صحيفة الاتحاد:
2025-08-01@09:10:57 GMT

غواية الرحيل في الجغرافيا

تاريخ النشر: 1st, August 2024 GMT

د. عزالدين عناية
صحيحٌ لكلّ فصل من فصول السنة طقوسٌ مميزة في الاستجمام، ولكنّ فصل الصيف له نواميس خاصة في القراءة والسفر والدّعة، فهو الفصل الذي يجعلني في حِلّ من التزامات الشغل وضوابطه. ولهذا أرى الصيف إغواء بالرحيل في الكتب، والرحيل في الجغرافيا أيضاً، وكلاهما عندي انعتاق. وقد يقول قائل: لكلّ فصل قراءاته ولكلّ موسم آدابه، ولكن في عرفي لا ارتباط للفصول والمواسم بنوعية القراءة.

ولذلك أتحيّرُ من مكتبات إيطاليا، حين توزع أشهر السنة وفصولها على نوعيات مخصّصة من الكتب والمؤلفات، تُعرض دورياً على القراء، وضمن سياق دورة الماركتينغ تلك، هناك كتب الكلاسيكيات التي تعود دورياً تبعاً للفصول والمواسم، وكأنّ أصحابها يبعثون من مراقدهم من جديد. في حين ثمة كتّاب أحياء يُدفعون قسراً إلى الواجهة وبإلحاح لغرض تكريسهم. أُدرك جيداً اشتغال ماكينة النشر في الخلف التي تُظهر من تريد وتحجب من تريد، ولكن ذلك حديث آخر عن صناعة النجوم في الفكر والآداب.
أعود إلى عُرف القراءة لديّ، غالباً على مدار السنة ما أنتهز فرصة المطالعة كلّما وجدت متّسعاً من الوقت خارج ضوابط التدريس، وإن كان الشغل لديّ بدوره على صلة وثيقة بالقراءة ومتابعة الجديد، ولكن في هذا الجانب القراءة هي نوع من الفعل الإلزامي. وعلى العموم في تقليد القراءة معي ثمة نوعيتان من القراءة: إحداهما إلزامية على صلة بالدرس والبحث والترجمة والكتابة، والأخرى اختيارية للمتعة والانعتاق، أي لأدنوَ من فهم العالم والترويح عن النفس. فلست من صنف جمّاعي الكتب وتكديس الوثائق، للفرجة أو للتخزين أو للاستعراض، بل أحاول أن أَلْتهم في التوّ ما تقع عليه يديّ ولا أعرف للادّخار في ذلك سبيلاً.

شفاء للروح
كما هو الصيف إغواء بالرحيل في الكتب والقراءة الماتعة، هو أيضاً إغواء بالرحيل في الجغرافيا لدى شقّ آخر من السائحين والحالمين، وكأنّ في الرحيل شفاء للروح من فَقْد دفين في الذات، يلازمها منذ مراحل الطفولة الأولى. ولعلّ الرحيل في ما دأبتُ عليه، فرصة للانبعاث والتعمّد ثانية، وذلك منذ أن هجرت مرابع الطفولة واخترت روما مقاماً. ولا أسمّي مقامي الروماني دار الهجرة، أو مقام الاغتراب، أو بلد المنفى، كما يقول البعض، لأنني حين أخلو بنفسي لا أجد شيئاً من ذلك الإحساس.
فما من شك أنّ الترحال يؤجّج شهيّةَ الكتابة لدى العديد من المبدعين، بما يخلّفه الاشتباك بأحوال وأوضاع جديدة، من تزاحم للأفكار وتدفق للمشاعر في ذهن المبدع وعواطفه الجياشة. ولذلك صاغ كثير من الكتّاب والشعراء والفنانين أعمالاً في منتهى الروعة، في السابق والحاضر، ضمن ما يعرف بأدب الرحلة أو الأعمال الاستكشافية.
حالة الفوران تلك أَلمّت بي في المراحل الأولى من حلولي بإيطاليا. أتيتُ من أوساط قروية في تونس ومن جامعة تاريخية، «الزيتونة»، قضيت فيها زهاء العقد دراسة وبحثاً. فكانت المقارنات والموازنات تكتظّ في ذهني جراء التحول الجديد الذي بتّ أعيشه والنموذج المتجذّر الماثل في اللاوعي في شخصي. لتغدو النظرة إلى إيطاليا لاحقاً، وإلى الغرب عموماً، أكثر تريّثاً، وأقلّ انفعالاً، وأدنى توهّجاً بعد أن صرت جزءاً من الغرب، وقد مرّ على مقامي فيه ما يناهز الثلاثة عقود. لكن في أجواء الترحال والتحول والدراسة والتدريس في إيطاليا، تنبّهتُ إلى أنّ ثمة إدراكاً آخر ووعياً آخر ما كنت أتنبّه إليهما حين كنت أعيش داخل ثقافتي العربية وفي أوضاع سوسيولوجية بسيطة، ألا وهي القدرات الهائلة التي بحوزة الغرب للتحكم بالعالم، ليس فقط في مساراته السياسية وأحواله الاقتصادية، بل في أنماط تفكيره وصناعة أذواقه، ولعلّه الدرس الأعمق الذي وعيته بالتدرّج. أعود إلى الوراء ثانية لأعي مزية الترحال والأسفار والهجرة.

الشغف بالأسفار
تُحدّثنا الروايات الأولى للتطورات العلمية في الغرب أنّ الأُسر النبيلة، منذ بدايات القرن السابع عشر، كانت غالباً ما تحرص على حثّ أبنائها على خوض غمار الرحلة والشغف بالأسفار كتدريب على الاندفاع والإقدام والقيادة، بالاطّلاع على تجارب الأغيار وأشكال عيشهم. ولذلك كان جلّ الرحالة الغربيين الأوائل نحو البلاد العربية، سواء من النساء أو الرجال، من أُسر من علية القوم. القائمة طويلة في هذا، المؤرخة جيرترود بيل التي أسهمت في تأسيس متحف بغداد سنة 1923 وقد تم تدشينه خلال العام 1927، والمستشرق الأمير ليونه كايتاني (1869-1935) مؤلف الأعمال الموسوعية «دراسات التاريخ الشرقي» و«حوليات الإسلام» وغيرهما كثير. كانت الأسر الأرستقراطية في الغرب تحرص على تقليد الرحلة في أوساطها، وترى في السفر تدريباً مفيداً على مجابهة الصعاب وتعزيز مكتسبات الوجاهة المعنوية والرمزية لديها، وبالتالي تسعى جاهدة إلى غرس تقليد التشوف بعيداً في نفوس أبنائها.
فكانت قوافل الشبان والشابات ممن يتحدّرون من البرجوازية الصاعدة، يخوضون جولات كبرى بين آثار روما وصقلية واليونان، ويبلغ نفرٌ منهم الحواضر العربية القديمة: قرطاج، ولبدة، وشحّات (قورينة)، وأهرامات مصر، والقدس، وتدمر، وبابل، ومنهم من تستهويهم الصحراء الكبرى في شمال أفريقيا أو صحراء الجزيرة العربية وأهوالهما الغرائبية في المخيال الغربي.
في مؤلّف بعنوان «الرحالة العرب في القرون الوسطى» صدر في ميلانو (2021) للإيطالية آنّا ماريا مارتيللي، تُبيّن الباحثة أنّ تطوّرَ فنّ الرحلة لدى العرب ترافقَ مع تمدّد الإسلام، وكان لعامل أداء فريضة الحجّ دورٌ بارز في تحفيز المسلمين على التنقل والسفر. ولكن الرحلة في التقليد العربي ما كانت محصورة بالحجّ، بل جاءت العديد من الرحلات مرتبطة باستكشاف الآفاق البعيدة وبغرض البحث العلمي، ولا سيّما الرحلات المتّصلة بجمْع الحديث النبوي. لكن الرحلة إلى أطراف العالم الإسلامي، جاءت أيضاً بدافع نشر المذهب وترويج الرأي المغاير، فقد تخلّل تاريخ الإسلام المبكر رحيل عائلات سياسية وتلاميذ مدارس فقهية وكلامية، بغرض نشر آرائها في الأقاليم النائية، وهو حال المذاهب الفقهية والكلامية والطرق الصوفية التي تمدّدت وانتشرت في نواح نائية مشرقاً ومغرباً.
وجرّاء هذا الولع المتأصّل لدى العرب بفنّ الرحلة، تشكّلت تقاليد وعوائد في شتى الأصقاع. إذ تخضع العملية إلى نظام داخلي مراعى، يتغيّر بحسب المسار والمناخ، فضلاً عن المحطّات التي يحطّ بها الرحالة، والتي عادة ما تكون خانات أو تكايا وزوايا أو أماكن وفادة داخل الرباطات الحدودية. هذا وقد تكون الرحلة برّية في مجملها، وقد تكون بحرية في جزء منها كما كان يخوضها أهالي بلاد المغرب والأندلس، حين ينزلون بالإسكندرية ثم يُكملون طريقهم برّاً نحو البقاع المقدّسة.
وعلى المستوى الغربي كانت فورة العقلنة والشغف بالبحث العلمي دافعين لخوض العديد من المغامرات مع كثير من الرحالة والباحثين. فقد كان السعي لاكتشاف العالم، ومن ثَمّ ضبط القواعد في شتى المعارف والعلوم الناشئة حافزاً للرحلة وارتياد الآفاق البعيدة ورصد الشعوب ومعاينة الآثار. عبّر عن هذا التحفز والنفور من الانطواء جيمس كليفورد بقوله: «إذا كنّا نريد صياغة حقائق على هوانا فالأحرى أن نمكث في البيت».

أخبار ذات صلة الخليج العربي.. مُلْهِم «أدب الرحلات» بريطانيا تنصح رعاياها بمغادرة لبنان

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: أدب الرحلة أدب الرحلات السفر

إقرأ أيضاً:

في ثوان .. خطوات دفع فاتورة الغاز المنزلي بالموبايل وتسجيل القراءة

خطوات دفع فاتورة الغاز المنزلي بالموبايل وتسجيل قراءة عداد الغاز .. ضمن خطط التوسع في الخدمات الرقمية وتسهيل الإجراءات اليومية للمواطنين، أصبح بإمكان المشتركين في خدمة الغاز الطبيعي سداد فواتيرهم الشهرية إلكترونيًا من دون الحاجة إلى التوجه لمقرات الشركات.

شركات الغاز إمكانية أتاحت تسجيل قراءة العداد من خلال الهاتف لضمان دقة الفواتير وتفادي التقديرات أو تراكم المديونيات.

اقرأ أيضًا:

خطوات دفع فاتورة الغاز المنزلي وتسجيل القراءة بالموبايلطريقة دفع فاتورة الغاز المنزلي بالموبايل

وفرت شركات الغاز الطبيعي في مصر مجموعة من القنوات الرقمية لسداد الفواتير بسهولة وأمان. وفيما يلي أبرز الوسائل المتاحة:

1. موقع ماي فوري (MyFawry)
    •    يمكن الدخول إلى موقع ماي فوري أو تحميل التطبيق من App Store أو Google Play.
    •    اختيار خدمة “دفع فاتورة الغاز”.
    •    إدخال رقم المشترك والمعلومات المطلوبة، ثم اختيار وسيلة الدفع المناسبة.

2. تطبيق جوميا باي (Jumia Pay)
    •    تحميل التطبيق وتسجيل الدخول.
    •    اختيار “فواتير الغاز الطبيعي”.
    •    إدخال رقم المشترك وتفاصيل السداد، ثم إتمام العملية عبر البطاقة البنكية أو المحفظة الإلكترونية.

3. الموقع الرسمي لشركة بتروتريد
    •    زيارة الموقع الرسمي لبتروتريد.
    •    تسجيل رقم الحساب.
    •    اختيار وسيلة الدفع مثل الفيزا أو الماستر كارد وإتمام العملية.

ارتفاع ضحايا انفجار أنبوبة غاز بمخزن خردة بالدقهلية لـ3 أشخاص وإصابة ثلاثة.. صورسما ومنة الله.. ضحيتان جديدتان في انفجار خط غاز الواحاتوفاة طالبة طب أسنان جامعة القاهرة إثر حادث انفجار خط غاز أكتوبرمحافظة أسوان تحذر المواطنين من انبعاث رائحة غاز بسبب أعمال ملء بمحطة كيماانفجار أسطوانة غاز يصيب ربة منزل ونجليها في كرداسةمحافظ الدقهلية يتفقد محطة غاز بسنديلة ويكلف وكيل التموين بتحرير محضر تلاعبالبترول: لا صحة لما يتردد بشأن الاشتباه في وجود تسريب غاز بمحيط موقع الحادث السابق بغرب سوميدانفجار أسطوانة غاز أمام مدرسة بكرداسة وإصابة 5 طلابناتجاس: حققنا 12.200 كم من الشبكات و288 مليون قدم مكعب غاز طبيعى يوميًاغدا .. شركة غاز مصر تحذر من انتشار رائحة الغاز في قويسنا بالمنوفيةالمحافظ الإلكترونية المعتمدة

يمكن استخدام العديد من المحافظ الرقمية في سداد الفواتير، ومنها:
    •    فون كاش (البنك الأهلي المصري)
    •    BM Wallet (بنك مصر)
    •    فودافون كاش
    •    أورانج موني
    •    اتصالات كاش
    •    WE Pay

ماكينات الدفع الإلكتروني (POS)

تتوفر خدمات الدفع أيضًا من خلال ماكينات الدفع الإلكتروني الموجودة في المحلات والمراكز التجارية، وتشمل شركات مثل:
    •    فوري
    •    أمان
    •    خدماتي
    •    مصاري
    •    ضامن
    •    ممكن
    •    BEE
    •    إي فاينانس

خطوات الدفع من خلال الماكينة

    1.    فتح تطبيق الماكينة.
    2.    اختيار “مرافق عامة” ثم تحديد شركة الغاز.
    3.    إدخال رقم المشترك.
    4.    تحديد الفواتير المطلوب سدادها.
    5.    تأكيد الدفع واستلام إيصال إلكتروني.

الدفع باستخدام البطاقات البنكية

إذا كنت تفضل الدفع بالفيزا أو الماستر كارد:
    •    ادخل إلى موقع شركة الغاز التابع لها.
    •    أدخل رقم الحساب الخاص بك.
    •    اختر خيار الدفع الإلكتروني.
    •    أدخل بيانات البطاقة البنكية.
    •    أكد العملية وانتظر رسالة تأكيد من البنك.

دفع فاتورة الغاز من خلال مكاتب البريد المصري

لا تزال مكاتب البريد وسيلة متاحة وفعالة لدفع الفواتير، وذلك عبر:
    •    التوجه لأقرب مكتب بريد خلال مواعيد العمل الرسمية.
    •    تقديم رقم الحساب الخاص بخدمة الغاز.
    •    يتم تنفيذ عملية الدفع فورًا مع استلام إيصال معتمد.

طريقة تسجيل قراءة عداد الغاز عبر الهاتف

من أجل ضمان إصدار فواتير دقيقة، تتيح شركة بتروتريد إمكانية تسجيل قراءة عداد الغاز من خلال عدة وسائل رقمية:
    •    عبر تطبيق “بتروتريد للخدمات” على الهاتف المحمول.
    •    من خلال موقع الشركة الرسمي.
    •    عبر خدمة WhatsApp المخصصة، بإرسال صورة العداد مع الرقم الشهري.
    •    أو الاتصال على الخط الساخن وتسجيل القراءة صوتيًا.

طباعة شارك فاتورة الغاز دفع فاتورة الغاز دفع فاتورة الغاز المنزلي دفع فاتورة الغاز المنزلي عبر الإنترنت دفع فاتورة الغاز المنزلي بالموبايل طرق دفع فاتورة الغاز المنزلي بالموبايل طريقة دفع فاتورة الغاز المنزلي بالموبايل خطوات دفع فاتورة الغاز المنزلي بالموبايل تسجيل القراءة تسجيل قراءة عداد الغاز

مقالات مشابهة

  • في ثوان .. خطوات دفع فاتورة الغاز المنزلي بالموبايل وتسجيل القراءة
  • «طيران الإمارات» تطلق رحلتها اليومية إلى هانغتشو الصينية
  • البدريون قادمون من صنعاء ... ستكتشف السعودية كما اليمن أنها الخاسر الأكبر من مخرجات لا تفهم الجغرافيا
  • 8 فرسان يغامرون عبر سهول قرغيزستان
  • ملتقى المرأة بالجامع الأزهر: دور النساء بالهجرة النبوية نقطة تحول في التاريخ الإسلامي
  • لافروف يبدي استعداد روسيا لمساعدة سوريا ولكن بشروط
  • ظفار تنتظرك.. ولكن ليس على نقالة!
  • القراءة وتخفيف الصدمات النفسية
  • خالد أبو بكر: نقدر الجهود الحالية ولكن لا بد من محاسبة حال وجود تقصير
  • بعد عودته.. مراسل الجزيرة محمد البقالي يحكي ما جرى مع “حنظلة”