تعيش الكويت عهدا جديدا بعد قرار أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، حل مجلس الأمة (البرلمان)، ووقف العمل ببعض مواد الدستور لمدة قد تصل إلى أربع سنوات.

واتخذ الشيخ مشعل قرارا حاسما بإقصاء البرلمان من المشهد إلى أجل غير مسمى، وأعطى وعودا بمحاربة الفساد والترهل في مؤسسات الدولة.

وبرر الأمير قراره بسبب "الجو غير السليم الذي عاشته الكويت في السنوات السابقة"، والذي "شجع على انتشار الفساد ليصل إلى أغلب مرافق الدولة بل ووصل إلى المؤسسات الأمنية والاقتصادية مع الأسف".



واستكمل الشيخ مشعل قراراته التي تؤسس إلى "عهد جديد" في الكويت قبل أيام، بتزكية الشيخ صباح الخالد وليا للعهد.

من الاستجواب إلى الصدارة
قبيل الخطاب المفاجئ للشيخ مشعل في العاشر من أيار/ مايو الماضي، كان اسم وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف الصباح محل جدل واسع داخل مجلس الأمة.

وتحدث نواب في المجلس بشكل صريح عن رفضهم وجود فهد اليوسف في أي تشكيلة حكومية مقبلة، مهددينه بالاستجواب في حال تسميته وزيرا مرة أخرى.

وعلى نحو متسارع، أُقصي البرلمان برمته من المشهد بقرار أميري، واعتلى اليوسف حقيبة الداخلية مجددا في حكومة أحمد عبدالله الأحمد الصباح، وأصبح نائبا أول لرئيس مجلس الوزراء، ووزيرا للدفاع، ووزيرا للداخلية.


ضوء أخضر
تصدر الشيخ فهد اليوسف المشهد في وقت مبكرا هذا العام من خلال فتحه ملف سحب الجنسيات، أو "سحب الجناسي" كما يُطلق عليه في الكويت.

وبعد شد وجذب مع مجلس الأمة، حسم أمير البلاد الشيخ مشعل الملف، بمنحه كامل الصلاحيات لوزارة الداخلية في قضية سحب الجنسيات.

وقال الشيخ مشعل في خطابه إياه "لابد أن أوضح بشكل لا لبس فيه أو غموض، أن الأمن مسألة في غاية الأهمية وسوف نولي جل اهتمامنا لتحقيق هذه الغاية فنعيد النظر في قوانين الأمن الاجتماعي أولا".

وتابع "فمن دخل البلاد على حين غفلة وتدثر في عباءة جنسيتها بغير حق ومن انتحل نسبا غير نسبه أو من يحمل ازدواجا في الجنسية أو وسوست له نفس أن يسلك طريق التزوير للحصول عليها واستفاد من خيرات البلاد دون حق، وحرم من يستحقها من أهل الكويت".

وأضاف "فالدولة تقوم على دعامتين أساسيتين الأمن والقضاء.. فكل هذه الظواهر السلبية لن تبقى وسوف يعاد النظر فيها وفقا لخطوات مدروسة متأنية يتولاها رجال ثقات من أهل الكويت".


"حزم" في غياب البرلمان
في غياب مجلس الأمة عن المشهد، وعدم إلزام عرض بعض القرارات عليه، اتخذ وزير الداخلية الشيخ فهد اليوسف قرارات حازمة فيما يتعلق بالجنسية، وقضايا أخرى.

وصدر مرسوم أميري بتشكيل "اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية"، بقيادة وزير الداخلية، لتستكمل إجراءات سحب الجنسيات من عشرات المواطنين.

وتُسحب الجنسية الكويتية بسبب إمام "التزوير" أو الازدواج (حمل جنسية أخرى)، أو في حالات نادرة تتعلق بـ"المصلحة العليا للدولة".

وقال اليوسف في تصريح إن هدفه هو "تكريس العدالة ومحاربة أوجه الفساد والمحافظة على الهوية الوطنية".

ومدّدت وزارة الداخلية مهلة أخذ البصمة البيومترية للمواطنين، والتي من بين أهدافها كشف وجود سجل مدني في دولة أخرى.

إلا أن بعض قرارات فهد اليوسف أثارت جدلا واسعا فيما يتعلق بقضية "الجنسية"، مثل تخصيص خط ساخن ليمكن المواطنين من الإبلاغ عن حالات يشتبه في تزويرها الجنسية، أو حصولها على جنسية أخرى.

واعتبر مواطنون وبرلمانيون سابقون أن هذه الخطوة من شأنها الإضرار في السلم المجتمعي، لا سيما أنها قد تتضمن بعض الشكاوى الكيدية.
الاخ وزير الداخلية
لايليق بوزارة الداخلية أن تجعل من الهوية الوطنية مادة للسجال
ولا من اللائق ان يجند جزء من الشعب مخبرين بطلب من وزير الداخلية الذي تنازل لهم عن صلاحياته

وأصبح من الواجب الحتمي فرض رقابة القضاء علي مسائل الجنسية حتى لا يصدر من الدولة مثل هذا البيان الشاذ pic.twitter.com/RNDrkvNK81 — د.عبيد الوسمي (@Dr_alwasmi) March 15, 2024
وأصدر الشيخ فهد اليوسف قرارات في إطار سياسة "الحزم" التي يتخذها، ومنها تحويل عمل المحققين في المخافر من المناوبات، إلى التواجد الكامل على مدار 24 ساعة.

كما وجه الشيخ اليوسف بالبدء في تحطيم وكبس المركبات التي يقوم أصحابها بالقيادة بشكل "مستهتر"، مما يعرض أمن المواطنين والمقيمين للخطر.


صلاحيات إضافية

بالإضافة إلى "اللجنة العليا لتحقيق الجنسية الكويتية"، أسندت عدة مهام وصلاحيات أخرى إلى وزير الداخلية فهد اليوسف.

حيث صدرت مراسيم بنقل تبعية الإدارة العامة للجمارك إلى الداخلية، إضافة إلى إلحاق الهيئة العامة للمعلومات المدنية بالداخلية التي يقودها الشيخ فهد اليوسف.

وقبل أسابيع، ترأس فهد اليوسف اجتماعاً مع الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية "البدون"، بحضور رئيس الجهاز صالح الفضالة.

وجاء الاجتماع بعد إعلان السلطات الكويتية أن من تم سحب جنسيته وعدده يصل إلى 200 شخص، أصبحوا من فئة "البدون".

من هو فهد اليوسف؟
فهد اليوسف الذي يتصدر المشهد حاليا، هو شيخ من الأسرة الحاكمة، ورجل عسكري عمل ضابطا في الحرس الأميري، وتدرج وصولا إلى تقاعده برتبة عقيد. 

اكتسب اليوسف شعبية كبيرة إبان الغزو العراقي للكويت عام 1990، حيث قاد السيارة التي خرج فيها أمير البلاد حينها الشيخ جابر الأحمد الصباح، وولي عهده الشيخ سعد العبدالله الصباح، وذلك من قصر دسمان إلى الحدود السعودية.

وقال اليوسف في مقابلة إنه أصر على إخراج الشيخ جابر من الكويت رغم خطورة الموقف حينها، حيث كانت المروحيات العراقية تحاصر المنطقة، وترصد الموكب.



المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الكويت فهد اليوسف وزارة الداخلية الكويت وزارة الداخلية مشعل الاحمد فهد اليوسف المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشیخ فهد الیوسف وزیر الداخلیة الشیخ مشعل مجلس الأمة

إقرأ أيضاً:

أردوغان يعيد إحياء معركة الدستور.. ما موقف المعارضة وكيف يبدو المشهد؟

أعاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الحديث عن وضع دستور جديد للبلاد إلى واجهة المشهد السياسي الداخلي مجددا، على الرغم من التباين بين المعارضة والحكومة في هذا الخصوص.

وشدد الرئيس التركي مرارا وتكرارا على ضرورة إنجاز دستور مدني جديد للبلاد بدلا من الدستور الحالي الذي وضع بعد انقلاب عسكري وقع عام 1982.

ويرى أردوغان الذي دشن حملة "دستور جديد مدني" عام 2021، أن دستور عام 1982 "أكبر خنجر زُرع في قلب البلاد"، ويعتبر أن بقاء هذا "الدستور الانقلابي" مسيطرا على الدولة يعد سببا في تغذية "الشكوك حول نضج الديمقراطية التركية".

وفي أحدث تصريحاته، قال أردوغان إنه كلف 10 قانونيين لبدء العمل على صياغة دستور جديد بعد عطلة عيد الأضحى، مؤكدا في الوقت ذاته أن هذه المساعي ليست نابعة عن مصالح شخصية.


وأضاف أردوغان في كلمة له بالعاصمة أنقرة "نحن لا نريد دستورا جديدا من أجل رجب طيب أردوغان، بل من أجل 86 مليون مواطن. إذا كان الهدف من الدستور هو فتح الطريق لنفسي، فهذا غير وارد. هدفنا هو بناء مستقبل تركيا".

وتابع بالقول "كلفت 10 من أصدقائنا القانونيين. سنقوم من خلال هذا العمل بمتابعة التحضيرات لصياغة الدستور الجديد. ونأمل هذه المرة، في إطار تحالف الجمهور، أن نتمكن من الالتقاء على أرضية مشتركة بمساهمة باقي الأحزاب السياسية في البرلمان".

كما أوضح أردوغان في تصريحات منفصلة الأسبوع الماضي، عدم نيته في الترشح للانتخابات الرئاسية مجددا، وذلك في رده على ادعاءات المعارضة بشأن سعيه إلى إقرار دستور جديد يضمن له الترشح لولاية رئاسة جديدة.

المعارضة تتوجس من "دستور مفصل على المقاس"
في المقابل، تُبدي المعارضة التركية تحفظا واضحا على المساعي الرئاسية الأخيرة، وتربط موافقتها المبدئية على الانخراط في النقاش الدستوري بضرورة التزام الحكومة أولا بالدستور القائم.

وقال زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض، أوزغور أوزيل، إن "أردوغان ليس في موقع يمكنه من تحديد قواعد اللعبة"، حسب تعبيره.

وأضاف أوزيل في تصريحات لقناة "هالك تي في" في وقت سابق هذا الأسبوع، "يدعونا لصياغة دستور وكأننا نعيش في دولة ديمقراطية، بينما لا تزال شخصيات معارضة خلف القضبان".

وتابع زعيم أكبر أحزاب المعارضة بسخرية: "هذا أمر غير معقول. لا أستطيع إعداد طبق من المانمن (طبق شعبي تركي) معك، فكيف أُعد دستورا؟".

وترى المعارضة أن المساعي الدستورية قد تحمل في طياتها نية لإعادة ترشيح أردوغان لولاية رئاسية جديدة، رغم الجدل القانوني والدستوري حول ذلك.

من جهته، حذر رئيس حزب "الرفاه من جديد"، فاتح أربكان، الذي خاض الانتخابات الأخيرة ضمن تحالف "الجمهور" وانفصل عنه لاحقا، من أي محاولة لصياغة "دستور مصمم لشخص واحد".

وقال في تصريحات صحفية "إذا كان الغرض من إعداد الدستور هو ضمان إعادة انتخاب السيد الرئيس وتسهيل ذلك، فإننا نؤكد أنه لا ينبغي أن يكون هناك دستور مصمم لشخص واحد، وسنكون ضده".

البرلمان في قلب المعادلة
من الناحية التشريعية، يواجه تحالف "الجمهور" المكون من حزبي "العدالة والتنمية" و"الحركة القومية" تحديات جدية، إذ لا يملك الأغلبية المطلوبة في البرلمان التركي لتمرير تعديلات دستورية.

بحسب القانون، يشترط تمرير التعديلات الدستورية تصويت 360 نائبا من أصل 600 على الأقل، بينما يملك التحالف 321 نائبا فقط، ويحتاج إلى دعم 39 نائبا إضافيا من المعارضة.

لهذا، يسعى أردوغان إلى حشد دعم أوسع من القوى السياسية المعارضة عبر التوصل إلى توافق ما يسمح بتمرير التعديلات الدستورية عبر البرلمان.


وكان رئيس البرلمان التركي  نعمان كورتولموش أطلق العام الماضي مشاورات مع الأحزاب السياسية لبحث سبل التوافق على صياغة دستور مدني جديد.

ومن بين هذه الأحزاب حزب "المستقبل" بقيادة أحمد داود أوغلو (10 نواب)، و"ديفا" لعلي باباجان (15 نائبا) و"السعادة" (23 نائبا)، و"الرفاه من جديد" (5 نواب).

لكن هذه المشاورات فقدت زخمها بعد مدة وجيزة من الإعلان عنها العام الماضي، في حين شهدت تركيا مؤخرا حدثا وصف بالتاريخي من شأنه أن يغير ملامح المشهد السياسي الداخلي، حيث توصلت الحكومة بدفع من القوميين الأتراك إلى اتفاق أفضى إلى إعلان حزب "العمال الكردستاني" حل نفسه وإلقاء السلاح وإنهاء الصراع مع الدولة التركية.

ويرى مراقبون أن التقارب غير المسبوق بين القوى الكردية السياسية بقيادة حزب "ديم" والقوميين الأتراك، قد يسحب ورقة ضغط كانت ترفعها المعارضة في كل استحقاق انتخابي ضد أردوغان وتحالفه.

كما من الممكن أن يتوصل تحاف الجمهور إلى توافق مع حزب "ديم" من شأنه أن يدعم مساعي أردوغان لإقرار دستور جديد، بما لا يمس بالمواد الأربع الأولى من الدستور.

"الخط الأحمر" في معركة الدستور
تمثل المواد الأربع الأولى من الدستور التركي حجر الزاوية في كل جدل دستوري، حيث تنص على المبادئ الجوهرية للدولة التركية، وتحظر المادة الرابعة بشكل صريح تعديلها أو حتى اقتراح تعديلها.

وتنص هذه المواد على أن الدولة التركية جمهورية (المادة 1)، وأنها "دولة قانون ديمقراطية علمانية اجتماعية" متمسكة بمبادئ مصطفى كمال أتاتورك (المادة 2)، وأنها "دولة واحدة غير قابلة للتجزئة" لغتها التركية، وعاصمتها أنقرة (المادة 3)، فيما تحظر المادة الرابعة تعديل أو اقتراح تعديل هذه المواد.


وتبدي المعارضة عادة حساسية خاصة تجاه المادة الثانية تحديدا، التي تنص على علمانية الدولة. ويعتبر حزب الشعب الجمهوري، الذي أسسه أتاتورك، أن أي نقاش في المادة الرابعة هو محاولة للانقضاض على روح الجمهورية.

وقال أوزغور أوزيل في تصريحات سابقة "سوف نضحي بحياتنا إذا لزم الأمر من أجل المواد الأربع الأولى من الدستور. والضامن لتلك المواد الأربع هو حزب الشعب الجمهوري".

وكان الجدل تجدد العام الماضي حول هذه المواد بعدما أطلق رئيس حزب "هدى بار" زكريا يابيجي أوغل دعوة لإمكانية تعديل المادة الرابعة، ما دفع المعارضة للرد بشدة، معتبرة أن "من يفتح نقاش المادة الرابعة، يستهدف بالضرورة علمانية الدولة كما نصت عليها المادة الثانية".

وكان حزب "العدالة والتنمية" الحاكم بقيادة أردوغان، شدد في أكثر من مناسبة على موقفه الداعم لعدم المساس بالمواد الأربع الأولى من الدستور بأي شكل من الأشكال.

مقالات مشابهة

  • للمتزوجين من أجنبية .. اعرف الأوراق المطلوبة لحصولها على الجنسية
  • بعد تسهيلات التجنيس.. عدد الأجانب الذين يحصلون على الجنسية الألمانية يفوق 250 ألفا عام 2024
  • في سابع محطاته العربية.. الشرع يحط في الكويت لتعزيز التعاون الإقليمي
  • إيمان خليف في عين العاصفة مجددًا: قواعد جديدة حول الهوية الجنسية تثير الجدل
  • برلماني: الرئيس السيسي يقود الدولة بثبات في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية
  • مصدر برئاسة الجمهورية لـ سانا: السيد الرئيس أحمد الشرع يزور غداً الأحد دولة الكويت الشقيقة، تلبيةً لدعوة كريمة من صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت
  • اليمن.. من أم الرشراش إلى حيفا.. قراءة في تحولات المشهد ودلالاته
  • أحدهما أردني الجنسية.. السعودية تعلن إعدام 3 أشخاص وتكشف هويتهم وتفاصيل ما أدينوا به
  • أردوغان يعيد إحياء معركة الدستور.. ما موقف المعارضة وكيف يبدو المشهد؟
  • إعلان هام من الداخلية الكويتية لمن سحبت منهن الجنسية