جابر حسين العماني
عضو الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء
تعاني بعض المجتمعات العربية والإسلامية من ظاهرة خطيرة على المجتمع، وهي تقديس المديرين المسؤولين، ظاهرة مؤسفة جعلت بعض المديرين شخصيات مغرورة لا ترى إلا نفسها، ترفض النقد البناء، وكأنها لا تزال تعيش في عصر من عصور الطغاة، كفرعون الذي كان يقول: "أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ"، وهو سلوك سلبي لا يهدد مكانة المؤسسات الحكومية والخاصة فحسب، بل يؤخر التقدم والازدهار ويجعل روح الفريق الواحد في بيئة العمل ضعيفة جدا، لا اعتبار لها ولا مكانة ولا إجادة، وذلك بسبب تقديس المديرين وغرورهم وعدم تقبلهم للنقد البناء.
قال الإمام محمد الباقر: "مَا دَخَلَ قَلْبَ اِمْرِئٍ شَيْءٌ مِنَ اَلْكِبْرِ إِلاَّ نَقَصَ مِنْ عَقْلِهِ مِثْلَ مَا دَخَلَهُ مِنْ ذَلِكَ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ".
إن من المؤسف جدا أن يتحول النقد البناء للمدير المغرور في بعض المؤسسات العربية والإسلامية إلى جريمة نكراء، تقابل بالتوبيخ أو الإقصاء أحيانا، بينما يحترم الموظف المتملق والمرائي، ويرتفع بسلوكه درجات لا يستحقها في بيئة العمل فقط لأنه لمع مكانة المدير، وكأننا نعمل لخدمة المسؤول، وليس لخدمة الوطن وازدهاره، وحفظ أمجاده.
لا بد أن يعلم كل من يعمل في بيئة العمل أن النقد البناء الصادق يعد البوابة الرئيسية للتطوير والارتقاء إلى بيئة عمل أفضل، وهو من أهم المظاهر الحضارية التي لا غنى عنها، والذي له دلالات واضحة ومن أهمها تجنب الغرور وتعزيز العمل الجماعي على الشراكة الحقيقية والانتماء الوطني المخلص في أثناء العمل.
إن تقديس المدير المسؤول في مواقع العمل لا يصنع البيئة المناسبة والصالحة للإنتاج المثمر في التكامل المهني المطلوب، بل يخلق الكثير من القلق والتوتر بين الموظفين، ويحفزهم على التعامل بالتملق بدلا من إبداء الصراحة والنقد البناء، وهنا من الطبيعي جدا غياب روح الحوار، وانطفاء الأفكار الخلاقة والمطلوبة، واختفاء الإبداع والتألق والنجاح، لأن الموظفين مشغولون بإرضاء المسؤول وتلميع صورته لمصالح خاصة، بدلا من خدمة الوطن والمواطنين، وتغيب بذلك روح العمل الجاد والفاعل الذي ينبغي أن يكون متحققا في بيئة العمل.
اليوم نحن بحاجة ماسة إلى مؤسسات حكومية نافعة وجادة، تتبنى النقد البناء والفعال وترفض الغرور بأشكاله ومسمياته، وتميز بين احترام المسؤولين ومحاسبة قراراتهم، ذلك أن الإدارة سواء كانت في المؤسسات الحكومية أو الخاصة ينبغي أن تنصت للجميع، ولا تميز أحدا دون آخر إلا بالتميز والإجادة، وتؤمن بمبدأ الحوار والنقاش الجاد، وتعيد النظر فيما يخص القرارات المطروحة بهدف التطوير ونقل العمل إلى ما هو أفضل وأجمل وأحسن، بما يخدم الوطن والمواطنين، وتجنيب بيئة العمل سياسة تكميم الأفواه وتقديس المسؤولين مهما كانت درجاتهم ومناصبهم وشأنهم في الوسط الاجتماعي.
اليوم ومن أجل نجاح بيئة العمل، لا بد من التركيز على ممارسة الصفات الأخلاقية والتي منها التواضع، فليس هناك سلوك أرقى منه، فينبغي على المسؤولين، من مديرين وغيرهم من أصحاب المناصب العليا أو ما دون ذلك، أن يتواضعوا مع موظفيهم، ويكون ذلك من خلال الاستماع إليهم، وتحفيزهم على العمل، والمرونة في الإدارة، والقدوة الحسنة، واحترام ثقافة النقد وتقبلها.
أخيرًا: نحن في زمن تكاثرت فيه المناصب بأنواعها المختلفة، وتقلصت الكثير من القيم والمبادئ الإنسانية، ولا زالت أوطاننا العربية والإسلامية بحاجة ماسة إلى مديرين مسؤولين مخلصين يصنعون الفرق بأخلاقهم الطيبة واجتهادهم، يحاربون التفرقة والتمزق والغرور وحب الذات، ساعين لإدارة القلوب قبل الملفات والاجتماعات والقرارات، تلك هي أفضل وأجمل وأقوى أدوات الإدارة الناجحة التي لا بد من ممارستها وتقديمها في بيئة العمل بكل إخلاص ووفاء وتفان، وكما قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
تَوَاضَعْ تَكُنْ كَالنَّجْم لاحَ لِنَاظِرِ**عَلَى صَفَحَاتِ الْمَاءِ وَهُوَ رَفِيعُ
وَلا تَكُ كَالدُّخَانِ يَرْفَعُ نَفْسِهُ**إلى طَبَقَاتِ الْجَوِّ وَهُوَ وَضِيعُ
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
محافظ الغربية من المحلة: توفير بيئة انتخابية آمنة ومنظمة أولوية قصوى لنا
أجرى اللواء أشرف الجندي، محافظ الغربية، مساء اليوم، جولة مفاجئة على عدد من المقار الانتخابية بحي ثان المحلة، للوقوف ميدانيًا على جاهزية اللجان واستيفاء كافة متطلبات العملية الانتخابية، وذلك في إطار المتابعة الميدانية الدقيقة للاستعدادات النهائية لانتخابات مجلس الشيوخ 2025، المقرر عقدها يومي 4 و5 أغسطس الجاري، بحضور الأستاذ ناصر حسن وكيل وزارة التربية والتعليم بالغربية.
جهود محافظ الغربيةوخلال تفقده مقرات اللجان، شدد محافظ الغربية على أن توفير بيئة انتخابية آمنة ومنظمة يمثل أولوية قصوى، خاصة في ظل الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة، مؤكدًا أن راحة الناخبين، وبالأخص كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، تأتي في صدارة الاهتمامات. وحرص المحافظ على التأكد من توافر الإضاءة الكاملة داخل وخارج المقار، وتجهيز مصادر بديلة للطاقة لضمان استمرارية العمل، ومراجعة سلامة وتأمين المداخل والمخارج، وتثبيت المصبعات الحديدية والأقفال المحكمة على النوافذ والأبواب.
متابعة تجهيز لجان انتخابات الشيوخكما وجّه المحافظ بالتأكد من توافر المياه وصلاحية دورات المياه لخدمة الناخبين وأطقم العمل، وتجهيز الأثاث والمناضد المخصصة لصناديق الاقتراع، وأماكن إقامة المستشارين ورؤساء اللجان وضباط القوات المسلحة المشاركين في الإشراف والتأمين. وشدد على إنشاء مظلات ومناطق انتظار أمام اللجان مزودة بكراسي متحركة لخدمة كبار السن وذوي الإعاقة، وتوفير طفايات حريق صالحة للاستخدام، ورفع علم الجمهورية أمام كل لجنة مع وضع لافتات واضحة تحمل اسم ورقم اللجنة.
وفيما يتعلق بالمشهد الحضاري، أصدر اللواء الجندي توجيهاته برفع كفاءة النظافة في جميع الطرق المؤدية إلى اللجان، وإزالة أي إشغالات أو معوقات من محيط المقار والشوارع المؤدية إليها، مع قص وتهذيب الأشجار ورفع المخلفات فورًا، وتجميل مداخل ومخارج الأحياء التي تضم لجان انتخابية، ومتابعة الإنارة العامة بالشوارع، وتمهيد وتسوية الطرق الترابية لتسهيل وصول الناخبين، فضلًا عن مراجعة صلاحية خطوط التليفونات الأرضية لضمان التواصل الفعّال.
رفع درجة الاستعداد القصوىكما شدد على رفع درجة الاستعداد بكافة المستشفيات، وتوفير سيارات إسعاف مجهزة للتعامل الفوري مع أي طارئ، وتفعيل غرف العمليات وربطها بمركز سيطرة الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة، لضمان سرعة الاستجابة لأي موقف طارئ.
ووجّه محافظ الغربية الشكر الأستاذ ناصر حسن، وكيل وزارة التربية والتعليم، وكافة العاملين بالمديرية، على الجهود المبذولة في تجهيز المدارس المخصصة كمقار انتخابية، مؤكدًا أن مستوى الجاهزية الذي شاهده يعكس حرص المنظومة التعليمية على دعم الاستحقاقات الدستورية وتوفير بيئة مناسبة تليق بالعملية الانتخابية
حي ثان المحلة سيكون نموذجًا في الانضباط والتنظيمواختتم محافظ الغربية جولته مؤكدًا أن الجولات الميدانية المفاجئة ستتواصل حتى اللحظات الأخيرة قبل انطلاق عملية الاقتراع، مشددًا بقوله: “حي ثان المحلة سيكون نموذجًا في الانضباط والتنظيم.. ولن نسمح بترك أي تفصيلة دون متابعة لضمان انتخابات مشرفة تليق بمحافظة الغربية وأبنائها”.