الأرض.

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل) على الجانب اللبناني من الحدود مع إسرائيل – 6 تموز/يوليو 2023.Ariel Schalit/ AP 3. كيف تردّون على الانتقادات التي تتهم اليونيفيل بعدم تنفيذ التفويض الممنوح لها، خصوصاً فيما يتعلق بنزع سلاح حزب الله؟

من المهم التوضيح أن تطبيق بنود التفويض لا يقع على عاتق اليونيفيل وحدها، بل هو مسؤولية الأطراف المعنية مباشرة. دورنا يتمثل في دعم هذه الأطراف لتنفيذ ما نص عليه التفويض، من خلال توفير الأدوات والفرص لتسهيل ذلك.

نحن لا نملك صلاحية فرض التنفيذ على أي طرف، بل نوفّر مساحة للطرفين للاستفادة من وجودنا من أجل معالجة القضايا العالقة. نعمل عن قرب مع الجيش اللبناني لإزالة الأسلحة غير المصرّح بها في جنوب البلاد، ونقدّم له كل الدعم اللازم ضمن صلاحياتنا. لكن لا يحق لنا نزع سلاح حزب الله أو الدخول إلى الممتلكات الخاصة، فذلك يتجاوز حدود التفويض الذي منحنا إياه مجلس الأمن.

كل ما نقوم به يندرج ضمن ما تم تكليفنا به رسميًا، وليس أكثر.

4. تُفيد تقارير إسرائيلية بأن أداء الجيش اللبناني شهد تحسنًا ملحوظًا، ما أثار تساؤلات حول جدوى استمرار وجود اليونيفيل. ما تقييمكم لهذا الطرح؟

الهدف الأساسي من مهمتنا هو دعم الجيش اللبناني في سعيه للانتشار الكامل على الأرض، برًا وبحرًا، وهذا هو جوهر القرار 1701. لكنّ الجيش اللبناني لا يزال بحاجة إلى دعم دولي مستمر، سواء على مستوى الإمكانات أو التمويل.

وجودنا لا يقتصر على الجانب الأمني فقط، بل يشمل أيضًا مجالات إنسانية وتنموية، كإزالة الألغام، وفتح الطرق، وتنفيذ برامج طبية وبيطرية، إضافة إلى تقديم مساعدات لوجستية للسكان المحليين. نحن نعمل بالتنسيق الكامل مع الجيش اللبناني، ونبذل جهدًا لتسليمه المهام تدريجيًا، إلا أننا لم نبلغ بعد مرحلة الاكتفاء التي تسمح بانسحابنا الكامل.

في ظل هشاشة الوضع في جنوب لبنان، يبقى وجودنا ضروريًا كقوة دولية تراقب وتُسهم في الحفاظ على الاستقرار. من المهم التساؤل: ما الذي قد يحصل لو لم تكن هناك جهة دولية حاضرة على الأرض؟

Relatedلماذا يعد بقاء قوات اليونيفيل في لبنان أمراً مهماً لأوروبا؟ لن نعود.. سكان الشمال بين الخوف من حزب الله وعدم الثقة في اليونيفيل والغضب من نتنياهوبعد اعتداء تسبب بإصابة أحد عناصرها.. قوة "يونيفيل" تطالب لبنان بإجراء تحقيق كامل وسريع5. كيف أثّرت العمليات العسكرية الإسرائيلية على مهمة اليونيفيل، لا سيّما لجهة حرية التنقل داخل نطاق عملكم؟

لقد واجهنا بالفعل صعوبات تتعلق بحرية الحركة خلال الأشهر الماضية، سواء بسبب بعض المدنيين اللبنانيين في القرى – وقد جرى العمل على حلّ هذه العقبة بالتعاون مع الجهات المعنية – أو نتيجة عرقلة مباشرة من الجيش الإسرائيلي.

والتحدي الأبرز كان من قبل الجيش الإسرائيلي الذي أعاق تحركاتنا في عدد من المواقع. بل إن بعض الحالات شهدت إطلاق نار مباشر على قواتنا من قِبل الجيش الإسرائيلي. هذه الوقائع تؤكد الحاجة الماسّة إلى استمرار وجودنا في الجنوب.

من جهة أخرى، لا تزال القوات الإسرائيلية تحتل أجزاء من جنوب لبنان، ومن ضمن مسؤولياتنا الدعوة إلى انسحابها الكامل وعودتها إلى ما وراء الحدود.

قوة اليونيفيل الأممية: عينٌ على الخط الأزرق

تضم بعثة اليونيفيل اليوم أكثر من 10,000 جندي من 49 دولة، بينهم 850 جنديًا ضمن القوة البحرية، إلى جانب نحو 800 موظف مدني. وتركّز وجودها أساسًا بعد حرب تموز/يوليو 2006، بهدف مراقبة انسحاب القوات الإسرائيلية، وتنسيق جهود نزع سلاح حزب الله ضمن المنطقة الممتدة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني، إضافة إلى تعزيز سلطة الدولة اللبنانية وإرساء الأمن.

وكانت الأمم المتحدة قد رسمت الخط الأزرق، الذي يبلغ طوله 120 كيلومترًا، عقب انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في العام 2000، ليشكل خط فصل غير رسمي بين لبنان من جهة، وإسرائيل ومرتفعات الجولان السورية المحتلة من جهة أخرى. ويُعد أي خرق لهذا الخط – برًا أو بحرًا أو جوًا – انتهاكًا لقرار مجلس الأمن 1701، وتُناط ببعثة اليونيفيل مهمة مراقبة هذه الانتهاكات ورفع تقارير دورية بشأنها إلى الأمم المتحدة.

قافلة من مركبات اليونيفيل تسير قرب الحدود اللبنانية–الإسرائيلية، 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.AP Photo/Leo Corr

وقد فُعّلت مهام اليونيفيل أولًا عام 1982 أثناء الاجتياح الإسرائيلي، ثم عام 2000 بعد تحرير الجنوب، قبل أن تتوسع صلاحياتها بشكل كبير إثر حرب 2006، عندما تبنّى مجلس الأمن القرار 1701. ويخوّل هذا القرار البعثة مساندة الجيش اللبناني في الحفاظ على منطقة خالية من الجماعات المسلحة، كما يسمح لها باتخاذ إجراءات ميدانية لضمان عدم استخدام منطقة عملياتها في أي أنشطة قتالية.

وعلى امتداد الجنوب، تنفّذ اليونيفيل دوريات منتظمة، وتستخدم المروحيات لتفقد الأوضاع، إضافة إلى نشرها نقاط تفتيش ومراكز مراقبة ثابتة. وتلعب هذه الإجراءات دورًا محوريًا في ضمان احترام الخط الأزرق ومنع التوترات من الانزلاق إلى مواجهات. كما تنخرط القوات الدولية في تدريبات ومناورات مشتركة مع الجيش اللبناني، ما يعزز قدرات التنسيق الميداني بين الطرفين.

Relatedلن نعود.. سكان الشمال بين الخوف من حزب الله وعدم الثقة في اليونيفيل والغضب من نتنياهواليونيفيل لـ"يورونيوز": الوضع خطر للغاية ولدينا كامل الحق في الدفاع عن النفس إذا لزم الأمراليونيفيل ليورونيوز: التطورات في جنوب لبنان مقلقة وهناك خروقات يومية من جانب إسرائيل

من هنا، يفتح سيناريو إنهاء عمل اليونيفيل الباب أمام تداعيات محتملة على أمن الجنوب اللبناني. فمن شأن غياب هذا الطرف المحايد أن يعقّد آليات مراقبة وقف إطلاق النار ويضعف قنوات التواصل بين الطرفين المتنازعين، ويزيد من احتمالات التصعيد. وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة كانت قد مارست ضغوطًا سابقة لتعديل مهام اليونيفيل في مجلس الأمن، ملوّحة بإمكانية خفض مساهمتها المالية أو سحبها بالكامل من موازنة البعثة.

وفي ظل هذه المعطيات، يبدو أن أي قرار بإنهاء مهمة اليونيفيل لن يكون مجرد خطوة إدارية، بل تحول جوهري في منظومة الأمن الإقليمي، ويستوجب نقاشًا موسعًا على مستوى محلي ودولي حول البدائل، وتبعات الفراغ الذي قد تخلفه القوة الدولية في رقعة جغرافية مشحونة بالتوترات.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • واشنطن تدعو بغداد وأربيل إلى حل أزمة الرواتب: نجاح الحوار سيعزز جاذبية العراق للاستثمار
  • صراع النفوذ في ليبيا على طاولة الكونغرس
  • هجمات جوية متبادلة بين موسكو وكييف.. وتحرّك دبلوماسي تقوده واشنطن وطهران
  • عاجل. بعد تقارير عن ضوء أخضر أمريكي لإنهاء وجودها.. اليونيفيل لـ"يورونيوز": قرار الانسحاب لم يطرح حتى الآن
  • نائب إطاري يطالب حكومته بإخراج القوات الأمريكية من العراق
  • أكثر من (5) مليارات دولار إيرادات بيع النفط إلى اليونان خلال 2024
  • لقاء أميركي - صيني رفيع في لندن: هدنة الحرب التجارية على طاولة البحث
  • المؤسسات العراقية تتجه نحو الدفع الالكتروني: لا للتعامل بالكاش
  • بدءا من هذا الموعد.. لا دفع نقدي في المؤسسات الحكومية العراقية
  • تلاشي دعوات الانسحاب الأمريكي يرسم معادلة أمنية جديدة في العراق