رويدًا رويدًا تختفي الحياة داخل الجنوب كلما اقتربت من الحدود.. دمار، خسائر، نزوح، وقرى باتت تسكنها الأشباح وتعبث بها أصوات طائرات الإستطلاع الإسرائيلية التي تتفقد بين الفينة والأخرى من سيخرج من بين الدمار ويطلق صاروخًا من هنا أو طائرة مسيّرة من هناك.. وحدها الشوارع وآثار العنف والجريمة بقت بارزة بين البيوت المدمرة التي عبثت بها الصواريخ وحوّلتها إلى مناطق منكوبة تفتقد لأهلها الذين نزحوا وابتعدوا عنها، منتظرين أن تهدأ جبهة غزة لتنسحب على جبهتم الجنوبية.


حتى الآن لا تزال الأرقام ترتفع من وقت إلى آخر، مشكّلةً صدمة لناحية حجم الدمار والخسائر من جهة، وحجم النزوح وانعدام الحياة من جهة أخرى داخل البلدات الحدودية الجنوبية. فعلى سبيل المثال، فاقم النزوح الـ75 في المئة في بلدات بنت جبيل، الأمر نفسه بالنسبة إلى مرجعيون، حيث فاقمت النسبة الـ80%، بمعنى أن ما يقارب 28 قرية نزح منها أهلها نحو قرى البقاع، والجبل، كذلك إلى بيروت.
ومن شبعا إلى كفرحمام فكفرشوبا.. الحال واحدة.. دمار، ورعب، ورائحة الحرب في كل مكان.. الحياة تنتعش في حيّ وتنعدم في آخر.. لا أثر لحياة اقتصادية فعّالة، ولا حتى اجتماعية.. المدارس أغلقت بالكامل، المؤسسات الحكومية وغير الحكومية معطّلة.. وحدها أصوات الصواريخ تنشط وتتفاعل بشكل يومي.
كفرشوبا التي ترسم حدودها بالتضحيات، لا تتوانى عن تقديم الشهداء، وسط موجة دمار كبيرة، أدت إلى تدمير غالبية المنازل، وعطّلت كافة البنى التحتية.. المشهد بين الاحياء مرعب، فقط عدد قليل جدًا من العائلات عاد بموجة نزوح عكسية، وبعضهم عاود المغادرة بعد سلسلة من الغارات العنيفة التي هزّت البلدة، لتقاوم البلدة رفقة مثلث الصمود، أي جارتها شبعا، وبلدات العرقوب الهمجية الإسرائيلية.
كلّ هذه البلدات طالها الدمار، الذي لم يقتصر على المنازل فقط، إنّما أعدم المواسم الزراعية، وقضى على الثروة الحرجية والحيوانية، التي تحمّل المتضررون خسائرها بالجملة، خاصة أصحاب المشاريع الزراعية الذين دفعوا الثمن الأكبر بعد تدمير أراضيهم أو خيمهم الزراعية التي كلّفت الآلاف الدولارات.

ومن داخل بلدة شبعا البلدة الأهدأ إلى حدّ الآن بين البلدات المجاورة في الجنوب، جال "لبنان24" على الأحياء والمنازل التي تعرّضت لقصف متواصل من قبل العدو الإسرائيلي، إذ إنّ 5 بيوت منذ بداية الحرب تم استهدافها بشكل مباشر، حيث دُمّرت بالكامل.
هذا العدوان دفع ما يقارب الـ30 في المئة من أهالي شبعا إلى مغادرة البلدة حسب رئيس بلدية شبعا ورئيس اتحاد بلديات العرقوب محمد صعب، الذي قال لـ"لبنان24" أن معظم هؤلاء اتجهوا إما إلى بيروت أو إلى قرى البقاع.
وعلى الرغم من الطيران الحربي الإسرائيلي الذي يخرق أجواء البلدة بشكل متواصل، أكّد صعب بأن المحال التجارية وأصحابها أظهروا مقاومتهم، وإصرارهم على استكمال أعمالهم التجارية في خضم حالة الحرب التي تعيشها البلدة، وهذا ما رصده "لبنان24"، إذ إنّ المحال التجارية وعلى اختلافها فتحت أبوابها أمام من تبقى من الأهالي في البلدة، ورفضوا النزوح منها. أما بالنسبة إلى المدارس فيؤكّد صعب أن هذا العام كان من أصعب الأعوام التربوية، حيث أن عملية التعلم استكملت عبر "الأونلاين."
ومن شبعا إلى كفرحمام الوضع ليس بالافضل أبدًا، نسبة النزوح مؤخرًا سجّلت أرقامًا مخيفة قاربت الـ95 المئة.. فكفرحمام التي كانت تعجّ بالحياة يومًا ما، بات شوارعها اليوم فارغة، وندوب الحرب هي الوحيدة التي بقيت لتؤكّد الإجرام الإسرائيلي، وهذا الأمر نفسه يطبّق على كفرشوبا التي شهدت أعلى معدل من الاستهدافات، حيث دمّر إلى حدّ الآن ما يقارب 18 منزلا بشكل كامل، هذا عدا عن انعدام البنى التحتية، وسط استهداف مباشر وعلني من قبل العدو لإعدام أشكال الحياة في البلدة، خاصة على مستوى الموسم الزراعي، إذ على سبيل المثال فإن 70 في المئة من أرض الهبارية الملاصقة لشبعا، بالاضافة إلى أراضي كفرشوبا وغيرها من المدن القريبة من المثلث الفلسطيني اللبناني السوري هي مزروعة بالزيتون والكرز والتين والصنوبر وغيرها من الزراعات الموسمية؛ كلّها تم القضاء عليها، ولم يستفد أحد من أي من هذه المواسم.
كل ذلك، أجبر السكان على النزوح، باعتبار العدو أن كفرحمام وقرى العرقوب وكفرشوبا تعتبر من أهم البلدات التي تحتضن حركات المقاومة سواء اللبنانية أو الفلسطينية، وتاريخ هذه البلدات يشهد على ذلك. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

إعلام عبري: إسرائيل تمهل «حماس» أيامًا معدودة وإلا ستبدأ بضم «المحيط الأمني» من غزة

كشف مسئولون إسرائيليون كبار أن إسرائيل أبلغت حماس، عبر وسطاء، أنها بصدد اتخاذ خطوات أحادية الجانب في قطاع غزة إذا لم تبد الحركة مرونة فورية في مفاوضات صفقة تبادل الأسرى.

وبحسب المعلومات التي نقلتها القناة 13 العبرية، فإن الحكومة الإسرائيلية وضعت مهلة نهائية تنتهي خلال أيام، تطالب فيها حماس بتقديم رد إيجابي يمهد للتوصل إلى اتفاق. وفي حال لم يتم ذلك، ستبدأ إسرائيل بضم أجزاء من ما تسميه "المحيط الأمني" داخل قطاع غزة إلى أراضيها.

وبحسب وسائل الإعلام العبرية تأتي هذه الخطوة في إطار استراتيجية ضغط جديدة منسقة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب، تستهدف دفع حماس لتليين موقفها في المفاوضات، دون التسبب في تصعيد شامل في القطاع.

وأكدت القناة أن الرسالة الإسرائيلية نقلت مساء أمس مباشرة وعبر قنوات دبلوماسية وسيطة، وتتضمن تهديدا واضحا بأن الإجراءات العقابية ستبدأ خلال أيام، أبرزها ضم المناطق التي تسيطر عليها قوات الاحتلال داخل القطاع، وعلى رأسها المنطقة الأمنية المحاذية للحدود الشرقية.

في السياق ذاته، صرح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأن "صبر إسرائيل له حدود"، مشيرًا إلى أن "التحركات الميدانية ستكون حاسمة ما لم تحرز تقدمات سياسية على صعيد صفقة الأسرى".

وتشير تقارير عبرية إلى أن هذه التهديدات ليست مجرد تكتيك تفاوضي، بل جزء من خطة موضوعة سلفًا لتعزيز الحضور الإسرائيلي في المناطق الحدودية داخل غزة، وهو ما تعتبره حماس تصعيدًا خطيرًا ومحاولة لتغيير الواقع الجغرافي والسياسي بالقوة.

طباعة شارك إسرائيل حماس قطاع غزة صفقة تبادل الأسرى الحرب في قطاع غزة

مقالات مشابهة

  • أزمة النزوح المتكرر وانعدام الخيام في غزة
  • تعز.. مظاهرة حاشدة رفضًا لمجازر الإبادة والتجويع في غزة وتضامنا مع فلسطين
  • قصة يمني مع النزوح والجوع.. انتظار مؤلم لمساعدات غابت عامين
  • إنذار كاذب يتسبب في إطلاق إسرائيل لصاروخ اعتراض قرب غزة
  • ضياء رشوان: إسرائيل ترتكب جرائم حرب والمتظاهرون ضد مصر جزء من مخطط لحرف البوصلة
  • ضياء رشوان: جرائم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني تستحق الغضب والتظاهر
  • قردة تسللت من إسرائيل إلى هذه البلدة الجنوبية!
  • إعلام عبري: إسرائيل تمهل «حماس» أيامًا معدودة وإلا ستبدأ بضم «المحيط الأمني» من غزة
  • رحيل “رجل الظلّ” في الدراما المصرية… لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة
  • الحسان: الأمم المتحدة تجاهد لتطبيق اتفاقية سنجار ولا موعد نهائي لحسم ملف النزوح