تشهد العالم تحولات هامة في قطاع الطاقة، حيث يتحرك بسرعة نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية. تعتمد هذه التحولات على تبني تقنيات وسياسات جديدة تهدف إلى الحد من الانبعاثات الكربونية وتعزيز الاعتماد على مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة. في هذا المقال، سنلقي نظرة على بعض التحولات الرئيسية في قطاع الطاقة وكيفية توجهها نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية.

تعزيز الطاقة المتجددة:

تشكل الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح والماء نقطة تحول رئيسية في قطاع الطاقة. تتوسع استخدامات تكنولوجيا الطاقة المتجددة بشكل متسارع، حيث تصبح تلك التقنيات أكثر كفاءة وتوفرًا. تشجع الحكومات والشركات على الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة وتقديم التشجيعات المالية لتحفيز الابتكار والنمو في هذا المجال.

تحسين كفاءة الطاقة:

تعتبر زيادة كفاءة استخدام الطاقة خطوة أساسية نحو تحقيق المستقبل المستدام. من خلال تطوير التكنولوجيا وتبني ممارسات أفضل في استخدام الطاقة، يمكن تقليل الفاقد وزيادة الكفاءة في جميع القطاعات، بما في ذلك الصناعة والنقل والمنازل.

توسيع استخدام الطاقة النظيفة:

تشمل التحولات في قطاع الطاقة أيضًا زيادة استخدام الطاقة النظيفة مثل الطاقة النووية والهيدروجين والطاقة الحرارية الأرضية. يتطلب ذلك تطوير التكنولوجيا وتقديم الدعم للأبحاث والابتكارات التي تعزز استخدام هذه المصادر بشكل أكبر وأكثر فاعلية.

الاستثمار في الابتكار والتطوير:

تعتبر الاستثمارات في الابتكار والتطوير جزءًا أساسيًا من تحولات الطاقة نحو المستقبل. يجب دعم الأبحاث الجديدة وتطوير التكنولوجيا المبتكرة التي تساهم في تحسين كفاءة الطاقة وتوسيع استخدام الطاقة النظيفة.

تعزيز الوعي والتشجيع على التغيير:

يعتبر تعزيز الوعي بأهمية الطاقة المستدامة والتشجيع على التغيير في السلوكيات الاستهلاكية جزءًا أساسيًا من تحقيق التحولات في قطاع الطاقة. يجب تشجيع المجتمعات والأفراد على اتخاذ خطوات صغيرة نحو توفير الطاقة واستخدام المصادر النظيفة.

 

تعتبر تحولات الطاقة نحو مستقبل أكثر استدامة وفاعلية تحديًا هامًا يجب مواجهته بجدية. يتطلب ذلك التعاون بين الحكومات والشركات والمجتمعات المدنية لتبني سياسات واستراتيجيات تعزز استخدام الطاقة النظيفة وتحسين كفاءة الطاقة وتعزيز الابتكار في قطاع الطاقة. من خلال العمل المشترك، يمكننا تحقيق مستقبل أفضل وأكثر استدامة للأجيال القادمة.

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: الطاقة استدامة استخدام الطاقة النظیفة الطاقة المتجددة فی قطاع الطاقة

إقرأ أيضاً:

التحولات الديموغرافية في سلطنة عمان .. فرصة للنمو أم تحدٍّ اقتصادي؟

يُعد التحول الديموغرافي من أبرز التحولات السكانية التي تؤثر في مسار التنمية الاقتصادية، إذ يشير إلى انتقال المجتمعات من معدلات مواليد ووفيات مرتفعة إلى معدلات منخفضة، مما يؤدي إلى تغيّر في التركيبة العمرية للسكان. وخلال هذه المرحلة، تزداد نسبة السكان في سنّ العمل (15 - 64 سنة) مقارنةً بالفئات المُعالة من الأطفال وكبار السن، وهو ما يُعرف بـ«الفرصة الديموغرافية» أو «العائد الديموغرافي» أو «النافذة الديموغرافية».

وتُعد سلطنة عمان اليوم في المرحلة الثالثة من هذا التحول، حيث تشهد تراجعًا ملحوظًا في معدلات المواليد واستقرارًا في معدلات الوفيات، الأمر الذي يؤدي إلى تباطؤ النمو السكاني وارتفاع نسبة السكان في سنّ العمل. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن هذه المرحلة ستستمر حتى منتصف القرن الحادي والعشرين، لتبدأ بعدها مرحلة جديدة تتسم بارتفاع أعداد كبار السن وتحديات الشيخوخة السكانية، مما يستدعي إعداد سياسات فعّالة تستثمر العائد الديموغرافي قبل تحوّله إلى عبء اقتصادي.

محركات التحول الديموغرافي.. التغيرات في معدلات الخصوبة والوفيات

لعب تراجع معدل الخصوبة دورًا حاسمًا في تسريع وتيرة التحول الديموغرافي الذي تشهده سلطنة عمان، ووفقًا لنتائج المسح الوطني للصحة الإنجابية لعام 2008؛ انخفض معدل الخصوبة من 8.6 مولود لكل امرأة في عام 1988 إلى 3.3 مولود لكل امرأة في عام 2008، ما يعكس تراجعًا غير مسبوق بنحو 5.3 مولود لكل امرأة، أي بنسبة انخفاض تقارب 62% خلال عشرين عامًا فقط!

إلا أنه -بحسب البيانات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات- يتضح أن الخصوبة استعادت بعضًا من نموها ابتداءً من عام 2010؛ حيث ارتفعت إلى 3.7 مولود لكل امرأة. وقد يُعزى ذلك بسبب تحسّن الأوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات التوظيف والأجور، واستمر هذا الارتفاع حتى عام 2017، قبل أن يعاود الانخفاض في السنوات التالية ليصل إلى 2.9 مولود لكل امرأة بحلول عام 2023. ووفقًا لتقديرات الأمم المتحدة؛ من المتوقع أن تصل سلطنة عمان إلى مستوى الإحلال في الخصوبة، أي 2.1 مولود لكل امرأة بحلول عام 2030.

تعكس التغيرات في معدلات الخصوبة تأثير التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدها المجتمع العُماني خلال العقود الأخيرة. فقد سُجِّل أعلى معدل للخصوبة في عام 2010 بين النساء في الفئة العمرية (25 - 29 سنة)، بينما أصبح في عام 2023 بين النساء في الفئة العمرية (30 - 34 سنة)، ما يؤدي إلى تقليص سنوات الإنجاب لدى المرأة (من 15 إلى 49 سنة). ويُعزى هذا التغير إلى ارتفاع سن الزواج الأول، وزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل، وارتفاع معدلات التحاقها بالتعليم، ما أسهم في تأخير تكوين الأسرة.

وكما هو الحال في دول الخليج؛ شهدت سلطنة عمان تحولًا ديموغرافيًا سريعًا تمثّل في انخفاض معدلات الوفيات. ففي عام 2023 انخفض معدل الوفيات الخام إلى 2.5 حالة وفاة لكل 1000 من السكان، بعد أن كان 3.3 حالة وفاة لكل 1000 من السكان في عام 2010.

كذلك انخفض معدل وفيات الأطفال الرضّع في عام 2023 إلى نحو 8.8 حالة وفاة لكل 1000 ولادة حيّة مقارنة ب9.3 حالة وفاة لكل 1000 ولادة حيّة في عام 2010. كما تراجع معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة إلى 11.1 حالة وفاة لكل 1000 ولادة حيّة في عام 2023 بعدما كان 11.3 حالة وفاة لكل 1000 مولود حي في عام 2010.

ونتيجة لانخفاض معدل الوفيات؛ ارتفع متوسط العمر المتوقع عند الولادة إلى 77 عامًا في عام 2023 مقارنة بـ76 عامًا في عام 2010. تشير نتائج التوقعات المستقبلية للأمم المتحدة إلى زيادة مستمرة في متوسط العمر المتوقع، ليصل إلى أكثر من 80 عامًا في عام 2030، ثم إلى 86 عاما في عام 2065.

التركيبة العمرية للعمانيين

تشهد سلطنة عُمان تحوُّلًا ديموغرافيًا ملحوظًا في تركيبتها السكانية، يتجلى في تغير الفئات العمرية العريضة خلال الفترة من عام 2010 حتى التوقعات المستقبلية لعام 2040. ووفقًا للإسقاطات السكانية 2025 - 2040 الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات؛ يُتوقع أن ترتفع نسبة السكان في سن العمل (15–64 سنة) إلى 66% من إجمالي السكان العمانيين بحلول عام 2040، مقارنة مع 61% في عام 2010، ما يعكس توسعًا مستمرًا في القوى العاملة الوطنية. وفي المقابل ستتراجع نسبة الأطفال (0–14 سنة) إلى 29% في عام 2040، مقارنة بـ35% في عام 2010. بينما سترتفع نسبة كبار السن (65 سنة فأكثر) إلى 6% في عام 2040 مقارنة بـ4% في عام 2010، ما يعكس بداية واضحة لمظاهر الشيخوخة السكانية، ويدعو إلى وضع سياسات استباقية لمواكبة هذا التحول.

وقد انعكس هذا التحول العمري على معدلات الإعالة الديموغرافية؛ حيث من المتوقع أن تنخفض معدل الإعالة الكلية من 63% عام 2010 إلى 53% في عام 2040. ويُعزى هذا الانخفاض إلى تراجع معدل إعالة صغار السن من 58% إلى 44% خلال نفس الفترة، في حين يُتوقع ارتفاع معدل إعالة كبار السن من 6% إلى 9%، ما يُنذر بتزايد العبء الاقتصادي والاجتماعي المتوقع لرعاية هذه الفئة مستقبلاً، لاسيما في الجوانب الصحية والتقاعدية.

التحولات بين الفرصة والتحدي

شهدت سلطنة عمان خلال العقود الأخيرة تحولات ديموغرافية كبيرة أثّرت في التركيبة العمرية للسكان، ما يضع الدولة أمام مفترق طرق بين فرصة تنموية واعدة وتحدٍ اقتصادي واجتماعي محتمل. ووفقًا لمجلة «Middle East Fertility Society»؛ فقد مرت سلطنة عمان بفترتين رئيسيتين من الانفتاح على العائد الديموغرافي: الأولى بين عامي 1985 و2000، والثانية بدأت في عام 2010. ومن المتوقع أن تبلغ ذروتها خلال عقد العشرينيات الحالي، وتستمر حتى عام 2040.

وتُعدّ هذه المرحلة فرصة ذهبية للتنمية الاقتصادية؛ نظرًا لتزايد نسبة السكان في سن العمل، ما يفتح آفاقاً واسعة للنمو الاقتصادي؛ حيث تبرز إمكانية توسيع القاعدة الإنتاجية، وما يرافقها من ارتفاع مستويات الدخل والادخار والاستثمار. كما ينعكس إيجابًا على الناتج المحلي الإجمالي.

ومع ذلك؛ فإن هذه الفرصة لا تتحقق بشكل تلقائي، بل تتطلب تبنّي سياسات متكاملة تركّز على الاستثمار في رأس المال البشري، من خلال مواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل، والارتقاء بمهارات الشباب عبر التوسُّع في التعليم المهني والتقني.

وفي هذا الإطار، تبرز أهمية إعادة النظر في النظام التعليمي التقليدي، من خلال تقليص سنوات التعليم النظري المطوّل، والتركيز على تنمية المهارات العلمية والتطبيقية. غير أن هذا التوجه يجب أن يقترن بتوسيع الفرص المتاحة في سوق العمل، واستيعاب الطاقات الشبابية بشكل فعّال. إذ إن عدم دمج هذه الفئة في الاقتصاد الوطني بالشكل بالأمثل قد يُحوّل العائد الديموغرافي من فرصة إلى عبء؛ نتيجةً لتفاقم معدلات البطالة وما يترتّب عليها من آثار اجتماعية واقتصادية وسياسية.

ويُضاف إلى ذلك التحدي المتمثل في العدد الكبير من الخريجين سنويًا؛ إذ تشير بيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات لعام 2023 إلى تخرج نحو 30 ألف طالب وطالبة سنويًا من مؤسسات التعليم العالي، مما يفرض على الجهات المعنية توفير فرص عمل سنوية متوازنة قادرة على استيعاب هذا النمو المتزايد في العرض.

ولتحقيق أقصى استفادة من النافذة الديموغرافية، يمكن استلهام التجربة السويسرية الرائدة في التعليم المهني، والتي تُعد من أنجح النماذج عالميًا، يتجه نحو ثلثي الطلبة بعد التعليم الإلزامي إلى مسار التعليم والتدريب المهني، ضمن نظام «التعلم المزدوج»، الذي يجمع بين التدريب العملي في مواقع العمل ثلاثة إلى أربعة أيام أسبوعيًا، والتعليم النظري في المدارس المهنية. يبدأ الطلبة هذا المسار من عمر 15 عامًا، ويستكملونه عادة في سن 18 أو 19 عامًا، ويتقاضون خلال فترة التدريب راتبًا شهريًا من جهة العمل. وتتنوع البرامج المهنية في سويسرا لتشمل نحو 250 مهنة معترف بها رسميًا، مما يعزز من اندماج الطلبة المبكر في سوق العمل، ويزيد من فرص توظيفهم بعد التخرج. لذلك يعد التدريب المهني أحد عوامل النجاح الاقتصادي في سويسرا، إذ يسهم في إعداد قوة عاملة عالية الكفاءة، وقد انعكس ذلك في انخفاض معدل البطالة، الذي بلغ نحو 2.5% في عام 2021.

وعلى المستوى الوطني، تسعى سلطنة عمان من خلال «رؤية عمان 2040» إلى تعزيز المهارات العملية لدى الطلبة وربط التعليم بسوق العمل، من خلال برنامج «المسارات التعليمية»، الذي يتيح لطلبة ما بعد التعليم الأساسي اختيار المسار الأكاديمي أو المهني وفقًا لقدراتهم وميولهم. وقد التحق 187 طالبًا وطالبة بالتعليم المهني والتقني في المدارس خلال العام الدراسي 2023/2024، مع تطبيق مشروع BTEC في تخصصي إدارة الأعمال وتقنية المعلومات في أربع مدارس. وتتضمن الخطة المستقبلية للعام الدراسي 2024/2025 التوسع في البرنامج واستهداف 600 طالب وطالبة. أما على مستوى التعليم العالي، فلا يزال التعليم المهني يمثل نسبة محدودة من إجمالي الملتحقين، إذ بلغ عدد المقيدين في الكليات المهنية نحو 8 آلاف طالب وطالبة في عام 2023، أي ما يعادل 7% فقط من إجمالي الطلبة المقيدين في مؤسسات التعليم العالي. وتُظهر هذه النسبة الحاجة إلى تعزيز هذا النوع من التعليم وتوسيع نطاقه، بما يسهم في سد الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، خاصة في ظل التوجه الوطني نحو تنمية القطاعات الإنتاجية والصناعية وتحقيق التنويع الاقتصادي.

تُعدّ النافذة الديموغرافية فرصة محدودة زمنيًا، تبدأ بزيادة أعداد الفئات العمرية الصغيرة في المرحلة الثانية، ثم بدخولها سوق العمل في المرحلة الثالثة، وتنتهي بوصول هذه الفئة إلى سن التقاعد (المرحلة الرابعة). وعند هذه المرحلة، يبدأ المجتمع بالتحوّل إلى مجتمع مُسن، ترتفع فيه نسبة كبار السن، مما يفرض تحديات اقتصادية واجتماعية تتطلب استعدادًا مبكرًا.

ووفقًا للإسقاطات السكانية 2025 - 2040 الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، من المتوقع أن ترتفع نسبة كبار السن (60 سنة فأكثر) إلى نحو 10% بحلول عام 2040، وهو ما يستدعي توسيع نطاق الخدمات الصحية والاجتماعية الموجهة لهم، وزيادة الإنفاق في منظومة الحماية الاجتماعية. ووفقًا للبيانات الصادرة عن صندوق الحماية الاجتماعية، بلغ عدد كبار السن المنتفعين من هذه المنظومة حتى أبريل 2025 نحو 173 ألف منتفع. ومن المتوقع أن يشهد حجم الإنفاق المخصص لهم ارتفاعًا مستمرًا خلال السنوات القادمة مع تزايد أعدادهم، الأمر الذي يسلّط الضوء على أهمية تعزيز التخطيط المالي لضمان استدامة هذه المنظومة في ظل التحولات الديموغرافية المتوقعة.

ومع تزايد أعداد كبار السن، سيرتفع عدد المتقاعدين؛ مما يشكّل ضغطًا متزايدًا على صندوق الحماية الاجتماعية. وتؤثر التحولات الديموغرافية بشكل مباشر على الاستدامة المالية لصناديق التقاعد والتأمينات الاجتماعية؛ إذ إن انخفاض معدلات الخصوبة والوفيات، وارتفاع متوسط العمر المتوقع، يؤدي إلى بروز ظاهرة الشيخوخة، أو ما يعرف بـ«الأزمة الديموغرافية»، والتي تتجلى في ارتفاع نسبة السكان ممن تجاوزت أعمارهم 60 عامًا مقابل انخفاض في عدد السكان في سنّ العمل؛ ويترتب على ذلك تراجع عدد المشتركين والمساهمين في الصندوق، مما يُهدد استدامة تمويل المعاشات مستقبلًا.

وفي هذا السياق، جاء قانون الحماية الاجتماعية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (2023/52) ليُرفع سنوات التقاعد إلى 30 سنة. كما أتاح القانون للوافدين الاشتراك اختياريًا في نظام التأمينات الاجتماعية، ولكن ينبغي النظر في جعله إلزاميًا لضمان مشاركتهم في تمويل الصندوق، لا سيما وأنهم من الفئات العمرية الشابة والنشطة، وإنفاقهم محدود نسبيًا، كما أن اشتراكهم الكامل قد يسهم في استقدام عائلاتهم، مما يزيد من الإنفاق المحلي ويقلل من التحويلات المالية إلى الخارج، ويعود بالنفع على الاقتصاد الوطني. وهذا يستدعي مراجعة سياسات الاستقدام وقوانين العمل.

ورغم التحديات المرتبطة بالشيخوخة السكانية، لا ينبغي النظر إلى كبار السن فقط باعتبارهم اقتصاديًا فقط، بل هو فرصة استثمارية كامنة. فقد أظهرت دراسة نشرتها مجلة Harvard Business Review أن متوسط عمر مؤسسي الشركات الناجحة يبلغ 45 عامًا، وأن رواد الأعمال في الخمسينيات من أعمارهم أكثر احتمالًا للنجاح، وذلك بفضل الخبرة المتراكمة والمهارات العميقة التي يمتلكونها. لذلك، من المهم تشجيع المتقاعدين على خوض مجال الأعمال من خلال برامج تدريبية وتمويلية متخصصة، لتحويلهم من متلقي المنافع إلى فاعلين ومساهمين في الاقتصاد الوطني.

وعليه، فإن استثمار العائد الديموغرافي لا يتحقق تلقائيًا، بل يتطلب تبني سياسات شاملة تُدمج التحولات السكانية في جوهر السياسات الاقتصادية والاجتماعية. فقد أكد ديفيد بلوم، أستاذ الاقتصاد والديموغرافيا بجامعة هارفارد في تقريره الصادر عن مؤسسة RAND بعنوان «العائد الديموغرافي: منظور جديد للعواقب الاقتصادية للتغير السكاني»، أن النافذة الديموغرافية لا تُفتح تلقائيًا، ولا تبقى مفتوحة إلى الأبد، بل تحتاج إلى سياسات ذكية لاستثمارها، وإلا فإنها ستُغلق تاركة خلفها فرصة ضائعة. وتشمل هذه السياسات: تحسين جودة التعليم وربطه بمتطلبات سوق العمل، تعزيز النظام الصحي وخصوصًا خدمات الأمومة والطفولة، تمكين المرأة وزيادة مشاركتها الاقتصادية، خلق بيئة عمل مرنة تُحفز الابتكار وريادة الأعمال، دعم الاستقرار الاقتصادي الكلي، وتطوير نظم الحوكمة ومحاربة الفساد. ومن خلال تنفيذ هذه السياسات بفعالية، يمكن تحويل هذه النافذة المؤقتة إلى قوة دافعة للنمو الاقتصادي المستدام، قبل أن تنغلق وتتحول إلى تحدٍ طويل الأمد.

مقالات مشابهة

  • تقرير الورقة البيضاء: كفاءة الطاقة الصناعية مفتاح خفض الانبعاثات وتحقيق الاستدامة
  • مصر تتصدر الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في طاقة الرياح لعام 2024
  • «معلومات الوزراء»: 3 تحولات أساسية تُعيد تشكيل الاقتصاد العالمي مستقبلًا
  • «طرق دبي» تناقش التكنولوجيا المالية وحلول الدفع
  • الطاقة تتجدد..فماذا عن الرؤية والفرص؟
  • التحولات الديموغرافية في سلطنة عمان .. فرصة للنمو أم تحدٍّ اقتصادي؟
  • شباب «البريكس» يرسمون مستقبل الطاقة
  • الاتحاد الأوروبي يدعو إلى تعزيز كفاءة استخدام المياه في مواجهة التغير المناخي وسوء الإدارة
  • الصين تتصدر قطاع الطاقة النظيفة عالميا عام 2025
  • صعوبات وعراقيل تواجه خطط التحوّل للطاقة النظيفة في جنوب أفريقيا