لبنان ٢٤:
2025-06-03@02:51:01 GMT

الخوف من الحرب أسوأ من وقوعها

تاريخ النشر: 30th, July 2024 GMT

الخوف من الحرب أسوأ من وقوعها

إذا أردنا إجراء دراسة سيكولوجية للتعاطي النفسي لأي مقاتل أو لأي مواطن عادي مع الحرب حين تندلع نجد أنهم يتأقلمون معها، على رغم قساوتها ومرارتها وبشاعتها، بسهولة أكثر من طريقة تعاطيهم معها قبل بدئها. فالخوف منها قد يبدو بالنسبة إلى البعض أسوأ من الحرب بحدّ ذاتها. فالترّقب الدائم وعمليات الرصد قد تبدو متلفة للأعصاب أكثر بكثير من نتائج الحرب المباشرة وغير المباشرة.

وما يُمكن استنتاجه في هذا المجال مسندٌ إلى حقائق ودراسات كثيرة أجراها أكثر من باحث سيكولوجي أو سوسيولجي، وهو أن أجواء ما قبل الحرب لا تشبه ما يحدث خلالها وبعدها.
وتشير هذه الدراسات إلى أن لتأثير عمليات الهدن المتقطعة أثر نفسي سيئ لدى المقاتلين أو المواطنين الذين يكونون مهدّدين بحياتهم نتيجة القصف الذي يتعرّضون له يوميًا. ويؤكد الخبراء العسكريون أن التحضير النفسي للحرب هو أصعب من خوضها. وهذا ما هو حاصل بالنسبة إلى اللبنانيين، الذين ينامون على "خبرية"، ويفيقون على أخرى مناقضة للأولى. فما بين "راح تولع" وبين السعي إلى التهدئة والضغط على إسرائيل لمنعها من ارتكاب المزيد من الحماقات والمجازر في قطاع غزة وفي الجنوب والبقاع، يعيش اللبنانيون كل يوم بيومه على أمل أن يوفق الأميركيون في ما هم إليه ساعون، سواء عبر الاتصالات التي أجراها كل من وزير الخارجية انطوني بلينكن، أو تلك التي قام بها آموس هوكشتاين؛ وكلاهما كانا خلال الساعات الأخيرة حركة دائمة لتلافي أي ردة فعل غير محسوبة النتائج على أثر حادثة مجدل شمس، بعدما تزايدت المخاوف من ضربة إسرائيلية من الجوّ، ضد بنك أهداف منتقاة. ومن مؤشرات هذه المخاوف مستوى الاجتماعات التي عقدت في تل ابيب، منذ عودة نتنياهو السريعة من واشنطن، بهدف توجيه ضربة موجعة لـ "حزب الله"، الذي سبق أن نفى أي علاقة له بحادثة الجولان المحتل.
وإضافة إلى الاتصالات التي قام بها هوكشتاين مع الرئيسَين نبيه بري ونجيب ميقاتي، وبطريقة غير مباشرة بقيادة "حزب الله"، في محاولة لمنع توسعة الحرب مع تصعيد وتيرة التهديدات الإسرائيلية بتوسعتها باتهام الحزب بوقوفه وراء الصاروخ الذي استهدف البلدة السورية المحتلة، قامت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان، جينين هينيس بلاسخارت، بعدّة اتصالات للحؤول دون تدّرج الأمور العسكرية نحو ما هو أسوأ.
في المقابل فإن أكثر من مراقب قريب من "حارة حريك" يؤكد أن "حزب الله" لا يزال ملتزمًا "قواعد الاشتباك"، وأنه يمارس سياسة ضبط النفس تجاه ما يتعرّض له مقاتلوه من استهدافات جوية، وهو ليس في وارد استدراجه من قبل إسرائيل لتوسعة الحرب التي تسعى إليها بأرجلها قبل ايديها. ويُنقل عن الحزب قوله إنه منذ أن قرر مساندة حركة "حماس" في غزة بتصديها للعدوان الإسرائيلي، أخذ على عاتقه عدم التعرض للمدنيين في المستوطنات الإسرائيلية الواقعة على تخوم الحدود اللبنانية، وبالتالي من غير المنطقي القول باستهداف بلدة مجدل شمس المحتلة التي يتمسك أهلها بهويتهم السورية وبانتمائهم العربي ولم يضعفوا أمام الإغراءات التي قدّمها لهم المحتل الإسرائيلي.
وبالتوازي فإن الرئيس ميقاتي ركز في اتصالاته السياسية والديبلوماسية على ضرورة إبعاد شبح أي ضربة إسرائيلية عن  لبنان، وتلقى اتصالا من وزير الخارجية البريطاني دايفيد لامي، الذي جدد دعوة جميع الأطراف إلى ضبط النفس منعًا للتصعيد، وإلى حل النزاعات سلميًا وعبر تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة.
وتبقى الساعات المقبلة محور ترقّب محلي واقليمي ودولي، وذلك انطلاقًا من قناعة لدى الجميع أن اندلاع الحرب لا تحتاج سوى إلى شرارة. أما اخمادها فيحتاج إلى الكثير من العمل الديبلوماسي.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

من مكة إلى الكرامة… الرصاصة التي أصبحت جيشًا

صراحة نيوز ـ بقلم: جمعة الشوابكة

في العاشر من حزيران من كل عام، لا يمرّ اليوم على الأردنيين مرور الكرام، بل ينبض التاريخ في وجدانهم من جديد. إنه اليوم الذي تختصر فيه الأمة مسيرتها المجيدة بين سطرين خالدين: الثورة العربية الكبرى التي أطلقها الشريف الحسين بن علي عام 1916، ويوم الجيش العربي الأردني، حين توحّدت البندقية بالراية، والعقيدة بالوطن.

لم تكن الرصاصة الأولى التي انطلقت من شرفة قصر الشريف في مكة مجرد إعلان تمرّد على الحكم العثماني، بل كانت البيان التأسيسي للسيادة العربية الحديثة، وبداية مشروع تحرر قومي لا يعترف بالتبعية، ولا يرضى بأقل من الكرامة. قاد الشريف الحسين بن علي هذا المشروع بوعي تاريخي عميق، وسلّمه لابنه صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن الحسين آنذاك، الذي جاء إلى شرقي الأردن مؤمنًا بأن الثورة لا تكتمل إلا ببناء الدولة، وأن الدولة لا تنهض إلا بجيش عقائدي يحمل راية الأمة ويحميها. وهكذا، وُلد الجيش العربي، من رحم الثورة، ومن لبّ الحلم القومي، لا تابعًا ولا مستوردًا، بل متجذرًا في الأرض والهوية.

كان الجيش العربي الأردني منذ تأسيسه أكثر من مجرد تشكيل عسكري، كان المؤسسة التي اختزلت روح الوطن. شارك في معارك الشرف على ثرى فلسطين، في باب الواد والقدس واللطرون، ووقف سدًا منيعًا في وجه الأطماع والعدوان، حتى جاءت اللحظة المفصلية في معركة الكرامة عام 1968، حين وقف الجندي الأردني بصلابة الرجولة خلف متاريس الكرامة، وردّ العدوان، وسطّر أول نصر عربي بعد نكسة حزيران، بقيادة جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال – طيب الله ثراه – ليُثبت أن الكرامة لا تُستعاد بالخطب، بل تُنتزع بالدم. لقد كان هذا النصر عنوانًا حيًا للعقيدة القتالية الأردنية، القائمة على الانضباط، والولاء، والثبات، وفهم عميق للمعركة بين هويةٍ تُدافع، وقوةٍ تُهاجم.

وفي قلب هذه المسيرة، وقف الشهداء، الذين قدّموا دماءهم الزكية ليظل هذا الوطن حرًا شامخًا. شهداء الجيش العربي الأردني لم يكتبوا أسماءهم بالحبر، بل خلدوها بالدم، في فلسطين، والجولان، والكرامة، وفي كل ميدان شريف رفرف فيه العلم الأردني. لم يكونوا أرقامًا في تقارير، بل رسل مجدٍ وخلود، يعلّموننا أن السيادة لا تُمنح، بل تُحمى، وأن كل راية تُرفع، تحمل في طياتها روح شهيد.

ومن بين هؤلاء، كان جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال – رحمه الله – أول القادة الذين ارتدوا البزة العسكرية بإيمان وافتخار. تخرّج من الكلية العسكرية الملكية في ساندهيرست، وخدم جنديًا في صفوف جيشه، ووقف معهم في الخنادق، لا على المنصات. كان القائد الجندي، الذي يرى في الجيش رمزًا للسيادة، وركنًا من أركان الدولة، وظل يقول باعتزاز: “إنني أفخر بأنني خدمت في الجيش العربي… الجيش الذي لم يبدل تبديلا.” فارتقى بالجيش إلى مصاف الجيوش الحديثة، عقيدةً وعتادًا، قيادةً وانضباطًا، ليبقى المؤسسة التي لا تتبدل ولا تساوم.

واليوم، يواصل المسيرة القائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية، جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم – الملك الممكِّن والمعزّز – الذي تربّى في صفوف الجيش، وتخرّج من الميدان قبل أن يعتلي عرش البلاد. يرى جلالته في الجيش العربي الأردني شريكًا استراتيجيًا في بناء الدولة، لا مجرد مؤسسة تنفيذية. ولهذا، شهدت القوات المسلحة في عهده قفزة نوعية في الجاهزية القتالية، والتحديث، والتسليح، والتعليم العسكري، حتى أصبح الجيش الأردني عنوانًا للانضباط والسيادة الإقليمية والإنسانية، وصوت العقل في زمن الفوضى.

ويأتي تزامن يوم الجيش مع ذكرى الثورة العربية الكبرى تتويجًا لهذه المسيرة، ليس كمجرد مصادفة تاريخية، بل كتجسيد حي لوحدة الرسالة، واستمرارية المشروع الهاشمي، من الشريف الحسين بن علي، إلى الملك المؤسس عبد الله الأول، إلى الملك الباني الحسين بن طلال، إلى جلالة الملك الممكِّن والمعزّز عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم. فهذه ليست محطات منفصلة، بل خط سيادي واحد، يبدأ بالتحرر، ويُترجم بالجيش، ويُصان بالسيادة. لقد بقي الجيش العربي منذ نشأته على العهد، حاميًا للوطن، وحارسًا للهوية، ودرعًا للشرعية، لا يُبدّل قسمه، ولا يخون ميثاقه.

في العاشر من حزيران، لا نحتفل فقط، بل نُجدد القسم: أن هذا الوطن لا يُمس، وأن هذه الراية لا تُنكّس، وأن هذا الجيش لا يُكسر. من مكة إلى الكرامة، الرصاصة أصبحت جيشًا، والجيش أصبح عقيدة، والعقيدة أصبحت وطنًا لا يُساوم على كرامته، ولا يُفرّط بذرة من ترابه.

مقالات مشابهة

  • رؤية الحج الإنسانية التي تتسع للعالم أجمع
  • الزلزال في القرآن والسنة.. ماذا قال النبي عن الحكمة من وقوعها؟
  • محمود أبو صهيب.. القلب الذي احتضن الجميع
  • بوريطة: الموقف الذي عبرت عنه المملكة المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية سيعزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف
  • من مكة إلى الكرامة… الرصاصة التي أصبحت جيشًا
  • ⛔ لاحظ التعابير التي استخدمها فيصل محمد صالح في هذا اللقاء
  • الأمم المتحدة: الكارثة الإنسانية في غزة بلغت أسوأ مراحلها منذ بداية الحرب الإسرائيلية
  • وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود “إماراتية”
  • الأمم المتحدة: الكارثة الإنسانية بقطاع غزة في أسوأ حالاتها منذ بداية الحرب
  • الأمم المتحدة: الكارثة الإنسانية بغزة في أسوأ حالاتها منذ بداية الحرب