أعلن الاتحاد الأوروبي عن زيادة كبيرة في الرسوم الجمركية على واردات السيارات الكهربائية الصينية، مما يمثل انتكاسة كبيرة لجهود الرئيس شي جين بينغ لإقناع بروكسل بعدم اتباع نهج واشنطن المتشدد بشكل متزايد بشأن التجارة.

وقد تم تحديد الرسوم المخطط لها، والتي تأتي بعد تحقيق استمر لعدة أشهر في الدعم الصيني، على الرغم من تحذيرات بكين من أن فرض إجراءات عقابية من شأنه تعطيل التجارة والتعاون الاقتصادي.

وتختلف الرسوم عبر الشركات ولكنها ستصل إلى 48 بالمئة بالنسبة إلى شركات صناعة السيارات التي حكم عليها بعدم تعاونها مع تحقيق الاتحاد الأوروبي. على الرغم من أن هذه النسبة أقل بكثير من نسبة 100 بالمئة التي فرضتها الولايات المتحدة الشهر الماضي، إلا أنها تشكل عقبة جديدة أمام سوق السيارات الصينية سريعة النمو.

هل ستُبطئ الرسوم الجمركية مساعي الصين في مجال المركبات الكهربائية في أوروبا؟

قال بيل روسو، الرئيس السابق لشركة كرايسلر في الصين ومؤسس شركة استشارات Automobility في شنغهاي، إن الرسوم ستعزز توطين تصنيع السيارات الكهربائية في أوروبا ويمكن أن تكون إيجابية للمنافسة، بحسب تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز، اطلعت عليه سكاي نيوز عربية.

وبدأت الشركات الصينية بالفعل الاستثمار بكثافة في صناعة السيارات والبطاريات في أوروبا، بما في ذلك المصانع التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات في هنغاريا التي تعد صديقة للصين.

ومع ذلك، قال روسو إن معدلات الرسوم الجمركية في الاتحاد الأوروبي لن تفعل الكثير للوقوف في طريق نمو مبيعات BYD، المجموعة الصينية التي تزاحم وتنافس تسلا الأميركية على لقب أكبر شركة مصنعة للسيارات الكهربائية في العالم".

وقال "هل ستبطئهم؟.. الإجابة: لا ... إذا وضعت هذا النوع من التعرفة على رأس هيكل التكلفة الصيني، فسيظل أفضل من حيث التكلفة من أي شيء يمكن لشركات صناعة السيارات الأوروبية القيام به حاليًا".

قدر محللو سيتي أنه حتى مع التعريفات المخطط لها، لا تزال عمليات التصدير الأوروبية لشركة BYD "بي واي دي" بإمكانها أن تحقق هامش ربح صافي يزيد عن 8 بالمئة بأحجام الإنتاج الحالية - وهو أكثر ربحية من أعمالها المحلية.

قال ييل تشانغ، المدير الإداري لشركة أوتوموتيف فورسايت الاستشارية التي يوجد مقرها في شنغهاي: "حتى لو كانت العلامات التجارية الصينية للسيارات الكهربائية تبيع سياراتها في أوروبا بسعر أعلى بنسبة 50 بالمئة من أسعار التجزئة المحلية، فإنها لا تزال تنافسية للغاية".

كم قدمت الدولة الصينية من دعم لصناعة السيارات الكهربائية؟

يروج الرئيس الصيني للسيارات الكهربائية إلى جانب الألواح الشمسية والبطاريات كركائز للتصنيع التكنولوجي العالي في الصين.

وفقًا لتقديرات مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، وهو مركز أبحاث أميركي، فقد تجاوز إجمالي الإنفاق الحكومي الصيني على قطاع السيارات الكهربائية 125 مليار دولار بين عامي 2009 و2021. وكان الإنفاق الصناعي الصيني هو الأعلى بين أكبر الاقتصادات في العالم.

وقال باحثو مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إن أرقامهم متحفظة ويخيم عليها افتقار الصين للشفافية.

وقد ساعد الدعم الحكومي في تحويل الصين إلى أكبر منتج للسيارات الكهربائية وبطارياتها وجميع المكونات والتكنولوجيا الرئيسية تقريبًا التي تدعم هذه السيارات.

هل سيرد شي؟

زار الرئيس شي جين بينغ أوروبا الشهر الماضي في رحلة قال مسؤولون صينيون إنها تهدف إلى حد كبير إلى تخفيف التوترات المتزايدة بشأن التجارة.

ونددت الصين الأربعاء بالتعريفات الجمركية المقررة من قبل الاتحاد الأوروبي ووصفتها بأنها "حمائية صارخة" تفتقر إلى "أساس واقعي وقانوني".

وقالت وزارة التجارة الصينية الأربعاء، إن الصين مستاءة بشدة من الخطة الأوروبية لفرض رسوم مؤقتة على واردات السيارات الكهربائية الصينية، مشيرة إلى أن هذه الخطوة تتجاهل الحقائق وقواعد منظمة التجارة العالمية.

ولم تحدد بكين كيف يمكن أن يكون ردها، لكنها قالت إنها "ستتخذ كل الإجراءات اللازمة" لحماية مصالح الصين.

اقترح الخبراء والمجموعات الصناعية الصينيون خيارات تتراوح بين إجراء تحقيق حول منتجات الألبان الأوروبية ورفع الرسوم الجمركية على واردات المركبات الأكبر والأكثر فخامة، وذلك وفقًا لوسائل الإعلام الحكومية.

في يناير، أطلقت الصين تحقيقًا لمكافحة الإغراق على واردات الكونياك الفرنسي، معاقبة باريس للدفاع عن تحقيق المركبات الكهربائية.

ومع ذلك، لم ترد بكين بعد على الرسوم الجمركية الأميركية، وحذر بعض خبراء التجارة الصينيين الرئيس شي جين بينغ من أن معركة بالمثل مع واشنطن يمكن أن تضر ثاني أكبر اقتصاد في العالم. كما أن بكين قد لا ترغب في خوض حروب تجارية مع كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في وقت واحد.

وقال كوي دونغشو، الأمين العام لجمعية سيارات الركاب الصينية، إن تحرك الاتحاد الأوروبي سيحد من قدرة المستهلكين الأوروبيين على الوصول إلى البضائع الصينية المنتجة "عالية الجودة وبأسعار منخفضة". وقال كوي: "هذا معاملة غير عادلة للشركات الصينية، ونعتقد أن الصين ستتوصل إلى إجراءات مضادة ضد الاتحاد الأوروبي".

ما حجم الألم الاقتصادي الذي ستسببه الرسوم الجمركية للصين؟

وفقًا لمحللين في مجموعة روديوم المتخصصة بالأبحاث الاقتصادية، قامت الصين، أكبر شريك تجاري للاتحاد الأوروبي، بتصدير سيارات كهربائية بقيمة 10 مليار يورو إلى الاتحاد في عام 2023. ويقارن هذا بإجمالي الصادرات الصينية البالغ 3.4 تريليون دولار، حيث يذهب حوالي 500 مليار دولار ما يعني نحو 15 بالمئة إلى الاتحاد الأوروبي ومثلها تقريبا إلى الولايات المتحدة.

أصبح جنوب شرق آسيا أكبر وجهة تصدير للصين في السنوات الأخيرة، متجاوزًا قليلاً كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

فقد أظهرت بيانات الصادرات الأسبوع الماضي زيادات حادة في الصادرات إلى كل من جنوب شرق آسيا وأميركا اللاتينية، وهي الأسواق التي وسعت فيها شركات صناعة السيارات الكهربائية الصينية عملياتها.

اقترحت هوي شان، كبير خبراء الاقتصاد الصيني في غولدمان ساكس، أن الحكومة كانت "تؤكد استراتيجيًا على الصادرات إلى الأسواق الناشئة، مع العلم أن الولايات المتحدة وأوروبا قد تزيدان من الحواجز التجارية".

ووجد تقرير لبنك غولدمان ساكس الأميركي في الشهر الماضي أنه في نهاية عام 2023، شكلت المركبات الكهربائية والخلايا الشمسية و"بطاريات الليثيوم أيون" مجتمعة 4.5 بالمئة من إجمالي الصادرات الصينية، ارتفاعًا من واحد بالمئة في عام 2018. وكان الاتحاد الأوروبي أكبر مستورد، لكن البنك أشار إلى أن معظم الإنتاج كان مخصص " للاستهلاك المحلي ".

وقال محللو غولدمان ساكس: "قد يكون التأثير على قطاعات معينة كبيرا، لكن الآثار المترتبة على الاقتصاد الكلي للصين ستكون محدودة".

هل ستستمر أوروبا في فرض الرسوم الجمركية؟

تقود ألمانيا مجموعة من الدول التي تعارض الرسوم الجمركية خوفا من رد فعل صيني. وقال المستشار الألماني أولاف شولتس إن مثل هذا الإجراء "في النهاية يجعل كل شيء أكثر تكلفة، والجميع أكثر فقرا".

وضغطت العديد من شركات صناعة السيارات الأوروبية على حكوماتها ضد هذه الخطوة. وترى بعض الشركات أن إعلان الرسوم الجمركية هو بمثابة "طلقة افتتاحية" في المفاوضات. ويمكن للصين أن تعمل على نزع فتيل الموقف من خلال الموافقة على الحد من الصادرات أو فتح سوقها بشكل أكبر.

وقال فالديس دومبروفسكيس، مفوض التجارة بالاتحاد الأوروبي، الأربعاء إنه منفتح على مناقشة "طرق أخرى ممكنة لمعالجة هذا الوضع" مع بكين.

في حالة عدم التوصل إلى اتفاق، سيحتاج معارضو الرسوم الجمركية الجديدة إلى تصويت 15 دولة عضوًا ضدها قبل أن تصبح نهائية ونافذة اعتبارا من الثاني من نوفمبر.

يعرب مسؤولو الاتحاد الأوروبي عن ثقتهم في قدرتهم على إبقاء عدد كاف من الحكومات إلى جانبهم. وقال أحدهم: "إذا لم نتمكن من التحرك الآن، فلن نفعل ذلك أبدا".

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات الرسوم الدعم الصيني كرايسلر الشركات الصينية المصانع الرسوم الجمركية الاتحاد الأوروبي تسلا بي واي دي السيارات الكهربائية آسيا غولدمان ساكس ألمانيا الرسوم الجمركية رسوم فرض رسوم السيارات الكهربائية السيارات الصينية صادرات سيارات الصين أوروبا والصين الرسوم الدعم الصيني كرايسلر الشركات الصينية المصانع الرسوم الجمركية الاتحاد الأوروبي تسلا بي واي دي السيارات الكهربائية آسيا غولدمان ساكس ألمانيا الرسوم الجمركية اتحاد أوروبي للسیارات الکهربائیة السیارات الکهربائیة الاتحاد الأوروبی الرسوم الجمرکیة صناعة السیارات على واردات فی أوروبا تحقیق ا

إقرأ أيضاً:

انخفاض صادرات السيارات في المغرب بسبب ضعف الطلب الأوروبي


انخفضت صادرات صناعة السيارات في المغرب للشهر الرابع توالياً وسط ضعف الطلب في الاتحاد الأوروبي والتحول المتسارع نحو السيارات الكهربائية.

سجلت صادرات القطاع 49 مليار درهم (5.3 مليار دولار) خلال الأشهر الأربع الأولى من العام الجاري، بانخفاض سنوي يناهز 7%، وفقاً لبيانات مكتب الصرف، الجهاز الحكومي المعني بإحصائيات التجارة الخارجية. ورغم الانخفاض المستمر لا تزال هذه الصناعة أول قطاع تصديري في المملكة.

بلغت صادرات القطاع العام الماضي مستوى قياسي بنحو 157.6 مليار درهم. وقد تجاوز القطاع منذ سنوات قطاع الفوسفات الذي كان أكثر منتجات المغرب تصديراً.

تضم منظومة صناعة السيارات في المغرب شركتين كبيرتين، "رينو" و"ستيلانتيس"، حيث تصل نسبة المكوّن المحلّي في إنتاج السيارات حالياً إلى أكثر من 65%. يعمل في القطاع أكثر من 260 شركة تُشغّل ما يناهز 230 ألف عامل، وتبلغ القدرة الحالية 700 ألف سيارة، على أن ترتفع إلى مليون هذا العام بدعم مشاريع التوسعة في المصنعين.

أسباب تراجع صادرات السيارات المغربية

لم يصدر حتى الآن أي تفسير رسمي للتراجع المستمر في أهم قطاع تصديري في اقتصاد المملكة. قلل عضو في الجمعية المغربية لصناعة السيارات، التي تضم الشركات العاملة في القطاع، من هذا الانخفاض معتبراً أنه "مؤقت وأن الانتعاش سيظهر خلال الأشهر المقبلة". وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول له التصريح أن "أي قراءة للقطاع يجب أن تأخذ بعين الاعتبار السنة بأكملها".

يعود آخر انخفاض لصادرات السيارات في المغرب إلى عام 2020 حين انهار الطلب تحت تأثير أزمة "كوفيد-19". لكن القطاع عاد بعد ذلك بتسجيل نمو مستمر بأكثر من 10%.

سبب انخفاض صادرات السيارات في المغرب يوجد حتماً في الاتحاد الأوروبي حيث توجه الشركات المصنعة كامل إنتاجها. في بداية الشهر الجاري حذر رئيسا شركتي "ستيلانتيس" و"رينو" جون إلكان ولوكا دي ميو من ضعف الطلب في سوق الاتحاد. حيث قالا في تصريحات لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية بداية الشهر الجاري إن "سوق السيارات الأوروبية في تراجع منذ خمس سنوات، وهي السوق العالمية الرئيسية الوحيدة التي لم تعد إلى مستواها قبل جائحة كوفيد".

طباعة شارك صادرات السيارات صناعة السيارات الاتحاد الأوروبي السيارات الكهربائية

مقالات مشابهة

  • ترامب: لن تبقى لنا فرصة اقتصادية إذا لم نرد على الرسوم الجمركية بمثلها
  • الاتحاد الأوروبي يكشف عن تحرك جديد بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية
  • الصين ترفض اتهامات واشنطن بانتهاك اتفاق خفض الرسوم الجمركية
  • أمريكا: عدم اليقين القانوني بشأن الرسوم الجمركية لن يؤثر على المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي
  • ترامب يضاعف الرسوم الجمركية على الاتحاد الأوروبي
  • رد فعل أوروبي مباشر على رسوم ترامب الجمركية الجديدة على الصلب
  • السيارات الكهربائية الصينية تستعيد الصدارة أوروبيا رغم الرسوم الجمركية
  • حرب الرسوم تعود من جديد… ترامب يعلن ضربة مزدوجة ضدّ الصين والاتحاد الأوروبي
  • انخفاض صادرات السيارات في المغرب بسبب ضعف الطلب الأوروبي
  • اميركا تشتكي من الصين: "انتهكت تماماً" اتفاق الرسوم الجمركية