دون كتب أو معلمين.. ذراع إيران تدشن العام الدراسي في مناطق سيطرتها
تاريخ النشر: 14th, July 2024 GMT
دشنت ميليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، العام الدراسي الجديد في مناطق سيطرتها، وسط دعوات نادي المعلمين اليمنيين لبدء إضراب شامل من أجل المطالبة بصرف مرتباتهم المتوقفة منذ سنوات تحت شماعة "الحصار والحرب".
وكانت ميليشيا الحوثي المسيطرة على وزارة التعليم حددت يوم 13 يوليو، موعدا لتدشين العام الدراسي في مناطق سيطرتها.
وقالت مصادر تربوية في صنعاء، إن قيادات حوثية قامت بالنزول إلى مدارس صنعاء وتدشين العام الدراسي، متجاهلة النداءات المتكررة بشأن صرف مرتبات المعلمين المنهوبة من أكثر من 9 سنوات. موضحةً أن القيادات الحوثية المسيطرة على وزارة التربية والتعليم وجهت تحذيرات لكل المعلمين والمعلمات الرافضين لعملية تدشين العام الدراسي باتخاذ إجراءات عقابية بحقهم في حال استمرار رفضهم عن التدريس.
وتحاول الميليشيات الحوثية التهرب من التزام صرف مرتبات المعلمين رغم الإيرادات الضخمة التي تصل للخزينة العامة، وأيضا المبالغ الهائلة التي يتم جمعها بقوة السلاح من التجار ورجال الأعمال وأصحاب المصانع والمؤسسات التجارية.
ووفقاَ للمصادر فإن الميليشيات الحوثية لجأت للتعاقد مع الآلاف من أتباعها ممن لا يملكون خبرة أو مؤهلات علمية، وتوظيفهم كمعلمين من أجل مواجهة أية إضراب، على أن يتم صرف لهم حوافز مالية ضئيلة بشكل غير منتظم من صندوق دعم المعلم والتعليم الواقعة تحت سيطرتهم.
التهرب من صرف المرتبات برز بشكل كبير في تصريح القيادي الحوثي، خالد جحادر، المعين في منصب نائب وزير التربية والتعليم والذي ادعاء أن وزارته حريصة على إنجاح العملية التعليمية، وأن محاولة تعطيل التعليم يعود إلى ما يسمونه "العدوان" وهي الإسطوانة المشروخة التي ترددها القيادات الحوثية لتبرير فسادها وعجزها وعمليات النهب المنظمة التي تمارسها بحق المال العام.
المسؤول الحوثي تهرب عن ذكر أي تحركات لصرف مرتبات المعلمين، واقتصر السعي لتوفير الحافز -هو المبلغ المخصص لأتباعهم الذين تم تعيينهم كمعلمين. مؤكدا أن صرف الرواتب سيكون في المستقبل بعد تحرر اليمن من قوى الهيمنة- على حد وصفه.
كما أن تدشين العام الدراسي، ترافق مع توقف ميليشيا الحوثي عن صرف الكتب الدراسية للطلاب بالمجان، وإجبارهم على التوجه إلى السوق السوداء لشرائها وبأسعار مرتفعة.
وقال أولياء أمور إن أبناءهم عادوا من أول يوم دراسي دون أن يتسلموا الكتب المدرسية كما جرت العادة. موضحين أن المشرفين الحوثيين داخل المدارس أبلغهم بأن هناك أزمة كتب وعليهم التوجه إلى السوق السوداء لشراء المناهج.
ونشر نادي المعلمين اليمنيين على صحفته في منصة "إكس" صورة لعملية بيع المناهج التعليمية بشكل علني على أرصفة الشوارع في ميدان التحرير وجولة عمران وشميلة وغيرها من المواقع. حيث يتم بيع كامل المناهج الدراسية بصورة كاملة سواء للتعليم الثانوي أو الأساسي، ومن الطبعات الحديثة التي جرى طباعتها بدعم من منظمات أممية ودولية لصالح توزيعها بالمجان على الطلاب والطالبات.
بحسب تغريدة نادي المعلمين: "الكتاب المدرسي يتم طباعته في مطابع الكتاب المدرسي، لكن لا يتوفر بالمدارس بداية العام الدراسي، بل يتوفر في جولة عمران والتحرير وشميله وعلى أرصفة الشوارع برأيكم ماذا نسمي هذا". وأضاف النادي: "المناهج الثانوية تصل قيمتها الى 20 ألف ريال يمني، والعام إلى 10 ألف ريال يمني".
وأشارت المصادر التربوية أن "مطابع الكتاب المدرسي تقع تحت قبضة قيادات حوثية، وهذه القيادات تتاجر بالكتاب المدرسي، حيث يتم طباعة مئات الآلاف من المنهج عبر هذه المطابع وبتمويل أممي ودولي، ولكن الكتاب يصل للسوق السوداء لبيعه على الطلاب بأسعار مرتفعة".
ويؤكد الكثير من المراقبين أن البائعين للكتب على الأرصفة يتحصلون عليها من قيادات عليا التي تقوم بتأمين لهم كميات كبيرة تكفي لتغطية العشرات من المدارس. مشيرين أن "المناهج تكون منعدمة في المدارس ويتم توزيع بعضها فقط على أن يتم إجبار الطلاب على شراء ما تبقى لهم من كتب دراسية من السوق السوداء".
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: صرف مرتبات المعلمین الکتاب المدرسی نادی المعلمین العام الدراسی
إقرأ أيضاً:
مناهج التعليم بين الواقع والتاريخ.. نحن والآخر
فوزي عمار
فجوة الواقع مع اللغة والمناهج التعليمية لدينا تمثل فجوة الإنسان بين تاريخه والزمن الذي يعيش فيه، وفي التعليم العربي يدرس الطالب أمجاد صلاح الدين وبطولات خالد بن الوليد لكنه عندما يخرج في الشارع فإنِّه يرى المسؤول السارق والخانع والمنبطح والكذابين، في تناقض بين التاريخ والواقع!
تتحدث المناهج عن الشورى والديمقراطية فيجد الطالب في الواقع الرئيس الذي لا يتغير! هذا لا يحدث في تعليم الغرب لأنَّ التلميذ يدرس أبطال الموسيقى الجاز والروك والرياضين الذين يجدهم في الشارع أمامه. هذا أيضا ينطبق على بعض دروس اللغة، فالتلميذ الذي يدرس الشعر العربي يحفظ التلميذ (مُكِرٍ مفر مقبل مدبر معًا // كجلمود صخر حطه السيل من علٍ)، لكن التلميذ لا يعرف ولا يجد في الشارع كلمات مثل: مكر، مفر، جلمود!
اللغة مُهمة وجزء من هوية شاملة، لكن طريقة تدريسها بالشكل الحالي أدت إلى فقدانها، فمن منا اليوم يجيد اللغة العربية وهي لغة ديننا الحنيف لغة القرآن الكريم، بسبب تأخر المناهج وصعوبتها.
التلميذ في ألمانيا يدرس تاريخ المرسيدس، والفرنسي تاريخ البيجو، والأمريكي تاريخ الفورد والكاتربيلير، ويجدها أمام بيته ويركبها في الوصول للمدرسة.
بينما التلميذ العربي يقرأ (الخيل والليل والبيداء تعرفني // والسيف والرمح والقرطاس والقلم"، لكنه يجد أمام بيته سيارة تويوتا وأخرى هيونداي ولا يقرأ تاريخها في المدرسة. ويدخل إلى الأسواق يجد أنواعاً عديدة من الجبن والشوكولاتة لا يتعلم صناعتها وأسماءها في المدارس؛ بل يدرس لغة منفصلة عن الواقع، العشرات والمئات من الكلمات التي لم تعد متداولة اليوم والتاريخ الذي لا يجده التلميذ في الحياة حوله.
لذلك الفجوة بين الواقع والتاريخ اليوم هي العمر الذي يفصلنا عن مواكبتنا للعصر خاصة بعد تجدد المناهج في العالم من الذكاء الاصطناعي والروبوت والبيانات الضخمة والتجارة الإلكترونية.. وغيرها من مظاهر حياة يومية لا يجدها التلميذ في المنهج الذي يدرسه اليوم.
وما لم نردم هذه الفجوة بمناهج حديثة سنظل كمن يطيل النظر إلى الماضي ولكنه ينسى المستقبل ويهين الحاضر.
ليس المطلوب إلغاء دراسة صلاح الدين أو عمر بن الخطاب؛ بل تحويل دراستهم من بطولات مجردة تُحفظ إلى دروس في القيادة، وإدارة الدولة، والعدل الاجتماعي، والابتكار العسكري والإداري في زمانهم.
إنَّ سد الفجوة بين مناهج التعليم والواقع ليس ترفًا فكريًا، بل هو شرطٌ أساسيٌّ للبقاء والمنافسة في عالمٍ يتسارع بلا هوادة.
ولذلك وجب اليوم تطوير المناهج وربط التعليم بالواقع وتطبيق مهارات القرن الواحد والعشرين وإصلاح مناهج التاريخ بدل التمجيد إلى الانتماء الفاعل وتقيم المناهج بانتظام لضمان أنها تتوافق مع احتياجات المجتمع.
الأجيال القادمة لا تحتاج أن تعيش في متحفٍ من الماضي المجيد؛ بل تحتاج إلى جذورٍ راسخةٍ في تراثها تُغذيها، وأجنحةً قويةً من المعرفة والمهارات المعاصرة تحلق بها نحو آفاق المستقبل.
آن الأوان لأن نُقدم لتلاميذنا تاريخًا يتنفس في حاضرهم، ولغةً تتحدث عن عالمهم، ومعرفةً تمكنهم من تشكيل غدهم.
رابط مختصر