إنكار وضحايا جدد.. مستجدات مثيرة في قضية مدير مولاي يعقوب
تاريخ النشر: 4th, May 2024 GMT
أخبارنا المغربية - عبد المومن حاج علي
قرر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بفاس، يوم أمس الخميس. إيداع مدير الثانوية التأهيلية “التقدم” بطل فيديو الفضيحة الأخلاقية التي هزت مدينة مولاي يعقوب مؤخرا، بالسجن المحلي بوركايز.
وحسب المعطيات التي توصلت بها "أخبارنا" فإن الإطار التربوي حاول تبرئة نفسه خلال الاستماع اليه من طرف عناصر الدرك الملكي بعدما سئل عن تورطه في الجرائم المنسوبة إليه، حيث أنكر جميع التهم وصرح بأنه ليس هو من ظهر في الفيديو الفضيحة.
وكانت نتائج الأبحاث المنجزة من طرف عناصر الدرك الملكي قد آلت إلى تقديم الوكيل العام للملك متلمس كتابي إلى قاضي التحقيق بإجراء تحقيق مع المشتبه فيه من أجل الاشتباه في ارتكابه أفعال معاقب عليها قانونا.
وأكدت مصادر إعلامية أن عدد الضحايا اللواتي تم الاستماع إليهن في القضية من قبل عناصر الدرك الملكي بلغ أربعة ضحايل، مرجحة أنه سيتم تكييف الجرائم المرتكبة قانونيا كجرائم هتك عرض قاصرات بالعنف، مع استغلال الوظيفة.
وكانت عناصر الدرك الملكي بسرية بنسودة بفاس، قد نجحت يوم الثلاثاء، في توقيف مدير الثانوية التأهيلية "التقدم" بعد تواريه عن الأنظار فور انتشار الفيديو على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي ودخول الضابطة القضائية وأكاديمية ومديرية التعليم على الخط.
وكانت مصالح الدرك الملكي المختصة قد عممت مذكرة بحث وطنية في حق المدير المتورط في الواقعة، بالإضافة إلى إصدار أمر بمنعه من مغادرة التراب الوطني، إلى غاية النظر في التهم الموجهة إليه بناءً على ما ستخلص إليه التحقيقات التي باشرتها الضابطة القضائية للدرك بالمنطقة.
يذكر أن المديرية الإقليمية للتربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بمنطقة مولاي يعقوب، تفاعلت مع القضية وقررت توقيف المدير عن العمل وتحويله إلى المجلس التأديبي، كما تبرأ الأساتذة والأطر العاملة بالمؤسسة من سلوكات مديرهم معلنين استنكارهم الشديد لتصرف المدير الشاذ، والحدث المفاجئ والصادم.
المصدر: أخبارنا
كلمات دلالية: عناصر الدرک الملکی
إقرأ أيضاً:
تقديس المدير
جابر حسين العماني
عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء
تعاني بعض المجتمعات العربية والإسلامية من ظاهرة خطيرة على المجتمع، وهي تقديس المديرين المسؤولين، ظاهرة مؤسفة جعلت بعض المديرين شخصيات مغرورة لا ترى إلا نفسها، ترفض النقد البناء، وكأنها لا تزال تعيش في عصر من عصور الطغاة، كفرعون الذي كان يقول: "أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ"، وهو سلوك سلبي لا يهدد مكانة المؤسسات الحكومية والخاصة فحسب، بل يؤخر التقدم والازدهار ويجعل روح الفريق الواحد في بيئة العمل ضعيفة جدا، لا اعتبار لها ولا مكانة ولا إجادة، وذلك بسبب تقديس المديرين وغرورهم وعدم تقبلهم للنقد البناء.
قال الإمام محمد الباقر: "مَا دَخَلَ قَلْبَ اِمْرِئٍ شَيْءٌ مِنَ اَلْكِبْرِ إِلاَّ نَقَصَ مِنْ عَقْلِهِ مِثْلَ مَا دَخَلَهُ مِنْ ذَلِكَ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ".
إن من المؤسف جدا أن يتحول النقد البناء للمدير المغرور في بعض المؤسسات العربية والإسلامية إلى جريمة نكراء، تقابل بالتوبيخ أو الإقصاء أحيانا، بينما يحترم الموظف المتملق والمرائي، ويرتفع بسلوكه درجات لا يستحقها في بيئة العمل فقط لأنه لمع مكانة المدير، وكأننا نعمل لخدمة المسؤول، وليس لخدمة الوطن وازدهاره، وحفظ أمجاده.
لا بد أن يعلم كل من يعمل في بيئة العمل أن النقد البناء الصادق يعد البوابة الرئيسية للتطوير والارتقاء إلى بيئة عمل أفضل، وهو من أهم المظاهر الحضارية التي لا غنى عنها، والذي له دلالات واضحة ومن أهمها تجنب الغرور وتعزيز العمل الجماعي على الشراكة الحقيقية والانتماء الوطني المخلص في أثناء العمل.
إن تقديس المدير المسؤول في مواقع العمل لا يصنع البيئة المناسبة والصالحة للإنتاج المثمر في التكامل المهني المطلوب، بل يخلق الكثير من القلق والتوتر بين الموظفين، ويحفزهم على التعامل بالتملق بدلا من إبداء الصراحة والنقد البناء، وهنا من الطبيعي جدا غياب روح الحوار، وانطفاء الأفكار الخلاقة والمطلوبة، واختفاء الإبداع والتألق والنجاح، لأن الموظفين مشغولون بإرضاء المسؤول وتلميع صورته لمصالح خاصة، بدلا من خدمة الوطن والمواطنين، وتغيب بذلك روح العمل الجاد والفاعل الذي ينبغي أن يكون متحققا في بيئة العمل.
اليوم نحن بحاجة ماسة إلى مؤسسات حكومية نافعة وجادة، تتبنى النقد البناء والفعال وترفض الغرور بأشكاله ومسمياته، وتميز بين احترام المسؤولين ومحاسبة قراراتهم، ذلك أن الإدارة سواء كانت في المؤسسات الحكومية أو الخاصة ينبغي أن تنصت للجميع، ولا تميز أحدا دون آخر إلا بالتميز والإجادة، وتؤمن بمبدأ الحوار والنقاش الجاد، وتعيد النظر فيما يخص القرارات المطروحة بهدف التطوير ونقل العمل إلى ما هو أفضل وأجمل وأحسن، بما يخدم الوطن والمواطنين، وتجنيب بيئة العمل سياسة تكميم الأفواه وتقديس المسؤولين مهما كانت درجاتهم ومناصبهم وشأنهم في الوسط الاجتماعي.
اليوم ومن أجل نجاح بيئة العمل، لا بد من التركيز على ممارسة الصفات الأخلاقية والتي منها التواضع، فليس هناك سلوك أرقى منه، فينبغي على المسؤولين، من مديرين وغيرهم من أصحاب المناصب العليا أو ما دون ذلك، أن يتواضعوا مع موظفيهم، ويكون ذلك من خلال الاستماع إليهم، وتحفيزهم على العمل، والمرونة في الإدارة، والقدوة الحسنة، واحترام ثقافة النقد وتقبلها.
أخيرًا: نحن في زمن تكاثرت فيه المناصب بأنواعها المختلفة، وتقلصت الكثير من القيم والمبادئ الإنسانية، ولا زالت أوطاننا العربية والإسلامية بحاجة ماسة إلى مديرين مسؤولين مخلصين يصنعون الفرق بأخلاقهم الطيبة واجتهادهم، يحاربون التفرقة والتمزق والغرور وحب الذات، ساعين لإدارة القلوب قبل الملفات والاجتماعات والقرارات، تلك هي أفضل وأجمل وأقوى أدوات الإدارة الناجحة التي لا بد من ممارستها وتقديمها في بيئة العمل بكل إخلاص ووفاء وتفان، وكما قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
تَوَاضَعْ تَكُنْ كَالنَّجْم لاحَ لِنَاظِرِ**عَلَى صَفَحَاتِ الْمَاءِ وَهُوَ رَفِيعُ
وَلا تَكُ كَالدُّخَانِ يَرْفَعُ نَفْسِهُ**إلى طَبَقَاتِ الْجَوِّ وَهُوَ وَضِيعُ
رابط مختصر