أكدت ثقافيات في عدد من محافظات الجمهورية أن ثورة الإمام زيد -عليه السلام- ثورة عظيمة، ثورة من يحملون قلب وروح القرآن الكريم، ثورة لازالت مُستمرةً إلى اليوم ضد كل الطغاة، وكل رموز الإجرام.
استطلاع/ أسماء البزاز

تقول فاطمة الجرب- المنسقة الميدانية في الهيئة النسائية الثقافية العامة بمحافظة حجة: مازال الصراع قائماً ومازالت المعركة مستمرة ومازالت ثورة الحسين شعلة لا تنطفئ مادامت أنياب الظالمين وبغي الفاسدين واستحكام قبضة الجائرين تبطش بالأمة وتنهش جسدها العليل، ومادام ظلم بني أمية مستشرياً ومازال الذل والهوان والرهبة والخوف في واقع الأمة باقيا.


وقالت الجرب: كان ولا بد لكل منعطف تاريخي رُبان يقود السفينة ولكل ثائرٍ صوتٌ حر، وراية حق، ولكل مجاهد سيف علي -عليه السلام-، بالأمس مرت بنا فاجعة كبرى وكربلاء عُظمى ومأساة كان من المفترض أن لا تقع بحق الحسين بن علي -عليه السلام-، واليوم تعود كربلاء الثائرين في وجه العداء من جديد، فاجعة تلو الفاجعة بحق آل بيت رسول الله وكربلاء تلو كربلاء.. في الخامس والعشرين من محرم تودع الأمة شهيد الكناسة قدوة الثائرين والمستبصرين، إنه زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبو طالب -عليهم السلام- زيد الثائر في وجه هشام الطاغية، إنه حفيد شهيد كربلاء الأمام الحسين -عليه السلام-، زيد المقتول المصلوب ظلماً وغدراً، هذا الرمز العظيم من آل بيت رسول الله والذي ننتمي إليه بقولنا (زيديون المنطلق والمنهج ).
مضيفة: ها هي ثورة الإمام الحسين تمتد ليرفع رايتها هذا الرجل العظيم، وليقف الموقف ذاته، حاملاً كل تلك المبادئ والقيم والروحية التي حملها الإمام الحسين عليه السلام-، وليمتد جسر التضحية ولتصل القضية التي حملها رسول الله صلوات الله عليه وآله وسلم للأمة جمعاء جيلاً بعد جيل وليسجل التاريخ أنه قدوة للثائرين.
وتابعت الجرب: ما أحوجنا لهذه الروحية التي يحملها قرناء القرآن في أن تتقطع أجسادهم ذرات وتتبعثر في الهواء ليصلحون واقع الناس، روحية تجعلنا لا نبالي، أوقع السيف علينا أم وقعنا عليه.

لم تنته معركة زيد
أما مُشيرة المحاقري -ثقافية في الهيئة النسائية الثقافية العامة بمحافظة صنعاء فتقول من جهتها: لم تنته معركة زيدٍ باستشهاده، فبعد ذكرى استشهاد الإمام الحسين “عليه السلام” بأيامٍ قليلة، تأتي ذكرى فاجعة أخرى، ذكرى استشهاد حليف الذكر زيد ابن علي “عليهما أزكى السلام”، فلم تقع هاتان الفاجعتان في نفس العام قط ولكن وَقعتا في نفس الشهر” المُحرم، القتال فيه وكأن طغاة الأرض تعمدوا أن يقتلوا أولياء الله في شهوره الحرام، فلم يجور على بني أُمية الطغاة الوقت ويندموا بقتلهم الحسين حتى كرروا الجريمة وقتلوا حفيده ظلماً وبهتانا.
وقالت المحاقري:عندما تحرك إمام القرآن وحليفه وأضحى بهم محارباً ناهياً عن المنكر وآمرٍاً بالمعروف ولم يتراجع أو يضعف أمامهم ولم ينته عن دعوته ولا عن صدق تحركه ولم يثبطه تخاذل المنافقين، ولا تراجع المرجفين، ولم يوقفه تهديد الطواغيت ولا حتى قلة الناصرين، أو قلة العدة والعتاد، وحاربهم بمفرده هو وقلة من المؤمنين الذين كانوا معه وأرهبهم وكسر شوكتهم وأعاد تاريخ بدرٍ في معركته تلك” ولم يستكن حتى في دعائه لله سبحانه وتعالى ولم يكف لسانه الشريف عن الدعاء ولم تكف أفعاله العظمى عن التسليم المطلق لله حتى في لحظة انغراس ذلك السهم الجائر على جسده الشريف، لم يصرخ ولم يستنكر ولم يخف، بل قال بكل سرورٍ وبهجة ” *الشهادة الشهادة الحمدلله الذي رزقني إياها” وكأنهُ يعيد كلام جده أمير المؤمنين علي “عليه السلام” عندما قال ” فزت ورب الكعبة”.
وقالت المحاقري: فيما يظن أولئك الطواغيت أتباع الشيطان، أنه بقتل الإمام زيدٍ ينتهي الدين الصحيح الذي جاهد لنصرته أم أنه بقتله ينمحي أثره وذكره على لسان الأجيال من بعده! تباً ثم تباً لهم على طغيانهم المفرط المتعفن، فوالله ما نراهم إلا نمروداً أو فرعوناً خاسراً، فها هي قد مرت قرون بأكملها وذكر زيدٍ يتداول في كل الأجيال، وها هم زيود هذا العصر يسلكون مساره ويستلهمون بطولته ويتبنونها ويقولون: سنمضي كما مضى إمامنا حليف الذكر، وهاهم يقولون “لن يدعنا كتاب الله أن نسكت” كما قالها إمامنا زيد ابن علي “عليه السلام” من قبلنا.
وقالت المحاقري: فوالله لم ينمح ذكر الأوصياء، بل انمحى ذكر الطواغيت وسينمحي، ستجور عليهم الدنيا بما رحبت وتستقبلهم لهفات جهنم بما وسعت وينادي المنادي يوم لا يبقى ظالم على وجه الأرض “ألا لعنة الله على الظالمين”.
وتابعت: كذلك نحن أيضاً في عصرنا هذا، أيامنا تتشابه تماماً بأيام الأيام زيد والإمام الحسين “عليهما أزكى السلام “، فغزة اليوم هي مثلها كربلاء الأمس وخذلان زيد بالأمس هو مثله خذلان غزة اليوم فذلك اليهودي الكافر الذي سب رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، ها هو اليوم، يتجسد بيهود العصر الطواغيت الذين داسوا المقدسات واستباحوا الدماء وسبوا الرسول فعلاً وقولاً، وهاهم اليوم العرب الأذلاء يعلنون تخاذلهم وينكسون رؤوسهم ويدعون طغاة الأرض يستبيحون دماء المظلومين ويقتلونهم بكل وحشية، فمن هم هؤلاء المظلومون!؟ أليسوا أمة محمد؟ أليسوا أحفاد زيدٍ والحسين؟ أليسوا كربلائيو العصر؟!!

آيات الله والتاريخ
فاطمة المستكاء -كاتبة وثقافية في الهيئة النسائية الثقافية العامة بمحافظة البيضاء تقول من ناحيتها: آيات الله والتاريخ يتجليان في زمن المسيرة القرآنية ولقد استوقفتني آيات من الذكر الحكيم في وقت ذكرى استشهاد الإمام زيد، استوقفتني من الآيات التي ذكرت في سورة البقرة ((206)) و((207))، آيتان عظيمتان سمعت والدي يتلوهما فقلت أبتاه لو أنك تعيد الآيتين، فأعادهما فسمعت عجباً وأيقنت أن كتاب الله به خبر ما قبلنا ونبأ ما بعدنا والله لم أجد آيات واضحة وضوحاً جلياً كهذه الآيات.
وقالت المستكاء: كنا في ذكرى استشهاد الإمام زيد -عليه السلام- وكنا قد عرفنا قصته منذ ولادته إلى أن استشهد -عليه السلام- وخلال القصة عرفت أن الإمام علي بن الحسين فتح كتاب الله ليعرف عن هذا المولود، فوجد أول ما فتحه آية : {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالعِباد}، وبعد أن فتح عدة مرات عرف أن هذا المولود هو زيد المصلوب بالكناسة الذي أخبر عنه رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله.
وأضافت المستكاء: نعم إن آيات الله تجلت في هذا الإنسان وكتبت عنه وما سيكون الموقف العظيم الذي سيقوله وماذا ستكون ردة فعل ذلك الطاغية هشام وما هو جزاؤهُ وحكمهُ وما هو جزاء الإمام زيد ومكانتهُ، آيات تتجلى أمامنا، تتكلم عن حادثة أتت بعد وفاة رسول الله بمئات الأعوام وترتبت بهذه الصيغة العظيمة بعظمة القرآن فلنتفكر في كل آية نقرأها ونتدبرها، فالرسول صلوات الله عليه وعلى آله، والإمام علي قد تدبراها وعلما ما بها من آيات، فقد قال الإمام علي “سلوني قبل أن تفقدوني فوالله لو سألتموني عن كل فتنة متى ستكون ومن قائدها وناعقها وما سيحدث لأخبرتكم”.
وأوضحت قائلة: لم يكن كلام الإمام علي، إلّا من فهمهِ -عليه السلام- وتعلمه لكتاب الله وتفقهه ومما علمه رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، إذن فلنقرأ الآيات التي تتكلم عن موقف الإمام زيد وموقف هشام وجزاء هشام وجزاء الإمام زيد، {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ 204 وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ205 وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ 206 وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ.207}، فسبحان القائل والحمد لله على نعمة القرآن والأعلام والأنبياء.
وأضافت: نود من اليوم أن نتدبر آيات الله بتمعن وتفهم وسنجد فيها الهدى بإذن الله تعالى.

زيد في كل ميدان:
من جهتها تقول آلاء غالب الحمزي- كاتبة وثقافية في الهيئة النسائية الثقافية العامة بمحافظة عمران: علمٌ من أعلامِ الهُدى، ورموز التُقى، ونجوم السماء، من نسلِ العترة الطاهرة، الإمام العظيم، الثائر الشهيد زيد بن علي بن الحُسين بن علي “عليهم السلام”، المقتول، المصلوب ظلمًا وبغيًا وعدوانا، عاد لِيجدد الثورة الحسينية بعزم وصبر جده الحُسين، وبشجاعةِ علي، ليجسد إقدام وصلابة زيد، نعم ثورة الشهيد الثائر كانت وما زالت ثورة ضد الطغيان ورموز الإجرام على امتداد التاريخ، وامتداد العصور، فهو ثار من واقع الشعور بالمسؤولية الإيمانية نحو أمة جدهِ “محمدٌ صلوات الله عليه وآله وسلم”، ليخلص الأمة من واقعها المرير والمذل، ضد ذلك الإجرام ، الذي كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحذر الأمة منه، ويصف المجرمين فيه بأنهم “الفئة الباغية”، تحرك من وحي كتاب الله وتوجيهاته وجالس القرآن عدة سنوات، ولذلك سمي “بحليفِ القرآن”، وكان إمامنا العظيم يواجه كل ذلك التثبيط والخذلان بقوله: “والله ما يدعني كتاب الله أن أسكت”.
مبينة أن ثورته العظيمة، هي ثورة من يحملون قلب وروح القرآن الكريم، ثورة من امتلأ من أخمص قدميه إلى أعلى رأسه، إيمانا وحبًا لله تبارك وتعالى.
واستطردت: لكن ما يلفت الانتباه ويبعث على الطُمأنينة أن هذه الثورة ما زالت مُستمرةً إلى اليوم ضد كل الطغيان وكل رموز الإجرام، سواءً أكان هذا الإجرام والطغيان أُمويًا أم صهيونيًا، فما زالت ثورة الإمام زيد تطارد كل المجرمين والطغاة، وما يزيد الحماس أكثر، هو أن هذه الثورة استعرت أكثر وأعظم، فثوراتٍ على المجرم الصهيوني تتوالى وتتصعد أكثر، ويزيد لهبها لتصبح أكثر اشتعالًا وتوقدًا، فثورة من يمن الإيمان والحكمة لتردع العدو في جب استقراره وأمانه، ليس هذا فحسب، بل فرضت عليه حصارًا ليصبح المشهد أكثر جمالاً وروعةً، ومن جبهة جنوب لبنان يثور “حزب الله” بضرباته المؤثرة والعظيمة جدًا، ليضيق على العدو أنفاسه، ومن ثورة “الحشد الشعبي العراقي” تضيق باقي أنفاس هذا العدو، ومن الخروج الجماهيري الشعبي في ساحات العالم، ولا سيما في وسط تواجده، تنهار باقي همته.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

أول احتفال لليمنيين في عيد جمعة رجب بجامع “الجند”

يمانيون| تقرير| محسن علي

تعد “المساجد” التاريخية والأثرية في اليمن, من أوائل المساجد التي شيدت على التقوى في صدارة الإسلام-بعيدا عن مساجد ضرار- وبأمر مباشر من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسست في عدة مناطق متخلفة لا تزال شواهدها قائمة وإلى اليوم يجسد فيها الشعب اليمني انتماءه الأصيل للإسلام والرسالة المحمدية ويجدد فيها هويته اليمانية والإيمانية, وقد أولى الرسول محمد ,”اليمن” مكانة خاصة وابتعث إليها العديد من الرسل لدعوة أهل اليمن للدخول في الإسلام, على طليعتهم الإمام علي بن أبي طالب, ومعاذ بن جبل, عليهما السلام, فلبوا الدعوة ودخلوا طوعا وأفواجا, فأكرمهم بأفضل الأوسمة حيث قال “الإيمان يمان والحكمة يمانية والفقه يمان”, ومن تلك المعالم التاريخية والأثرية جامع “الجند” في محافظة تعز, الذي أشرق منه نور الهداية وأقيم فيه أول احتفال بعيد جمعة رجب.

 

 مخلاف الجَنَدْ

تنسب منطقة “الجند ” في التاريخ إلى جند بن شهرات أحد بطون قبيلة المعافر، إذ كانت اليمن مقسمة حينذاك إلى ثلاثة مخاليف هي الجَنَدْ وحضرموت وصنعاء، وكانت تعد أحد المناطق الشهيرة, ليبقى اليوم مسجد “الجند” بمكانته التاريخية والأثرية أحد المعالم الدينية العريقة والصامدة في هذه المنطقة, كأحد المدارس الدينية والمآثر التاريخية التي يزخر بها اليمن , رغم الاستهداف الثقافي الخطير الذي غيب الدور الحقيقي للمساجد وبنيت من أجله, باعتبارها كانت المدرسة والمحكمة والميدان الجهادي والتثقيفي والتعبوي للأمة الإسلامية , لتتحول في ذاكرة الشعوب الإسلامية على مدى القرون المتعاقبة إلى مجرد أماكن تؤدى فيها الطقوس العبادية والدينية لا أقل ولا أكثر.

 

عظمة المرسل وولاء الرسول

يقع الجامع المعروف شعبيا بمسجد الصحابي الجليل معاذ بن جبل, في القسم الشمالي الشرقي من مدينة الجند الواقعة على بعد 22 كم شمال شرق بمدينة تعز، يتجاوز عمره أكثر من 1435 سنة, ويعود تأسيسه إلى عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، عام 6 هـ واكتمل بناؤه في العام الـ10 من الهجرة.

ويعد الجامع من أقدم مساجد اليمن وأكثرها شهرة وقدسية ، ومرد شهرته ومكانته تعود إلى عدة أسباب وهي : أن أول من وضع حجر أساسه وبناه هو الصحابي الجليل معاذ بن جبل الذي كلفه الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بالذهاب إلى اليمن ليكون والياً عليها وليدعو أهلها إلى الإسلام, وليعلمهم أمور الدين ويقضي بينهم وفق أحكام الشريعة الإسلامية.

كما ورد في كتب السيرة بأمر من الرسول صلى الله عليه وآله سلم ، إذ أمر معاذاً بأن يبني المسجد في الجند بين السكاسك والسكون قائلاً له :”يا معاذ انطلق حتى تأتي الجند فحيثما بركت هذه الناقة، فأذن وصل وابتن مسجداً ” وقد أقام المسجد حيث بركت ناقته.

 

 في مرمى الاستهداف

تحدثت كتب التاريخ عن تعرض المسجد للعديد من حملات الهدم, وأنه تم إعادة بنائه عدة مرات, ففي القرن الرابع للهجرة تم إعادة بنائه على يد الحسين بن سلامة, فيما قام الحاكم الصليحي المفضل بن أبي بركات بأعمال إنشائية بالجامع, وتعرض للهدم في عام 558 هـ، ثم أعيد بناؤه مرة أخرى في عام 575 هـ على يد الحاكم الأيوبي سيف الدين أتابك سنقر, .

 

تحفة فنية وتصميم فريد

يعد الشكل الهندسي والمعماري تحفة فنية غنية بالزخارف المنحوتة والمخرمة والمجمعة, ويتميز الجامع بتصميمه الفريد، حيث يتكون من صحن مكشوف (الفناء) تحيط به أربعة أروقة، أعمقها رواق القبلة, ويضم الأوسط المكشوف والذي وضع فيه عمود مربع، ارتفاعه متران، ويستخدم كمزولة لتحديد أوقات الصلاة، وتحيط به أبنية مظللة من الجهات الأربع تشرف على الصحن من ثلاث جهات، هي الشرقية، والجنوبية، والغربية، أما الجهة الشمالية ففيها قبلة المسجد ومحرابه للصلاة وتضم منبرا خشبيا قديما يعود إلى نهاية القرن السادس من الهجرة، وهي الأكثر عمقاً، وتُطلّ المظلات على الصحن بأقواس عالية متجاورة، أضفت على المنظر هالة البناء الإسلامي العريق، كما يعلو الجزء الجنوبي الغربي من زاويته مئذنة رائعة الجمال, تتكون من جزء سفلي اسطواني يعلوه شكل مثمن، ومن فوقه شكل مسدس، وتنتهي بقبة جميلة,

ويشير محمد بن عبد الرحمن علوي إلى قيم الجامع والتجديدات التي توالت عليه عبر التاريخ، وأهمها ما قام به وزير السيدة بنت أحمد الأفضل ابن أبي البركات سنة (480هـ – 1087م) كما أوصلت الماء من جبل التعكر الذي يبعد 60 كم، ومن وادي السودان القريب من مدينة القاعدة عبر ساقية عرفت بساقية الجند، يتخللها أفلاج عجيبة وعقود يقارب ارتفاعها 600 ذراعاً، واستمرت تزود الجامع بالمياه حتى أواخر ستينات القرن الماضي وآثارها لا تزال باقية إلى الآن.

 

عيد جمعة رجب ..أصالة وهوية

يعد جامع الجند من المواقع الدينية المهمة في محافظة تعز، ويحظى باهتمام كبير من قبل المصلين والزوار, ويشتهر بإقامة الصلاة فيه في أول جمعة من شهر رجب في كل عام، احتفالًا بأول جمعة أقيمت في اليمن في هذا الشهر الكريم المعروفة في الوسط الشعبي بـ “عيد جمعة رجب”, الذي دخل فيه اليمنيين طوعا إلى الإسلام, كما يمثل بالنسبة للشعب اليمني أحد المحطات التاريخية والمناسبات الدينية العظيمة التي يولونها اهتمام خاص, بل ويعتدونه أحد الأعياد التي يرتدون فيها الملابس الجديدة’ والقيام بصلة الأرحام, احتفاء بهذه المناسبة,  لما له من دلالات ورمزية لها أثرها العميق في وجدانهم وحياتهم المعتادة تربطهم بالإسلام ودخولهم في دين الله.

 

مساجد أسست على التقوى

إلى جانبه توجد العديد من المساجد المماثلة التي بنيت بنفس التصميم الهندسي المعماري ولها قدسيتها ومكانتها التاريخية لدى الشعب اليمني وارتباطها الوثيق بعمق التاريخي الاسلامي والهوية اليمنية الايمانية، ومن أكثرها شهرة: الجامع الكبير بصنعاء،  ومسجد الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين عليهما السلام في مدينة صعدة، وكذلك الجامع الكبير في مدينة زبيد جنوب غرب محافظة الحديدة،  وجامع المحضار في مدينة تريم بمحافظة حضرموت، لا يقتصر دورها على تأدية الطقوس العبادية والدينية بداخلها وحسب، إنما كانت ولا تزال مدارس عملاقة عامرة بالعلماء وطلاب العلم، ومآذن صادحة بالحق وقلاع حصينة شامخة للجهاد والمجاهدين.

 

صيانة المعالم ضمن أولويات القيادة

ورغم ما تعرضت له العديد من المعالم الأثرية والتاريخية في اليمن من إهمال وتجاهل من قبل كافة الأنظمة المتعاقبة للحكم في اليمن, أدى إلى اندثار أجزاء كبيرة منها, وكانت في دائرة مرمى الاستهداف إثر العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي على اليمن التي طالت الغارات الجوية العديد منها على مدى 10 سنوات, غير أن القيادة الثورية والسياسية أولت اهتماما خاصة في الحفاظ على هذه المعالم ذات الطابع التاريخي ومنها  مسجد “الجند” , حيث شهد منذ مطلع العام 2024م عملية ترميم وصيانة واسعة للجامع وملحقاته الشرقية بتمويل من مكتب الهيئة العامة للاوقاف في محافظة تعز وباشراف ميداني مباشر من مكتب الهيئة العامة للاثار في المحافظة.

معايير للترميم

تركزت اعمال الترميم المنفذة التي بدأت اوائل جمادى الاولى من العام 24م وفق المعايير والشروط المعمول بها في ترميم وصيانة المعالم الاثرية والتاريخية في استكمال اعمال اظهار المعالم الاثرية لساحة الجامع الشرقية ممثلة في السواقي والمناهل ومدافن الحبوب و جدران بعض المنشآت المرتبطة بالجامع.

بالإضافة إلى اعادة تأهيل السواقي والبرك الصغيرة المرتبطة بالمطاهير والمواضي في الطرف الجنوبي من الساحة الشرقية بتكسيتها بمادة القضاض التقليدية،  وكذا اعمال التنظيف وازالة الردميات المتراكمة داخل الحمام البخاري (الذي يعود الى الدولة الرسولية) وعن شبكة قنوات تصريف المياه الخاصة به.

وفي سياق ازالة التشوهات والاستحداثات العشوائية لعناصر الجامع المعمارية واستبدالها باستخدام مواد البناء التقليدية الاصيلة قامت الفرق المختصة في ازالة الطبقات الاسمنتية عن واجهات اعمدة وعقود الجزء الشمالي من الرواق الشرقي المطل على صحن الجامع وتقوية الاعمدة ومعالجة وفلس الاجزاء التالفة منه واعادة تكستيتها بمادة القضاض التقليدية, باعتبارها تاريخ وحضارة اليمن واليمنيين.

الخاتمة

للمساجد الاثرية والتاريخية في قلوب أهل اليمن مكانة خاصة لا يغيرها الزمان ولا المكان، فهي لهم محور التقاء يمتن الروابط الدينية والاخوية مهما تعددت الرؤى وتنوعت الأفكار ومنابر جهادية يعلو فيها صوت الحق الذي لابد منه.

#المعالم_الإسلامية_في_اليمن#جامع_الجند#عيد_جمعة_رجب

مقالات مشابهة

  • “الشعبة البرلمانية الإماراتية” تشارك في “مؤتمر رؤساء البرلمانات” بجنيف
  • مصر وبلدان الطوق الغياب الفاضح .. تصاعد المسؤولية مع تصاعد الإجرام
  • صعدة تحيي ذكرى قدوم الإمام الهادي إلى اليمن
  • عراقجي: إيران لن تقبل بأن تمضي الأمور كما كانت عليه قبل حرب الـ12 يوم مع “إسرائيل”
  • شاهد بالفيديو.. مطربة سودانية تقدم وصلة رقص فاضحة وتهز “مؤخرتها” بطريقة مثيرة وتشعل ثورة من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي
  • أول احتفال لليمنيين في عيد جمعة رجب بجامع “الجند”
  •  الإرهابيان “التوجي أحمد” و ” ملوكي حيب الله”  يسلمان نفسيهما للسلطات العسكرية
  • التحالف الإسلامي وجامعة نايف يعززان التعاون المشترك لتنفيذ مبادرة “منحة السلام”
  • البيان الختامي لمؤتمر “حل الدولتين”: الحرب والاحتلال والنزوح لن تفضي إلى السلام
  • ريمة تحيي ذكرى قدوم الإمام الهادي عليه السلام