أبو الخير: ليبيا ومصر ساهموا وقلصوا من حدة الهجرة بشكل ملموس على أرض الواقع مع أوروبا
تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT
ليبيا – تقدم نبيل أبو الخير رئيس الوفد المصري المشارك بمؤتمر الهجرة بالشكر للشعب والحكومة الليبية على حسن الضيافة، مشيراً إلى أن المؤتمر الافريقي الأوروبي للهجرة المنعقد في بنغازي كان له فعاليات مهمة وكبيرة.
أبو الخير قال في تصريح لقناة “ليبيا الحدث” الأحد وتابعته صحيفة المرصد إنه يجب الحد من الهجرة غير الشرعية وليبيا دولة معبر ولها دور فعال وبارز والمؤتمر كان الراعي له الدولة الليبية وكان قوي جداً وتنظيمات على اعلى مستوى ستجنى ثمارها في أقرب وقت كدول افريقيا واوروبا لأنه ليست الدول الافريقية التي تعاني.
وتابع “كشباب يطمح أن ينال مستقبل أفضل وحياة كريمة وأنه يرى أنه يحقق مالم يحققه في بلاده، لذلك يهاجر لدول اوروبية وهجره غير شرعيه ويصطدم بالواقع المرير والمعاناة وممكن ان يدفع ثمن ذلك حياته والموضوع كبير وخطير وفي منتهى الاهمية واشكر الدولة الليبية أنها فتحت هذا الملف الشائك والمهم”.
وأوضح أن الملف خطر جداً بالنسبة لإفريقيا ودول أوروبا، مشيراً إلى أن الصندوق الذي تمت فعاليته وانطلق مشترك بين أوروبا وافريقيا في الواقع عندما ينتج ثماره سيكون عائد كبير على دول افريقيا واوروبا وسيحد من الهجرة غير الشرعية.
ونوّه إلى محاولته العمل على توعية وتنمية وتدريب الشباب وتنمية بشريه ونحييهم بوطنهم وأي انسان يستطيع أن يحقق طموحه داخل دولته بعيداً عن الهجرة غير الشرعية بحسب قوله.
وأفاد أن أبرز مخرجات المؤتمر القابلة للتنفيذ، تتمثل بالصندوق الذي تكلموا عنه والتنمية المستدامة، مشيراً إلى محاولة عمل تمنية في كل القطاعات وتوفير حياة كريمة للشباب في افريقيا وهذا الصندوق سيكون له فعاليات كبيرة.
وأكد على أن دول أفريقيا يجب أن تعمل جاهداً للقضاء على شركات الاتجار بالبشر لأنها خطيرة منبثقة من أفريقيا نفسها ويهمها الربح فقط ولا ينظر للضحية والقوارب المتهالكة والاتجاه الملاحي واتباع قوانين الملاحة في البحر لا يتبعها، هو يغامر بأرواح الناس مقابل الأموال لذلك لابد من القضاء على هذه الشركات بالتعاون مع الدول الاوروبية والافريقية ودول المعبر.
وأضاف “احي الدولة الليبية التي ساهمت في أن يكون لها دور قوي في القضاء على الهجرة غير الشرعية وتجار البشر، تحدثت عن بعض النقاط في إسبانيا وإيطاليا أكثر الدول المتضررة من الهجرة غير الشرعية وانها اعطت سنة في اسبانيا لتقنين أوضاع المهاجرين ويحولون الوضع لوضع قانوني قائم دول أوروبا تعاني بشكل رهيب وسوء الحالة الاقتصادية في العالم والتضخم الاقتصادي وهناك جرائم كثيرة تحدثت عنها في المؤتمر بسبب الهجرة، المهاجرين بشكل عام لهم دور سلبي على الدول الاوروبية والافريقية”.
وشدد على أن اشكالية أوروبا ومطالبها باغلاق الحدود لم تحل بشكل عام وبشكل كبير ليبيا ومصر ساهموا في هذا الملف وكدول معبر، منوهاً إلى أن ليبيا ومصر ساهموا وقلصوا من حدة الهجرة وكان هذا ملموس على أرض الواقع مع دول أوروبية.
وفي الختام أكد على ضرورة وجود تعاون بين الدول الاوروبية والافريقية بالإضافة لتعاون مشترك مع خفر السواحل وتبادل معلومات بين الحكومات.
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: الهجرة غیر الشرعیة
إقرأ أيضاً:
حين تمنح المفردات الشرعية: تنبيه للإعلاميين السودانيين
ها قد أعلنت قوات الدعم السريع وأتباعها من المدنيين والحركات المتمرّدة تشكيل حكومةٍ سرعان ما بدأ الإعلام في الإشارة إليها بمصطلح (حكومة تأسيس). يعكس هذا الإعلان، في جوهره، تحوُّلاً في الإستراتيجية بعد فشل الدعم السريع في إحكام السيطرة على العاصمة، والتمدُّد شرقًا وشمالًا. أمام هذا العجز، جاء هذا الإعلان على سبيل التعويض الرمزي بإنشاء كيانٍ مدني ورقي يحاول التغطية على القصور العسكري، وترسيخ وجودٍ إعلامي افتراضي يخلق شرعيةً بديلة، ربما تمهيدًا لدورٍ تفاوضي دولي أو قبول سياسي إقليمي. غير أن الأخطر من هذا الإعلان في ذاته هو كيفية التعامل معه إعلاميًا.
وسط هذه المعمعة، يجب أن نُذكّر بأن اللغة ليست محايدة، وفي ظلّ بيئات النزاع، كالتي نعايشها الآن، لا تكون اللغة مجرَّد وسيلة للتوصيل، بل تتحوَّل إلى أداة صراعٍ رمزي. ومن نافلة القول إن مسؤولية الإعلام لا تتوقَّف عند نقل الأحداث، بل تشمل كيفية توصيفها. وحين تصبح اللغة أداة شرعنة أو تجريم، فإن التدقيق في كلّ مصطلح واجبٌ مهني وأخلاقي.
في سياق الإعلان المشار إليه آنفًا، فإن استعمال الإعلاميين والكتّاب والمراسلين مصطلح (حكومة تأسيس) وما في حُكْمِه بلا تحفُّظ من شأنه إضفاء شرعيةٍ ذهنية وسياسية غير مستحقَّة؛ إذْ ترسّخ هذه الاستعمالات في اللاوعي الجمعي صورةً لكيانٍ حقيقي وفاعل ومستقر. ومع التكرار، يحدث ما يسمّيه علماء النفس واللسانيات بـ(تثبيت المفهوم بالاعتياد)؛ أي أن شيوع الكلمة يُنتج واقعًا جديدًا في ذهن المتلقّي في الداخل والخارج، ويدفعه تكرارها بلا تفكيكٍ أو تشكيك إلى التعامل مع هذا الكيان الورقي كما لو كان سلطةً ماثلة، تمتلك صفات الدولة ومؤسَّساتها. وهنا يتسرَّب الوهم إلى الإدراك العام، ويصبح الإعلام شريكًا، عن غير قصد، في تعويم كيانٍ بلا مشروعية، وربما في إرباك الرأي العام، وإضعاف وضوح الصراع الحقيقي الذي يدور في البلاد بين دولةٍ تُختطَف، وميليشيا تحاول تلبُّس ثوب المدنية.
هناك أمثلة كثيرة في التاريخ الحديث يتجلَّى فيها دور اللغة في ترسيخ مفاهيم قد تكون غير دقيقة أحيانًا، أو لترويج تصوُّراتٍ محدَّدة في أحيان أخرى. فعلى سبيل المثال، كرَّرت وسائل الإعلام اسم تنظيم الدولة الإسلامية في سنواته الأولى كما هو، وهو ما ساهم في ترسيخ صورة (الدولة) في ذهن الرأي العام العالمي. لاحقًا، صحَّحت المؤسسات الإعلامية الكبيرة مسارها، وبدأت تقول (ما يُسمَّى بالدولة الإسلامية)، أو تستعمل المختصر (داعش) أو كلمة (تنظيم) لتُضعِف فكرة الدولة. كما أدَّى ترديد كلمة (الشرعية) في عبارة (الحكومة الشرعية في اليمن) إلى تكريس هذه الصورة ذهنيًا، حتى بدت وكأنها تملك زمام السلطة فعليًا، رغم وجودها في الخارج.
ودأبت بعض وسائل الإعلام على تجنُّب مصطلح (إسرائيل) إلا في حالات الاقتباس، والاستعاضة عنه بعبارة (الكيان الصهيوني)، واستعمال مصطلح (قوات الاحتلال) أحيانًا بدلاً من (القوات الإسرائيلية)، مقاومةً للاعتراف الرمزي، وهو قرارٌ لغوي نابع من موقفٍ سياسي واضح.
هذه الحساسيَّة في اختيار الألفاظ مهمّة جدًا، لأنها تعكس المواقف؛ فعلى سبيل المثال، وصفت قناة الجزيرة أزمة قطر مع دول الخليج عام 2017 بـ(الحصار)، بينما سَمّتها القنوات السعودية والإماراتية (مقاطعة)، وهو ما يعكس اختلافًا في الزاوية السياسية والإعلامية لتأطير الأزمة. وعلى نحوٍ مماثل، كانت الجزيرة تصف الإطاحة بالرئيس المصري الراحل محمد مرسي عام 2013 بأنها (انقلاب)، بينما صوَّرتها وسائل إعلام أخرى على أنها (ثورة)، وهو اختلافٌ تحريري يعكس التوجُّه السياسي لكلّ وسيلة. كما لوحظ اعتماد الإعلام السعودي كلمة (وفاة) عند الحديث عن قتلى سعوديين أو مقيمين، مقابل استعمال كلمة (قتل) ومشتقَّاتها عند الإشارة إلى قتلى الحوثيين. هذا التباين ليس لغويًا فحسب، بل يعكس موقفًا تحريريًا من كلّ حالة، ويُظهِر كيف يُستعمَل اللفظ للتقليل من وقع الخسائر (الوطنية)، أو لتأجيج العداء تجاه الآخر. وبالنظر إلى مصطلح (suicide bomber)، فقد تباينت ترجماته حسب القناة والسياق، فتراوحت بين (انتحاري)، و(فدائي)، و(استشهادي).
من هذا المنطلق، نوصّي الإعلاميين السودانيين والمدوّنين، وحتى الكُتَّاب في منشوراتهم الشخصية على وسائط التواصل الاجتماعي، بعدم استعمال مصطلح (حكومة تأسيس)، بل الاستعاضة عنه بعبارات مثل، (كيان تأسيس)، أو (ما يُعرَف بحكومة تأسيس)، أو (الكيان المدني التابع لقوات الدعم السريع) بحسب السياق. ولمَّا كانت الكلمة موقفًا، والتوصيف مسؤولية، فلا تمنحوا الشرعية مجانًا لهذا الكيان الذي وُلِد ميتًا، وهو أقرب إلى ورقة ضغطٍ سياسية وإعلامية من مشروع دولةٍ بديلة. هذا الكيان قد يعيش بعض الوقت بوصفه مظلةً تجميلية لقوةٍ عسكرية غير شرعية، لكنه لا يملك في صيغته الحالية مقوّمات السيادة، أو الديمومة، أو القبول الشعبي والدولي.
والأخطر من الاعتراف الضمني بهذه الكيانات هو تطبيع وجودها عبر التكرار اللغوي. وهذا ما يجب أن يتفاداه الإعلامي المسؤول؛ لأن الكلمات، في نهاية المطاف، ليست أدوات نقلٍ فحسب، بل أدوات خلقٍ للواقع أو تشويهه.
فمن يُعيد للمفردات حيادها؟ ومن يحمي الوعي من سطوة التكرار؟
خالد محمد أحمد