كريم وزيري يكتب: من لالة فاطمة نسومر إلى إيمان خليفة.. بطلات من ذهب
تاريخ النشر: 10th, August 2024 GMT
في تاريخ الجزائر، تبرز قصص البطولة النسائية كدليل على الشجاعة والصمود في وجه الظلم؛ ففي القرن التاسع عشر، ظهرت "لالة فاطمة نسومر" كقائدة شرسة في مقاومة الاحتلال الفرنسي، حيث جسّدت روح المقاومة والإصرار، تزعّمت المعارك في منطقة القبائل، متحدية القوات الفرنسية بقوة وشجاعة استثنائية، حتى أصبحت رمزًا للنضال ضد الاستعمار.
على نفس النهج، سارت البطلة الجزائرية "إيمان خليف" في القرن الحادي والعشرين، بطلة الملاكمة، واجهت التحديات والضغوطات بنفس الروح القتالية التي ميّزت “نسومر” في أولمبياد باريس 2024، وتعرّضت لحملة تنمر وانتقادات حادة، وواجهت شكوكًا حول أهليّتها للمشاركة، وذلك بعد فوزها في النصف النهائي.
ورغم هذه المحاولات لتقويض عزيمتها، واصلت إيمان خليف كفاحها، ووصلت إلى النهائيات؛ حيث رفعت العلم الجزائري عاليًا، مشيرةً إلى أنها ليست مجرد رياضية، بل تجسيد لروح النضال والمقاومة.
هاتين البطلتين تعكسان امتدادًا للروح الجزائرية الأصيلة، التي لا تستسلم للضغوط، وأثبتتا من خلال معاركهما، أن المرأة الجزائرية قادرة على تحمل المسؤولية والدفاع عن وطنها، وهو ما كررته إيمان خليف، من خلال حلبات الملاكمة؛ حيث أكدت أن المرأة الجزائرية ما زالت، وستظلُ في طليعة من يقفون ضد الطغيان والظلم.
هذه الحكايات ليست مجرّد قصص فردية، بل هي تجسيد لإرث نضالي طويل، يمتد عبر الأجيال، كلٌ من لالة فاطمة نسومر وإيمان خليف، أثبتتا أن القوة والشجاعة ليسا محصورين بالجنس، بل هما نتاج للإيمان العميق بعدالة القضية والوطن، فعندما حاول الفرنسيون إخماد صوت "نسومر"، أبت إلا أن تترك بصمة خالدة في تاريخ الجزائر، وبالمثل، عندما حاول المنتقدون تقويض مسيرة "إيمان"، أبت إلا أن ترفع اسم الجزائر، وتفوز بشرف وكرامة.
من "فاطمة" إلى "إيمان"، تستمر قصة المرأة الجزائرية التي لا تعرف الانكسار، قوة في النضال، وثبات أمام التحديات، ليظل التاريخ شاهدًا على أن نساء الجزائر كنّ دائمًا في مقدمة من صنعوا أمجاد الوطن.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: البطولة النسائية الاحتلال الفرنسي احتلال أولمبياد باريس 2024 أولمبياد باريس تاريخ الجزائر مقاومة الاحتلال علم الجزائر إیمان خلیف
إقرأ أيضاً:
المغرب يدين تعنت الجزائر التي ترهن العملية السياسية على حساب الاستقرار الإقليمي
أدان المغرب، الثلاثاء أمام لجنة الـ24 التابعة للأمم المتحدة، تعنت الجزائر التي ترهن العملية السياسية الخاصة بالصحراء المغربية، على حساب الاستقرار الإقليمي.
وخلال الدورة العادية للجنة الـ24، المنعقدة ما بين 9 و20 يونيو الجاري، أكدت نائبة السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، ماجدة موتشو، أن “العملية السياسية الجارية تحت إشراف الأمين العام والتي ييسرها مبعوثه الخاص، بدعم من مجموع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، لا يمكن أن تظل رهينة تعنت وعناد بلد وحيد، على حساب الاستقرار الإقليمي”.
وشددت على أن المجتمع الدولي وغالبية الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن خلصوا إلى هذا الاستنتاج، معربة عن الأسف لكون بعض الأطراف تواصل الاستغلال السياسي لقضية الصحراء المغربية لخدمة مصالح لا تمت بصلة لمبادئ حق تقرير المصير.
وقالت إن “بلدا جارا، يعد طرفا رئيسيا في هذا النزاع الإقليمي، ويدعي الدفاع عن حق تقرير المصير، يعرقل منذ عقود أي حل واقعي وبناء من خلال استغلال مبادئ ميثاق الأمم المتحدة لأهداف سياسية وسعيا للهيمنة”.
وأضافت أن البلد ذاته، السباق إلى التحدث بشأن الصحراء المغربية وتعبئة قنوات دبلوماسية ومالية هامة من أجل تغذية الانقسام والانفصال، يلوذ بالصمت المطبق بشأن باقي القضايا المدرجة في جدول أعمال هذه اللجنة.
واعتبرت موتشو أن “هذا الموقف الانتقائي يشي بالكثير عن دوافعه الحقيقية ويظهر إرادة صريحة لتحويل العملية السياسية الأممية عن هدفها، خدمة لاستراتيجية تروم زعزعة الاستقرار الإقليمي”.
من جانب آخر، تطرقت نائبة السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة إلى الدينامية الدولية الإيجابية الداعمة لحل سياسي وواقعي وبراغماتي ومستدام، يقوم على التوافق، لتسوية هذا النزاع الإقليمي بشأن الصحراء المغربية، مسجلة أن هذه الدينامية ما فتئت تتعزز حول المبادرة المغربية للحكم الذاتي.
وقالت إن هذه المبادرة، التي حظيت بترحيب مجلس الأمن الدولي منذ تقديمها إلى الأمين العام في 2007، تعتبر اليوم استجابة ملموسة لانتظارات المنتظم الدولي، إذ تنسجم بشكل كامل مع روح القرارات الأممية ذات الصلة، مذكرة بأن هذا المبادرة تحظى اليوم بدعم أزيد من 118 بلدا في كافة مناطق العالم، من بينها القوة الاستعمارية السابقة في المنطقة، إلى جانب ثلاثة أعضاء دائمين في مجلس الأمن.
وسجلت، من جانب آخر، التناقض الجوهري في المناقشات داخل لجنة الـ24 التي تواصل، بشكل مجانب للصواب، إدراج قضية الصحراء، ضمن مسألة تصفية الاستعمار، مؤكدة أن هذا الوضع “لا يعكس لا الحقائق التاريخية والواقع الميداني، ولا تطور الملف داخل مجلس الأمن، ولا، أيضا، رأي أغلبية المجتمع الدولي، بما في ذلك العديد من البلدان التي عبرت عن رأيها أمام هذه اللجنة بشأن هذه القضية”.
وحرصت على التذكير بأن لجنة الـ24، التي تضطلع بتنفيذ القرار رقم 1514 الذي اعتمدته الجمعية العامة الأممية في 14 دجنبر 1960، مدعوة إلى أن تأخذ بعين الاعتبار تطور مفاهيم وآليات القانون الدولي، مضيفة أنه لا يمكن لهذه اللجنة الاضطلاع بدورها بشكل فاعل مع التغاضي عن آليات تنفيذ القرار المذكور، التي حددتها ووافقت عليها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، لاسيما في القرار 1541 الذي اعتمدته الجمعية ذاتها في 15 دجنبر 1960.
وقالت الدبلوماسية المغربية إنه “من الضروري التذكير بأن القرار 1541، الذي غالبا ما يتم عمدا إغفاله في هذا النقاش، يوضح أن الحكم الذاتي يعد صيغة لإعمال حق تقرير المصير”، مسجلة أنه خلافا للخطابات الإيديولوجية الضيقة التي تروج لها حفنة من الدول، فإن هذا الحق لا يقتصر على الاستقلال. بل يمكن ممارسته، وفقا للقانون الدولي نفسه، من خلال نظام حكم ذاتي داخلي ضمن إطار مؤسساتي أوسع للدولة.
وأوضحت الدبلوماسية أن هذه المقاربة الواقعية هي ذاتها التي تقترحها المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي توفر إطارا للحكم الذاتي المتقدم، في إطار احترام سيادة المملكة المغربية ووحدتها الترابية.
وأكدت السيدة موتشو أن هذه المقاربة تحظى بدعم صريح من ساكنة الصحراء المغربية، من خلال مشاركتها الواسعة في جميع الانتخابات الوطنية والجهوية والمحلية، وكذلك من خلال انخراطها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمنطقتها، مبرزة أن هذه المشاركة تعد تعبيرا مباشرا عن انخراط الساكنة في الإطار المؤسساتي المغربي، وهو ما يتعين على هذه الهيئة الاقرار به.
ودعت، في هذا الإطار، اللجنة إلى اتباع المسار الذي حدده أعضاء مجلس الأمن، من خلال الاعتراف بالتوجه الواضح والقائم على التوافق الذي تبنته المجموعة الدولية، ودعم مقاربة واقعية ترتكز على الحكم الذاتي.
وخلصت الدبلوماسية المغربية إلى أن “الوقت قد حان بالنسبة للجنة الـ24 من أجل تبني موقف شجاع إزاء المبادرة المغربية للحكم الذاتي، يتوافق مع مبادئ الأمم المتحدة. فلا يمكن إيجاد حل سياسي لهذا النزاع إلا في هذا الإطار، وليس من خلال قراءة مغلوطة ومغرضة لحق تقرير المصير”.